هل سمعت عن “ثقافة الجنس العرضيِّ” (hookup culture)؟
يُظهر كتاب “الجنس العرضيُّ الأمريكيُّ“، وهو كتاب جديد، بقلم عالمة الاجتماع ليزا ويد، أنَّ الحياة الجنسيَّة الخالية من الحدود هي الآن القوَّة المهيمنة في تشكيل الثقافة الجنسيَّة في الحَرَم الجامعيِّ. يُظهر كتاب ويد، المستمدُّ من التقارير الواردة من الطلاَّب أنفسهم، أنَّ كثيرين يشعرون بالحيرة والانهيار بسبب الأعراف الجنسيَّة الحديثة. تعتقد ويد أنَّ الحلَّ لهذا الواقع هو الغوص بشكل أكبر في ثقافة الجنس العرضيِّ. “نحن بحاجة إلى أن نقول نعم لفرصة اللقاءات الجنسيَّة العرضيَّة”، كما تجادل، و”هي طريقة لنكون جنسيِّين يفكِّرون إلى الأمام ويشعرون بالرضا” (25، 246).
لقد شعرت بالاستياء من كتاب ويد، وأعتقد أنَّ هناك نهجًا أفضل. في ما يلي أربعة طرق يمكننا من خلالها الردُّ على ثقافة الجنس العرضيِّ بالأخلاق الجنسيَّة الكتابيَّة.
1. قم بتعزيز الأخلاق التي تركِّز على الشخص كلِّه، وليس “جاذبيَّته”.
“الهدف النهائيُّ في ثقافة الجنس العرضيِّ،” وفقًا لما قالته ويد، “لا يقتصر فقط على ممارسة علاقة مؤقَّتة، بل ممارسة علاقة مؤقَّتة مع شخص مثير” (34).
لا يشعر المسيحيُّون بحساسيَّة شديدة حيال الجمال والجاذبيَّة الجنسيَّة. من الواضح أنَّ الله يريد المتزوِّجين أن يتمتَّعوا بهبة الجنس (تكوين 2: 24-25؛ نشيد الأناشيد). يأتي الجنس من فكر الربِّ النقيِّ، وليس من المخطَّطات الخبيثة لمصوِّرٍ إباحيٍّ. ولكن في حين أنَّ الجاذبيَّة هي عنصر من عناصر الحبِّ العهديِّ، فهي مجرَّد جزء من حبِّنا لشريك حياتنا. نحن جميعًا حاملين لصورة الربِّ، وقد منحنا الله كرامة وقيمة هائلتين (تكوين 1: 26-27). الحبُّ لا يُختزل إلى البحث في الشاشة: “مثير أو لا”. الحبُّ أمر معقَّد ومتعدِّد الأوجه وموجَّه إلى الشخص كلِّه.
يتمُّ تدريب الطلاَّب من قِبَل ثقافة علمانيَّة على استخدام بعضهم لبعضٍ في لقاءات عرضيَّة. يجب على الكنيسة أن تروِّج لرؤية أفضل، رؤية ترتكز على الحبِّ المتبادل والإخلاص الكتابيِّ.
2. الترويج لرومانسيَّة تكرم الله، وليس النفعيَّة الجنسيَّة.
وفقًا لطلاَّب ويد، فإنَّ أسوأ شيء يمكنك فعله في عمليَّة “الجنس العرضيِّ” هو “السماح بالمشاعر”. يهدف الطلاَّب ببساطة إلى “ممارسة الجنس مع شخص لا يحبُّونه بشكل خاصٍّ”، ثمَّ ينفصلون عنه (46). الممارسات الجنسيَّة هي مجرَّد مقايضة.
بالكاد لدينا كلمات للتعبير عن تعاسة هذا الوضع. يتطلَّب الزواج عملاً شاقًّا، لكنَّ الله يريد أن يتمتَّع رجل واحد وامرأة واحدة باتِّحاد “الجسد الواحد” (تكوين 2: 24). الجنس ليس سلعة نفعيَّة. إنَّه عطيَّة يتمتَّع بها الزوجان والتي لا تصوِّر شيئًا أقلَّ من العلاقة بين المسيح وكنيسته (أفسس 5: 22-33). بعبارة أكثر عمليَّة، قطعًا يريد الله أن يتمتَّع الأزواج الذين يرغبون في ممارسة الجنس بـ “وجود المشاعر” بعضهما تجاه بعضٍ تمامًا؛ فهو يريدهم أن يحبُّوا بعضهم بعضًا بأعمق صورة ممكنة.
تجرِّد ثقافة الجنس العرضيِّ الجنسَ من معناه؛ يعطي التعليم الكتابيُّ معنًى للشغف والاتِّصال الناتج عن الجنس.
3. درِّبوا الرجل على العناية بالنساء لا على استغلالهنَّ.
