تحدثنا في ثلاث مقالات سابقة عن نشأة التصوف المسيحيّ، وكيف يمكننا الفرز بين الصوفيّة والروحانيّة الحقيقيّة، وأخيرًا تناولنا أوجه التشابه بين الروحانية الكتابيّة والتصوف المسيحيّ. في هذا المقال، سنتناول عشر اختلافات جوهريّة بين الصوفيّة والروحانيّة المسيحيّة.
1. حقيقة الطبيعة البشريّة
لدى أغلب المتصوفة المسيحيّين نظرة شديدة التفاؤل حول الطبيعة البشرية. فصحيح أنهم لا يعتقدون بأن اختباراتهم الصوفيّة هي بمجهودهم الشخصيّ (لذا نخطئ إذا قلنا إنهم ينتمون إلى الفكر البيلاجيّ)، لكن يمكننا استخلاص أن العديد منهم قد مارسوا التصوّف ممتزج بالفكر الشبه بيلاجيّ. لاحظ، على سبيل المثال، فكرة جورج فوكس بأن الجميع ولدوا وبداخلهم “شرارة” إلهيّة. فإذا كان جميع البشر، بغض النظر عن حالتهم الروحيّة، يمتلكون نور إلهيّ بداخلهم أو شكل من أشكال النعمة، فهذا يعني أن الفرق الجوهريّ بين ممن يتقدمون في طريق الاستنارة ومن يصلون إلى الاتحاد هو قوّة إرادتهم القادرة على تحديد مصيرهم.
ولكن، هذا عكس ما يُعلنه الكتاب المقدّس بوضوح في مواضع عديدة. على سبيل المثال يقول الرسول بولس بالروح القدس: “وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، الّتي سلكتُمْ فيها قَبلًا … الّذينَ نَحنُ أيضًا جميعًا تصَرَّفنا قَبلًا بَينَهُمْ في شَهَواتِ جَسَدِنا، عامِلينَ مَشيئاتِ الجَسَدِ والأفكارِ، وكُنّا بالطَّبيعَةِ أبناءَ الغَضَبِ كالباقينَ أيضًا.” ثم يستكمل بولس ليوضح الفرق بين أولئك الذين يبقون في موتهم وفسادهم وبين أولئك الذين يتغيرون قائلًا: “اللهُ الّذي هو غَنيٌّ في الرَّحمَةِ، مِنْ أجلِ مَحَبَّتِهِ الكَثيرَةِ الّتي أحَبَّنا بها، ونَحنُ أمواتٌ بالخطايا أحيانا مع المَسيحِ -بِالنِّعمَةِ أنتُمْ مُخَلَّصونَ- وأقامَنا معهُ، وأجلَسَنا معهُ في السماويّاتِ في المَسيحِ يَسوعَ، ليُظهِرَ في الدُّهورِ الآتيَةِ غِنَى نِعمَتِهِ الفائقَ، باللُّطفِ علَينا في المَسيحِ يَسوعَ.” (أفسس 2: 7-1)
2. الفصل بين العقل والقلب
للأسف، لا يُدرك المتصوّف الكيفيّة التي خلقنا بها الله بشكلٍ صحيح. فنرى أن المتصوفة (شأنهم في ذلك شأن اللاهوت الليبرالي) يجمحون إلى تفرقة ما جمعه الله؛ فيفصلون بين العقيدة وحياة التقوى والتعبّد، وبين العقل والقلب. فتسعى الصوفيّة المسيحيّة إلى إعلاء دور “القلب” على دور “العقل”، ويرجع سبب ذلك إلى حقيقة أن الاختبار الصوفيّ غير خاضع للفحص أو التكذيب أو التحليل العقلانيّ. فجزء مِن عملية التَطَهر الصوفيّ هو أن يتخلّص المرء مِن أفكاره التي قد تُعرقل المقابلات الإلهية.
