يوم الرب: “في ذلك اليوم”

التعريف

تُشير عبارة “يوم الرب [يهوه]” إلى الوقت النهائي الذي سيُعاقِب فيه الرب الإله العالَمَ كله ويسترده من خلال المجيء الأول والثاني للمسيح، وإلى فترة الأيام قبل الأخيرة التي تُوضح ذلك اليوم وتتوقَّعه. ينبغي أن يخاف الخُطاة غير التائبين من يوم الرب، لكن يستطيع المغفور لهم والمفديون أن يتوقعوه في رجاءٍ.

المُوجز

يُصوِّر العهدُ القديم يومَ الرب على أنه عقابٌ من خلال صور مُتداخلة للكارثة، والحرب، والذبيحة؛ يُسلِّط الضوء على اليوم باعتباره تجديدًا، من خلال التشديد على كيف سيستقر حضور الله على شعبه في وسط المُلك الداودي المسياني. ثُم يُعرِّف العهدُ الجديد المسيحَ يسوع بصفته مَن سيُتمم يوم الرب النهائي، مُفتتحًا إياه في موته وقيامته، ومُكملًا إياه في مجيئه الثاني. بالنسبة للمُختارين، يُشير موت يسوع إلى استرضاء غضب الله تجاه الخطيَّة، وتُحدد قيامته بدايةَ الخليقة الجديدة. مع ذلك، بالنسبة لغير المؤمنين، ما زال غضب الله أمرًا مُستقبليًا، وسيأتي مع الكارثة، والحرب، والذبيحة، بينما سيدخل الإله المُحارب إلى المكان والزمان ليُعاقب عدوه ويُعيد تأسيس النظام السليم، حيث سيتم تمجيده فوق الجميع.


ما هو يوم الرب؟

تُشير عبارة “يوم يهوه” والصِيغ المُختصرة التي توازيها (مثل: “اليوم أو ذلك اليوم”) إلى الوقت النهائي الذي سيُعاقِب فيه يهوه العالَمَ كله ويسترده أو يخلقه من جديد، وإلى فترة الأيام قبل الأخيرة التي تُوضح ذلك اليوم وتتوقَّعه. لذلك، في هذا السياق، تُشير كلمة “يوم” إلى حدثٍ في الزمان لا إلى مُدة زمنية. من ناحيةٍ، يَصِف أنبياءُ الله ورُسله يوم الرب باعتباره الحدث الهائل الذي سيُرسِّخ اللهُ فيه لسيادته، ويستأصل كل الشر، ويُحضر السلام الدائم على نطاق عالمي (مثل: صفنيا ١: ١٤-١٨؛ ٣: ٨-١٠؛ ٢ تسالونيكي ١: ٩، ١٠؛ ٢ بطرس ٣: ١٠). يتم افتتاح هذا الواقع في المجيء الأول للمسيح لكنه سيكتمل عند مجيئه الثاني. على الناحية الأخرى، تُطبق الشخصيات الكتابيَّة أيضًا لُغة “يوم الرب” على العديد من الحالات حيث يتدخل يهوه مِثاليًا (typologically) في المكان والزمان ليُعيد تأسيس النظام الصحيح من خلال مُعاقبة الشر –لا سيما شر العالم أجمع (إرميا ٤٦: ١٠-١٢؛ عوبديا ١٥؛ صفنيا ٣: ٨؛ قارن مع إشعياء ٢: ١٠-٢٢؛ ١٣: ١-٢٢؛ حزقيال ٣٠: ١-٩؛ يوئيل ٣: ٩-١٦)، وكذلك شر إسرائيل أو يهوذا (حزقيال ١٣: ٥؛ عاموس ٥: ١٨؛ زكريا ١٤: ١؛ قارن مع إشعياء ٣: ١-٤: ١؛ يوئيل ١: ١٥؛ ٢: ١-١١، ٣١؛ عاموس ٥: ١٨؛ صفنيا ٣: ٧؛ ملاخي ٤: ٥ [٣: ٢٣ في النص العبري]).