يوجد انفصام يحيط بالجنس في ثقافتنا الحديثة. فمن ناحية، نسمع أنَّ هدم الأخلاق الجنسيَّة التقليديَّة هو مكسب كبير. ومن ناحية أخرى، كما تقول ويد، يعاني الطلاَّب اليوم من “ثقافة الاغتصاب”، والاعتداء الجنسيِّ، وفقدان العلاقة الحميمة، وعدم وجود علاقات ملتزمة، وأكثر من ذلك بكثير (انظر 148-51 و214-15).
من الواضح لي ولويد –ولكثيرين- أنَّ الرجال يتصرَّفون بشكل سيِّئ في عصرنا الجنسيِّ. لكنَّ حلَّ هذه المشكلة لا يكمن في التخلُّص من الأخلاق اليهوديَّة والمسيحيَّة، بل في استعادتها. يحتاج الرجال إلى التدريب على رعاية النساء. إنَّهم بحاجة إلى حماية النساء. إنَّهم بحاجة إلى أن يروا النساء ليس كأشياء، ولكن كبشر مخلوقين على صورة الله. الرجال يضعفون اليوم، ويتراجعون إلى أدنى طبائعهم. إنَّهم بحاجة إلى دعوة أعظم، ومعايير أعلى، ومخلِّص جدير بالتقدير.
4. ساعد الطلاَّب على رؤية أنَّ ميولهم الجنسيَّة ليست هي ما يميِّزهم.
تُعدُّ ثقافة الجنس العرضيِّ مدمِّرة أيضًا للنساء. وفقًا لويد، فإنَّ “موضوع الأزياء المثيرة” في حفلات الحرم الجامعيِّ “تكافئ النساء على الملابس الفاضحة والاستفزازيَّة، وتقسمهن وتضعهن في منافسة، مع تذكيرهنَّ طوال الوقت بأنَّ وظيفتهنَّ هي جعل الحفلات مثيرة” (195). بحسب شهادة ويد نفسها، فإنَّ نهج ما بعد الحداثة بالنسبة للجنس يسلب من النساء كرامتهنَّ ويضعهن في منافسة ويغرقهن في التعاسة بجعلهنَّ مجرَّد أشياء.
ما مدى اختلاف الأخلاق المسيحيَّة. إنَّها تحرِّر المرأة لتجد قيمتها في المسيح. إذ إنَّها تفكُّ سلاسل التوقُّعات الثقافيَّة. كما تنهي المسابقات التنافسيَّة الدائرة بلا نهاية في غرفة تلو الأخرى من الغرف التي تمسك فيها الخمور بزمام الأمور. إذا دُعيت المرأة إلى الزواج، فقد مُنحت هبة الحبِّ العهديِّ، التي يريد الله أن يحرِّرها بها من الحاجة إلى إثبات نفسها باستمرار ولفت الانتباه. إنَّها حرَّة وخالية بشكل مجيد من خطاياها وآثارها في الله.
بخلاف أولئك الذين دُعُوا إلى الزواج، يحتاج الرجال والنساء على حدٍّ سواء إلى معرفة أنَّ الجنس ليس هو ما يميِّزهم. يشعر العزَّاب أحيانًا بأنَّهم مستبعدون من الحديث عن الجنس، لكنَّ العزَّاب الأتقياء لديهم فرصة عميقة وقيِّمة اليوم. إذ يمكنهم إظهار ثقافة منظَّمة عن الهويَّة الجنسيَّة تفيد أنَّ الله وحده هو كلُّ ما لديهم.
إعادة المعايرة وإعادة التحميل
تترك ثقافة الجنس العرضيِّ للجيل الصاعد عبئًا هائلاً وشعورًا لا ينتهي بالعار. بالنسبة إلى مدمِّر فرح مثل هذا، يوجد أمل حقيقيٌّ واحد فقط: الإنجيل، والنقاء والتجديد اللذان يخلقهما. تحتاج الكنائس المحلِّيَّة إلى إعادة المعايرة وتحديث أساليبها لتحقيق أفضل تأثير.
كم نحتاج إلى حركة جديدة في يومنا هذا من زارعي الكنائس الجامعيِّين، ممَّن يعيدون تنشيط حركتها، والكثير من الشركاء الذين يساعدون في الوصول إلى الشباب الجامعيِّ. كم نحتاج إلى الكرازة الجريئة بالإنجيل، والإعلان الصريح عن مشورة الله الكاملة والمجيدة، تلك الوسائل التي سيفتح الله بواسطتها عيون جيل جنسيٍّ محطَّم بسبب ثقافة الجنس العرضيِّ. كم نتوق إلى أن يرى أقرباؤنا جمال المحبَّة العهديَّة، وقيمة يسوع الفائقة التي تعلو فوق كلِّ شيء آخر.