التعريف
لاهوت الصيرورة (Process Theology)،[1] أو اللاهوت التقدّمي، هو لاهوت مُعاصِر غير إنجيليٍّ يحمل أفكارًا عن الله متأصِّلة في العالم الطبيعيِّ حولنا. إنَّه منظور عن الله يَدَّعي أنَّه أكثر دقَّة واقعيًّا وكتابيًّا من المنظور التقليديِّ عن الله. لأنَّ إلهه، على الرغم من محدوديَّة قوَّته، كما يَدَّعون، قابل للتغيُّر وللتفاعل مع البشر بخلاف الله التقليديِّ.
المُوجَز
نبت لاهوت الصيرورة، في البداءة، من كتاب “صيرورة وواقع” لألفرِد وايتهِد المنشور عام 1929، وقد حظى باهتمام وقبول بالغين داخل الأوساط العلميَّة غير الإنجيليَّة في النصف الثاني من القرن العشرين. فكان من أشهر الأسماء في هذه الحركة بجانب وايتهِد، تشارلز هارتشورن، وجون كوب، وديفيد راي جريفن، وشابِرت أوجدن، ودانيال داي ويليامز، وغيرهم. أمَّا عن لاهوت الصيرورة فهو يرى كلَّ الموجودات، لا سيَّما الله، كيانات حقيقيَّة ثنائيَّة القُطب. إذ كلُّ كيان حقيقيٍّ يحمل قطبًا أصليًّا (يتضمَّن كلَّ احتمالات ما سيكون عليه الكيان)، وآخر آنيًّا (مادَّة العالم لماهيَّة الكيان). وإله لاهوت الصيرورة إله محدود ومُتَغيِّر ومحدود القوَّة، وبقطبه المادِّيِّ يتألَّم مشاركًا مخلوقاته. وهذا لا يُعدُّ عيبًا، إنَّما من كمالات الله التي تسمح له بتعريف ما يجري لخلائقه واختبارها كما تحدث.
خلفيَّة لاهوت الصيرورة
نبت لاهوت الصيرورة، أو اللاهوت التقدميّ في البداءة، من كتاب “صيرورة وواقع” لألفرِد وايتهِد المنشور عام 1929، وقد حظى لاهوت الصيرورة باهتمام وقبول بالغين داخل الأوساط العلميَّة غير الإنجيليَّة في النصف الثاني من القرن العشرين. فكان من أشهر الأسماء في هذه الحركة بجانب وايتهِد، تشارلز هارتشورن، وجون كوب، وديفيد راي جريفن، وشابِرت أوجدن، ودانيال داي ويليامز، وغيرهم.
في وقت ما، كان اللاهوتيُّون غير الإنجيليِّين يعتقدون باستحالة وضع نظام لاهوتيٍّ؛ جزئيًّا يعود ذلك إلى أنَّه بدا من المستحيل بناء مخطَّط منطقيٍّ متَّسق داخليٍّ يشمل كلَّ الواقع. لذا حَطَّ وايتهِد بنظام لاهوتيٍّ مبنيٍّ على فهم فوق-طبيعيٍّ للكون مختلف عن المفهوم الرازح خلف الإيمان بالله المسيحيِّ التقليديِّ التاريخيِّ. وفي حين أنَّ الإيمان المسيحيِّ التقليديِّ التاريخيِّ بالله يشترط ضرورة امتلاء العالم بأمور ساكنة لا تتحرَّك، افترض المفهوم فوق-الطبيعيُّ لوايتهِد نقيض ذلك. فالكون، في منظوره، غير مكوَّن من كيانات ساكنة، إنَّما ممتلئ بأمور في طور التغيُّر والصيرورة. في الواقع، إنَّ كلَّ شيء، عند وايتهِد وأتباعه في تغيُّر مستمرٍّ.
التطوُّرات وراء لاهوت الصيرورة
توجد تطوُّرات عدَّة مهمَّة وراء نشأة لاهوت الصيرورة. فمن ناحية، قد أمكَنَ التقدُّم العلميُّ الإيمان بالفيزياء النيوتنيَّة. إنَّما بالنظر إلى ميكانيكا الكمِّ ونظريَّة النسبيَّة، قد خُلِصَ إلى أنَّ الطريقة الأدقَّ لفهم الواقع تتمثَّل في أنَّه في حالة تغيُّر لا ينقطع. إذ إنَّ المفهوم النيوتنيَّ القائل بأنَّ العالم يتكوَّن من مكوّنات ساكنة وخامدة خاملة ومنعزلة لا تتكامل مع المفهوم العلميِّ المعاصر للواقع. وبالتأكيد كما هو متوقَّع، إنَّ الإيمان بالتطوُّر لا يتَّسق مع الاعتقاد بالمكوّنات المنعزلة غير المترابطة المكوِّنة للكون.