إلى جانب كونه وقتًا لغضب الرب، سيُحقق يومُ الرب الرجاءَ المُرتبط بسبت الراحة الأخرويَّة المُعاد تأسيسها (عبرانيين ٤: ٩، ١١). في اليوم السابع من أسبوع الخلق، استراح يهوه من كل عمله (تكوين ٢: ١-٣)، مُشيرًا إلى أن النظام الصحيح يوجد في العالَم فقط حيث تحتفل الخليقة بالله باعتباره صاحب السيادة على الكل، والذي يسود من هيكله (مزمور ١٣٢: ٧، ٨، ١٣، ١٤). إن عصيان البشر في جنة عدن مزَّقَ سلامَ الملكوت، مؤديًا إلى نهوض الملك الخالق يهوه بصفته مُحاربًا. عاملًا من جديد [بعدما استراح] (انظر يوحنا ٥: ١٧؛ ٩: ٣؛ ١٤: ١٠)، تعهَّدَ بإعادة تأسيس راحة ونظام الملكوت، بشكل نهائي من خلال خلاصه المسياني المُنتصر على الخطيَّة (تكوين ٣: ١٥؛ صفنيا ٣: ٩؛ ١٣: ١؛ متى ١١: ٢٨-٣٠). من منظور تاريخ الخلاص، لن يُصبح يومُ راحة الله السياديَّة في نهاية أسبوع الخليقة الأولى تصريحًا فقط عما كان قائمًا، بل سيكون صورةً أيضًا لما ينبغي أن يكون. إن الهدف الذي يتحرك ناحيته التاريخ هو يوم الرب، الذي سيكتمل في خليقةٍ جديدة بعد انتهاء المُعاقبة. يتمجَّد يهوه من خلال الملك الداودي المسياني (مثل: إشعياء ٩: ٦، ٧؛ ١١: ١-١٠؛ إرميا ٢٣: ٥؛ حزقيال ٣٧: ٢٤). وبقيَّة الشعب الذي سيبقى سيتمتَّعون بحضور الله وسيكونون مُقدَّسين وفي سلام (مثل: إشعياء ٤: ٢-٦؛ صفنيا ٣: ١١-٢٠؛ زكريا ١٤: ١-٢١؛ قارن مع يوئيل ٢: ٢٨-٣٢؛ عاموس ٩: ١١-١٥).

كيف يَصِف العهدُ القديم يوم الرب؟

يتضمن يومُ الرب القريب كلًا من العقاب والتجديد.

يوم الرب باعتباره عِقابًا

تَنبع الجوانب التدميريَّة في يوم يهوه مُباشرةً من غضبه العادل تجاه التمرُّد على العهد. “فَإِنَّ لِرَبِّ الْجُنُودِ يَوْمًا عَلَى كُلِّ مُتَعَظِّمٍ وَعَال، وَعَلَى كُلِّ مُرْتَفِعٍ فَيُوضَعُ” (إشعياء ٢: ١٢؛ قارن مع ١٣: ٩؛ ملاخي ٤: ١ [٣: ١٩]). لن يكون هناك عونٌ للمُتمردين في ذلك اليوم (إشعياء ١٠: ٣، ٤؛ ٢٤: ٥، ٦؛ ٣٣: ١٤؛ يوئيل ٢: ١١).

يستخدم العهدُ القديم صورًا مُتداخلة للكارثة، والحرب، والذبيحة ليَصِف وقت الغضب الآتي. بينما تُحذِّر الفئةُ الأولى للتصويرات من الكوارث في الحقل الطبيعي والشخصي، فإن الفئتين الأخيرتين منها تُصوِّران يهوه مُعقابًا أعداءه قضائيًا باعتبار ذلك الوسيلة لإعادة التأسيس العادل للنظام الصحيح في العالَم. يَتطلب العدل أن يُمارس اللهُ التأديبَ، لأنه يستطيع أن يُقدّم كفارة أكيدة فقط من خلال سفك الدم، سواء دم البديل النيابي أو الخاطئ (لاويين ١٧: ١١؛ عدد ٣٥: ٣٣؛ ٢ صموئيل ٢١: ٣؛ إشعياء ٢٢: ١٤).

الكارثة

في ضوء أصداء مُقابلة الله لآدم وحواء بعد خطيتهما (تكوين ٣: ٨) وظهوره أمام شعب إسرائيل على جبل سيناء ليُؤسِّس العهد [الميثاق] القديم (خروج ١٩: ١٦)، كثيرًا ما يَربُط كُتابُ أسفار الكتاب المُقدَّس بين يوم غضب يهوه والظلام، والرياح، والزلزلة، والسَّحاب. “مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْجُنُودِ تُفْتَقَدُ بِرَعْدٍ وَزَلْزَلَةٍ وَصَوْتٍ عَظِيمٍ، بِزَوْبَعَةٍ وَعَاصِفٍ وَلَهِيبِ نَارٍ آكِلَةٍ” (إشعياء ٢٩: ٦؛ قارن مع ٣٠: ٣٠؛ يوئيل ٢: ٣٠، ٣١). إن الصور المُنذرة بالعاصفة والظل، والظلام والارتعاد تُظهر الحضور الرهيب والوشيك ليهوه، وتُسلط الضوء على اقتراب يومه المُرتبط بالدمار تجاه الأفراد (٢ صموئيل ٢٢: ١٢؛ أيوب ١٥: ٢٢) والشعوب (إشعياء ١٣: ١٠؛ ٣٠: ٣٠؛ قارن مع إشعياء ٣٠: ٣٣؛ حزقيال ٣٠: ٣؛ يوئيل ٣: ١٥؛ صفنيا ١: ١٥)، بما في ذلك إسرائيل أو يهوذا (إشعياء ٥: ٣٠؛ ٨: ٢٢؛ ٢٩: ٦؛ قارن مع يوئيل ٢: ٢، ٣٠، ٣١؛ عاموس ٥: ١٨، ٢٠؛ ٨: ٩).

