الأصل الأثيم لابن داود

. وعنوان هذه الرسالة هو “الأصل الإثيم لابن داود”. الفكرة هي كالأتي: مملكة إسرائيل، أي حقيقة أن إسرائيل صار لديها ملوك، كان بسبب الخطية. إنها خطية مذهلة لشعب الله أن يقول لخالقهم وفاديهم “نريد أن نكون مثل الأمم. لا نريدك أن تكون ملكنا. نريد ملكا بشريّا”. هذه خطية مذهلة. يسميها صموئيل في الآية ١٧ شر عظيم. ومع ذلك، إن لم يكن لإسرائيل ملوكا، فإن يسوع المسيح لم يكن ليأتي كملك لإسرائيل وابن داود وملك الملوك. ولكن ملك المسيح على إسرائيل وعلى العالم ليس فكرة طارئة في ذهن الله. لم تكن استجابة غير مخطط لها لخطية إسرائيل. بل كان ذلك جزءً من خطته.

لماذا تتم بهذه الطريقة؟

لذا سؤالنا هو: إن كان الله رأى هذه الخطية المذهلة قادمة، وعرف أنه سيسمح بذلك، وبالتالي جعل مملكة إسرائيل جزءً من خطته لتمجيد المسيح كملك الملوك، لماذا لم يجعل المملكة جزءً من حكم إسرائيل من البداية؟ لماذا لم يجعل موسى أول ملك؟ ثم يشوع وهكذا؟ لماذا خطط لملك مباشر في البداية ثم الإتيان بملك بشري في تاريخ إسرائيل في وقت لاحق من خلال الخطية المذهلة؟

إبراهيم والملك الآتي:

دعونا نبدأ بالقصة نفسها. لقد اختار الله إبراهيم كأب لشعب إسرائيل في تكوين ١٢ ووعوده أنه من خلال ذريته سيتم مباركة جميع قبائل العالم (تكوين ١٢: ١-٣). المسيا، يسوع المسيح، سيأتي من خلال هذا النسل.
واحدة من أول الأشياء التي حدثت لأبرام هو أنه التقى بشخصية غريبة تُدعى ملكي صادق في تكوين ١٤: ١٨. وهو دُعي “كَاهِنًا ِللهِ الْعَلِيِّ” و “مَلِكُ َشَالِيمَ.” اسمه يعني “مَلِكَ الْبِرِّ.” والكاتب رسالة العبرانيين، في العهد الجديد، يرى ملكي صادق كمثال أو صورة أو ظل للمسيح  لأن مزمور ١١٠: ٤ يقول أن الملك المسياني الآتي هو أيضا “كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ.” لذا تقول العبرانيين: “مَلْكِي صَادَقَ … الْمُتَرْجَمَ أَوَّلاً «مَلِكَ الْبِرِّ» ثُمَّ أَيْضًا «مَلِكَ سَالِيمَ» أَيْ «مَلِكَ السَّلاَمِ» … مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ …” (عبرانيين ٧: ١-٣).

حنة والملك الآتي:

ذلك بالفعل في مقاصد الله، أن المسيا الآتي يكون كاهن وملك. فقرار أن يكون ملكا لم يأتي في وقت لاحق. نرى هذا مرة أخرى في قصة ولادة وتكريس صموئيل. تذكرون أن والدته حنة كانت عاقرا. ثم تنبأ عالي أنها سوف يكون لها طفل. ولد صموئيل وأتت به حنة إلى الهيكل وكرسته للرب. من بين الأشياء المدهشة التي قالتها حنة في ١ صموئيل ٢: ١٠ وتذكر أن هذا قبل عقود من أن يكون هناك أي ملك في إسرائيل (فقط عندما أصبح صموئيل رجلا عجوزا أن الشعب ضغط عليه كي يمنحهم ملكا). قالت: “مُخَاصِمُو الرَّبِّ يَنْكَسِرُونَ. مِنَ السَّمَاءِ يُرْعِدُ عَلَيْهِمْ. الرَّبُّ يَدِينُ أَقَاصِيَ الأَرْضِ، وَيُعْطِي عِزًّا لِمَلِكِهِ، وَيَرْفَعُ قَرْنَ مَسِيحِهِ.”

موسى والملك الآتي:

بالعودة إلى تثنية ١٧: ١٤-٢٠ نجد أن موسى قد أعطى تعليمات بشأن الملك إذا ما مضى الشعب في أي وقت في هذا الاتجاه. وتنبأ تثنية ٢٨: ٣٦ عن سبي الشعب وملكهم إذا ما تمردوا على الرب. لذا نستنتج أن ما حدث في 1 صموئيل 12 لم يكن مفاجأة لله. كان يعرف أن هذه الخطية المذهلة ستحدث، وكان يعرف أنه سيسمح بذلك. وعند يعتزم الله السماح بشيء، يفعل ذلك بحكمة شديدة، وليس بحماقة. لذلك، فإن هذه الخطية المذهلة هي جزء من خطة الله الشاملة لمجد ابنه.

