“من المفيد أن نفهم كيف يعمل العقل البشري، نظرًا لكونه المرتكز البيولوچي لخبرتنا النفسيّة.” هذا ما قاله ويليام ستروثرز William Struthers، أستاذ علم النفس المساعد في كلية ويتون Wheaton College. والذي يستكمل حديثه قائلًا: “إن معرفة الكيفية التي يتعامل بها عقلنا البشري مع خبرتنا النفسية وارتباطهما معًا، يمكنها أن تساعدنا في فهم لماذا تؤثر الأفلام الإباحيّة (pornography) على الأشخاص بهذه السطوة.
هناك 8 أشياء عليك أن تعرفها عن تأثير المواد الإباحيّة على العقل البشري.
- المواد الجنسيّة تُحفّز ما يطلق عليه الخلايا العصبيّة المرآتية (mirror neurons) في عقل الذكر. تلك الخلايا العصبيّة المتخصصة في عمليّة محاكاة السلوك، تحتوي على نظام حركي مرتبط بالاستعداد للتعبير عنه في صورة سلوك. في حالة المواد الإباحيّة، يحفز نظام الخلايا العصبيّة المرآتية عنصر الإثارة، مما يؤدي إلى الإثارة الجنسيّة والحاجة إلى وجود منفذ. ويقول ستروثرز:
إن الحقيقة المؤسفة هي أنه عندما يُنفّس عن نفسه (غالبًا عبر العادة السريّة)، تكون النتيجة الهرمونيّة والعصبيّة مُصمَمة لربط الشخص بذلك الشيء الذي يركّز عليه. والذي بحسب قصد الله، كان ينبغي أن يكون الزوجة، ولكن بالنسبة للعديد من الرجال، فإنها صورة لإمرأة أخرى على الشاشة. وبالتالي فإن المواد الإباحيّة تستعبد المُشاهد لصورة، وتختطف استجابة الرجل البيولوچيّة، والتي كان ينبغي أن تُهدَف إلى توثيق الرُبُط بينه وبين زوجته، وبالتالي فإنها تُضعف من قوة هذا الرابط إذ يرتبط الآن بامرأة أخرى.
- هناك خمس مواد كيميائيّة رئيسيًة في الرجل تلعب دورًا في الإثارة والاستجابة الجنسيّة. ولكن يلعب الدوبامين دور هام في إدمان المواد الإباحيّة. إذ يلعب الدور الرئيسي في كيفيّة تعلُم العقل بنظام المكافأة. فيرتفع الدوبامين عندما يتعرّض الشخص لمحفزات جديدة، خاصة إذا كانت جنسيّة، أو عندما يكون الباعث أكثر إثارة مما كان متوقعًا. ولأن الصور والخيالات الجنسيّة تُزيد من الدوبامين أكثر من ممارسة الجنس مع شريك معروف، فإن التعرّض لمشاهدة المواد الجنسيّة يؤدي إلى “إدمان الهياج الجنسي” ويُدرب المُخ على تفضيل الصورة على حساب الواقع، ويُصبح الجنس مع الطرف الآخر أقل إرضاءً واشباعًا له.
- لماذا يبحث الرجال في كل مرة عن مشاهد جنسيّة صريحة جديدة بدلًا من الاكتفاء بمشاهدة نفس المشاهد السابقة؟ يرجع السبب في ذلك إلى ظاهرة بيولوچيّة تُعرف باسم تأثير كووليدچ (Coolidge effect)، وهي ظاهرة معروفة لدى أنواع من الثدييات، حيث يُظهر الذكور (وبدرجة أقل الإناث) اهتمامًا جنسيًا متجددًا، إذا ما تم تقديم شركاء جنسيين جدد، بعد رفض ممارسة الجنس مع شركاء جنسيين سابقين لا يزالوا متاحين لهم. هذه الآليّة العصبيّة هي أحد الأسباب الرئيسيّة لضخامة المواد الإباحيّة على الإنترنت وإدمانها.
- إن التحفيز المفرط لدائرة المكافأة الناتج عن طفرات الدوبامين المتكررة المتعلقة بمشاهدة المواد الإباحيّة، يؤدي لإضعاف الإحساس الجنسي. يشرح جاري ولسون ذلك قائلا: “عندما تنخفض مستقبلات الدوبامين بعد تحفيز كثير، فإن الدماغ البشري لا يتفاعل بنفس القدر مع الشعور بمكافأة أقل من المتعة. يدفعنا هذا إلى البحث بجديّة أكبر عن المزيد من مشاعر الإشباع الجنسي، مثل البحث عن محفزات جنسيّة أكثر تطرفًا، أو أفلامًا جنسيًة أطول؛ وبالتالي زيادة تخدير الدماغ.”
- ستتحدد العادات النفسيّة والسلوكيّة والعاطفيّة التي تُشكّل شخصيتنا الجنسيّة بناءً على ما نتخذه من قرارات. عندما يتم تفعيل متعاقبة الاستثارة والاستجابة، فإن ذلك يُشكّل ذاكرة عصبيّة تؤثر على العمليّة الجنسيّة والاستجابة للإشارات الجنسيّة في المستقبل. عندما يتم تنشيط هذا المسار والتنزه فيه، فإنه يُصبح طريقًا مُفضّلًا-رحلة ذهنيّة- ومسلكًا يتم اللجوء إليه باستمرار. وعواقب هذا الأمر بعيدة المدى.
- ما الذي يجعل الإباحيّة على الإنترنت فريدة من نوعها؟ يُقدم ويلسون عددًا من الأسباب، من ضمنها: (1) يُقدّم عالم البورنو على الإنترنت تجديد وتنوعًا واسع المدى؛ (2) بعكس الطعام والمخدرات، لا توجد قيود ماديّة تقريبًا على استهلاك المواد الإباحيّة على الإنترنت؛ (3) العُمر الذي يبدأ فيه الشخص تعاطي هذه المواد. فيبلغ إنتاج الدوبامين لدى المراهق ذروته في هذه المرحلة، مما يجعله عُرضة للإدمان.
- إن العديد من المشاكل التي يعاني منها الرجال مرتبطة باستهلاك المواد الجنسيّة، مثل القلق والمشاكل الاجتماعيّة، الاكتئاب وغياب الدافع، ضعف الانتصاب ومشاكل التركيز، التصورات السلبيّة عن الذات من جهة المظهر الجسدي والأداء الجنسي.
- لقد ناقشنا في هذا المقال الأعراض المزعجة التي تظهر على بعض مستخدمي المواد الإباحيّة على الإنترنت، والانعكاسات المفاجئة لتلك الأعراض، والتفسيرات العلميّة التي تقف وراء ذلك. وعلى الرغم من أن هذا المقال لم يناقش الأمر من منظور مسيحي بحت، إلا أن مناقشة الأمر من جهات مختلفة يعد أمر هام وضروري من أجل فهم أفضل للآثار الضارة والواسعة للمواد الإباحيّة.