بينما تَصوَّرَ الكثيرون في شعب إسرائيل أن يكون يوم الرب يومًا مُضيئًا، أكَّدَ الأنبياء على أنه بالنسبة لغير التائبين، سيكون يومًا مُظلمًا. “لِمَاذَا لَكُمْ يَوْمُ الرَّبِّ؟ هُوَ ظَلاَمٌ لاَ نُورٌ” (عاموس ٥: ١٨؛ قارن مع ميخا ٣: ٦). “وَعِنْدَ إِطْفَائِي إِيَّاكَ أَحْجُبُ السَّمَاوَاتِ، وَأُظْلِمُ نُجُومَهَا، وَأُغْشِي الشَّمْسَ بِسَحَابٍ، وَالْقَمَرُ لاَ يُضِيءُ ضَوْءَهُ. وَأُظْلِمُ فَوْقَكَ كُلَّ أَنْوَارِ السَّمَاءِ الْمُنِيرَةِ، وَأَجْعَلُ الظُّلْمَةَ عَلَى أَرْضِكَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ” (حزقيال ٣٢: ٧، ٨؛ قارن مع يوئيل ٢: ٢، ١٠، ٣١؛ ٣: ١٥؛ عاموس ٨: ٩؛ صفنيا ١: ١٥). عندما يدخل اللهُ إلى المكان والزمان، فإن قوى الطبيعة تتجاوب؛ تقوم العواصف وتهتز الأرض. إن تلك التصويرات ليوم يهوه ينبغي أن تجعل قلوبَنا ترتعد.

الحرب

قد يُشير ظلامُ يوم الرب في بعض الأحيان لا إلى العاصفة بل إلى الخبرة الحسيَّة لموت الشخص كقتيل في الحرب الإلهيَّة. في يوم يهوه، تنطفئ بالتأكيد أنوار الحياة لأعداء الله. لذلك، صوَّرَ صفنيا يوم الرب على أنه يومُ “ضِيق وَشِدَّةٍ، … خَرَابٍ وَدَمَارٍ، … ظَلاَمٍ وَقَتَامٍ، … سَحَابٍ وَضَبَابٍ” – بالتأكيد، هو “يَوْمُ بُوق وَهُتَافٍ علَى الْمُدُنِ الْمُحَصَّنَةِ وَعَلَى الشُّرُفِ الرَّفِيعَةِ” (صفنيا ١: ١٥، ١٦). تستدعي تلك الصور حرب يهوه على أرض كنعان (قارن عدد ١٣: ٢٨؛ تثنية ١: ٢٨؛ ٣: ٥؛ ٩: ١ مع تثنية ٦: ١٠، ١١؛ يشوع ٦: ٥، ٢٠). وتُصوِّر يوم غضبه بشكلٍ أكبر على أنه يوم حربٍ، حيث يُعيد تأسيس شعبٍ جديد في أرضٍ مُجدَّدة (قارن صفنيا ١: ١٣ مع تثنية ٦: ١٠، ١١؛ ٢٨: ٣٠، ٣٩).

إن يهوه أسدٌ زائر (هوشع ١١: ١٠؛ يوئيل ٣: ١٦؛ عاموس ١: ٢) – مُحاربٌ يُقاتل ضد أعدائه ليُخلِّص بَقيته الأمناء (قارن مع خروج ١٥: ٣؛ مزمور ٢٤: ٨). “وَالرَّبُّ يُعْطِي صَوْتَهُ أَمَامَ جَيْشِهِ. إِنَّ عَسْكَرَهُ كَثِيرٌ جِدًّا. فَإِنَّ صَانِعَ قَوْلِهِ قَوِيٌّ، لأَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ عَظِيمٌ وَمَخُوفٌ جِدًّا” (يوئيل ٢: ١١). “هُوَذَا يَوْمٌ لِلرَّبِّ يَأْتِي فَيُقْسَمُ سَلَبُكِ فِي وَسَطِكِ. وَأَجْمَعُ كُلَّ الأُمَمِ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِلْمُحَارَبَةِ، … فَيَخْرُجُ الرَّبُّ وَيُحَارِبُ تِلْكَ الأُمَمَ كَمَا فِي يَوْمِ حَرْبِهِ، يَوْمَ الْقِتَالِ. (زكريا ١٤: ١-٣؛ قارن مع إرميا ٤٦: ١٠). في بعض الأوقات، يقول النص الكتابي صراحةً إن قوى أخرى ستعمل كوسائل في يد الله للعقاب، عاملةً باعتبارها “قضيب” غضبه (إشعياء ١٠: ٥؛ قارن مع ميخا ٦: ٩) وباعتبارها “أسلحته” للحرب (إشعياء ١٣: ٥؛ إرميا ٥١: ٢٠).