ومن ناحية أخرى، التطوُّر الفلسفيُّ مثل الانتقال إلى المذهب التجريبيِّ حيال المفاهيم فوق-الطبيعيَّة والمعرفيَّة، كما أنَّ المناخ الدينيَّ للأزمنة أسهم في ذيوع قبول الفكر الصيروريِّ، خاصَّةً في النصف الثاني للقرن العشرين. لكن أيضًا، في الحقيقة، يوجد دافع مهمٌّ خلف زخم شعبيَّة الفكر الصيروريِّ وتمثَّل في الهجوم على مفهوم اللاهوت عامَّةً في المسيحيَّة التقليديَّة، وعلى الله خاصَّةً؛ قائلين بأنَّ الإيمان بعالم المعجزات لن يستمرَّ حتمًا، وروايات أحداث مثل الخلق (تكوين 1-2) لا بُدَّ من عَدِّها خرافة.
فهم اللاهوت المسيحيِّ التقليديِّ
في حين أنَّ وجهات النظر هذه المناهضة للعالم الفوقيِّ متوقَّعة في الزمن المعاصر، يوجد ما هو أكبر من مجرَّد الرفض لعالم المعجزات خلف لاهوت الصيرورة. لا سيَّما أنَّ المفكِّرين الصيروريِّين يرفضون المنظور المسيحيَّ التقليديَّ لله كما يصوِّره الكتاب المقدَّس ويتبنَّاه كثيرون من المسيحيِّين. وأكثر ما يُنفرهم يتمثَّل في صفات الله: الثبات وعدم التغيُّر، واللا مبالاة وانعدام المشاعِر. فالفكر المسيحيُّ التقليديُّ يقول إنَّ الله ثابت تمامًا ولا يتغيَّر أبدًا بأيِّ طريقة كانت. وعليه، فإنَّ المقاطع الكتابيَّة التي تقول إنَّ الله “ندمَ” على الشرِّ الذي خطَّط أن يوقعه على إسرائيل بسبب شرِّها، وقرَّر الله، على سبيل المثال، بألاَّ يُهلِك نينوى عقب استجابة شعبها لمناداة يونان، لا يمكن أخذها حرفيًّا إذا كان الله لا يتغيَّر بأيِّ طريقة كانت.
وعلاوة على ذلك، بحسب اللامبالاة الإلهيَّة، فالله لا يشعر ولا يعبِّر عن مشاعره. بالإضافة إلى أنَّ الله لا يمكن دفعه لتغيير فكره أو أفعاله المُعيِّنة بسبب ما تفعله مخلوقاته. فإن كانت تنتابه أيُّ رأفة على الذين يعانون، فليس لديه أيُّ طريقة للتعبير عن ذلك، وعليه تشعر مخلوقاته بالوحدة والعجز في عالم مليء بأخطار جَمَّة. والأخطر، إن كان الله لا يُدفَع لتغيير خططه وإلى آخره، سينعدم القصد من الصلاة التوسُّليَّة.
كلُّ هذا مُحبِط إلى حدٍّ ما، ولكنَّه مستساغ إن كان الله عديم القوَّة لمجابهة التحدِّيات في عالمنا كما نُجَابِهها نحن. لكنَّ المفهوم التقليديَّ لله يصوِّره بامتلاكه قوَّة مُطلقة وسيطرة تامَّة كاملة على كلِّ الأشياء. إذ يُرى ملكًا حاكمًا يفعل ما يشاء وقتما يشاء، بغضِّ النظر عمَّا قد يعنيه ذلك لمخلوقاته. إذ إنَّها مخلوقات لديها من القوَّة القليل أو لا تملكها على الإطلاق لتتعامل مع الحالة البشريَّة، لكنَّ الله التقليديَّ غير مُجبَر لمدِّ يد العون في ظروفهم. فضلاً عن أنَّ البشر لا يملكون سوى إرادة محدودة وضعها الله فيهم، لكنَّه دائمًا له كامل الحرِّيَّة لكبت حرِّيَّتهم وقتما يشاء ولأيِّ سبب يرتئيه.
