الاختيار وسَبْق المعرفة

التعريف

سَبْق المعرفة، بالإشارة إلى الله، تَتَضَمَّن معنى سَبْقِ التعيين. تُؤَكِّد عقيدة الاختيار أنَّ الله اختار الذين سَيُخَلِّصهم.

المُوجز

يَتَعَلَّق السؤال الجوهري هنا بمعنى سَبْق المعرفة فيما يَخُصُّ الاختيار، لا سِيَّما في رومية 8: 29، وعلى وجه التحديد، ما إذا كانت عبارة “ٱلَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ” تُشير إلى أنَّ الله اختار الذين سَيُخَلِّصهم بِنَاءً على إيمانهم المَرئِيّ سَابِقًا. بعد مُقَدِّمة مُختَصَرَة للسؤال سَيُعطي هذا المقال فكرة عامَّة عن الاعتبارات الحاسمة: التوصيف الكتابي للاختيار، أساس معرفة الله، معنى “سَبْق المعرفة” بالإشارة إلى الله في الكتاب المقدَّس، رومية 8: 29 في السِّيَاق، وأخيرًا بعض الاعتبارات في رومية 8: 29 نفسها.


مُقَدِّمَة

تُؤَكِّد عقيدة الاختيار أنَّ الله، لمقاصد لا يعلمها إلَّا هو، اختار الذين سَيُخَلِّصهم، فهو لم يَخْتَرْهم بسبب أي شيء يتعلَّق بهم، بل من أجل “مَسَرَّته” (مَتَّى 11: 25-27). غالبًا ما تُجادِل عقيدة الاختيار الأرمينيَّة بِعَكْس ذلك، أنَّ الله اختار الذين سَيُخَلِّصهم بِنَاءً على الإيمان المَرئِيّ سَابِقًا، أي أنَّ الله، بالنظر إلى المستقبل، رأى الذين سَيُؤمنون وعلى هذا الأساس اختار أن يُخَلِّصهم، وهذا يعني أنَّ الله، بِحَسَب العقيدة الأرمينيَّة، “اختارنا” ولكن فقط لأنَّنا اخترناه أوَّلًا.

رومية 8: 29 هي الآية المحوريَّة في هذه المناقشة، والتي يُؤَكِّد فيها الرسول بولس أنَّ: “ٱلَّذِينَ سَبَقَ [الله] فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ“. يُجادِل الشخص الأرميني بأنَّ بولس في هذه العبارة يُؤَكِّد على وجه التحديد أنَّ الاختيار مُؤَسَّسٌ على الإيمان المَرئِيّ سَابِقًا. سوف أُجادِل هنا بأنَّ هذا الفهم يتجاوز ما يقوله بولس فِعلِيًّا، وسَأُعطِي في هذا المقال المُوجَز فكرة عامَّة عن الاعتبارات الحاسمة. سوف أبدأ باعتبارات أوسع نطاقًا ثُمَّ أُضَيِّق نطاق تركيزنا في رومية 8: 29 نفسها.

التوصيف الكتابي للاختيار

على النطاق الأوسع، وفقط في ظاهر الأمر، تأكيد أنَّ الله “اختارنا” يبدو يقينًا أنَّه يُفيد مبادرة إلهيَّة لا استجابة، وهذا يعني أنَّ تفسير “مختارون بسبب الإيمان المَرئِيّ سَابِقًا” سيجعل “فِعْل اختيار” الله غير ذي صِلَة أو على الأقل لا لزوم له، لكنَّ العهد الجديد يتحدَّث في كل مكان عن الاختيار بصفته قادمًا من جانب الله بالكامل، مُؤَسَّسًا على مبادرته ونعمته، فالاختيار هو حَسَبَ النعمة (رومية 11: 5) ولِمَدْحِ نِعْمَتِهِ (أفسس 1: 3-6)، ونحن نَخلُص تتميمًا لِقَصْدِہِ (أعمال الرسل 13: 48؛ رومية 8: 28؛ أفسس 1: 4-5، 11؛ 1تسالونيكي 1: 4-5؛ 2تسالونيكي 2: 13-14؛ 2تيموثاوس 1: 9؛ إلخ). لقد “أعطانا” الله الآب لابنه، وهذا ما يُفَسِّر استجابتنا لدعوته بالإيمان.

لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي، كَمَا قُلْتُ لَكُمْ. خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً (يوحنَّا 10: 26-28).