كثيرًا ما اُستخدمتْ الأبواق كتنبيه للمعركة، سواء للهجوم (عدد ١٠: ٩؛ أيوب ٣٩: ٢٤) أو للدفاع (إرميا ٤٢: ٤؛ عاموس ٣: ٦؛ نحميا ٤: ٢٠). بالاعتماد على هذه الحقيقة، يربُط كُتابُ العهد القديم بانتظام نَفخ الأبواق بيوم يهوه قبل النهائي والنهائي للمعركة، سواء لإنهاض المُعتدي (إرميا ٥١: ٢٧؛ صفنيا ١: ١٦؛ زكريا ٩: ١٤) أو لتحذير الهدف (إرميا ٦: ١؛ حزقيال ٣٣: ٣؛ يوئيل ٢: ١؛ قارن مع إرميا ٤: ١٩؛ حزقيال ٧: ١٤؛ هوشع ٥: ٨). في ذلك اليوم، سيكون الصوت مُرًا (صفنيا ١: ١٤).

الذبيحة

بعد تسليط الضوء على اقتراب يوم الرب، أسَّسَ النبي صفنيا هذه العبارة على حقيقة أن الله بالفعل “قَدْ أَعَدَّ ذَبِيحَةً” (صفنيا ١: ٧). إن نيران الذبائح ما هي إلا حربٌ إلهيَّة تجاه الخطيَّة. لذلك، بعد وصف ذلك اليوم بصورٍ مُرتبطة بالكارثة والحرب، شدَّد الله قائلًا: وَأُضَايِقُ النَّاسَ … لأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا إِلَى الرَّبِّ” (صفنيا ١: ١٧). انتقلَ الرب بعدها إلى الصور المُناسبة للذبيحة ليَصِف ماذا سيفعل تجاه أعدائه: “فَيُسْفَحُ دَمُهُمْ كَالتُّرَابِ وَلَحْمُهُمْ كَالْجِلَّةِ. … في يَوْمِ غَضَبِ الرَّبِّ، بَلْ بِنَارِ غَيْرَتِهِ تُؤْكَلُ الأَرْضُ كُلُّهَا” (صفنيا ١: ١٧، ١٨؛ قارن مع ملاخي ٢: ٣). تُعتبر النار بارزةً في العديد من مقاطع يوم الرب، وتتلاءم جيدًا مع صور الكارثة والحرب والذبيحة (مثل: هوشع ٨: ١٤؛ ميخا ١: ٧؛ صفنيا ٣: ٨؛ ملاخي ٤: ١ [٣: ١٩]؛ قارن مع إشعياء ٢٩: ٦؛ يوئيل ٢: ٣، ٥، ٣٠؛ عاموس ٥: ٦؛ عوبديا ١٨؛ ميخا ١: ٤؛ ناحوم ١: ٦؛ ٣: ١٥؛ صفنيا ٢: ٢).

يُقارن كلٌ من إرميا وحزقيال مُعاقبةَ يهوه لأعدائه بذبيحة عظيمة (إرميا ٤٦: ١٠؛ حزقيال ٣٩: ١٧، ٢٠، ٢١). على الرغم من قوله ذلك بصراحةٍ أقل، يربُط زكريا حديثه بصورة الذبيحة أيضًا عندما حدَّد أن يهوه، من خلال حاكم كهنوتي نيابي، “[سيُزيل] إِثْمَ تِلْكَ الأَرْضِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ” (زكريا ٣: ٩، قارن مع ٦: ١٢، ١٣). سيرتبط دمُ عهدٍ جديد بذلك الشخص إلى حد بعيد (زكريا ٩: ٩-١١)، وسيُخلِّص موته النيابي شعبَ الله (زكريا ١٤: ٧-٩). تبدو أصداء إشعياء ٥٢: ١٣-٥٢: ١٢ واضحة طوال الوقت.

إن الصور المُختلطة للحرب والذبيحة تُصوِّر الطريق التي سيَقدِّم بها يهوه كفارةً أكيدة بعدلٍ، ويُعيد تأسيس حالة من النظام الصحيح حيث يحتفل المفديون به بصفته الكائن الأسمى ويُقدرون صورته في الآخرين (قارن مع إشعياء ٢٢: ١٤؛ ٣٤: ٢، ٦). هذا هو هدف يوم الرب.

قريبٌ لكن غير مُتوقَّع

إن عبارات العهد القديم بخصوص يوم الرب كثيرًا ما تكون غير واضحة من جهة عناصر الرؤية التي ترتبط بالوضع المُباشر والعناصر التي ترتبط بحالة الاكتمال. مع ذلك، يتضح الأمر بمرور الوقت، وتُؤسِّس التحقيقات المبدئيَّة والجُزئيَّة اليقينَ بأن التحقيق الكامل سيأتي (قارن مع إرميا ٢٨: ٩؛ حزقيال ٣٣: ٣٣).