كيف جاء الملك:

دعونا نرى كيف تم تحقيق ذلك قبل أن نفكر لماذا أتمّها بهذه الطريقة. بدأ الطلب على الملك في الإصحاح ٨ من ١ صموئيل، ولكننا سننظر للأمر هنا في الإصحاح ١٢. الآية ٨ب موسى وهارون بالرب “أَخْرَجَا آبَاءَكُمْ مِنْ مِصْرَ وَأَسْكَنَاهُمْ فِي هذَا الْمَكَانِ.” الآية ٩ “فَلَمَّا نَسُوا الرَّبَّ إِلهَهُمْ، بَاعَهُمْ لِيَدِ سِيسَرَا رَئِيسِ جَيْشِ حَاصُورَ، وَلِيَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَلِيَدِ مَلِكِ مُوآبَ فَحَارَبُوهُمْ.” الآية ١٠ “فَصَرَخُوا [شعب إسرائيل] إِلَى الرَّبِّ وَقَالُوا: أَخْطَأْنَا لأَنَّنَا تَرَكْنَا الرَّبَّ وَعَبَدْنَا الْبَعْلِيمَ وَالْعَشْتَارُوثَ. فَالآنَ أَنْقِذْنَا مِنْ يَدِ أَعْدَائِنَا فَنَعْبُدَكَ.” الآية 11 “فَأَرْسَلَ الرَّبُّ يَرُبَّعَلَ وَبَدَانَ وَيَفْتَاحَ وَصَمُوئِيلَ، وَأَنْقَذَكُمْ مِنْ يَدِ أَعْدَائِكُمُ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ فَسَكَنْتُمْ آمِنِينَ.”

رفض الشعب لملك الله:

إن الفكرة في هذه الآيات هو إظهار أن الله كان أمينا كملك إلهي عليهم. أنقذهم عندما صرخوا إليه. أعطاهم الأمان. هذا هو دور الملك أن يوفر السلام للشعب. وماذا كان ردهم؟ الآية 12 “وَلَمَّا رَأَيْتُمْ نَاحَاشَ مَلِكَ بَنِي عَمُّونَ آتِيًا عَلَيْكُمْ، قُلْتُمْ لِي [صموئيل]: لاَ بَلْ يَمْلِكُ عَلَيْنَا مَلِكٌ. وَالرَّبُّ إِلهُكُمْ مَلِكُكُمْ.”

يمكنك سماع عدم الإيمان في صوت صموئيل: أنتم تطلبون ملكا، في حين أن الله كان ملككم! فماذا يفعل صموئيل؟ كان الرب قد قال له من قبل في ١ صموئيل ٨: ٧-٩ “اسْمَعْ لِصَوْتِ الشَّعْبِ فِي كُلِّ مَا يَقُولُونَ لَكَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْفُضُوكَ أَنْتَ بَلْ إِيَّايَ رَفَضُوا حَتَّى لاَ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ… فَالآنَ اسْمَعْ لِصَوْتِهِمْ. وَلكِنْ أَشْهِدَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَخْبِرْهُمْ بِقَضَاءِ الْمَلِكِ الَّذِي يَمْلِكُ عَلَيْهِمْ.”

خطية مذهلة: “عَظِيمٌ شَرُّكُمُ”:

لذا يقول صموئيل في ١ صموئيل ١٢: ١٣ب: “هُوَذَا قَدْ جَعَلَ الرَّبُّ عَلَيْكُمْ مَلِكًا.” ثم دعى الرب أن يمنحهم علامة من الرعد والمطر، ووصف خطيتهم باعتبارها شرا عظيما. الآية ١٧ “أَمَا هُوَ حَصَادُ الْحِنْطَةِ الْيَوْمَ؟ فَإِنِّي أَدْعُو الرَّبَّ فَيُعْطِي رُعُودًا وَمَطَرًا فَتَعْلَمُونَ وَتَرَوْنَ أَنَّهُ عَظِيمٌ شَرُّكُمُ الَّذِي عَمِلْتُمُوهُ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ بِطَلَبِكُمْ لأَنْفُسِكُمْ مَلِكًا.”