يَتَّضِح هذا المبدأ في (يوحنَّا 15: 16) حيث يُؤَكِّد يسوع لتلاميذه: “لَيْسَ أَنْتُمُ ٱخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا ٱخْتَرْتُكُمْ”. بالطبع، على مستوى من المستويات، استجاب تلاميذ يسوع في الواقع لدعوته؛ وبهذا المعنى “اختاروه”، لكن ما يُشير إليه يسوع بوضوح هو أنَّه لم يَكُنْ في الواقع اختيارهم له هو الذي حَدَّد اختياره لهم، بل كان اختياره لهم هو الذي حَدَّد اختيارهم له. يأتي الاختيار السيادي أوَّلًا.

أساس معرفة الله

تَتَضَمَّن وجهة نظر “الإيمان المَرئِيّ سَابِقًا” أيضًا مشكلة لاهوتيَّة خطيرة جِدًّا: إنَّها تجعل معرفة الله مُتَوَقِّفَة على اعتبارات خارج نفسه، فهي تُصَوِّر الله يَتَعَلَّم مِنَّا ما سنفعله، لكنَّنا نتعلَّم في كل مكان في الكتاب المقدَّس أنَّ معرفة الله لا يَتِمُّ تَعَلُّمها من الخارج.

مَنِ ٱسْتَشَارَهُ فَأَفْهَمَهُ وَعَلَّمَهُ فِي طَرِيقِ ٱلْحَقِّ، وَعَلَّمَهُ مَعْرِفَةً وَعَرَّفَهُ سَبِيلَ ٱلْفَهْمِ؟ (إِشَعْيَاء 40: 14).

وهذا يعني أنَّ معرفة الله مُتَأَصِّلَة في ذاته وفي قراراته الخاصَّة؛ ومن ثَمَّ فهو كُلِّيّ المعرفة أَزَلِيًّا، فَلَمْ يَكُنْ هناك أبدًا وقت تَطَلَّع فيه الله إلى المستقبل كي يتعلَّم أو يكتشف ما سيفعله أي شخص (مزمور 139: 16).

معنى “سَبْق معرفة” الله في الكتاب المقدَّس

علاوةً على ذلك، يجب علينا أن نُحَدِّد معنى كلمة “سَبْق المعرفة” كما يستخدمها كَتَبَة الأسفار المقدَّسة. مع أنَّ “سَبْق المعرفة” من جانب البشر تحمل المغزى البسيط المُتَمَثِّل في “الإدراك مُقَدَّمًا” (أعمال الرسل 26: 5؛ 2بطرس 3: 17)، فإنَّ استخدام الكتاب المقدَّس لهذه الكلمة بالإشارة إلى الله يتضمَّن فارِقًا لاهوتيًّا مُحَدَّدًا. يُؤَكِّد الكتاب المقدَّس بالطبع أنَّ الله يعرف كل شيء مُقَدَّمًا (إِشَعْيَاء 46: 9-10؛ أعمال الرسل 15: 18)، لكنَّ استخدام الكتاب لهذا المُصطَلَح (“سَبْق المعرفة”) يَتَضَمَّن مفاهيم سَبْق التعيين أيضًا (أعمال الرسل 2: 23؛ رومية 8: 29؛ 11: 2؛ 1بطرس 1: 20؛ 1بطرس 1: 2). بالمثل، في الاستخدام الكتابي، يمكن للفعل يعرف، عند استخدامه عن الله، أن يعني “يختار” أو “يَتَفَضَّل على” (تكوين 18: 19؛ تثنية 9: 24؛ إرميا 1: 5) أو “يَنْظُر بِعَيْنِ الاسْتِحْسَانِ وَالرِّضَا إلى” (مزمور 1: 6؛ مَتَّى 7: 23؛ 1كورنثوس 8: 3؛ غلاطيَّة 4: 9؛ 2تيموثاوس 2: 19)، والمعاني الضِّمْنِيَّة لـسَبْق معرفة الله تتبع ذلك بالمثل، فقط بإضافة فكرة القَصْد قبل الزَّمَنِيّ (أي قضاء الله).