من المُحتمل أن الكثيرين في إسرائيل العهد القديم نظروا إلى كل تدخلٍ تاريخي للغضب الإلهي على أنه الدينونة الكاملة للعصور (على سبيل المِثال: ضد يهوذا، مراثي إرميا ٢: ٢١؛ أو ضد بابل، إشعياء ١٣: ١٣، ١٩). مع ذلك، في الوقت المُناسب، نظر الأمناء إلى تلك التدخلات على أنها مجرد نذير للعقاب والخلاص النهائيين (انظر حزقيال ٣٨: ١٧؛ ٣٩: ٨؛ قارن مع إرميا ٦: ٢٢، ٢٣؛ رؤيا ٢٠: ٧-١٠).

عادةً ما يُصوِّر الأنبياء ذلك اليوم على أنه “قَرِيبٌ وَسَرِيعٌ جِدًّا” (صفنيا ١: ١٤؛ قارن مع إشعياء ١٣: ٦؛ حزقيال ٣٠: ٣؛ يوئيل ٢: ١؛ ٣: ١٤؛ عوبديا ١٥؛ صفنيا ١: ٧). بالنسبة لغير التائبين الذين يعيشون في الظلام، سيأتي ذلك اليوم كَلِصٍ، قابضًا على الضحايا دون أن يدروا (يوئيل ٢: ٩؛ قارن مع إرميا ٤٨: ١١، ١٢؛ عاموس ٩: ١٠؛ ميخا ٣: ١١؛ صفنيا ١: ١٢). لذلك، كانت الدعوة هي للبقاء في يَقظة روحيَّة (يوئيل ١: ٥). على الرغم من أن وصول الله أحيانًا ما يكون وشيكًا بالنسبة فقط للأبديَّة وتوقيت الله، إلا أن وجهة نظر الأنبياء كانت أن تجاوبًا مُباشرًا يُعد ضروريًا. إن الذين يتوبون ويطلبون الرب في الحاضر هم فقط من لهم رجاءٌ في إيجاد ملجأٍ عندما تهُب عواصف الغضب (يوئيل ٢: ١٤؛ عاموس ٥: ١٥؛ يونان ٣: ٩؛ صفنيا ٢: ٣؛ قارن مع إشعياء ٣٣: ١٤-١٦).

يوم الرب باعتباره تجديدًا

في اليوم الذي سينهض فيه يهوه بصفته ديان الأرض، لا يَعِد فقط بأن يجمع الشعوب ليُنفذ عقابه بل ليفتدي جماعة مُجدَّدة ومُتعددة الأعراق من العابدين الذين سيدعون باسمه (صفنيا ٣: ٨-١٠). في ذلك اليوم، سيُزيل يهوه كلًا من الخطيَّة والخطاة من محضره بينما يُنهي أيضًا الخطيَّةَ، ويتغلَّب على الأعداء، ويخلق سياقًا لن تخاف فيه بقيَّته الأمينة أبدًا من العِقاب (صفنيا ٣: ١١-٢٠). في ظل غُفران الله لخطاياهم وحُسبانه إياهم أبرارًا (إشعياء ٥٣: ١١؛ إرميا ٣١: ٣٤)، سيكتمل خوفهم وفرحهم بالله، وسيؤدي ابتهاجه بهم إلى الترنُّم (إشعياء ٦٥: ١٩؛ صفنيا ٣: ١٤، ١٧؛ ملاخي ٤: ٢ [٣: ٢٠]).

يُعتبر رجوع حضور يهوه وسط شعبه أمرًا مركزيًا في يوم يهوه. “وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ، … وَمَنْ يَحْتَمِلُ يَوْمَ مَجِيئِهِ؟ وَمَنْ يَثْبُتُ عِنْدَ ظُهُورِهِ؟” (ملاخي ٣: ١، ٢). يُوضِّح يوئيل أن اللهَ سيُخلِّص الذين يتوبون ويدعون باسمه وسيسكُب روحه عليهم (يوئيل ٢: ١١-١٣، ٢٨، ٢٩؛ قارن مع حزقيال ٣٦: ٢٧؛ ٣٧: ١٤؛ صفنيا ٣: ٩). في هذا اليوم، سيُتمم الله وعودَ ملكوته لداود، جاعلًا كل الأرض تزدهر تحت حُكم داود الجديد (إشعياء ١١: ١-١٠؛ حزقيال ٣٧: ٢٤-٢٨؛ عاموس ٩: ١١-١٤). سيتمجِّد يهوه بشكلٍ فريد بصفته ملكًا، وستُظهر كلُ الخليقة قداسته وستستمتع بها (زكريا ١٤: ٧-٩، ٢٠).