في حين أن المنظور الكتابيّ يدعونا إلى أن نملأ قلوبنا بوعود الله العظيمة والثمينة (بطرس الثانية 1: 4) -وأن نلهج في كلمته ليلًا ونهارًا (يشوع 1: 8)، فهي بالنسبة لنا خبزنا، أي طعامنا اليومي (متى 4: 4). لا يسعى المسيحيّ الصوفيّ إلى تطهير نفسه مِن كل ما هو خاطئ فحسب (المرحلة الثانية)، لكنه يُريد تطهير نفسه حتى مِن ابتهاجه بشخصية الله وحضوره (المرحلة الرابعة). وهذا بكل وضوح أمرٌ غير كتابي بأي شكل مِن الأشكال (راجع مقالنا السابق عن درجات الصوفيّة).
3. النعمة أولًا وأخيرًا
عادةً ما يُقلل المتصوفة المسيحيّون مِن ضرورة وحتميّة عمل نعمة الله. إذا تحدثنا بشكلٍ كتابيّ، نفهم من كلمة الله أن هُناك نعمة للغفران وكذلك نعمة لتمكين المؤمن من أجل المثابرة. فصحيح أننا بالنعمة مُخلصون (أفسس 2: 9-8)، إلا أننا نجد بولس يمنح قُرَّاءهُ بانتظام بركة “النعمة والسلام”. كما أننا نقرأ عن غضبه الشديد على ذلك الإنجيل الآخر الذي روّج إلى الانتقال إلى الأعمال والجهاد كوسيلة للنمو الروحيّ بعد أن نبدأ بالنعمة في قوله: “أهكذا أنتُمْ أغبياءُ! أبَعدَما ابتَدأتُمْ بالرّوحِ تُكَمَّلونَ الآنَ بالجَسَدِ؟” (غلاطية 3: 3).
غالبًا ما تعطينا تعاليم معلمي التصوّف المسيحيّ انطباعًا أن الله يبدأ العملية، ولكن الأمر في النهاية متروكٌ لنا للوصول إلى المعادلة الصحيحة أو مجموعة القواعد لاختبار اللقاء العميق الصوفيّ مع الله. وفي حين أنه كثيرًا ما يتحدث المتصوفة عن صعود ونزول الروح البشرية كتعبير عن المقابلات الإلهيّة، إلا أن كلمة الله تُخبرنا قائلة: “لا تقُلْ في قَلبِكَ: مَنْ يَصعَدُ إلَى السماءِ؟ أيْ ليُحدِرَ المَسيحَ، أو: مَنْ يَهبِطُ إلَى الهاويَةِ؟ أيْ ليُصعِدَ المَسيحَ مِنَ الأمواتِ. لكن ماذا يقولُ؟ الكلِمَةُ قريبَةٌ مِنكَ، في فمِكَ وفي قَلبِكَ أيْ كلِمَةُ الإيمانِ الّتي نَكرِزُ بها: لأنَّكَ إنِ اعتَرَفتَ بفَمِكَ بالرَّبِّ يَسوعَ، وآمَنتَ بقَلبِكَ أنَّ اللهَ أقامَهُ مِنَ الأمواتِ، خَلَصتَ” (رومية 10: 10-6). فروح الله لا يبدأ العمل في قلب الإنسان فحسب، ولكنه يظل يعمل ويُجدد ويمنح الشخص القوة والإرادة، ويحفظه ويُمكّنه حتى النهاية.
4. البدليّة العقابيّة وقبولنا في المسيح أمام الآب
يقلل المتصوّفة المسيحيّون مِن أهمية الجانب القضائي للخلاص. فيُركّز المسيحيّ الصوفيّ على المسيح باعتباره النموذج والمثال، واضع في الظل حقيقة أن المسيح هو المُخلّص الذي مات بديلًا عنّا.
لكن عمل المسيح على الصليب لا يقتصر على غفران خطايانا فحسب، إذ يهبنا البِر القضائيّ الكامل لنتمكن من الوقوف أمام الله. والخلاص أكثر من مجرّد استردادنا إلى إنسانيتنا أو إلى حالة ما قبل السقوط التي كانت لآدم في الفردوس (حيث كان بلا خطية، ولكن قابل للسقوط)؛ لكنه يمتد ليجعلنا متحدين بالمسيح كأبناء لله بالتبني. وكل ما له، صار لنا، وخلاصنا أصبح مضمونٌ بسبب عمله وحده وليس بسبب أعمالنا.
