محبة الله

التعريف

إن محبة الله هي مَيله للإحسان أو المَيل الموجود في الله ويُحرِّكه نحو تقديم عطايا ماديَّة وروحيَّة لأولئك المخلوقين على صورته (وبذلك تكون المحبة من هذا المنظور مُرادفًا للنعمة)، وتُعد العطيَّة الأعظم من بين تلك العطايا أن يُعطي الله نفسه بلا أنانيَّة لمخلوقاته في يسوع المسيح.

المُوجَز

إن محبة الله هي مَيله للإحسان أو المَيل الموجود في الله ويُحرِّكه نحو تقديم عطايا ماديَّة وروحيَّة لأولئك المخلوقين على صورته (وبذلك تكون المحبة من هذا المنظور مُرادفًا للنعمة). نرى محبة الله بأكثر وضوح عندما أعطى نفسه لنا في ابنه، من خلالها أعطانا الله أكثر خبرة آسرة، وجميلة، ومُشبعة، على الإطلاق وإلى الأبد، وهي معرفة الله نفسه والتلذُّذ به. رُغم أنه يُمكن مُناقشة محبة الله على الأقل بخمسة طُرق، إلا أن تلك هي محبة الله بالتحديد في شكلها السيادي والخلاصي. إن محبة الله الأبديَّة تلك لشعبه هي ما يَضْمَن تَبنِّي القديسين إلى عائلة الله، والتأديب المُحب الذي يقوم به الله لأولاده، وحضور روح المحبة في حياتهم بصفتهم مؤمنين.


في كل ما يَحقُ لنا قَوْله عن الله، ربما الحقيقة الأساسيَّة الأكبر على الإطلاق هي أن الله محبة. إن المحبة لا تأتي ببساطة من الله. إنها أكثر ممَّا يفعله. مثلما صرَّح يوحنا بوضوحٍ كبير: “اللهُ مَحَبَّةٌ” (١ يوحنا ٤: ٨). يقول كارل هنري بحق أن المحبة “ليست عرضيَّة أو طارئة في الله؛ إنها إعلان جوهري عن الطبيعة الإلهيَّة، عن كمالٍ أبدي وأساسي. إن محبته، مثل كل الصفات الإلهيَّة الأخرى، تَعكس طبيعته كلها في علاقات وأفعال مُحدَّدة.”[1] مع ذلك، للأسف، تُعتبر “المحبة” أحد أقل المفاهيم المفهومة وأحد أكثر المفاهيم التي يُساء استخدامها بشكل واسع في عالمنا، وحتى في الكنيسة. فما المقصود من عبارة أن الله محبة؟ 

إن محبة الله هي مَيله للإحسان أو المَيل الموجود في الله ويُحرِّكه نحو تقديم عطايا ماديَّة وروحيَّة لأولئك المخلوقين على صورته (وبذلك تكون المحبة من هذا المنظور مُرادفًا للنعمة). وتُعد العطيَّة الأعظم من بين تلك العطايا أن يُعطي الله نفسه بلا أنانيَّة لمخلوقاته. ويُعتبر التعبير البارز عن المحبة هو عندما يقوم المُحب، في تكلفة شخصيَّة كبيرة، بتقديم أو نَقْل إلى المحبوب أكثر خبرة آسرة، وجميلة، ومُشبعة، على الإطلاق وإلى الأبد. بالتأكيد، ستكون الأخيرة معرفةَ الله والتلذُّذ به شخصيًا. لذلك، عندما صَلَّى يسوع أن يُمجِّده الآبُ لكي يُمجِّد يسوعُ الآبَ بدوره، كان يسوع يُظهر محبته لنا (يوحنا ١٧: ١). كان يَطلُب من الآب أن يُعطينا تلك الخبرة التي تَقدر وحدها أن تُشبع نفوسنا إلى الأبد، أكثر من أي عطيَّة أو رؤية أو خبرة أخرى. إن رؤية واختبار مجد وجلال الله والشبع به هو أكثر أمر مُحب يُمكن أن يصنعه الله لنا على الإطلاق.

