ماذا يحدث في الميلاد الجديد؟ الجزء ٢

يوحنا ٣: ١-١٠

١كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ، رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. ٢هذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ:«يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّمًا، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ». ٣أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ». ٤قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ:«كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟» ٥أَجَابَ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. ٦اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ. ٧لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ. ٨اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ». ٩أَجَابَ نِيقُودِيمُوسُ وَقَالَ لَهُ:«كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هذَا؟» ١٠أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«أَنْتَ مُعَلِّمُ إِسْرَائِيلَ وَلَسْتَ تَعْلَمُ هذَا!

اليوم نكمل الجزئ الثاني عما يحدث في الولادة الجديدة. قال الرب يسوع لنيقوديموس في يوحنا ٣: ٧ “لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ.” وفي الآية ٣، قال لنيقوديموس (ولنا) أن حياتنا الأبدية تعتمد على أن الولادة من جديد: “الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ.” لذلك نحن لا نتعامل مع شيء هامشي أو اختياري أو تجميلي في الحياة المسيحية. الولادة الجديدة ليست مثل ماكياج يستخدمه الحانوتي في محاولة لجعل الجثث تبدو أكثر كأنها على قيد الحياة. بل الولادة الجديدة هي خلق الحياة الروحية، وليس تقليدا للحياة.

بدأنا المرة الماضية في الإجابة على سؤال ماذا يحدث في الولادة الجديدة؟ : اوضحنا امرين:

١) ما يحدث في الولادة الجديدة ليس هو الحصول على دين جديد، ولكن الحصول على حياة جديدة

٢) ما يحدث في الولادة الجديدة ليس هو مجرد التأكيد على ما هو فوق طبيعي في المسيح ولكن اختبار ما هو فوق طبيعي في نفسك.

حياة جديدة من خلال الروح القدس:

كان نيقوديموس فريسيا، وكان له الكثير من التدين. لكن لم يكن لديه حياة روحية. وقد رأى عمل الله الفوق طبيعي في المسيح، لكنه لم يختبر عمل الله الفوق طبيعي في نفسه. لذلك نضع النقطتين معا من المرة الماضية، ما يحتاجه نيقوديموس، قال المسيح، هو حياة روحية جديدة تُمنح بشكل فوق طبيعي من خلال الروح القدس. ما يجعل الحياة الجديدة روحية وما يجعلها فوق طبيعية هو أنها من عمل الله الروح القدس. إنها شيء فوق الحياة الطبيعية لقلوبنا وعقولنا المادية.

في الآية ٦، يقول المسيح: “اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.” الجسد لديه نوع من الحياة. ولكن كل إنسان هو جسد حي. لكن ليس كل إنسان روح حية. لتكون روحا حية، أو ليكون لك حياة روحية، يقول المسيح، يجب أن نكون “المولود من الروح”. الجسد يثير نوع واحد من الحياة. الروح يعطي نوع آخر من الحياة. إن لم يكن لدينا هذا النوع الثاني، لن نرى ملكوت الله.

بالروح، في المسيح:

ثم عندما ختمنا المرة الماضية، لاحظنا شيئين مهمين جدا: العلاقة بين الولادة الجديدة والمسيح والعلاقة بين الولادة الجديدة والإيمان. قال المسيح: “أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ” (يوحنا ١٤: ٦). وقال يوحنا الرسول: “اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَن لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ.” (١ يوحنا ٥: ١١-١٢). لذلك من جهة، الحياة الجديدة التي نحتاج إليه هي “في الابن”، المسيح هو تلك الحياة. إذا كان هو لك، فأنت لديك حياة جديدة روحية وأبدية. وعلى الجانب الآخر، في يوحنا ٦: ٦٣، يقول المسيح: “اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي.” إِنْ لم تُولَدُ مِنَ الرُّوحِ لاَ تقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. (يوحنا ٣: ٥).

لذلك لدينا حياة من خلال علاقتنا بابن الله الذي هو حياتنا، ولدينا هذه الحياة بعمل الروح. لذلك نخلص بأن عمل الروح في التجديد هو منح حياة جديدة لنا من خلال اتحادنا بالمسيح. الطريقة التي يضعها فيها جون كالفن هي: ” الروح القدس هو الرابطة التي من خلالها يوحدنا المسيح بشكل فعال بنفسه” (مبادئ ، الجزء الثالث، ١، ١).

