رومية ٣: ٢۷-٣١
٢٧فَأَيْنَ الافْتِخَارُ؟ قَدِ انْتَفَى. بِأَيِّ نَامُوسٍ؟ أَبِنَامُوسِ الأَعْمَالِ؟ كَّلاَّ. بَلْ بِنَامُوسِ الإِيمَانِ. ٢٨إِذًا نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ. ٢٩أَمِ اللهُ لِلْيَهُودِ فَقَطْ؟ أَلَيْسَ لِلأُمَمِ أَيْضًا؟ بَلَى، لِلأُمَمِ أَيْضًا ٣٠لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ، هُوَ الَّذِي سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ بِالإِيمَانِ. ٣١أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإِيمَانِ؟ حَاشَا! بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ.
الأسس الكتابيّة للإعلان جهاراً عن المسيح
سوف أظل في رسالة رومية ٣: ٢۷- ٣١ ليوم أحد اخر لأنّ ما نحن بصدده في خدمة اليوم والتي تقام خارج مبنى الكنيسة في الهواء الطلق، ومسيرة الحمد والتسبيح، مُعبّر عنه بشكلٍ قوي في هذا النص كما سنرى. وهدفنا اليوم هو إعلان الحق الإلهي بطريقة عامّة أكثر مما نفعله عادة داخل جدران الكنيسة في أيام الآحاد. هدفنا هو تمجيد قيمة المسيح أمام الجيران والشعوب الموجودين حول مبنى الكنيسة.
والأن يوجد أسس عظيمة في رومية ٣:٢٧-٣١ لهذ الإعلان العام. ولذا، ما أريد فعله في هذه الدقائق المعدودة هذا الصباح، هو وضع صخرة كتابيّة تحت أقدامكم لكي تعلموا لماذا تقومون بهذا، ولكي تشاركوا بوعي واضحٍ وعميق للهدف الكتابي لهذا الإعلان.
إله واحد، وطريق واحد للخلاص لكل الشعوب
لنقرأ الأيات ٢۷- .٣. يقول الرسول بولس هنا أننا قد تبرّرنا بالإيمان بدون أعمال الناموس. ويتسائل: “أَمِ اللهُ لِلْيَهُودِ فَقَطْ؟ أَلَيْسَ لِلأُمَمِ أَيْضًا؟ بَلَى، لِلأُمَمِ أَيْضًا؟ لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ، هُوَ الَّذِي سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ بِالإِيمَانِ.”
يوجد هنا ترتيب في الأفكار، وسأذكرها لكم ولكن بالترتيب المعاكس ومن ثم سأخذ هذه الخطوات الثلاثة كل واحدة على حدة وأُريكم ما علاقتها بما نحن بصدده اليوم. أولاً، هناك تأكيد شديد وواضح في آية .٣ أن “الله واحد”. ثانياً، يوجد إستنتاج أنه بما أن الله واحد فهو إذاً يبرر اليهود والأمم بنفس الطريقة وليس بطريقتين مُختلفتين. هو “سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ بِالإِيمَانِ.” ثالثاً، بما أن الله واحد ويبرر الكل على حد سواء، وليس بطرق مختلفة، فهو إذا ليس إله اليهود فقط بل إله كلّ الأُمم أيضاً.
هذا هو جوهر هذا النص. وبإمكانكم أن تروا على الفور علاقته المباشرة بما نفعله اليوم. ولكن دعُونا نتّخذ هذا خطوة بخطوة.