كيف يرى العهدُ الجديد تحقيق يوم الرب؟

يوم الرب باعتباره كارثةً، وحربًا، وذبيحةً

يَعتمد العهد الجديد على صور العهد القديم المُرتبطة بالكارثة، والحرب، والذبيحة عندما يَصِف مجيء يوم الرب، والذي كثيرًا ما يربطه بالظهور الثاني ليسوع. استمرَّ الرُسل في التشديد على اقتراب هذا اليوم (فيلبي ٤: ٥؛ رؤيا ١: ٣؛ ٢٢: ١٠)، بينما سلَّطوا الضوء أيضًا على أن الله أمينٌ، وأن أي نوع من التباطؤ ناتجٌ فقط عن رغبته الصبورة في أن يرى المزيد يخلصون (٢ بطرس ٣: ٨، ٩). بالنسبة لغير التائبين، ما زال يوم الغضب غير متوقع إطلاقًا – آتيًا “كَلِصٍ في الليلِ” (١ تسالونيكي ٥: ٢؛ قارن مع يوئيل ٢: ٩؛ متى ٢٤: ٤٣؛ ١ تسالونيكي ٥: ٤؛ ٢ بطرس ٣: ١٠؛ رؤيا ٣: ٣؛ ١٦: ١٥). أما بالنسبة لليَقِظين روحيًا والذين يعيشون في النور، لن يأتي ذلك اليوم بغتةً (١ تسالونيكي ٥: ٤؛ قارن مع متى ٢٤: ٤٢، ٤٣؛ مرقس ١٣: ٣٣-٣٧؛ أفسس ٥: ١٤؛ ١ تسالونيكي ٥: ٦؛ رؤيا ٣: ٢، ٣).

إن كل الموجودين على الأرض “[سيُبْصِرُونَ] ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ” (متى ٢٤: ٣٠؛ قارن مع أعمال الرسل ١: ٩-١١). في ذلك الوقت، “[سيُرْسِلُ] مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ” (متى ٢٤: ٣١؛ قارن مع ١ تسالونيكي ٤: ١٦؛ رؤيا ٨: ٧)، فاصلًا القمح عن التبن وحارقًا الأخير “بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ” (متى ٣: ١٢؛ قارن مع ٢ تسالونيكي ١: ٧-١٠؛ ٢ بطرس ٣: ٧، ١٠). رأى يوحنا أن نتائج هذه الحرب الأخيرة على الشر ستكون وليمة ذبائحيَّة للطيور “هَلُمَّ اجْتَمِعِي إِلَى عَشَاءِ الإِلهِ الْعَظِيمِ، لِكَيْ تَأْكُلِي لُحُومَ مُلُوكٍ، وَلُحُومَ قُوَّادٍ، وَلُحُومَ أَقْوِيَاءَ، وَلُحُومَ خَيْل وَالْجَالِسِينَ عَلَيْهَا، وَلُحُومَ الْكُلِّ: حُرًّا وَعَبْدًا، صَغِيرًا وَكَبِيرًا” (رؤيا ١٩: ١٧، ١٨).

يوم الرب باعتباره جاء بالفعل ولكن ليس بعد

في تحقيقٍ لنبوات ملاخي (ملاخي ٣: ١، ٢؛ ٤: ٥، ٦ [٣: ٢٣، ٢٤ في النص العبري])، أعدَّتْ خدمةُ يوحنا المعمدان الطريقَ ليوم غضب يهوه وعودته إلى هيكله (متى ١١: ٩-١٥). لقد توقَّع المعمدان أن ذلك اليوم سيتضمَّن إعلانًا ناريًا للغضب الإلهي الذي سيُميَّز بين الأبرار والأشرار، ونظر إلى يسوع باعتباره المُحارب والذبيحة الذي من خلاله سيأتي الله بالتدمير والخلاص (متى ٣: ١١، ١٢؛ يوحنا ١: ٢٩). كذلك، بعيون نحو يوم الرب (صفنيا ٣: ٨)، حثَّ النبيُ صفنيا استباقيًا “ابْنَةَ صِهْيَوْنَ” المحفوظة على أن تفرح، لأن “مَلِكَ إِسْرَائِيلَ الرَّبَّ” قد نزعَ دينونتها وكان يملك في وسطها لكيلا “تخاف” مُجددًا من الشر (صفنيا ٣: ١٤، ١٥). في تصوير يوحنا لدخول يسوع الانتصاري، لمَّحَ إلى هذا النص عندما دعا يسوع “ملك إسرائيل” الذي انتصاره القادم سيعني أن “ابْنَةَ صِهْيَوْنَ” ينبغي “ألا تخاف” (يوحنا ١٢: ١٣، ١٥؛ قارن مع زكريا ٩: ٩).[1] علاوة على ذلك، وصفَ صفنيا ثِمار الخليقة الجديدة مثل الدعوة باسم يهوه والكهنوت مُتعدد الأعراق بأنها ستنمو من وسط الرماد، بعد النيران الذبائحيَّة لغضب الرب تجاه الشعوب في يومه (صفنيا ٣: ٨-١٠)، ووصفَ لوقا كلًا من يوم الخمسين وخلاص الخصي الحبشي بطُرقٍ تُشير إلى التحقيق المبدئي لنبوات صفنيا (أعمال الرسل ٢: ٤، ٢١؛ ٨: ٢٦-٣٩).