متحد بالمسيح من خلال الإيمان:

ثم قمنا بعد ذلك بربط  تلك العلاقة بالإيمان. يقول يوحنا ٢٠: ٣١ “وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ.” وتقول ١ يوحنا ٥: ٤ “لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.” الولادة من الله هي مفتاح الغلبة. الإيمان هو مفتاح الغلبة. لأن الإيمان هو طريق اختبارنا الولادة من الله. لذك لخصنا رسالة الأسبوع الماضي بالكامل هكذا: في الولادة الجديدة، يعطينا الروح القدس، بشكل فوق طبيعي، حياة روحية جديدة بربطنا بيسوع المسيح من خلال الإيمان.

الميلاد الجديد: خليقة جديدة، وليس تحسين العتيق:

وهو ما يقودنا الآن إلى الطريقة الثالثة لوصف ما يحدث في الولادة الجديدة. ما يحدث في الولادة الجديدة ليس هو تحسين طبيعتك البشرية القديمة ولكن خلق طبيعة بشرية جديدة، طبيعة هي حقا أنت، مغفور لك ومطهر، وطبيعة حقا جديدة، يتم تشكيلها فيك من خلال سكنى روح الله.

سآخذك معي في إصدار قصير من الرحلة التي قمت بها للوصول إلى هذه الملاحظة. في يوحنا ٣: ٥، يقول المسيح لنيقوديموس “الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ.” ماذا يقصد المسيح بالمصطلحين “مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ”؟ بعض الطوائف تؤمن أن هذه إشارة إلى معمودية الماء باعتبارها الوسيلة التي من خلالها يوّحدنا الروح بالمسيح. على سبيل المثال، أحد المواقع يشرح الأمر على هذا النحو:

إن المعمودية المقدسة هي أساس الحياة المسيحية كلها، وبوابة الحياة في الروح، والباب الذي يعطي وصولا إلى الأسرار الأخرى. من خلال المعمودية نتحرر من الخطية ونولد من جديد كأبناء الله، ونصبح أعضاء في المسيح، ونُدمج في الكنيسة ونُجعل مشتركين في رسالتها: “فالمعمودية هي سر التجدد من خلال الماء في الكلمة.”

الملايين من الناس تعلموا أن معموديتهم تسببت لهم أن يكونوا مولودين من جديد. إن لم يكن هذا صحيحا، فذلك مأساة عظيمة وعالمية. وأنا لا أعتقد أنه صحيح. فماذا يقصد المسيح إذن؟

لماذا “الماء” لا يشير إلى المعمودية في يوحنا ٣:

هنا العديد من الأسباب لماذا أعتقد أن الإشارة إلى الماء هنا ليست إشارة إلى المعمودية المسيحية. ثم سنرى إلى أين يقود السياق.

١) لا توجد أي إشارة للمعمودية في بقية الإصحاح:

أولا، لو كان هذا إشارة إلى المعمودية المسيحية وكانت ضرورية للولادة الجديدة كما يقول البعض أنها كذلك، فيبدو من الغريب أنها سقطت مما قاله المسيح في هذا الإصحاح حين اخبرنا كيف تكون لنا الحياة الأبدية. الآية ١٥: “لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” الآية ١٦: “لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” الآية ١٨: “اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ.”  إن كانت المعمودية أساسية بهذا الشكل، فمن الغريب ألا يتم ذكرها جنبا إلى جنب مع الإيمان.

٢) المعمودية لا تتناسب مع استعارة الريح:

ثانيا، إن القياس التشبيهي مع الريح في الآية ٨ يبدو غريبا إن كانت الولادة من جديد مرتبطة بقوة بمعمودية الماء. قال المسيح: “اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ.” يبدو من هذا القول أن الله حر مثل الرياح في تسبب التجديد. ولكن إن حدث ذلك في كل مرة يتم فيها عماد طفل بماء المعمودية، فإن ذلك لا يبدو أن يكون صحيحا. في هذه الحالة الرياح سوف تكون محصورة جدا بالسر.

٣) المعمودية لا تتناسب مع توبيخ المسيح لنيقوديموس:

ثالثا، إذا كان المسيح يشير إلى المعمودية المسيحية، سيبدو من الغريب أن يقول لنيقوديموس، الفريسي في الآية ١٠ “أَنْتَ مُعَلِّمُ إِسْرَائِيلَ وَلَسْتَ تَعْلَمُ هذَا!” يكون هذا أمر منطقي إن كان المسيح يشير إلى شيء يعلمه العهد القديم. لكن إن كان يشير إلى المعمودية التي ستأتي في وقت لاحق والتي تحصل على معناها من حياة وموت المسيح، فإنه لا يبدو وكأنه كان قد وبخ نيقوديموس أن معلما في إسرائيل لا يفهم ما يقوله.