الله واحد
أولاً، انطلاقاً من الأية .٣ دعُونا نُركّز على وحدانيَّة الله: “لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ، هُوَ الَّذِي سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ بِالإِيمَانِ.” الله واحد. ماذا يعني هذا؟
١- هناك إله واحد حقيقي
عبارة بولس الرسول بأن “الله واحد” تتضمن استنتاجات مُختلفة. إنها تعني أولاً إنه يوجد فقط إله واحد حقيقي، وليس عدة آلهة. لذا تأتي ترجمة NIV لهذه الأية “هناك فقط إله واحد.” والإيمان بهذا هو ضرورة أساسيّة نظرا لما يعنى أن يكون إله. يقول بولس في رومية ١١: ٣٦ “لأَنَّ مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ الأَشْيَاءِ. لَهُ الْمَجْدُ إلى الأَبَدِ.” فإذا كان هذا هو المقصود بأن يكون إله، فلا يمكن إذا أن يكون هناك إثنين منهم. وإذا كان كونه إله فعلاً يعنى أنه المصدر المطلق لكل الأشياء، فلا بدّ أن يكون هناك إلها واحداً فقط. لا يمكن لكائنين أن يكونا المصدر المطلق لكل الأشياء. فإما أن واحد منهم يكون المصدر المطلق النهائيّ للأخر، وبالتالي، واحد فقط يكون إله أو إما أن الأثنين هم المصدر المطلق بالتساوي وليس لأحد منهما أن يكون المصدر لكل الاشياء، وبالتالي، ليس لأحد منهما أن يكون إله بحسب مفهوم بولس الرسول. هناك إله واحد فقط، الخالق السّند لكل ما هو دون الله.
وهذا له صلة وثيقة بوضعنا أكثر مما يبدو لنا. يوم الإثنين أمضيت ثلاثين دقيقة في سيارة إجرة مع احد اتباع “السيخ” من شمال الهند. و”السيخ” هم من الموحدين الموجدين بأغلبيتهم في بانجاب Punjab في شمال الهند. وعندما حاولت مشاركت إيماني معه، أتضح لي أنه كان سعيداً لأن لي إلهي وهو له إلهه. ولم يكن مهتما بمعرفة ما اذا كان هناك فرق أساسيّ وشاسع بين هاذين الإلهين. فبالنسبة له، إنّ أكثر ما اهتمّ به هو أن أكون رجلا لطيفاً أهتم بالأخرين. يمكن أن يكون الله واحد أو أكثر.
بعد قليل ستمر مسيرتنا من أمام مجموعة مسلمين وهندوسين ويهود ومُلحدين وأرواحيين ومسيحسين. بعض من هؤلاء سيؤمنون، بطريقة غامضة، بوجود عدة ألهة وأنه باستطاعتك إختيار أي واحد منهم طالما أنت مخلص وجيد. وبعضهم الأخر سيؤمن بأن فكرة الله الواحد غير محددة بحيث يمكن أن يُعرف من خلال أي فكرة عنه.
٢- وحدة الله وتماسكه الذاتي
هذا يقودنا إلى الإستنتاج الثاني لعبارة الرسول بولس في رومية ٣: .٣ أن “الله واحد.” بالنسبة لولس، فإن وحدانيّة الله ليست ببساطة عبارة تقول بأنه لا يوجد إلا إله واحد حقيقي، بل هي أيضا عبارة توضح أن لهذا الإله وحدة وتماسكاً مع هويّته. بمعنى آخر، هو ما هو عليه وليس ما نجعل منه أو ما نريده أن يكون. هو ما هو عليه ولا شيء آخر. هويّته في ذاته. ولديه صفات مميّزة ثابتة. هو لا يتغيّر أبداً. هو غير متناقض مع نفسه، وليس فصاميّاً. ليست لديه شخصيات مُتضاربة. كل صفاته متماسكة في شخصٍ واحدٍ مُتكاملٍ. يجعل نفسه معروفاً بما هو عليه وكما هو. هو إله واحد.
إن لهذا الإستنتاج نتائج عظيمة بالنسبة إلى التعدّديّة الدينيَّة في مينيابولس وشيكاغو ونيويورك ولندن وأورشليم وسان باولو ودلهي وطوكيو وسيدني وجاكارتا والقاهرة وبريتوريا (Minneapolis and Chicago and New York and London and Jerusalem and Sao Paulo and Delhi and Tokyo and Sydney and Jakarta and Cairo and Pretoria). يدل هذا الاستنتاج، مثلاً، على أنّه ليست جميع الديانات حقيقيّة وتقود إلى السماء. ويدل أيضا على أن هؤلاء الذين عرفوا الإله الحقيقي بسبب إعلانه العظيم عن نفسه يجب أن يسعوا إلى اقناع الأخرين أن يعرفوا هذا الإله الحقيقي الوحيد وأن يثقوا فيه . وهذا يدل أيضا على أن الله الحقيقي المعلن عنه في الكتاب المقدس هو الإله الذي يمكن معرفته فقط بواسطة الإيمان وليس بالإكراه، فلا العنف أو القوة يمكن أن تستخدما للدعوة إلى المعتقد الديني أو لتقييده والتضييق عليه.