تُشير كل هذه الحقائق إلى أن كُتاب أسفار الكتاب المُقدَّس نظروا إلى موت المسيح وقيامته باعتبارهما يُشيران إلى فجر يوم الرب، ومعه بزوغ الخليقة الجديدة. على الأغلب، هذا هو سبب أن كل الأناجيل الإزائيَّة، بالاعتماد على الصور المرتبطة مُباشرةً بالملك المسياني في مزمور ١٨: ٧-١٥ [٨-١٦ في النص العبري]، تُؤكِّد على الظاهرة الكارثيَّة المُرتبطة مُباشرةً بموت المسيح (متى ٢٧: ٤٥، ٥١؛ مرقس ١٥: ٣٣؛ لوقا ٢٣: ٤٤).  قد يُوضِّح ذلك أيضًا كيف نظر لوقا إلى عمل الروح القُدس في يوم الخمسين باعتباره تحقيقًا لنبوة يوئيل عن يوم الرب بينما سلَّط الضوء أيضًا على أنه ستكون هناك علامات كونيَّة عديدة تتضمَّن الظلمة “قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ يَوْمُ الرَّبِّ” (أعمال الرسل ٢: ١٦-٢١؛ قارن مع يوئيل ٢: ٢٨-٣١).

في الصليب، سكبَ اللهُ غضب نهاية الأيام على المسيح بالنيابة عن الكثيرين الذين سيحسبهم أبرارًا (إشعياء ٥٣: ١٠، ١١). في الصليب، كان يسوع يُحاكِم العالَمَ، طاردًا رئيسه الشرير، ومُجتذبًا جميع البشر إلى ذاته (يوحنا ١٢: ٣١، ٣٢). لقد صار يسوع خطيَّةً ولعنةً من أجلنا (٢ كورنثوس ٥: ٢١؛ غلاطية ٣: ١٣)، وبواسطة ذبيحته النيابيَّة، محا اللهُ “الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدًّا لَنَا،” وبذلك جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ التي كانت تستطيع اتهامنا من قبل (كولوسي ٢: ١٤، ١٥). لقد كنا قبلًا أعداءً لله مُتجهين نحو الهلاك، لكن الآن، بما أننا تبررنا بدم المسيح، “سنَخْلُصُ مِنَ غَضَبِ الله” الذي سيأتي مستقبلًا (رومية ٥: ٩). في الصليب، بدأ اللهُ في مُنتصف التاريخ ما توقَّعَ كُتاب العهد القديم أنه سيحدث في نهاية التاريخ. والآن يُعد المؤمنون محفوظين من اليوم الأخير للغضب لأن المسيح حملَ بالفعل العقاب المُتوقَّع في يوم الرب (رومية ٣: ٢٤؛ ٥: ١، ٩-١١؛ قارن مع إشعياء ٥٣: ٥؛ ١ بطرس ٢: ٢٤).

على الناحية الأخرى، بينما ينبغي أن ننظر إلى موت المسيح باعتباره تدخلَ يوم الرب النهائي المستقبلي في مُنتصف التاريخ، إلا أنه يجب علينا أيضًا أن نُدرك أن اكتمال يوم الرب ما زال سيحدث في المستقبل. قال بولس إنه “مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ الارْتِدَادُ أَوَّلاً، وَيُسْتَعْلَنْ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ” (٢ تسالونيكي ٢: ١-٣؛ قارن مع مرقس ١٣: ٧).

في أماكن أخرى، تحدَّثَ يسوع عن “يوم الدينونة” المستقبلي حيث سيُدين اللهُ كل البشر بحسب أفعالهم (متى ١٢: ٣٦؛ قارن مع متى ٧: ٢٣؛ ١٠: ١٥؛ ١١: ٢٢-٢٤؛ يوحنا ١٢: ٤٨). ربطَ يسوع ذلك اليوم مُباشرةً بمجيئه الثاني (متى ٢٤: ٣٦، ٤٢، ٥٠؛ ٢٥: ١٣؛ قارن مع مرقس ١٣: ٣٢؛ لوقا ١٧: ٢٤) وبالقيامة المستقبليَّة (يوحنا ٦: ٣٩، ٤٠، ٤٤، ٥٤؛ ١١: ٢٤)، والذي سيُعد غير متوقعًا لكل من هم في الظُلمة (متى ٢٤: ٤٣، ٥٠؛ لوقا ١٢: ٤٦؛ ١٧: ٣٠). في ذلك الوقت، سيجمع المسيحُ كل الشعوب إليه وسيفصل الأشرار عن الأبرار (متى ٣: ١٢؛ ٢٥: ٣١، ٣٢؛ قارن مع متى ١٣: ٢٤-٣٠؛ صفنيا ١: ٢؛ ٣: ٨). سيُعاقب المسيحُ الأشرار بغضب دائم (متى ٧: ٢١-٢٣؛ ٢٥: ٤١). لكنه سيُرحب بالأبرار وسيحتفل معهم (متى ٢٥: ٣٤؛ ٢٦: ٢٩؛ مرقس ١٤: ٢٥) وسيعرفون من هو حقًا (يوحنا ١٤: ٢٠).