عندما نُدرك أننا ملك المسيح وأننا مقبولون بالكامل مِن الله الآب، فحينها فقط، يُمكننا أن نتحرر لنسير معه في علاقة حب حقيقيّ، بلا خوف. وعندئذ تتحوّل علاقتنا بالله إلى علاقةٍ مع أبٍ مُحِب، نسعى دائمًا لمسرته ورضاه. وهذا يختلف عن شكل الله عند المتصوّفة الأشبه برئيسك في العمل الذي يصعب عليك ملاقاته، وتعيش حياتك في رعب من أن تفقد يومًا منصبك (مقامك).
5. بين الاتحاد بالله والتواصل معه
يخلط المسيحيّ الصوفيّ بين المفهوم الكتابيّ للاتحاد بالمسيح والتواصل مع الله. يخلط المتصوّف المسيحيّ بين هذين الجانبين مِن علاقة الله بالبشر، بسبب منظوره الضيق عن مكانة المؤمنين القضائيّة في المسيح. لذا، فهو يسعى ويجاهد لعله يحصل على ما يُمكن نواله بسهولة، إذا وضع ثقته في المسيح مُخلصه الذي مات كبديل عقابيّ نيابة عنه. كما يسعى جاهدًا لتحقيق برهُ الذاتيّ، غير مُدركٍ أن ما يُصارع للوصول إليه هو في الأساس مُقدَم له كعطية مجانية. بكلمات أخرى، لدى المتصوّف المسيحيّ قصورٌ في إدراك أبعاد الخلاص الذي في المسيح.
فالاتحاد بالله ليس أمر يتمتع به بعض المؤمنين دون سواهم، إذ أن كل إنسان روحيّ (أي كل مَن ولد ثانيةً وأقامه روح الله وأحياه) هو متحد بالله. هذا ينطبق على كل المؤمنين، وهو جزء مما لنا في المسيح. فعلى حساب عمل المسيح الفدائيّ واتحادنا به، لنا شركة مع الله الثالوث. وفي حين أن اتحادنا بالمسيح ثابت ومضمون، فإن الشراكة مع الله يُمكن أن تشهد بعض التقلبات.
6. التشديد على أمرٍ أخرويّ!
يسعى المسيحيّ الصوفيّ نحو شيءٍ رائع وهو أن يكون في محضر الله الكامل والنهائي مِن دون أي خطية أو وصمة وأن يتحد بشكلٍ كاملٍ مع الله، ولكنه ربما نسيّ أو تناسى أن هذا الاتحاد الكامل لن يتحقق سوى في الأبدية.
نعود ونُكرر أننا مُتحدون بالمسيح وجالسون معه في السماويات (أفسس 2: 7). كل مَن هم في المسيح قد ماتوا بالفعل وحياتهم “مُستَتِرَةٌ مع المَسيحِ في اللهِ” (كولوسي 3:3-4). ولكن ما يعجز المسيحيّ الصوفيّ عن إدراكه هو أن الاتحاد التام يحدث فقط عندما يعود المسيح “فحينَئذٍ تُظهَرونَ أنتُمْ أيضًا معهُ في المَجدِ” (كولوسي 3: 4-3). وإلى حين حدوث ذلك، ينبغي أن ينصب تركيزنا على الشركة مع الله مِن خلال وسائط النعمة التي عينها لنا، ومِن خلال حياة التلمذة الشخصيّة والتقديس، والعبادة الجماعية، والسعي لمعرفة أعمق بالله، وأن نحبه بكل قولبنا وأن نُحب أقرباءنا كأنفسنا.
7. اختبار بلا وسيط
يُخطئ المسيحيّ الصوفيّ بشكل أساسي في سعيُه نحو الحصول على اختبار مباشر بلا وسطاء مع الله. أليس من حقنا أن نختبر حضور الرب بلا حواجز أو وسطاء أو أية أعباء؟ الإجابة الكتابية هي ببساطة أننا يجب أن نختبر الله بالطريقة التي عينها هو.
