هل سبق أن اختلط عليك الأمر وظننت أن أحَدَهم شخصًا آخر تعرفُه؟ أذكر مرَّة كنتُ فيها في حفل مع صديقي أيَّام المدرسة الثانويَّة. كنَّا قد صلنا للتوِّ حينما رأينا صديقتنا نيكول واقفةً في زاوية الغرفة تُمض وقتًا طيِّبًا. وحيثُ إنَّنا كنَّا قد أمضَينا وقتًا مع نيكول وصديقتها الحُبلى في اليوم السابق للحفل، قرَّرنا الذهاب إليهما وإلقاء التحيَّة. هكذا، ألقى صديقي التحيَّة على نيكول، ومن ثمَّ أشار إلى بطن صديقتها بتبسُّمٍ وسأل بلطفٍ: “كيف حال الطفل؟” كانت المشكلة الوحيدة في ذلك أن تلك كانت صديقةً أُخرى لنيكول، ولم تكن حُبلى. كم كنتُ شاكرًا أن لم أكُن البادئ في الحديث!
قد يكون الأمر مُحرجًا وظريفًا حينما يختلط عليك الأمر بشأن هُوِيَّة أحَدِهم. لكنَّك تعرِّض نفسك للظهور بصورة غبيَّة وإمكانيَّة إهانة الآخر، لذا من الأفضل لك التحقُّق قبل أن تبدأ الحديث.
هناك كتاب لغريغ غيلبرت (Greg Gilbert) متاح على موقعنا، يدور حول تمييز هُوِيَّة شخص آخر، لكن المخاطر هنا أكبر بكثير؛ حينما نكون في صَدَدِ الكلام عن يسوع المسيح، فنحن نضع أنفسنا في خانةٍ أُخرى تختلف عن تمييز صديق أو رفيق قديم. والحال هنا ليست مجرَّد إحراج حينما نسيء الظن بهويَّة يسوع المسيح، الأمر كارثي أيضًا.
لذا يرينا غريغ غيلبرت منذ البداية أن عنوان الكتاب “مَن هو يسوع المسيح؟” هو أهم الأسئلة التي يمكنُنا طرحُها. قد يبدو هذا سخيفًا للباحثين عن الحق والمتشكِّكين، وقد يكون كذلك لبعض المؤمنين بالمسيح. لكنَّك إن تابعْت َ القراءة ستجد ما يجعلُ السؤالَ جوهريًّا. أجل، لن نُصادفَ المسيح رئيس السلام في الشارع أو في حفلٍ ما؛ فالأمر لا يتعلَّق برَبْط اسم بوَجْهٍ، لكنَّه يتعلَّق بالتجاوب معه بالإكرام والثقة التي يستحقُّها.
مثلًا يكتب غريغ: “في اللحظة التي تبدأ فيها إدراك أنَّ يسوع المسيح هو بالحقيقة الله؛ وأنَّه على صلة فريدة واستثنائيَّة بالله الآب، ستُدرك أيضًا أنَّك إن أردتَ معرفةَ الإله الذي خلقَك، فأنت تحتاجُ لأن تعرف يسوع المسيح. ليس هناك طريقٌ آخر بتاتًا.”
إن كان يسوع مجرَّد رجل آخر، لن تُحدِث معرفته أي فرقٍ في حياتك. لكن إن كان ابن الله والمخلِّص الوحيد للعالم، فستُحدِثُ معرفته كل الفرق تمامًا.
غالبًا ما نخلط الظن بين يسوع المسيح ورجل عادي آخر، أو معلِّم صالح آخر، أو مجرَّد نبي آخر. لكن ليس أي من هذا الأوصاف كافيًا. لذا يساعدنا غريغ في هذا الكتاب، على التفكير جيِّدًا في مَن يكون يسوع المسيح حقيقةً.
أحببت هذا الكتاب لأنَّه ممتعٌ، وقد أمضيت وقتًا طيِّبًا في قراءته. إنَّه كتاب بسيط كفايةً ليقرأه أي كان، كما أنَّه كتابٌ يعالج أسئلة واقعيَّة. وأحببت هذا الكتاب أيضًا لأنَّه حافل بنصوص الكتاب المقدَّس. ما لا يحاول كريغ فعله هو استحضار أساليب جديدة للنَّظر إلى يسوع المسيح، فاهتمامه الوحيد هو في الحقيقة التاريخيَّة الفعليَّة. مَن يسوع المسيح هذا؟ ولماذا يهمُّنا؟ وبدل أن يركِّزَ كريغ على مؤرِّخين لم يروا المسيح قَطّ، فهو يركِّز على شهادة مَن قابَلوا المسيح من شهود عِيان مَوثوقين، وينصبُّ اهتمامُه على كلمة الله، لذا فهذا الكتاب جدير ٌ بالقُبول، ويمكن القول إن له قدرة على تغيير الحياة.
أدلى يسوع بتصريحات مفصليَّة عن نفسه، وهو أكثر شخصيَّة دارَت حولها الأحاديث على مدى التاريخ. فما الذي ادَّعى أنَّه هو؟ وهل هو كذلك فعلًا؟ لا يمكنني التفكير في كتابٍ أفضل من هذا للإجابة عن تلك التساؤلات. أظن ُّ أنَّكم ستَتباركون به مثلما تباركت أنا.