التباين بين اللاهوت التقليديِّ ولاهوت الصيرورة
غنيٌّ عن القول إنَّ المفكِّرين الصيروريِّين يرون أنَّ الله التقليديَّ قاصر وغير ملائم تمامًا، ولا يعقلون كيف لإنسان أن يرغب في عبادته واتِّباعه. وعليه، كيف يفهم مفكِّرو الصيرورة طبيعتي الواقع والله؟ يدَّعون أنَّ أدقَّ الموجودات التي يتألَّف منها العالم هي كيانات واقعيَّة. فهذه الكيانات تكوِّن كلَّ شيء موجود. فكلُّ الكيانات، وعليه كلُّ الواقع، ثنائيَّة القطب أو مزدوجة القطب. فالقطبان، أحدهما فطريٌّ وإدراكيٌّ ومُجرَّد، والآخر تابع وجامِد ومادِّيٌّ. فالقطب الفِطريُّ لأيِّ شيء هو كلُّ الهيئات الممكنة التي قد يصيرها الكيان الكائن. وبما أنَّ ما من هذه الهيئات أبديٌّ، فالعناصر الإدراكيَّة حينها تكون جامدة، كما تحوي مكوّنات القطب الفطريِّ كلَّ الهيئات الممكن أن تصيرها، لكنَّها لا تحقِّق وجود أيُّهم في الواقع. فيُعَرَّف القُطب الفطريُّ بأنَّه قُطب الاحتمالات الصِرفة. ففي كلِّ لحظة وفي أيِّ لحظة، هذه الهيئات الممكنة تُحضِر ذواتها إلى القطب الكائن لتُدرَك ككيان واقعيٍّ صار هيئة جديدة (على الرغم من احتماليَّة ألاَّ تصير مختلفة تمامًا عن الكيان الذي كان عليه قبلاً). فإنَّ صيرورة الكيان الكائن الذي يختار ويأخذ بنفسه ولنفسه العنصر الجديد من وسط الاحتمالات يُعرَف بالتلاحم التطوُّريِّ للكيان الكائن (مثال: تحويل أمر إدراكيٍّ، احتماليَّة، إلى الشيء الملموس الذي سيصير عليه الكيان الكائن).
أمَّا القطب الآخر، القطب التابع الجامد المادِّيُّ، يختار من وسط كلِّ الاحتمالات (القطب الفطريّ) الهيئة (الهيئات) المُحدَّدة التي يستطيع الكيان الكائن استخدامها في طور تغيُّره. باختيار هذه الاحتمالات، يصيرون جزءًا من الهيئة الكائنة المُختلقة بعمليَّة الصيرورة هذه. فتصير النتيجة أنَّ ذلك العنصر المادِّيَّ الجامد في العالم يضيف الصفة الجديدة أو الكيان الجديد إلى الكيان الكائن. إنَّ هذه الصيرورة المستمرَّة تعني أنَّه في أيِّ لحظة لا يتطابق الكيان الكائن في أيِّ مرحلة سابقة أو لاحقة من مراحل تطوُّره. هذا لا يعني، مع ذلك، أنَّ من مرحلة إدراك عنصر جديد إلى مرحلة الكيان الموجود، يختلف الكيان الكائن اختلافًا جذريًّا عن مرحلته السابقة. فلذا تقريبًا كما يلاحظ أيُّ شخص، إنَّ هذه الصيرورة بنقل عنصر ما من القطب الإدراكيِّ إلى القطب المادِّيِّ في حالة صيرورة مستمرَّة لا تتوقَّف.
موجز عن لاهوت الصيرورة
يتشدَّق وايتهِد وأتباعه بأنَّ ما من موجود لا يصير إلى كيان كائن بحسب النوع المذكور. وهذا يتضمَّن الله نفسه. فبحسب مؤمني الصيرورة، الله ثنائيُّ القُطب؛ فقطبه الفطريُّ الإدراكيُّ يتمثَّل في شموليَّة كلِّ الاحتمالات التي قد تصيرها الكيانات الكائنة. في مؤلَّف وايتهِد، خُلِصَ إلى أنَّ ذلك يعني أحد منظورين مختلفين. أوَّل منظور لطبيعته الفطريَّة هو أنَّه مجرَّد إدراك وتنظيم الاحتمالات كافَّة. بالطبع، هذا المنظور لا يتضمَّن أيَّ شيء يُنَظِّم بنفسه، وعليه ليس من الواضح كيفيَّة ترتيب الكيانات الأبديَّة في هذا المفهوم. بحسب المنظور الثاني لطبيعة الله الفطريَّة، إنَّه مجرَّد العناصر الأبديَّة وكلِّ الاحتمالات التي نظَّمها الله. لكن هل هذه العناصر الأبديَّة أكثر من شموليَّات مجرَّدة من العالم الجامد (وعليه، ليس كيانات كائنة في حدِّ ذاتها)؟ وأيًّا كانت ماهيَّتهم، أين هم؟ بعيدًا عن فهم المرء للقطب الفطريِّ، إنَّ هذه الاحتمالات هي العناصر الثابتة غير المتغيِّرة في العالم فوق-الطبيعيِّ لوايتهِد.