من جهة، نعود ونذكّر أنفسنا أن المسيح ليس مُجرّد مُعلّم أو أحد مشايخ الطُرق الصوفيّة، لكنه مُخلّصنا، حَمَل الله الذي مات عوضًا عنّا، ليرفع خطايا العالم (يوحنا 1: 29). هو الوسيط كما قال بولس في تيموثاوس الأولى 2: 6-5 قائلًا: “لأنَّهُ يوجَدُ إلهٌ واحِدٌ ووسيطٌ واحِدٌ بَينَ اللهِ والنّاسِ: الإنسانُ يَسوعُ المَسيحُ، الّذي بَذَلَ نَفسَهُ فِديَةً لأجلِ الجميعِ”. والطريق الوحيد إلى الآب هو مِن خلالهُ (يوحنا 14: 6). أو كما قال بولس: “لأَنَّ بِهِ [أي بالمسيح] لَنَا كِلَيْنَا [اليهود والأمم] قُدُومًا فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الآبِ” (أفسس 18:2). كما يشترك كل من الابن والروح القُدُس في التشفع مِن أجلنا أمام الآب، ومعونة ضعفنا في الصلاة (رومية 8: 27).
ومن جهةٍ أخرى، يجب أن نُدرك أن الله أعلن عن ذاته بأنواع وطرق كثيرة، ولكن الإعلان الأكمل هو أنه كلَمنا “في ابنِهِ” (العبرانيين 1: 2)، ونحن نتقابل مع “ابنه” مِن خلال كلمتهُ المكتوبة. لذا فلكلمة الله دورٌ محوريٌ غير قابل للاختزال في تعاملاتنا مع الله وتعاملاته معنا. وأي سعي لفصل الله عن كلمته، والمسيح عن عمله هو أمر غير كتابي وغير واقعي وغير مقبول بالمرة. وأي تجاوز للنظام الذي صممه الله ودور المسيح كالوسيط بين الله والناس يضعنا في جانب المقاومين لكلمة الله.
8. النزعة الانعزاليّة لدى المتصوفة
برغم تعدد التيارات والمعتقدات الصوفيّة المسيحيّة، إلا أن هناك نزعة مُقلقة في التقليد الصوفيّ للانعزال الروحانيّ. كما ذكرنا في مقالٍ سابق، يُطيع المسيحيّ الصوفيّ بالصواب وصية المسيح أن يدخل مخدعه ويُغلق بابه ويُصلي لأبيه الذي في الخفاء. ولكنه يرى أن ذروة الإنجاز الروحيّ تتم حين يتخلّص مِن جميع المشتتات والسعي الفردي للتواصل مع الله. حتى حين حاول بعض المتصوفة تكوين مجموعات للشركة والعيش وسطها، فإنما فعلوا ذلك بطريقة منعزلة عن المفهوم الأوسع للمجتمع.
إن ما يبدو أنه سعي نبيل نحو الله يتضمن التخلي عن جميع الملذات الأرضية، لا يُقدمه الكتاب المقدّس باعتباره النموذج الأكمل والأمثل للتقوى. فقد تبدو فكرة انسحاب المسيحيّين المتفرغين مِن المجتمع والاجتماع بمن يشبهُهم أكثر روحانيّة، ولكنها بكل تأكيد ليست فكرة كتابيّة. فنحن لا ننمو روحيًا فقط في حجراتنا عندما نُصلي، بل أيضًا مِن خلال العبادة الجماعية حيث يجتمع شعب الله معًا ليسمع كلمة الله ويقرأها، ويُعلنها، ويُرنمها. لذلك يأمرنا الكتاب المُقدّس أن نحرص على الاجتماع مع المؤمنين لنُشجع بعضنا البعض على المحبة والأعمال الصالحة، وألا نُهمل بعضنا بعضًا.