والشيء المثير للإهتمام هو أنّ ما ورد عن تميّز إله الكتاب المقدس الحقّ ووحدانيّته يُشكّل تهديداً وحماية على حدٍ سواء للتعدّديّة الدينيّة. نحن بحاجة ملحّة لتوضيح هذا اذ أننا نعيش في مجتمع كثُرت فيه الأديان وتعدّدت. فالدعوة المطلقة لإله الكتاب المقدس لكلّ الأشخاص والديانات، تُشكّل تهديداً روحياً للتعدّديّة الدينيّة، اذ أنها تدعوا الجميع إلى التوبة والرجوع عن الديانات الزائفة، والإيمان بإله واحد حقيقي في شخص إبنه الوحيد يسوع المسيح. ولكن إله الكتاب المقدس الحقيقي الأوحد هذا، يحمي التعدّديّة الدينيّة في ذات الوقت لأنّه حرّم اللجوء إلى السيف والإكراه لنشر قضيّته. قال يسوع لبلاطُس: “مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إلى الْيَهُودِ. وَلكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا.” (يوحنا ١٨: ٣٦). فالمسيحيّون مدعوّون إلى محبّة أعدائهم والمعاناة من الظلم بدلاً من مبادَلة الشر بالشر.
لذلك، فالمسيحيّة الحقيقيّة تهدّد التعدّديّة الدينيّة وتدعمها في آن واحد. فهي تهديد روحيّ ودعم سياسيّ. فالمسيحيّة الحقيقيّة لا تؤيّد التطهير العرقيّ ضدّ الإسلام، أو المذابح المنظَّمة ضدّ اليهود أو تُجيز قانونيّاً الأعمال العدائية ضدّ الهندوس. المسيحيّة الحقيقيّة لا تتقدّم أو تنتشر بالسيف أو السلاح. بل تنتشر بالإعلان والإقناع والصلاة والمحبة؛ إنها تُضطهَد ولا تَضطهِد.
وبالتالي، يجب علينا توضيح ما ورد.
١. إن إيماننا بالإله الواحد الحقّ الذي أعلن عن نفسه في التاريخ بشخص يسوع المسيح، يعني أننا لا نعتبر كلّ الأديان متعادِلة بصحّتها وبقوّة خلاصها. المسيحيّة هي إيمان تبشيري وإلا أصبحت إيمانا خاطئا من أساسه. وهذا أحد الأشياء الذي يجب توضيحه. وهو مُكلِف جدّاً حيث أن الناس يعتبرونه تكبُّراً أو عجرفة ووقاحة أو عملاً عدوانيّاً.
٢- وهكذا، فإنّ الشيء الآخر الذي يجب علينا توضيحه، هو أنّه لمن المحبة أن نناشد الناس لكي يعرفوا ويثقوا في الله الواحد الحي، عبر يسوع المسيح. وإن انتشار إيماننا لا يكون بالعنف ولا بالإكراه. إذ أن هذا يكون هزيمة ذاتيّة. لا أحد يخلص بواسطة عمل قهريّ. فنحن ننشر إيماننا بواسطة الإعلان وبالإقناع والصلاة والمحبة.
٣- ليس هناك ثلاث آلهة، بل إله واحد
هناك دلالة ثالثة لكلمات بولس الرسول بأنّ “الله واحد”، تحديداً، أن الإيمان المسيحيّ بألوهيّة المسيح والروح القدس لا يعني بأنّ المسيحيين يؤمنون بعدّة آلهة؛ ولكنّنا سنتطرّق إلى هذ بالتفصيل في عظة ثانية في أثناء درستنا لرسالة رومية. نحن لا نعبد ثلاثة آلهة، بل إلهاً واحداً. ولغز الثالوث لطالما كان وسيظلّ حجر عثرة للمسلمين والهندوس واليهود والعلمانيّين. ولكنه ليس من الغريب أن يكون وُجُود هذا الإله الواحد الحق منذ الأزل حقيقة من الصعب أن يستوعبها عقل الإنسان المحدود. ونكتفي الأن بالقول بأنّ إعلان الله من خلال يسوع المسيح يعني أنّ يسوع هو الله والروح القدس هو الله، والآب هو الله، ولا وُجُود إلاَّ لإله واحد أحد.