صفات محبة الله

يُحدد دون كارسون خمسة طُرق مُميَّزة يتحدَّث بها الكتاب المُقدَّس عن محبة الله.[2] أولًا، هناك محبة الآب الفريدة للابن (يوحنا ٣: ٣٥؛ ٥: ٢٠) ومحبة الابن للآب (يوحنا ١٤: ٣١). ثانيًا، محبة الله المُعتَنِية بكل خليقته. رُغم أن كلمة “محبة” نفسها نادرًا ما تُستخدم بهذه الطريقة، إلا أنه لا يوجد مفر من حقيقة أن العالم هو نتاج خالق مُحب (انظر تصريح أنه “حسن” بخصوص كل ما عَمِله الله في تكوين ١: ٤، ١٠، ١٢، ١٨، ٢١، ٢٥، ٣١). ثالثًا، محبة الله المُخلِّصة نحو العالم الساقط (يوحنا ٣: ١٦). ثُم رابعًا، هناك محبة الله المُحدَّدة والفعَّالة، والانتقائيَّة نحو المُختارين. يُمكن أن يكون المختارون أُمَّةَ إسرائيل، أو الكنيسة، أو أفراد مُحدَّدون (انظر بالتحديد تثنية ٧: ٧، ٨؛ ١٠: ١٤، ١٥؛ أفسس ٥: ٢٥؛ ١ يوحنا ٣: ١). أخيرًا، يتحدَّث الكتاب المُقدَّس كثيرًا عن محبة الله نحو شعبه بطريقة مشروطة أو شرطيَّة. يُشير كارسون إلى الكيفيَّة التي يُصوَّر بها اختبار محبة الله كأمر يتوقَّف على طاعة ومخافة الله. لا ينبغي أن يُربَط ذلك بالمحبة التي نُحضَر بها إلى علاقة خلاصيَّة مع الله، بل بُقدرتنا على الشعور والتلذُّذ بعاطفة الله تجاهنا (يهوذا ٢١؛ يوحنا ١٥: ٩، ١٠؛ مزمور ١٠٣: ٩-١٨).

المحبة نعمة

إن تركيزنا هنا هو على التعبير الرابع لمحبة الله، أي العاطفة التي يُظهرها نحو شعبه المُختار، مَحبوبي الله. يَجب أن نَتذَّكر أنه، بقدر ما أن كل مخلوقات الله لا تَستقبل ولا تختبر محبته بنفس الطريقة أو نفس الدرجة بالضبط، لا يَقدر المرء أن يَتحدَّث عن محبة الله دون تحديد أو تمييز. يبدو أنه، من الكتاب المُقدَّس والخبرة، لا يوجد مفر من أن نُميِّز بين محبة الله كما تظهر في النعمة العامَّة ومحبة الله كما تَظهر في النعمة الخاصَّة.

إن محبة الله كما تظهر في النعمة العامَّة هي محبة الله بصفته الخالق والتي تَتضمَّن عطفه ورحمته وطول أناته المُرتبطين بعناياته الإلهيَّة.  إنها محبة شاملة وغير مُميِّزة والتي تَقِف عند إعطاء كل العطايا الروحيَّة والماديَّة ما عدا الخلاص نفسه. إنها محبة يَستقبلها ويختبرها المُختارون وغير المُختارين على حد السواء (انظر متى ٥: ٤٣-٤٨؛ لوقا ٦: ٢٧-٣٨).

إن محبة الله كما تَظهر في النعمة الخاصَّة هي محبة الله كمُخلِّص، والتي تَتضمَّن الفداء، وفاعليَّة النعمة المُجدِّدة، ونَوال الحياة الأبديَّة الذي لا يُلغى. إنها محبة مُحدَّدة ومُميِّزة تقود اللهَ إلى إعطاء نعمة الحياة الأبديَّة في المسيح. إنها محبة يَستقبلها ويختبرها المُختارون فقط.