ولكي نتأكد من أننا لا نغفل عمل الله المقدس من خلال هذا الشر الغير مقدس، يوضح بولس في أعمال ١٣: ٢٠-٢٢، أنه هو الله الذي أعطى إسرائيل ملكها الأول. “أَعْطَاهُمْ [الله] قُضَاةً حَتَّى صَمُوئِيلَ النَّبِيِّ. وَمِنْ ثَمَّ طَلَبُوا مَلِكًا، فَأَعْطَاهُمُ اللهُ شَاوُلَ بْنَ قَيْسٍ، رَجُلاً مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، أَرْبَعِينَ سَنَةً. ثُمَّ عَزَلَهُ وَأَقَامَ لَهُمْ دَاوُدَ مَلِكًا.” لقد رأينا هذا مرارا في الخطايا المذهلة في التاريخ. الإنسان يقصده للشر، والله يقصده خيرا.

ماذا ينبغي لنا أن نتعلم من هذا؟

وبالتالي فإن السؤال هو: إذا رأى الله هذ الخطية المذهلة قادمة، وعرف أنه سيسمح بذلك، وبالتالي جعل ملك اسرائيل جزءً من خطته لتمجيد المسيح كملك الملوك، لماذا لم يجعل الملك جزءً من حكم إسرائيل من البداية؟ لماذا لم يجعل موسى أول ملك؟ ثم يشوع وهكذا؟ لماذا بدأ الله بنفسه باعتباره ملكا، ثم جلب ملكا بشريّا في تاريخ إسرائيل في وقت لاحق من خلال الخطية المذهلة؟ ماذا ينبغي لنا أن نتعلم من هذا؟

ما لا يقل عن ستة أشياء.

١) نحن قساة الرقاب، متمردون، وناكرون للجميل.

ينبغي لنا أن نتعلم من هذا كم أننا قساة الرقاب ومتمردون وناكرون للجميل. لهذا بدأ 1 صموئيل 12 بتذكرة الشعب كيف أن الله أنقذهم من مصر ومن ثم أعطاهم أرض الموعد ثم أنقذهم من ملوكا اشرار. وفي كل مرة كانوا ينسون الله، ويتحولون إلى أمور أخرى. وهذه ليست فقط قصة إسرائيل. إنها قصة الإنسانية. إنها قصة حياتي وحياتك. حتى كمسيحيين، نحن غير ثابتين في محبتنا لله. في أيام نكون شاركين وأيام أخرى ناكرين للجميل. وحتى الأيام التي فيها نحن شاكرين نكون غير شاكرين كما ينبغي. فكر فقط كيف ستصبح سعيدا وشاكرا لو أن قلبك استجاب لله نفسه ولـمئات الألاف من عطاياه بإعجاب وامتنان يستحقه. هكذا يعطينا الله صورا لأنفسنا في قصص مثل هذه. إنه يسمح لشعبه أن ينجرف في مواسم من نكران الجميل والوثنية لِكَيْ يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ، وَيَصِيرَ كُلُّ الْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ اللهِ (رومية ٣: ١٩). الله أمينا لاسمه. 

.٢) الله أمينا لاسمه

ينبغي لنا أن نتعلم من هذا كيف أن الله أمينا لاسمه. انظر إلى الآية 22 “لأَنَّهُ قَدْ شَاءَ الرَّبُّ أَنْ يَجْعَلَكُمْ لَهُ شَعْبًا.” ما هو الأساس العميق لأمانة الله؟ إنه ولاءه لأسمه. غيرته وحماسه لأجل مجده الخاص. اقرأ الأية بتمهل وتأمل: “لاَ يَتْرُكُ الرَّبُّ شَعْبَهُ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ الْعَظِيمِ.” لا يقول من أجل “اسمهم العظيم” ولكن من أجل اسمه العظيم. فالله ملتزم تماما لإعلاء قيمة وحق وبر اسمه الخاص. لذا فقصص مثل هذه هي في الكتاب المقدس كتعلمنا أن طرق الله تخضع لحكمة لانهائية تسترشد بقيمة لا حصر لها لاسم الله.

٣) تتدفق النعمة للخطأة من الولاء الأسمى لله لاسمه.

ينبغي لنا أن نتعلم من هذا كيف أن النعمة المدهشة للخطاة مثلنا تنبع من الولاء الأسمى لله لاسمه الخاص في خضم الخطية. انظر إلى التوضيح المدهش لهذا في الآيات ١٩-٢٢. في الآية ١٩ خاف الشعب من الخطية المذهلة التي ارتكبوها ضد الله. قالوا: “صَلِّ عَنْ عَبِيدِكَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِكَ حَتَّى لاَ نَمُوتَ، لأَنَّنَا قَدْ أَضَفْنَا إِلَى جَمِيعِ خَطَايَانَا شَرًّا بِطَلَبِنَا لأَنْفُسِنَا مَلِكًا.” الكلمات التي تتبع هذا هي صورة من نعمة الإنجيل المجاني للخطأة. قال صموئيل للشعب (الآية ٢٠)، “لاَ تَخَافُوا. إِنَّكُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ كُلَّ هذَا الشَّرِّ.”