هذه هي الخطوة الأولى في الأية .٣: الله واحد.
الله لديه طريق واحد لخلاص البشر
والآن، الخطوة الثانية هي أنّ هذا الإله الواحد له طريق واحد لخلاص البشر، ألا وهي التبرير بالإيمان بيسوع المسيح. أية .٣: “لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ، هُوَ الَّذِي سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ بِالإِيمَانِ.” إنّ وحدانيّة الله مرتبطة بأحديّة الطريق التي يتبرّر بها الناس أمامه.
أحد الطرق للتعبير عن ذلك هو القول أنّ الله يُهدِّد التعدّديّة الدينيّة بمجد تحرر النعمة. هو يأتي إلى كل ديانة عالميّة وإلى كلّ متديّن وملحد ويقول، إنّني اُبشِّرك أنّه بإمكانك الحصول على مغفرة خطاياك وأن تتصالح مع خالقك، وأن تحصل على الحياة الأبديّة بالنعمة وحدها، ومن خلال الإيمان وحده بإبني يسوع المسيح. وقد عملتُ عبر التاريخ على إبعاد غضبي وإزالة خطيئة البشر. فإذا اخترت الحصول على هذه الحياة وأخذها كنزاً ثميناً تحبّه وتقدّره، فهي لك.
والأن، يُمكِنك أن تُسمي ذلك تعجرفاً وواقحة؛ ولكن التسمية الأفضل هي “المحبّة”. نعم، فهذه المحبّة تُقوِّض وتُضعف من التعدّديّة الدينيّة كما تُضعِف المضادّات الحيويّة من تعدّديّة الأمراض البكتيريّة، وكما يضعف فيتامين “س” من تعدّديّة عوارض الحُفر.
المسيحيّة لا تأتي إلى الأنظمة الدينيّة الأخرى وتُحاول أستبدال إحدى الطرق بطريق ثانية، للعمل من أجل الله ، بل تاتي مُعلِنة العفو. فالإله الواحد الحقيقيّ أبرم هدنة على حساب حياة ابنه الوحيد. وهو يُقدِّم العفو مجّاناً، كما الفرح الأبديّ، إلى الذين يثقون بابنه.
وحدانيّة الله تعني أنّه يوجد طريق واحد للخلاص؛ إنه طريق الإيمان وليس طريق الأعمال. وبما أنه طريق الإيمان، فإنه يخترق كلّ الحواجز العرقيّة والدينيّة والسياسيّة واللغويّة والحضاريّة. آية .٣: “اللهَ سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ بِالإِيمَانِ.” “الختان” يرمز إلى أيّ ميزة أو سمة دينيّة أو عرقيّة قد تظُنّ أنّها من الممكن أن تقودك نحو الله. و “الغرلة” ترمز إلى أي ميزة أو سمة، أو فقدانها، تظنّ أنّها ربّما تُبعدك عن الله.
وأتى إنجيل يسوع المسيح ليقول: “التبرير (المصالحة مع الله) هو بالإيمان وحده وليس بالأعمال.” لذلك فأي مُميّزات دينيّة أو عُرقيّة لدينا والتي نعتبرها فوائد، هي ليست كذلك. وأنّ عدم تمتُعنا بهذِه المُميّزات ليس بلا فائدة. والسبب هو أنّ الإيمان بيسوع المسيح، بحكم طبيعته، لا يأخذ بعين الإعتبار هذه المميّزات، الإيجابيّة منها أو السلبيّة، التي تمتلكها في ذاتك، بل ينظر إلى نعمة الله المجانيّة للحصول على التبرير ونوال الحياة الأبديّة.