دعونا نستعرض المقاطع الكتابيَّة ذات الصِّلَة. في (رومية 11: 2) يُؤَكِّد بولس أنَّه “لَمْ يَرْفُضِ ٱللهُ شَعْبَهُ ٱلَّذِي سَبَقَ فَعَرَفَهُ”، وهو صدى واضح لـ (عاموس 3: 2): “إِيَّاكُمْ فَقَطْ عَرَفْتُ مِنْ جَمِيعِ قَبَائِلِ ٱلْأَرْضِ”. سيكون من سوء الفَهْم أن نستنتج من هذا (“إِيَّاكُمْ فَقَطْ عَرَفْتُ”) أنَّ الله لم يَكُنْ على عِلْم بالأمم الأخرى، لكن المعنى الواضح هو أنَّ الله “عَرَفَ” إسرائيل بطريقة خاصَّة، وتَبرُز هنا إيحاءات العلاقة والفَضْل. هكذا أيضًا فإنَّ الله “عَرَفَ مُقَدَّمًا” مصائر جميع الأمم، لكن تُؤَكِّد (رومية 11: 2/عاموس 3: 2) أنَّ الله “سَبَقَ فَعَرَفَ” إسرائيل بمعنًى أكثر خصوصيَّة: لقد عَرَفَهم بِفَضْلٍ انتخابيّ [يختار] (قارِنْ الصِّلَة بـ “الاختيار” في رومية 11: 5، 7، 16، 28). إنَّ حَمْل “سَبْق المعرفة” لهذا المعنى يبدو واضِحًا في رومية 8: 29 أيضًا، والذي تُستَخدَم فيه “سَبْق المعرفة” بالارتباط بمفهوم سَبْق التعيين. يَتِمُّ التمييز بين المفهومَيْن (“ٱلَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ”)، والمعنى هو أنَّ كلمة “سَبْق فَعَرَفَ” تَتَضَمَّن معنى النَّظَر قبل الزَّمَنِيّ بِعَيْنِ الاسْتِحْسَانِ وَالرِّضَا الإلهيَّيْن، بينما تُشير كلمة “سَبَقَ فَعَيَّنَ” إلى القضاء [المرسوم] الإلهي نفسه.

تُؤَثِّر هذه الإيحاءات السَّبْق تَعْيِينِيَّة على معنى سَبْق المعرفة في كل أماكن وُرُودِها في العهد الجديد. في (أعمال الرسل 2: 23) سَبْقُ معرفة الله مُسَبِّبِيَّةٌ بشكل صريح: سُلِّمَ يسوع إلى الموت بِقَصْد الله المُعَيِّن سابِقًا ومعرفته السَّابِقَة. كذلك أيضًا في (1بطرس 1: 19-20) نقرأ أنَّ يسوع الحَمَل كان “مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ”، والمعنى الضِّمْنِيُّ ذو الطبيعة المُسَبِّبِيَّة في “مَعْرُوفًا سَابِقًا” هنا شديد الوضوح لدرجة أنَّه في ترجمات إنجليزيَّة مختلفة تُتَرجَم كلمة “مَعْرُوفًا سَابِقًا” في بعض النُّسَخ إلى “مُعَيَّنًا سَابِقًا” (نُسخَة المَلِك چِيمْسْ KJV) أو “مُخْتَارًا” (نُسخَة الكتاب المقدَّس المسيحي القياسي CSB، النُّسخَة الدوليَّة الجديدة NIV). وفي (1بطرس 1: 2) ترتبط سَبْق المعرفة مَرَّةً أخرى بالاختيار (مثلما في رومية 8: 29). يظهر هذا المعنى السَّبْق تَعْيِينِيّ لسَبْق المعرفة في الترجمة السبعينيَّة أيضًا في سفر يهوديت الأبوكريفيّ (يهوديت 9: 6).

كل هذا يعني أنَّ تفسير “مختارون بسبب الإيمان المَرئِيّ سَابِقًا” لرومية 8: 29 لا يتماشى مع معنى كلمة “سَبْق المعرفة” في أماكن أخرى في العهد الجديد. إنَّ سَبْق المعرفة، بالإشارة إلى الله، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بِمُصطَلَحَات التعيين السَّابِق والاختيار.

رومية 8: 29 ورومية 9

ينبغي أيضًا أن نلاحظ أنَّ السِّيَاق الذي يلي تصريح بولس يُشير صراحةً إلى فَهْمٍ سَبْق تَعْيِينِيّ لرومية 8: 29. في رومية 9: 6-24 يُجادِل بولس مُطَوَّلًا بأنَّ نجاح برنامج الله الخلاصي يرجع إلى اختياره السيادي. إنَّ اختصاص وعد الله بإِسْحَاقَ لا بإِسْمَاعِيلَ كان السبب الوحيد فيه هو اختيار الله الخاصّ (الآيات 6-9)، وبالمثل، فإنَّ اختيار الله ليَعْقُوبَ مُفَضِّلًا إيَّاه على عِيسُوَ لم يَكُنْ له أي علاقة على الإطلاق بسلوك أيٍّ منهما (الآيات 10-13)؛ في الواقع، تُرفَض على وجه الخصوص أي فكرة عن نشاط مَرئِيّ سَابِقًا كأساس لاختيار الله. لقد اتَّخَذَ الله قراره “وَهُمَا لَمْ يُولَدَا بَعْدُ، وَلَا فَعَلَا خَيْرًا أَوْ شَرًّا”، وكان هذا “لِكَيْ يَثْبُتَ قَصْدُ ٱللهِ حَسَبَ ٱلِٱخْتِيَارِ، لَيْسَ مِنَ ٱلْأَعْمَالِ بَلْ مِنَ ٱلَّذِي يَدْعُو” (آية 11)، ومن هذا يستخلص بولس التطبيق الأوسع: “فَإِذًا لَيْسَ لِمَنْ يَشَاءُ وَلَا لِمَنْ يَسْعَى، بَلْ لِلهِ ٱلَّذِي يَرْحَمُ” (آية 16). في السِّيَاق، تستبعد نظرةُ بولس للاختيار أيَّ شيء من الجانب البشري.

