محبة الله غير المشروطة

لا أحد يقدر أن يكرهك بقدر ما كرهوا المسيح.

ولن يُساء معاملتك بشكل ظالم مثلما حدث مع ربنا يسوع.

لقد جُرح، وضرب، وتألّم… مُحتَقَرٌ ومَخذولٌ مِنَ النّاسِ [الذين خلقهم]. رَجُلُ أوجاعٍ ومُختَبِرُ الحَزَنِ، وكمُسَتَّرٍ عنهُ وُجوهنا، مُحتَقَرٌ فلَمْ نَعتَدَّ بهِ.[1] الّذي إذ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشتِمُ عِوَضًا.[2] مَجروحٌ لأجلِ مَعاصينا، مَسحوقٌ لأجلِ آثامِنا. لقد كان يعلم وهو يركب على الحمار يوم أحد الشعانين أنه سيتحمّل العقوبة ليمنحنا السلام، وأنه بجروحه يكون لنا الشفاء.

بكلمات أخرى، لقد بَيَّن مَحَبَّتَهُ لنا، لأنَّهُ ونَحنُ بَعدُ خُطاةٌ ماتَ المَسيحُ لأجلِنا.[3]

لذا، فلن نعرف الحُب، إلا إذا عرفنا يسوع.

ولن يعرف العالم الحُب حتى يراه في المسيح.

وأي شيء آخر هو مجرّد تقليد باهت، بل وربما حتى تقليد خادع. فالمسيح هو نائبُنا، وبديلنا، ومثالنا. ونحن مطالبون، مع المسيح مثالنا، أن نضع نفوسنا لأجل الاخوة.[4] هذا هو السبب في أن الحب أصعب بكثير مما تصوره الملصقات على السيارات. إنه يستلزم ما هو أكثر بكثير من مجرد المشاعرـ وما هو أعمق وأعظم بكثير من التأييد غير المشروط.

فأي تضحية يتطلبها منك التأييد المطلق غير المشروط لمن تُحب؟[5] في الواقع، لا شيء! كل ما يتطلبه الأمر هو أن ترفع يدك وتقول لمن تحب: “مهما فعلت وكيفما عشت، فأنا مؤيد له.” تكمن المشكلة في هذا النوع من المحبة ليس أنها محبة سخيّة، بل أنها ليست محبة بالقدر الكافي. حينما يدعونا الله أن نحب إخوتنا، فهو يعني أكثر من مجرّد أن تقول: “أنا موافق. كل ما تفعله هو جيد وأنا لن أحكم عليك أو أدينك.” أن تحب أخيك حقًا يعني أن تضحي بحياتك من أجله. هذا يتطلب منك أن تموت عن نفسك، مما قد يعني أن تضحي بوقتك، بسمعتك، بل وبراحتك. أما التأييد غير المشروط، فيتطلب منك فقط أن تضحي بمبادئك.

إن الحب أصعب مما نعتقد. بالطبع نحن نحب أطفالنا وأولئك الذين يعاملوننا بشكلٍ جيد. نحن نحب الناس الطيبين. لكن يسوع يقول إنه حتى الخطاة يحبون الذين يحبونهم.[6] هذا ليس أمرًا صعبًا، فجميع البشر يحبون من يحبونهم. لكن هل سنظل مُصرين على الحب حين يعني ذلك أن نحمل أثقال نُفضِل ألا نحملها؟ هل سنحب حتى عندما لا يحبنا الأشخاص الذين نحبهم في المقابل؟ هل نحن مستعدون أن نضع أرواحنا لمن هم غير محبوبين، وغير مستحقين، بل وجاحدين؟

أليس هذا هو عين ما فعله المسيح لنا؟ ونحن بعد غير محبوبين، وغير مستحقين، وغير ممتنين، مات المسيح لأجلنا. لقد أحبنا ليس لأننا كنا قديسين، بل لنكون قديسين.[7] كان حبه تضحية، وتكفيرًا عن الخطية، وتغييرًا للحياة.

فهو يحبنا محبة لا يدركها العالم. محبة أفضل بكثير من مجرّد التأييد المطلق غير المشروط.


[1] إشعياء 53: 3.

[2] بطرس الثانية 2: 23.

[3] رومية 5: 8.

[4]  يوحنا الأولى 3: 16.

[5] هناك فرق شاسع بين محبة المسيح غير المشروطة التي تقبلنا كما نحن، لكنها لا تتركنا كما نحن؛ بل تُغيّرنا وتشكل فينا لنكون مشابهين صورته، وبين التأييد المطلق لكل ما نفعله. كثيرًا ما نخلط بين الأمرين، وفي فسادنا نريد من يقبلنا كما نحن بمعنى أن يسمح لخطايانا وفسادنا أن يظل وأن يستمر موجود في حياتنا.

[6]  لوقا 6: 32.

[7]  أفسس 1: 4.


تم نشر هذا المقال بتاريخ 20 أكتوبر 2015 على موقع The Gospel Coalition: U.S. Edition

شارك مع أصدقائك

كيفين ديونج

كيفين ديونج حاصل على درجة الدكتوراة في فلسفة اللاهوت من جامعة ليستر. وهو راعي كنيسة كرايست كوفننت بولاية نورث كارولينا، كما شغل في الماضي منصب رئيس مجلس إدارة ائتلاف الإنجيل، ويعمل كأستاذ اللاهوت النظامي في كليّة اللاهوت المُصلح، بمدينة شارلوت.