وحدانيّة الله تعني أنه يوجد طريق واحد للخلاص لجميع البشر. ولأنّ هذا الإله الواحد هو الملك الأعظم، الإله المُكتفي بذاته والذي لا يمكن الوصول إليّه بالأعمال، ذلك لأنّه يفيض بالنعمة، فأنّ الطريق الوحيد للخلاص يكون بالنعمة من خلال الإيمان؛ وذلك ليس من ذواتنا بل هو عطيّة الله، وليس من الأعمال كي لا يفتخر أحد أو أي حضارة أو سلالة أو عِرق. “لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ.” (أفسس ٢: ٨-٩).
هذه هي الخطوة الثانية: بما أنّ الله واحد، فهو يُبرّر اليهود والأمم بنفس الطريقة وليس بطريقتين مُختلفتين. هو يبرر الْخِتَانَ (أي اليهود) بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ (أي الأمم) بِالإِيمَانِ.
هو إله كل الشُعوب
وأخيراً، الخطوة الثالثة: بما أنّ الله واحد ويُبرّر الجميع على حدٍّ سواء بنفس الطريقة — بالإيمان وحده وبالمسيح وحده — وليس بطرق مختلفة، اذاً، فهو ليس إله اليهود فقط، بل إله كلِّ الشعُوب أيضاً. أية ٢٩: “أَمِ اللهُ لِلْيَهُودِ فَقَطْ؟ أَلَيْسَ لِلأُمَمِ أَيْضًا؟ بَلَى، لِلأُمَمِ أَيْضًا.” وكلمة “الأمم” تشير كلّ أشكال وأنواع الجمعات العرقيّة.
لذا، ماذا يعني لنا اليوم القول: إن الله هو إله كلّ الشعوب، إله كلّ جماعة عرقيّة يُمكن أن ترها من حولك وفي الجوار. إنّ ذلك يعني أربعة أشياء على الأقل:
١- الله الذي هو إله الشعوب، يعني ذلك أنّه خالق كلّ الأمم. أعمال الرسل ١۷: ٢٦ “وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ …” الفروقات العرقيّة هي من صنع الله، فحذاري من التحامل أو التحيّز، اذهب إلى الله وانهل من عمق محبته التي هي لكلّ الأمم.
٢- الله هو إله الشعوب، يعني ذلك أنه سيُخلّص شعباً خاصاً به، يختاره من كلّ أمة. رؤيا ٥: ٩ “وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ: «مُسْتَحِقٌّ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا لِلَّهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ.” هذا يعني أنّ الله أراد أن يكون له شعب مُخَلص مُختار من كلّ جماعة عرقيّة. لذلك، لا احدَ سيُحتقر، بل محبوب ومطارد بالنعمة.
٣- الله هو إله الشعوب، يعني ذلك أنّه مُستعدٌّ ليُبرّر أيّ شخص في أيّ مكان كان، ومن أيّ أمة، وذلك من خلال الإيمان بيسوع المسيح وحده. هناك طريق واحد للخلاص لكلّ الأمم. الله هو إله كلّ الأمم لأنّه أعدّ طريقاً واحداً للجميع _ ألا وهو نفسه طريق النعمة.
٤- الله هو إله الشعوب، يعني ذلك أنّه يهدف بأن تعرِفه كلّ الأمم. مزمور ٩٦: ١- ٤ “رَنِّمُوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً. رَنِّمِي لِلرَّبِّ يَا كُلَّ الأَرْضِ. رَنِّمُوا لِلرَّبِّ، بَارِكُوا اسْمَهُ، بَشِّرُوا مِنْ يَوْمٍ إلى يَوْمٍ بِخَلاَصِهِ. حَدِّثُوا بَيْنَ الأُمَمِ بِمَجْدِهِ، بَيْنَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ بِعَجَائِبِهِ. لأَنَّ الرَّبَّ عَظِيمٌ وَحَمِيدٌ جِدًّا، مَهُوبٌ هُوَ عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ.”
هذه هي الرسالة التي يهدُف اليها النصّ المُختار لهذا اليوم. “حَدِّثُوا بَيْنَ الأُمَمِ بِمَجْدِهِ” وفي الجوار. ومن أجل هذا السبب رُفِعت اليافطات وطُبِعت المطبوعات، وتُلِيَت الترانيم والصلوات وكان حُضوركم هذا. ابقوا معنا، ولتكن مسيرتكم هذه جزء من تحقيق ما يدعو إليه هذا النصّ.