قف هنا واندهش. “لاَ تَخَافُوا. إِنَّكُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ كُلَّ هذَا الشَّرِّ.” أليس هذا خطأ مطبعي؟ لا ينبغي أن يقول “كونوا خائفين. إِنَّكُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ كُلَّ هذَا الشَّرِّ.” لكنه يقول: “لاَ تَخَافُوا. إِنَّكُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ كُلَّ هذَا الشَّرِّ.” هذه نعمة خالصة. نعمة الله تعاملنا ليست بالطريقة التي نستحقها: “كونوا خائفين. إِنَّكُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ كُلَّ هذَا الشَّرِّ.”  ولكن أفضل مما كنا نستحق: “لاَ تَخَافُوا. إِنَّكُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ كُلَّ هذَا الشَّرِّ.”

كيف يكون هذا؟ ما هو أساس هذه النعمة؟ لسنا نحن الأساس! فنحن لم نفعل سوى الشر. ماذا بعد ذلك؟ لقد رأينا بالفعل. الآية ٢٢ لا تخافوا “لأَنَّهُ لاَ يَتْرُكُ الرَّبُّ شَعْبَهُ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ الْعَظِيمِ.” ولاء الله لاسمه الخاص هو أساس أمانته لك. إذا تخلى الله في أي وقت كان عن ولاءه الأسمى لنفسه، لن يكون هناك أي نعمة لنا. إذا جعل الله لطفه لنا على أساس قيمتنا، لن يكون هناك أي لطف لنا. نحن قساة الرقاب، متمردون، وناكروا الجميل. والنعمة المجانيّة والتي ليست على استحقاق هي رجائنا الوحيد كي نصبح خلاف ذلك. وأساس تلك النعمة ليس قيمة اسمنا، ولكن القيمة اللانهائيّة لاسم الله. تذكر ٢ تيموثاوس ٢: ١٣ “إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِينًا، لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ.” يقصد الله لنا أن نتعلم من هذه الخطية المذهلة أن نعمة خلاصنا تستند في النهاية ليس على قيمتنا لديه، ولكن قيمته لنفسه.

٤) المُلْك لله وحده:

ينبغي لنا أن نتعلم من طريقة الله للإتيان بالملك في إسرائيل أن الملك هو للرب وحده. يبدأ الله علاقته مع إسرائيل بدون وجود ملك بشريّ من أجل أن يعلن بكل وضوح أن الله وحده يجب أن يكون ملك إسرائيل. الله وحده هو الملك. وعندما طالبت إسرائيل بملك، فإنها رفضت هذا الحق. قال الله بوضوح في 1 صموئيل ٨: ٧ “إِيَّايَ رَفَضُوا حَتَّى لاَ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ” إن كان الله قد بدأ في تاريخ إسرائيل مع موسى ويشوع كملوك أوائل، فإنه لن يكون واضحا أن الله وحده يمكن أن يكون ملك إسرائيل. فلن يكون بلا منازع بشريّ. 

٥) إنسانا-إلها يجب أن يكون ملكا:

لذا، ينبغي لنا أن نتعلم من طريق الله لتعيين ملك بشريّ أن مقاصده هي تدشين نسل من الملوك البشريين الذين يفشلون جميعا حتى يأتي الملك الذي لن يكون إنسانا فحسب، بل أيضا الله، لأن الله وحده يمكن أن يكون ملكا لإسرائيل. في اعطاء اسرائيل ملك بشريّ، لم يغير الله رأيه بشأن أن الله وحده هو الملك الشرعي لاسرائيل. لكن النقطة الأساسية هي أن الله وحده هو ملك إسرائيل، وهناك ملك آتٍ، وهو ابن داود، الذين لن يفشل مثل الآخرين. فهو لن يكون مجرد رجل آخر شرير. لكنه سيكون إنسانا-إلها.