شدَّدَ بولس على أن “[عَمَلَ] كُلِّ وَاحِدٍ سَيَصِيرُ ظَاهِرًا لأَنَّ الْيَوْمَ سَيُبَيِّنُهُ. لأَنَّهُ بِنَارٍ يُسْتَعْلَنُ، وَسَتَمْتَحِنُ النَّارُ عَمَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ” (١ كورنثوس ٣: ١٣؛ قارن مع ٢ كورنثوس ٥: ١٠). قال أيضًا أن الذين “لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، … سَيُعَاقَبُونَ بِهَلاَكٍ أَبَدِيٍّ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ وَمِنْ مَجْدِ قُوَّتِهِ، مَتَى جَاءَ لِيَتَمَجَّدَ فِي قِدِّيسِيهِ وَيُتَعَجَّبَ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ” (٢ تسالونيكي ١: ٨-١٠). بشكل مُماثل، شدَّدَ بطرس على أنه، بالنسبة للذين في الظُلمة، “سَيَأْتِي كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ، يَوْمُ الرَّبِّ، الَّذِي فِيهِ تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَا” (٢ بطرس ٣: ١٠؛ قارن مع ١ تسالونيكي ٥: ٢؛ رؤيا ٣: ٣). وصفَ يوحنا ذروة معركة الأزمان بأنها “يَوْمُ اللهِ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ” (رؤيا ١٦: ١٤) و “يَوْمُ غَضَبِهِ الْعَظِيمُ” والذي تساءل حوله قائلًا: “وَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ؟” (رؤيا ٦: ١٧).

إن فترة التداخل بين يومٍ الرب الذي جاء بالفعل واليوم المستقبلي يتم التقاطها في مُناقشةِ بولس بخصوص ذلك اليوم، عندما أكَّدَ على أن جميع المؤمنين “أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ. لَسْنَا مِنْ لَيْل وَلاَ ظُلْمَةٍ.” ثم أكملَ قائلًا: “وَأَمَّا نَحْنُ الَّذِينَ مِنْ نَهَارٍ، فَلْنَصْحُ لاَبِسِينَ دِرْعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ، وَخُوذَةً هِيَ رَجَاءُ الْخَلاَصِ. لأَنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلْغَضَبِ، بَلْ لاقْتِنَاءِ الْخَلاَصِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، (١ تسالونيكي ٥: ٥، ٨، ٩). من ناحيةٍ ما، اختبرَ المؤمنون بالفعل يوم الرب بل ويختبرونه حاليًا، لأننا “مُتَبَرِّرُونَ الآنَ [بدَمِ المسيح]” وسوف “نَخْلُصُ بِهِ مِنَ [غَضَبِ الله]. … [نحن] صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ” (رومية ٥: ٩، ١٠). في المجيء الأول للمسيح، جاء يوم الرب، و”ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ، لِجَمِيعِ النَّاسِ” (تيطس ٢: ١١) وبدأتْ تلك النعمة الخليقةَ الجديدة. مع ذلك، ما نزال “مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ الْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ” (تيطس ٢: ١٣؛ قارن مع رومية ٨: ١٨). تتميمًا لآمال العهد القديم (تكوين ٣: ١٥؛ إشعياء ٦٦: ٨؛ زكريا ٣: ٩)، استردَّ يسوعُ سبتَ الراحة عن طريق تأسيس راحة الملكوت ونظامه الذي سيكتمل فقط عندما يعود ثانيةً (متى ١١: ٢٨-٣٠؛ عبرانيين ٤: ٩، ١١). وهكذا، “لِنَتَمَسَّكْ بِإِقْرَارِ الرَّجَاءِ رَاسِخًا، … وَلْنُلاَحِظْ بَعْضُنَا بَعْضًا لِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، غَيْرَ تَارِكِينَ اجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ، بَلْ وَاعِظِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَبِالأَكْثَرِ عَلَى قَدْرِ مَا تَرَوْنَ الْيَوْمَ يَقْرُبُ، (عبرانيين ١٠: ٢٣-٢٥).


[1] انظر إلى Christopher S. Tachick, “King of Israel” and “Do Not Fear, Daughter of Zion”: The Use of Zephaniah 3 in John 12, Reformed Academic Dissertations 11 (Phillipsburg, NJ: P&R Publishing, 2018).

شارك مع أصدقائك

حاصل على درجة الدكتوراة من الكليّة المعمدانية الجنوبية للاهوت، ويعمل كأستاذ باحث في العهد القديم واللاهوت الكتابيّ في الكليّة المعمدانية في الغرب الأوسط للاهوت، بولاية ميسوري الأمريكيّة.