لماذا قام يسوع من بين الأموات؟

تُحرز لنا قيامة المسيح بحسب رسالة (بطرس الأولى ١: ٣) على الأقل، فائدتين حقيقيتين مغيّرتين للحياة هما: أمل حي، وحياة جديدة. دعونا ننظر إلى توأم وعدي الله هاذين – بنظرة أوسع وذلك من خلال شهادة كلمة الله في العهد الجديد.

  قيامة المسيح تعطينا وتوّفر لنا أملاً حيا مؤكداً

ان الموت شيء فظيع، ومعظم الناس يواجهون موتهم بذعر وهلع. واذا كانت الحياة البشرية هي عبارة عن علاقات، فإن موت الأحباء يسلب مِنّا تلك العلاقات التي تعني لنا كثيرا ونُقدّرها. إن قيامة المسيح من الموت تعني أن أتباع المسيح لا يواجهون الموت مثل أولئك الذين يفتقرون إلى الرجاء (١ تسالونيكي ٤: ١٣). تصل عظمة تفسير بولس الرسول لمعنى قيامة يسوع ذروتها في معرض كلماته في رسالته الى كنيسة كورنثوس-(١كورنثوس ١٥)، حيث يقول:

ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ.

أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟

أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَة؟ (١كونثوس ١٥: ٥٤-٥٥)

لقد سحق المسيح الموت بقيامته وأهلكهُ، ففقد شوكته. وهكذا أحضرَ بقيامته رجاء الحياة والخلود الى النور (٢ تيموثاوس ١: ١٠).

ولكن ما هي طبيعة هذا الرجاء وكيف يعمل في حياتنا؟

كان الكثير من اليهود، في أيام يسوع، يترّجون ويؤمنون بالقيامة العامة لجميع الناس في نهاية الازمنة-(اليوم الأخير) مسبشرين بعصر جديد، مستندين الى كلمة الله في (دانيال ١٢: ١-٢). نرى هذا الرجاء العظيم في استجابة مرثا ليسوع عندما أخبرها يسوع أن شقيقها الميت، لعازر، سيعيش مرة أخرى: أجابت مرثا “أعلم أنه سيقوم مرة أخرى في القيامة في اليوم الأخير” ( يوحنا ١١: ٢٤). ولكن حتماً لم يكن هذا ما توقعته مرثا عندما امر يسوع لعازر أن يخرج من القبر.

 ومهماكانت قيامة لعازر رائعة، فهي لا تقارن مع قيامة يسوع. فلعازر احتاج إلى شخص ليخلع كفنه عنه. فقام عائداً للحياة كما كانت قبل وفاته. ولكنه كان يتوقع أن يموت مرة أخرى. وذاك كان ظاهراً من خلال تهديدات لعازار بالموت من قبل اليهود، انظر (يوحنا ١٢: ١٠)

لقد كانت قيامة يسوع مختلفة تمامًا. إذ ترك وراءه لفافات كفنه الثقيل، وارتقى إلى حياة جديدة بعد الموت – فقيامته كانت بُعداً جديداً للحياة، فهو لن يموت مرة أخرى. وبذلك كانت قيامته بداية .لعصر جديد

لم يكن اليهود مخطئين بشأن القيامة العظيمة في اليوم الأخير. ولكن ما فاجأ الجميع هو أن الله اقام يسوع بعد ثلاثة .ايام، بخلاف ما اعتقد معظم اليهود بأن الله سيفعل ذلك في نهاية الازمنة

 .لقد صارت قيامة يسوع باكورة لذلك اليوم العظيم الذي مازلنا ننتظره برجاء يقين وحتمي

فلو سبق لك وكنت في احد معارض السيارات (العربيات) الحديثة، فستعلم أن لديهم ثلاثة أنواع من المركبات المعروضة: (١) نماذج سيارات او مركبات مصممة – لن يتم إنتاجها أبدًا، (٢) سيارات جاهزة للبيع. (٣) نماذج مركبات او سيارات أولية جديدة، ليست جاهزة للبيع بعد، ولكن سيتم إنتاجها بأعداد كبيرة قريبًا.