لذلك، مثل النعمة، تُعد محبة الله المُخلِّصة غير مُستَحقَّة. لا تَجِد محبةُ الله للخُطاة، والتي تَصدُر في خلاصهم، أي عائق في خطاياهم. يُحبنا الله ونحن ما زلنا خُطاة بالتحديد لكي يَتعظَّم مجدُ محبته بشكل فائق. “لأَنَّ الْمَسِيحَ، إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ (أو عاجزين)، مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ” (رومية ٥: ٦). بالطبع، “اللهُ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا” (رومية ٥: ٨). إن الدافع الوحيد وراء محبة الله المُخلِّصة من نحو الخُطاة هو الله نفسه!

المحبة وموت المسيح

إن محبة الله تلك إذن هي مَصدر أو سبب عمل المسيح الكفَّاري. لا يُحب اللهُ البشرَ لأن المسيح مات لأجلهم؛ مات المسيح لأجلهم لأن الله يُحبهم. لا يَنبغي التفكير في موت المُخلِّص باعتباره استعادةً لشيءٍ ما في البشر على أساس أننا حينها سنفوز بمحبة الله أو نُصبح مُستحقين لنوالها. لا تشتري ذبيحة المسيح عاطفة الله، كما لو أنها ضروريَّة، من خلال تضحيّته، ليَنتَزع المحبة من إله صارم، وغير راغب، ومُتردد. على النقيض، تَستلزِم محبةُ الله موتَ المسيح وتظهر بشكل فائق في موته. باختصار، إن محبة الله المُخلِّصة هي عطاء. “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ” (يوحنا ٣: ١٦أ). مُجددًا، مثلما صرَّح بولس: “فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي” (غلاطية ٢: ٢٠ب؛ انظر أيضًا أفسس ٥: ١، ٢، ٢٥؛ ١ يوحنا ٤: ٩، ١٠).

المحبة محبة سياديَّة

إن محبة الله المُخلِّصة هي أيضًا محبة سياديَّة يشرح چون موراي ذلك كما يلي:

إن الله محبةٌ بحق. لا تُعتبر المحبة أمرًا عَرَضيًا؛ إنها ليست أمرًا قد يَختار اللهُ أن يكون أو لا يكون عليه. إن الله محبةٌ، وهو محبة بشكل ضروري وفي صميم طبيعته وعلى الدوام. فكما أن الله روحٌ، وكما أنه نورٌ، هكذا هو أيضًا محبةٌ. مع ذلك، يَرتبطُ بجوهر المحبة الانتقائيَّة إدراكنا أنه بالنسبة لتلك المحبة التي يَتصِف بها الله بشكل ضروري وعلى الدوام، ليس من الضروري جوهريًا، أن يُقدِّم تلك المَحبة التي تَصدُر في الفداء والتبني لأشخاص غير مرغوب فيهم إطلاقًا ومُستحقين للجحيم. لقد كان من مُنطلق المسرَّة الصالحة لمشيئته الحُرة والسياديَّة، تلك المسرَّة الصالحة النابعة من أعماق صلاحه، أنه اختار شعبًا ليكونوا وَرثَةَ الله ووارثين مع المسيح. ويَكمُن السببُ بأكمله في الله نفسه ويَنبُع من أحكام تَخصُّه وحده بصفته “أهيه الذي أهيه” أو “أكون من أكون”.[3]

وهكذا، أن نقول إن المحبة سياديَّة هو أن نقول إنها تُميِّز. إنها بالتعريف باعتبارها محبةً مُخلِّصةً تُقدَّم إلى وتُختَبر فقط بواسطة أولئك الذين في الحقيقة يَخلصون (أي المُختارين). رُغم أنه بالطبع بمعنىٍ ما يُحب الله غير المُختارين، إلا أنه لا يُحبهم بشكل افتدائي. إذا فعل ذلك، لكان بالتأكيد سيتم افتداؤهم. إن الله يُحبهم، لكن ليس بشكل خلاصي، وإلا بالتأكيد كانوا سيَخلصون. كل هذا يقول إن محبة الله الأبديَّة والانتقائيَّة ليست شاملة بل مُحدَّدة.