9. الصوفية والجذور الغنوسيّة
كثيرًا ما يُنتقد التصوّف المسيحيّ لوجود بعض المظاهر أو الميول الغنوسيّة في لاهوته وممارساته. فبينما تُشجع الروحانيَّة الكتابيّة كل مؤمن على تطهير نفسه مِن كل الأفكار والسلوكيات الخاطئة، فإن المسيحيّ الصوفيّ يُنادي بما هو أبعد مِن ذلك. فكثيرًا ما يُنظر إلى الجسد وما في هذا العالم على أنه ضد الله بدلًا مِن كونه عطية إلهية أُعطيت لنا لنستخدمها ونتمتع بها.
فعندما أوصانا بولس قائلًا: “اهتَمّوا بما فوقُ لا بما علَى الأرضِ” (كولوسي 3: 2)، لم يقصد أنه يوجد صراع بين ما هو ماديّ وما هو روحيّ. إذ أنه في الآيات التالية يشرح ذلك بقوله: “فأميتوا أعضاءَكُمُ الّتي علَى الأرضِ: الزِّنا، النَّجاسَةَ، الهَوَى، الشَّهوَةَ الرَّديَّةَ، الطَّمَعَ -الّذي هو عِبادَةُ الأوثانِ … الغَضَبَ، السَّخَطَ، الخُبثَ، التَّجديفَ، الكلامَ القَبيحَ مِنْ أفواهِكُمْ” (الآيات 5، 8). في مقابل صفات أخرى مثل: “أحشاءَ رأفاتٍ، ولُطفًا، وتَواضُعًا، ووداعَةً، وطولَ أناةٍ” (الآية 12).
لذا، يجب أن يواجه المسيحيّ الصوفيّ نفسه بحقيقة أن الرسول بولس رَبَطَ بين الأرواح المُضلة وتعاليم الشياطين والامتناع عن الزواج والأطعمة تحت ستار التقوى المُزيفة (تيموثاوس الأولى 4: 1). يقول بولس بالروح القُدُس: “لأنَّ كُلَّ خَليقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، ولا يُرفَضُ شَيءٌ إذا أُخِذَ مع الشُّكرِ” (تيموثاوس الأولى 4: 4). إذا أصر المسيحيّ الصوفيّ على أنه يجب تطهير بعض عطايا الله الصالحة، وأنه يجب التخلص من تمتعه بحضور الله ذاته في ليلة الروح المظلمة مِن أجل الوصول إلى الاتحاد مع الله، فهو يسير بشكلٍ واضح عكس دعوة الله ومشيئته.
10. مركزيّة كلمة الله
يُعد أحد أوضح التناقضات بين التصوّف المسيحيّ والروحانيَّة الكتابيّة هو أن السعيّ الصوفيّ لا يتقيّد بكلمة الله ولا يستقي تعاليمه واختباراته منها. في حين أن أحد أهم المبادئ الأساسية للروحانيّة الكتابيّة هي أن الكتاب المقدّس نفسه هو المعيار الوحيد والأساسي. وكما قال الفيلسوف الأمريكيّ “فرانسيس شيفر” تعبيره الأشهر: “لقد تكلم الله ولم يصمُت.” فكلمته واضحة وليست غامضة، وذات سُلطان علينا وليست ذات دور إرشادي فحسب. إن كلمته حتميّة وليست اختياريّة، وهي كافية وليست مُجرد عنصر مُساعد. وكما قال الرسول بولس بالروح القُدُس: “كُلُّ الكِتابِ هو موحًى بهِ مِنَ اللهِ، ونافِعٌ للتَّعليمِ والتَّوْبيخِ، للتَّقويمِ والتّأديبِ الّذي في البِرِّ، لكَيْ يكونَ إنسانُ اللهِ كامِلًا، مُتأهِّبًا لكُلِّ عَمَلٍ صالِحٍ” (تيموثاوس الثانية 3: 17-16).
في النهاية، إذا أردنا أن تصير روحانيتنا كتابيّة، يجب أن يكون الكتاب المقدّس هو المعيار الوحيد لدينا.