مواهب الروح القدس

التعريف

المواهب الروحية هي مواهب النعمة التي ينعم الروح القدس بها على الكنيسة وهي مُعطاة في الأساس لبنيانها، ويمكن تقسيمها على أنها مواهب التكلم ومواهب الخدمة.

الملخص

المواهب الروحية هي مواهب النعمة التي يمنحها الروح القدس للمؤمنين المسيحيين. فيجب أن تمارس هذه المواهب فقط تحت سيادة المسيح وفقط بهدف بنيان جسده، أي، الكنيسة. ولا ينبغي على المؤمنين أن يغرقوا في التفكير في مواهبهم التي وهبها الله لهم أو التقليل منها، ولكن يجب أن يتذكروا أن الله هو الذي أعطاها لهم بسيادة وحكمة مطلقة؛ وأن كل موهبة هي ضرورية لبنيان الكنيسة. يَتَعَمّد كل مسيحي بالروح القدس في لحظة توبته، وبالتالي يجب على كل مؤمن أن يكون أمينًا للموهبة المعطاة له من الله، والأهم من ذلك، أن يسعى إلى تتميم موهبته من خلال محبته لالله وإخوته المؤمنين.


المواهب الروحية هي مواهب النعمة التي ينعم الروح القدس بها على الكنيسة وهي مُعطاه في الأساس لبنيانها. ربما يكون مفييد أن ننظر إلى المواهب المختلفة المذكورة في العهد الجديد مجمعة في جدول:

يمكن تقسيم المواهب المذكورة أعلاه إلى فئتين: مواهب التكلم ومواهب الخدمة (بُطرُسَ الأولَى 11:4). ولكن هذه التقسيمة ليست دقيقة لأن من يتكلمون يخدمون أيضًا أولئك الذين يتكلمون معهم، والذين يتكلمون يخدمون أيضًا من خلال وعظهم. تشمل مواهب التكلم الرسولية: النبوة، التعليم، الكرازة، الوعظ، تمييز الأرواح، التكلّم بألسنة وترجمة الألسنة. بينما تشمل مواهب الخدمة: القيادة، الإعانة، الرحمة، العطاء، الإيمان، الشفاء، والمعجزات. يجب توضيح عدة حقائق عن المواهب الروحية:

  1. يجب أن تُمارس المواهب تحت سيادة المسيح (كورِنثوس الأولَى 3-1:12). ولا ينبغي أن يتمركز اهتمامنا على مواهبنا واختباراتنا، بل على عظمة وسمو المسيح فوق كل شيء. قد يدّعي البعض ان اختباراتهم كانت مذهلة، ولكن إذا لم يكونوا يعيشون تحت سيادة وسلطان المسيح، فإن مواهبهم تصبح ضئيلة جدّا.
  2. تُعطى المواهب لبنيان الكنيسة (كورِنثوس الأولَى 40-1:14؛ أفَسُسَ 16-11:4). فلا تُمنح مواهب الروح القدس من أجل بنيان الذات أو تقديرها، بل لبناء وتمكين وتقوية الكنيسة. تُركِّز المواهب الروحية على الجماعة وليس الفرد. نفهم من أفَسُسَ 4 أن الغاية الأساسية من المواهب الروحية هي نمو جسد المسيح. يريد الرب أن يرى كنيسته ثابتة وقوية، لتقدر على مقاومة التعاليم الكاذبة والمدمرة. عندما تصبح كنيستنا تشبه أكثر فأكثر يسوع، عندما تكون مبنية على الحق والمحبة، نتأكد أن تلك المواهب تُستخدم بشكل صحيح.
  3. نرى في روميَةَ 3:12 أننا يجب أن نتعقّل في التفكير في مواهبنا. يجب أن نَحذَر من التفكير بشكلٍ مُفرط في عظمة مواهبنا، كما أن نحذر من احتقار ذواتنا ومواهبنا. يعلمنا بولس في كورِنثوس الأولَى 12 أن من لديه موهبة مبهرة وظاهرة ليس أكثر روحانية أو قامة. بل يعلمنا العكس من ذلك تمامًا، فإن أولئك الذين لديهم موهبة أقل لا يعتبرون بأي حال من الأحوال أقل شأنًا. كل موهبة أساسية لتكوين الجسد لأن الأجساد تتكون من عيون وآذان، يدين وأقدام، أذرع وأنوف. وبالتالي، لا يمكن لأي عضو في الكنيسة أن يكون انفراديًا في تفكيره. لا يمكن أن يكون الجسد كله عينًا أو رأسًا وإلا لن يوجد جسد على الإطلاق. يتحتم علينا أن نفكر بتعقل في كيف وهب الله لنا تلك المواهب وتجنب المفاهيم غير الواقعية والمتضخمة عنها أو أفكار أننا بلا قيمة وليس لدينا ما نقدمه.
  4. نفهم من كورِنثوس الأولَى 6-4:12 أن تنوع المواهب يأتي من الله نفسه. لا داعي للقلق بشأن الموهبة التي نمتلكها، لأن الله عيّنَها لنا بكل حكمة وسلطان (كورِنثوس الأولَى 11:12، 18، 28). قد نميل إلى الاعتقاد أن المواهب التي نمتلكها تنبع من أنفسنا، ولكن يذكرنا بولس أن المواهب هي عطايا إلهية! إنها تُعطى لنا بالنعمة ولا نقدر أن نكتسبها. يجب أن نبقى على يقين أن الله شَكّل الجسد بمنتهى الحكمة والمحبة. كان أهل كورنثوس مفتونين ومهوسين بشكل خاص بموهبة التكلم بالألسنة، وحذرهم بولس من تمجيد هذه الموهبة بشكل مبالغ فيه.
  5. إن معمودية الروح القدس ليست اختبار ثاني بعد التوبة. ففي أعمال الرسل، تَعمّد الرسل بالروح القدس [أي، سكن الروح القدس فيهم لأول مرة بصورة دائمة] عند تأسيس الكنيسة في يوم الخمسين (أعمالُ الرُّسُلِ 5:1؛ 11-1:2)، عند توبة كرنيليوس وأصدقائه (أعمالُ الرُّسُلِ 48-44:10؛ 16:11)، في توبة أفسس 12 (أعمالُ الرُّسُلِ 7-1:19). كما علّم بولس أيضًا أن معمودية الروح القدس تحدُث عندما ينضم الأعضاء في الكنيسة إلى جسد المسيح (كورِنثوس الأولَى 13:12). المعمودية بحكم تعريفها هي حدث تأسيسي للكنيسة، وبالتالي فإننا نخطئ في تفسير النص في أعمال الرسل إذا قلنا أن معمودية الروح القدس يجب أن يصاحبها التكلم بألسنة. ارتبط التكلم بالألسنة بتأسيس العهد الجديد في يوم الخمسين (أعمالُ الرُّسُلِ4-1:2)، وبتأكيد خلاص الأمم (أعمالُ الرُّسُلِ 10: 44-48)، وإيمان أتباع يوحنا المعمدان (أعمالُ الرُّسُلِ 7-1:19). ليس لدينا أي دليل على أن تأسيس كنيسة المسيح يجب أن تكون مصحوبة بالتكلّم بألسنة [لغات أخرى] وبالفعل، توضح رسالة كورِنثوس الأولَى 13:12 أن كل من يؤمن يتعمّد بالروح القدس عند توبته.
  6. إن نص كورِنثوس الأولَى 19-1:14 هو النص الأكثر تشويقًا، ويُظهر حقيقة أن بناء الكنيسة يأتي من خلال الفهم. يميل المسيحيون إلى الاعتقاد أن اختباراتهم المذهلة هي ما تبنيهم، ولا سيما الاختبارات التي تغمرهم بفيض المشاعر. بكل تأكيد، المشاعر شيء حسن ولا يجب رفضها، لكن يُعلّمنا بولس أن مشاعرنا يجب أن ترتكز على الحق. فالله قرر أن يُقدِسنا بتجديد أذهاننا (روميَةَ 2:12)، وباختبار ما هو مرضي عند الرب (أفَسُسَ 10:5)، حتى نصبح أكثر حكمة وذو بصيرة. وهكذا نحيا حياة مُرضية أمام الرب (فيلِبّي 11-9:1؛ كولوسّي 9-11:1).
  7. يدعونا الكتاب المقدس في روميَةَ 8-6:12 أن نُركّز على المواهب التي أعطاها الله لنا. سيكون من الخطأ رفض المشاركة في الكرازة أو الخدمة أو المساعدة تحت ادعاء أننا لا نملك تلك المواهب. سنكون بذلك نُبرِر أنانيتنا. في نفس الوقت، يتم تذكيرنا أنه يجب علينا تركيز كل قدرتنا في الحياة على الموهبة التي أنعم بها الله علينا. لقد خلقنا الله بطريقة خاصة، وبالتالي فإننا نساعد المؤمنين بشكل أفضل فقط عندما نسعى وراء الموهبة أو المواهب التي منحنا الله إياها. سيكون من الحماقة إذًا أن يتجاهل شخص موهبة التعليم ويقضي معظم وقته في السعي وراء موهبة التشجيع.
  8. نرى بوضوح في كورِنثوس الأولَى 13، التي وضعت في قلب مناقشة المواهب الروحية (كورِنثوس الأولَى 14-12) أن كل المواهب لا قيمة لها بدون المحبة. إن المقياس الأهم لروحانيتنا ليس بريق مواهبنا بل تشبهنا بالمسيح.

    تم نشر هذا المقال على موقع The Gospel Coalition: U.S Edition

شارك مع أصدقائك

توماس شرينر

أستاذ العهد الجديد والعميد المشارك لقسم الدراسات الكتابيّة بالكليّة المعمدانيّة الجنوبيّة، بولاية كنتاكي الأمريكيّة