المحبة والتبني

إن محبة الله هي ما يُفسِّر تبنينا باعتبارنا أبناء. لقد كان “في المحبة” أن الله “سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ” (أفسس ١: ٥أ؛ قارن مع ١ يوحنا ٣: ١). تُوصف محبة الله تلك بحق بأنها “كثيرة.” لقد كان “مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا” (أفسس ٢: ٤ب) أن الله أحيانا مع المسيح. إنها محبة كثيرة لأنه لا يُمكن استهلاكها أو إنهاؤها، ولا يُمكن الوصول إلى أعماقها، ولا يُمكن أن تُحبَط أهدافها بواسطة خطيَّة الإنسان (أفسس ٢: ٤، ٥).

المحبة الأبديَّة

إن محبة الله المُخلِّصة هي محبة أبديَّة. لقد كان من “قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ” (أفسس ١: ٤، ٥) أن الله أحبَّنا بمحبته المُخلِّصة وسَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي (قارن مع ٢ تس ٢: ١٣). شرحَ تشارلز سبرچن هذه المحبة الأبديَّة وقال:

 في البدء، عندما كان هذا الكون الكبير في عقل الله، مثل غابات البلوط التي تكمُن في البذرة؛ قبل أن أوقظتْ الأصداءُ العُزلةَ؛ قبل أن أُبدأتْ الجبالُ؛ وقبل أن أضاءت الأنوارُ السماءَ، أحب الله خلائقه المُختارين. قبل أن كان هناك أي مخلوق؛ عندما لم تُحرِّك أجنحة الملائكة الأثيرَ، عندما لم يَكُن المكان في حد ذاته موجودًا، عندما لم يكُن هناك أي أحد سوى الله – حتى حينئذٍ، في ذلك الانفراد الإلهي، وفي ذلك الهدوء العميق والسمو، تحركتْ أحشاء الله بالمحبة لمُختاريه. كانت أسماؤهم مكتوبة على قلبه، وكانوا قريبين من روحه. أحبَّ يسوعُ شعبَه قبل تأسيس العالم – حتى منذ الأزل! وعندما دعاني بنعمته، قال لي: “لقد أحببتُك بمحبة أبديَّة: لذلك بمحبة جَذبتُك.[4]

إن تلك المحبة ليست فقط أبديَّة في مَنشئها، لكنها أيضًا نهائيَّة من جهة هدفها. “مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟” (رومية ٨: ٣٥). لا شيء! يستطيع الرسول بولس أن يَتحدَّث بمثل هذا الرجاء الواثق فقط على أساس أن الله أحبَّنا في المسيح. إنه بسبب أن الله أحبَّنا عندما كُنا بعد أعداءه، وهي محبة ظهرتْ في إرسال ابنه، أن محبته لنا الآن ونحن أحبَّاؤه تكون غير قابلة للتَّزعزُع (انظر رومية ٥: ٨-١١). لَخَّصَ جيه آي باكر (J.I. Packer) ببراعة كلًا من الطبيعة الأبديَّة والنهائيَّة لهذه المحبة الإلهيَّة وقال:

أن أعرف أن خالقي منذ الأزل، وهو مُبصرٌ لخطيَّتي مُسبقًا، أحبَّني مُسبقًا وصمَّم على تخليصي، رُغم أن ذلك سيستلزم تَكلفة الجُلجُثة؛ أن أعرف أن الابن الأزلي عُيِّنَ منذ الأزل ليكون مُخلِّصي، وأنه في محبة صار إنسانًا لأجلي ومات لأجلي ويحيا الآن لكي يَشفع لأجلي وسيأتي شخصيًا في يومٍ ما ليأخذني إلى وطني؛ أن أعرف أن الرب “الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي” والذي “جاء وبشَّرني بالسلام” من خلال رُسله أقامني بروحه من الموت الروحي إلى شركة واتحادٍ مُحيٍ معه، ووَعدَ بأن يُمسِك بي وألا يترُكني أبدًا – هذه هي المعرفة التي تَجلب الشُكر والفرح الغامر.[5]