رومية 8: 29 في السِّيَاق (القرينة) المباشر

وبالاقتراب أكثر، يَتَّضِح أنَّ السِّيَاق (القرينة) المباشر لرومية 8: 29 نفسها يَتَطَلَّب فَهْمًا سَبْقَ تَعْيِينِيّ.

وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ ٱللهَ، ٱلَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ. لِأَنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ٱبْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ. وَٱلَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ، فَهَؤُلَاءِ دَعَاهُمْ أَيْضًا. وَٱلَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهَؤُلَاءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضًا. وَٱلَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهَؤُلَاءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا (رومية 8: 28-30).

من الجَلِيّ أنَّ قَصْد بولس هنا هو تشجيع المؤمنين في ضوء ضَعَفَاتِنَا والمتاعب التي تُحيط بنا في عالمٍ ساقط ملعون كثيرًا ما يُقاوِم. إنَّ ثقتنا بأنَّ الله سوف “يَعْمَلُ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ مَعًا لِلْخَيْرِ” مُؤَسَّسَةٌ على حقيقة أنَّه دعانا “حَسَبَ قَصْدِهِ [لا قَصْدِنَا]” (آية 28)، ويَمتَدُّ هذا القَصْد من الأَزَل إلى الأَبَد، ضامِنًا شعب الله في النعمة إلى الأبد (الآيتان 29، 30). إنَّ اليقين الذي يُقَدِّمه بولس لا يَنبُع من أيِّ شيء يتعلَّق بنا، بل من جانب الله بالكامل، أي اختياره وقَصْده الخاصَّيْن، فمنذ الأَزَل بدأ الله عملًا خلاصيًّا لنا سَيُتَمِّمه على نحوٍ معصوم حتَّى تمجيدنا النهائي. يقول بولس إنَّ ها هو أساس متين لليقين، ليس أنَّ الله رأى شيئًا فينا واستجاب وَفقًا لذلك، بل أنَّه في النعمة التصق بنا بالمحبَّة وعَزَمَ على أن يجعلنا خَاصَّتَهُ إلى الأبد.

“ٱلَّذِينَ [مَنْ] سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ”

أخيرًا، ينبغي أيضًا أن نلاحظ أنَّ موضوع (المفعول به) سَبْق معرفة الله هنا هو شعبه أنفسهم، وليس سلوكهم أو أفعالهم، إذ يقول الكتاب: “ٱلَّذِينَ [مَنْ، وليس ما] سَبَقَ فَعَرَفَـهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ”. يَظَلُّ مفهوما الفَضْل والمبادرة الإلهيَّيْن، المَحَبَّة الانتخابيَّة (التي تختار)، واضِحَيْن.

تَأَمُّلات مُوجَزَة

الاختيار هو اختيار الله السيادي للذين سَيُخَلِّصهم، وهو اختيارٌ مَبنِيٌّ عليه هو وحده بعيدًا عن اعتبارات أي شيء فينا. سَبْق معرفة الله هي مفهوم ذو طبيعة مُسَبِّبِيَّةٌ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعقيدة سَبْق التعيين، ففي المقاطع الكتابيَّة التي تتحدَّث عن سَبْق معرفة الله بمختاريه (رومية 8: 29؛ 11: 2؛ 1بطرس 1: 2)، تَتَضَمَّن سَبْقُ معرفة الله أيضًا معنى الفَضْل الإلهي، أي مَحَبَّة الله الانتخابيَّة (التي تختار) وقَصْده الخلاصي؛ لذلك فإنَّ رومية 8: 29، “ٱلَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ”، هي تَذكيرٌ مُؤَمِّنٌ يُذَكِّرنا، نحن المؤمنين، بأنَّ خلاصنا هو عملٌ إلهيٌّ من البداية إلى النهاية.

سُولِي دِيُو جْلُورْيَا! (لمجد الله وحده!)

شارك مع أصدقائك

فرِد زاسبيل

حاصل على درجة الدكتوراه (Ph.D.) من جامعة أمستردام، وهو راعي الكنيسة المعمداينة المُصلحة في فرانكونيا، بنسلفانيا ، وأستاذ مساعد في علم اللاهوت النظامي في كلية ساذرن بابتست أو المعمدانية الجنوبية للاهوت.