 

٤) الماء والروح مرتبطين بوعود العهد الجديد:

أخيرا، هذه العبارة نفسها في الآية ١٠ تحيلنا إلى العهد القديم لمعرفة الخلفية، وما نجده هو أن الماء والروح مرتبطين ارتباطا وثيقا في وعود العهد الجديد، وخاصة في حزقيال ٣٦. لذلك دعونا نذهب إلى حزقيال معا. هذا النص هو الأساس لبقية هذه الرسالة.

الماء والروح في حزقيال ٣٦:

يتنبأ حزقيال بما سيفعله الله لشعبه عندما يرجعهم من السبي في بابل. والآثار أكبر بكثير من مجرد لشعب إسرائيل، وذلك لأن المسيح يدعي تأمين العهد الجديد بدمه لجميع الذين سيثقون فيه (لوقا ٢٢: ٢٠). وهذا سرد واحد عن وعود العهد الجديد مثل الذي في إرميا ٣١: ٣١ وما يليه. لنقرأ معا. حزقيال ٣٦: ٢٤-٢٨

وَآخُذُكُمْ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ وَأَجْمَعُكُمْ مِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِكُمْ. وَأَرُشُّ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِرًا فَتُطَهَّرُونَ. مِنْ كُلِّ نَجَاسَتِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَصْنَامِكُمْ أُطَهِّرُكُمْ. وَأُعْطِيكُمْ قَلْبًا جَدِيدًا، وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ. وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي، وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَ بِهَا. وَتَسْكُنُونَ الأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتُ آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا، وَتَكُونُونَ لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَكُمْ إِلهًا.

أعتقد أن هذا هو النص الذي يقود إلى كلمات المسيح مع نيقوديموس: “إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ.” لمن يقول “وَتَكُونُونَ لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَكُمْ إِلهًا” (الآية ٢٨)؟ الآية ٢٥: إلى أولئك الذين يقول لهم: “وَأَرُشُّ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِرًا فَتُطَهَّرُونَ.” والآية ٢٦: إلى أولئك الذين يقول لهم: “وَأُعْطِيكُمْ قَلْبًا جَدِيدًا، وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ.” وبعبارة أخرى، أولئك الذين سوف يدخلون الملكوت هم أولئك الذين لهم الجديد الذي ينطوي على التطهير من القديم وخلق الجديد.

لذلك استنتج أن “الماء والروح” يشيران إلى جانبين من جوانب الجديد الذي لدينا عندما نولد ثانية. والسبب أن كلاهما مهم هو: عندما نقول أن روحا جديدة، أو قلبا جديدا، قد أُعطي لنا، نحن لا نقصد أننا نتوقف عن كوننا بشرا، أي الكيان المسؤول دائما من الناحية الأخلاقية، كما كنا دائما. فأنا كنت الإنسان الفردي جون بايبر قبل أن أُولد من جديد، وأنا الإنسان الفردي جون بايبر بعد أن وُلدت من جديد. هناك استمرارية. لهذا السبب يجب أن يكون هناك تطهيرا. إن تم طمس الكائن البشري القديم، يوحنا بايبر، تماما فإن المفهوم الكامل للمغفرة والتطهير يكون في غير محله. لن يكون هناك شيء من بقايا الماضي لكي يُغفر أو يُطهر.

نحن نعلم أن الكتاب المقدس يخبرنا بأن إنساننا العتيق قد صُلب (رومية ٦: ٦)، وأننا قد متنا مع المسيح (كولوسي ٣: ٣)، ونحن “احْسِبُوا أَنْفُسَكُمْ اموَاتًا” (رومية ٦: ١١)، و”تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ” (أفسس ٤: ٢٢). ولكن لا شيء من هذا يعني أن نفس الإنسان البشرية ليس في المشهد في جميع مراحل الحياة. بل ما يقصده هو أن هناك طبيعة قديمة، ذات الطابع القديم، أو مبدأ، أو نزعة، لا بد من التخلص منها.

وبالتالي فإن طريقة التفكير في قلبك الجديد، وروحك الجديدة، وطبيعتك الجديدة هو أنها مازالت أنت وبالتالي تحتاج إلى أن يُغفر لها وتُطهر، هذه هي الفكرة من الإشارة إلى الماء. يجب غسل ذنبي. التطهير بالماء هو صورة لذلك. إرميا ٣٣: ٨ يقولها هكذا: “وَأُطَهِّرُهُمْ مِنْ كُلِّ إِثْمِهِمِ الَّذِي أَخْطَأُوا بِهِ إِلَيَّ، وَأَغْفِرُ كُلَّ ذُنُوبِهِمِ الَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا إِلَيَّ، وَالَّتِي عَصَوْا بِهَا عَلَيَّ.” ولذا فإن شخصنا، لا يزال موجود، ويجب أن يُغفر له، ويُنزع الشعور بالذنب.