تشبه قيامة يسوع – (إذا ما جاز لنا التشبيه)، النموذج الأولي للبشرية الجديدة، أول سيارة من نوعها تخرج من خط التجميع. فقيامة يسوع الجسدية التي حدثت، هي المرحلة الأولى من قيامتنا، التي تتم على مرحلتين. اما قيامتنا الاخيرة والمؤكدة فستتم في مجيئه الثاني، اذ سيغير الرب يسوع المسيح “أجسادنا المتواضعة حتى تكون مثل جسده المجيد” (فيلبي ٣: ٢٠- ٢١)، ولهذا فأن قيامته هي رجاء حي حقيقي لنا.

قام المسيح لنسير في حياة جديدة

إن قيامة المسيح مهمة للغاية في فهم كيفية إتّباعِهِ الآن وأيضاً فهم معنى كوننا جزءًا من شعب الله، فليس علينا الانتظار حتى نموت أو يعود يسوع لنختبر حياة القيامة. فنحن منذ الآن نعيش الآن كمن ينتمون إلى العصر الجديد – عصر ما بعد القيامة. فلقد قام المسيح “حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ” (رومية ٦: ٤).

ولكن ماذا يعني العيش الآن كمن الذين قاموا مع المسيح؟ يجيب بولس الرسول في رسالته الى كنيسة كولوسي-الآصحاح ٣ بشيئ من التفاصيل، فيوصي بأنه يجب علينا أن نضع قلوبنا وعقولنا ونهتم بالأشياء التي هي فوق، وليس الأشياء الأرضية. يجب أن نقاوم إغراءات العالم الذي نعيش فيه، كالشهوات الجنسية، والجشع، وعبادة الأصنام، والغضب، والكلام الفاسد. وعلينا أن نلبس الرحمة والعطف والتواضع والوداعة والمحبة..

تقودنا قيامة المسيح إلى العبادة أيضاً. فعندما رأت المريمات يسوع القائم من الموت، كانت ردة فعلهما الوقوع على قدميه وعبادته (متى ٢٨: ٩ ).

سوف نتألم معه

وبما اننا نعلم ان قوة قيامة يسوع هي الآن وهنا، فينبغي علينا أن نتوقع المشاركة في آلامه ( فيليبي ٣: ١٠). ان حياة القيامة ليست نزهة في منتزه. فقيامتنا مع المسيح تعني أننا يجب أن نموت عن محبة الذات والأنا. إن المحبة مكلفة، والنصر النهائي على الخطيئة والموت والشيطان لن يأتي إلا في اليوم الذي تخرج فيه أجساد القيامة من مرحلة الخط الإنتاجي النهائي. 

يعلمنا كتاب الصلاة المشتركة أن نصلي هذه الكلمات :

،ياالله ملكنا، بقيامة ابنك يسوع المسيح في اليوم الأول من الأسبوع ، يا من تغلبت على الخطيئة  وفككت الموت، وأعطيتنا أمل الحياة الأبدية – إفتدِ كل أيامنا بهذا النصر. إغفر ذنوبنا، وأبعد مخاوفنا، واجعلنا نطيع إرادتك ونُجلّك ونحمدك بعزم وثناء، واجعلنا ننتظر تحقيق وإتمام مملكتك في اليوم الأخير العظيم – وذلك من خلال وبإسم ربنا يسوع المسيح. امين .

بريان روزنر (دكتوراه – جامعة كامبريدج) هو مدير كلية ريدلي في ملبورن بأستراليا. وهو مؤلف أو محرر لأكثر من اثني عشر كتابًا، أحدثها معروف بالله: لاهوت كتابي للهوية الشخصية ( ٢٠١٨ Zondervan). برايان متزوج من ناتالي وله أربعة أطفال.

 

شارك مع أصدقائك