السؤال الأخير على لسان المسيح الذي أصمت الفريسيين كان مبنيا على مزمور ١١٠: ١ حيث يقول داود: “قَالَ الرَّبُّ [يهوه] لِرَبِّي [المسيا الملك الآتي]: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ.” اقتبس يسوع هذا ثم سأل خصومه “فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟” وبعبارة أخرى، لمن لهم آذان للسمع يسوع هو أكثر من مجرد ابن داود. فهو أكثر من مجرد ملك بشريّ. “فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ…. وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ” (يوحنا ١: ١، ١٤). الله وحده يمكن أن يكون الملك الشرعي النهائي لإسرائيل. هذه هي الطريقة التي بدأ بها. وتلك هي الطريقة التي ينتهي بها. يسوع المسيح هو الملك الإلهي-الإنساني لإسرائيل.

٦) مات الملك من أجل شعبه.

أخيرا، ينبغي لنا أن نتعلم من الطريقة إتيان الله لملك بشريّ لإسرائيل أن هناك حاجة ليكون الملك بشريّ. ولكن الله وحده يكونه أن يكون الملك الشرعي لإسرائيل. ولكن هناك حاجة ليكون الملك بشريّ. لماذا؟ لأنه لكي يكون لله شعبا يسود عليهم ويحبهم، وهم ليسوا في الجحيم بسبب خطاياهم، كان لابد للملك أن يموت من أجل الشعب. والله لا يمكن أن يموت. يمكن للإنسان أن يموت. لذا خطط الله ليس فقط أن الله وحده يمكنه أن يكون الملك الشرعي لإسرائيل، ولكن الملك الشرعي لإسرائيل يجب أن يموت في مكان الشعب. لذا فملك إسرائيل هو الإله-الإنسان بحيث يكون الملك هو الله، لكنه هو أيضا الإله-الإنسان بحيث يمكن للملك أن يموت.
عندما قال صموئيل: “لاَ تَخَافُوا. إِنَّكُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ كُلَّ هذَا الشَّرِّ” (١ صموئيل ١٢: ٢٠)، ما هو أساس هذه النعمة؟ كانت قيمة اسم الله. “لاَ يَتْرُكُ الرَّبُّ شَعْبَهُ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ الْعَظِيمِ.” (الآية ٢٢). دعم وتبرير اسم الله هو أساس النعمة. وأين استعلن هذا التبرير بشكلٍ حازمٍ ونهائيٍّ؟ الجواب: في صليب المسيح. رومية ٣: ٢٥ “الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ [أي المسيح] كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ.”

على الصليب، لأجل اسمه:

بالطبع فعل ذلك. في هذا اليوم الذي استحق فيه الشعب أن يُدمر لطلبهم ملكا غفر الله وصفح عن خطاياهم من أجل اسمه. ولكن لا يمكنك اكتساح الخطية تحت بساط الكون وتظل متمسكا باسمك كإله بار وقدوس. يجب التعامل مع الخطية. ويجب أن يُعاقب عليها. وكان ذلك، عندما مات المسيح.

السبب الوحيد أن أناس خاطئين مثلنا يمكن أن يكون لهم ملكا عظيما ومجيدا وقويا وصالحا ومقدسا وحكيما كالمسيح دون أن نهلك من أجل خطايانا هو أن الله خطط للملك أن يموت من أجل رعاياه ويقوم مرة أخرى. في كل إنجيل، يُسأل المسيح قبل أن يموت “أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟” ويجيب قائلا: “أَنْتَ تَقُولُ” (متى ٢٧: ١١، مرقس ١٥: ٢، لوقا ٢٣: ٣، يوحنا ١٨: ٣٣).

الملك الآتي للكل:

وليس فقط ملك اليهود، ولكنه ملك للكل وخاصة أولئك الذين يثقون به. هو يجلس على يمين الآب اليوم حتى يضع جميع أعدائه تحت قدميه، ويتم جمع كل محتاريه من جميع شعوب الأرض. ثم يأتي المنتهى. والمسيح “سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلاَ خَطِيَّةٍ لِلْخَلاَصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ” (عبرانيين ٩: ٢٩). و”لَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ اسْمٌ مَكْتُوبٌ” – ليس ملك اليهود لكن “مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ” (رؤيا ١٩: ١٦). آمين. تعال أيها المسيح الملك.

شارك مع أصدقائك

جون بايبر

جون بايبر (دكتوراه في اللاهوت DTheol، جامعة ميونيخ) هو مؤسس ومعلم في هيئة desiringGod.org وعميد جامعة وكلية لاهوت بيت لحم. وقد خدم لمدة ٣٣ عامًا كالراعي الرئيسي لكنيسة بيت لحم المعمدانية في مدينة مينيابوليس، بولاية مينيسوتا، وهو مؤلف لأكثر من ٥٠ كتابًا، بما في ذلك "الاشتياق إلى الله"، "لا تضيع حياتك"، "هذا الزواج السريع"، و"هل يرغب الله أن يخلص الجميع؟"