المحبة والتأديب

إن التأديب الذي يُقدِّس والذي يقوم به أبونا السماوي هو نتاج محبة إلهيَّة بما لا يَقِل عن الحياة الأبديَّة التي يُعطيها: “يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ” (عبرانيين ١٢: ٥ب، ٦). إن المسيحيين اليهود الذي وُجِّهتْ إليهم هذه الكلمات كانوا قد بدأوا بشكل خاطئ في التفكير في أن غياب المِحن هو علامة على الاستحسان الإلهي الخاص، ولذلك، كانت تلك المُعاناة والاضطهاد مؤشرات على عدم رضاه. على العكس، وأبعد من أن يكون ذلك دليلًا على غضب الله أو رفضه لنا، تُعد المِحن دليلًا على محبته الأبويَّة. كتبَ فيليپ هيوز عن التأديب قائلًا: “إنه ليس علامة أبٍ قاسٍ وبلا قلب بل علامة أبٍ يهتم بعُمقٍ وبمحبةٍ بخير ابنه”.[6]

محبة الله وحياة المؤمن

تَضْمَن أيضًا محبةُ الله الأبديَّة والنهائيَّة لشعبه ما هو أكثر من مجرد مُصالحة الخُطاة المُبعَدين. إن محبة الله من نحونا تَجعل محبتنا لبعضنا البعض مُمكنة أيضًا: “اَللهُ لَمْ يَنْظُرْهُ أَحَدٌ قَطُّ. إِنْ أَحَبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَاللهُ يَثْبُتُ فِينَا، وَمَحَبَّتُهُ قَدْ تَكَمَّلَتْ فِينَا” (١ يوحنا ٤: ١٢؛ انظر أيضًا ١ يوحنا ٢: ٥).

أخيرًا، لا تُعتبر محبة الله لشعبه مُجرد عقيدة تُعلَن بل عاطفةً نابضة بالحياة في قلب الله والتي يُريدنا أن نَختبرها. لذلك، يُصلِّي بولس قائلًا: “وَالرَّبُّ يَهْدِي قُلُوبَكُمْ إِلَى مَحَبَّةِ اللهِ، وَإِلَى صَبْرِ الْمَسِيحِ” (٢ تسالونيكي ٣: ٥). إذا كان يَنبغي أن نَتمتَّع اختباريًا بكوننا محبوبين من الآب، فإن الآب نفسه هو من يَجب (وسيفعل ذلك) أن يقوم بإزالة كل عائق وعبء أمام تلك الخبرة التي لا تُوصَف. إن “مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا” (رومية ٥: ٥). تُشير لُغة بولس المُعبِّرة عن الفرح إلى السخاء الغير محدود لعطيَّة الله. مثلما عبَّر تشارلز هودچ عن أن محبة الله “لا تَهطُل علينا مثل قطرات الندى، بل مثل سَيْل يَنشُر نفسه داخل النفس كلها، مالئًا إيَّاها بإدراك حضوره ونعمته”.[7] يُريد الله لقلوبنا أن تكون غارقة بفِعْل مَوجة تلو الأخرى من موجات عاطفته الأبويَّة. لذلك يَقدر بولس أن يُصلِّي أن “تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ” (أفسس ٣: ١٨، ١٩أ).


[1] Carl F.H. Henry, God, Revelation and Authority, Volume VI: God Who Stands and Stays, 341.

[2] D.A. Carson, “On Distorting the Love of God”.

[3] John Murray, Redemption: Accomplished and Applied, 10.

[4] Charles Spurgeon, Autobiography: Volume 1, 167.

[5] See, “The Love of God: Universal and Particular,” in Celebrating the Saving Work of God: The Collected Shorter Writings of J. I. Packer, 1:158-59.

[6] Philip Hughes, Commentary on the Epistle to the Hebrews, 528

[7] Charles Hodge, Commentary on the Epistle to the Romans, 210.

شارك مع أصدقائك

سام ستورمز

حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة تكساس، وهو راعي كنيسة بريدجواي بمدينة أوكلاهوما الأمريكية.