الاحتياج أن تكون جديد:

لكن الغفران والتطهير ليس كافيا. أنا بحاجة إلى أن أكون جديدا. بحاجة إلى أن أتغير. أحتاج إلى حياة. أنا بحاجة إلى طريقة جديدة للرؤية والتفكير والتقييم. لهذا السبب يتحدث حزقيال عن قلب جديد وروح جديدة في الآية ٢٦ و٢٧: “وَأُعْطِيكُمْ قَلْبًا جَدِيدًا، وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ. وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي، وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَ بِهَا.”

هكذا أفهم تلك الآيات: مما لا شك فيه، قلب الحجر يعني قلب ميت عديم الشعور ولا يستجيب للواقع الروحي، القلب الذي كنت تمتلكه قبل أن تشعر الولادة الجديدة. يمكن له أن يستجيب بعاطفة ورغبة إلى الكثير من الأشياء. إلا أنه كان حجرا نحو الحق الروحي وجمال يسوع المسيح ومجد الله وطريق القداسة. هذا ما يجب أن يتغير إن أردنا أن نرى ملكوت الله. لذلك في الولادة الجديدة، يأخد الله قلب الحجر ذاك، ويضع قلب لحم. كلمة لحم لا تعني “مجرد إنسان” كما هو الحال في يوحنا ٣: ٦. بل تعني ليونة وحياة واستجابة وشعور، وبدلا من أن تكون حجر ميت. في الولادة الجديدة، يتم استبدال موتنا، ومللنا الحجري مع المسيح، بقلب يشعر (حواس روحية) بقيمة المسيح.

لذا عندما قال حزقيال في الآيات ٢٦ و٢٧ “وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ… وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي،” اعتقد أنه يعني أن في الولادة الجديدة، يضع الله حياة فوق طبيعية وروحية وحيّة في قلوبنا، وهذه الحياة الجديدة، هذه الروح جديدة هي عمل الروح القدس نفسه معطيا شكلا وطابعا لقلوبنا الجديدة.

الصورة التي لدي في ذهني هي أن هذا القلب الجديد، الدافئ، الملموس، المستجيب، والحي هو مثل كتلة لينة من الطين، والروح القدس يطبع نفسه فيها، ويعطيها شكلا روحيا ومعنويا وفقا لشكله الخاص. بكون نفسه في داخلنا، يتخذ قلبنا وعقلنا شخصيته، روحه (راجع أفسس ٤: ٢٣).

اقبله ككنزك:

دعونا نلّخص جزئي الولادة الجديدة. ماذا يحدث في الولادة الجديدة؟ في الولادة الجديدة، يعطينا الروح القدس حياة روحية جديدة، بشكل فوق الطبيعي وذلك من خلال ربطنا بيسوع المسيح من خلال الإيمان. أو يمكن قول ذلك بطريقة أخرى، الروح يوحدنا بالمسيح حيث هناك تطهيرا من خطايانا، وهو يبدل قلبنا الصلب، والغير مستجيب بقلب لين يعتز بالمسيح فوق كل شيء ويتغير بحضور الروح في هذا النوع من القلب الذي يحب أن يعمل مشيئة الله (حزقيال ٣٦: ٢٧).

بما أن الطريقة التي تختبر بها كل هذا هو من خلال الإيمان، فأنا أدعوكم الآن، في اسم يسوع وقوة روحه، أن تقبله كغافر لخطاياك، كمغيّر، وكأهم وأكبر كنز في حياتك.

ماذا يحدث في الميلاد الجديد؟ الجزء 1

شارك مع أصدقائك

جون بايبر

جون بايبر (دكتوراه في اللاهوت DTheol، جامعة ميونيخ) هو مؤسس ومعلم في هيئة desiringGod.org وعميد جامعة وكلية لاهوت بيت لحم. وقد خدم لمدة ٣٣ عامًا كالراعي الرئيسي لكنيسة بيت لحم المعمدانية في مدينة مينيابوليس، بولاية مينيسوتا، وهو مؤلف لأكثر من ٥٠ كتابًا، بما في ذلك "الاشتياق إلى الله"، "لا تضيع حياتك"، "هذا الزواج السريع"، و"هل يرغب الله أن يخلص الجميع؟"