كما لله قطب تابع مادِّيٌّ، وهو العالم/ الكون الذي فيه نحيا؛ على الرغم من أنَّ هذا متطابق مع مذهب “وحدة الوجود”، يصرُّ المؤمنون بالصيرورة بأنَّها ليست كذلك، مردِّدين أنَّ كينونة الله ليست العالم، عوضًا عن أن يفسِّر ويحوي العالم من دون أن يتماثل معه. وككيان مادِّيٍّ، يحوي القطب التابع لله الكون المادِّيَّ، لكن ليس سهلاً دومًا معرفة أين تقف الطبيعة المادِّيَّة للقطب التابع الذي لله، وأين تبدأ مادِّيَّة العالم، والعكس. ومع ذلك، إنَّ هذه التفرقة ضروريَّة إذا كان لاهوت الصيرورة سيتجنَّب أن يصير لا شيء سوى “وحدة وجوديَّة”. كما ينبغي أن يتَّضح أنَّ القطب التابع لله مُتَغَيِّر، لذا فالعالم ليس وحده دائم التغيُّر ليصير شيئًا جديدًا، إنَّما الله كذلك. وهذا لا يُرى عيبًا في الله، لأنَّه ما من إله سوى ذلك المتغيِّر ويستجيب ويتفاعل مع الأمور المتغيِّرة التي تختبرها خليقته. في الواقع، بعالم يُعَدُّ القطب التابع الذي في الله، فما يحدث له يحدث لله. فهو ليس مجرَّد متعاطف مع تجاربنا وضيقاتنا؛ إنَّه يختبرها كما نحن تمامًا. إنَّ هذه العوامل عن طبيعته تجعله إلهًا علائقيًّا في مقابل الله الثابت غير المتغيِّر في الإيمان التقليديِّ.
لكن، كيف لكيان كائن، لا سيَّما الله، أن ينشط في العالم؟ فكلُّ الكيانات ما عدا الله تنشط بإدراك (استيعاب) بعض الهيئات الممكنة التي أيُّ كيان من نوعيَّتها بإمكانه التشارك في كينونتها؟ إنَّ التلاحم التطوُّريَّ للاحتماليَّة الجديد مع الكيان الكائن، على سبيل المثال، ينضمُّ إليه ليختلق هيئة جامدة بحُلَّة جديدة. بمجرَّد حدوث ذلك، يدرك الكيان الكائن احتمالاً آخر ليختلق كيانًا كائنًا لكن جديدًا. إنَّ عمليَّة الصيرورة هذه، مستمرَّة لا تتوقَّف.
بخلاف كلِّ الكيانات الكائنة الأخرى، الله لا يدرك احتمالات جديدة، لأنَّ قطبه الفِطريَّ يحوي فعلاً كلَّ شيء محتمل، وأنَّ طبيعة تلاحمه التطوُّريِّ هي كلُّ شيء يحويه القطب المادِّيُّ. وعليه، كيف ينشط الله؟ الله ينشط بتقديم إلى الكيانات الكائنة طبيعته الفطريَّة التي منها تستطيع الكيانات إدراك بعض الاحتمالات الجديدة لتصير كيانات كائنة جديدة. ويدَّعي مفكِّرو الصيرورة أنَّ الله يفعل أكثر من ذلك. فكلُّ كيان كائن موجَّه نحو ما سيصير إليه. أي إنَّ لكلِّ كيان كائن هدفًا ذاتيًّا. على الرغم من أنَّ كثيرًا من الاحتمالات قد لا تكون مثاليَّة لكن ينبغي أن يختارها الكيان الكائن، فالله يعلم أيَّ احتماليَّة (احتمالات) ستكون أفضل مُحرِّك للكيان نحو هدفه المثاليِّ. وممَّا يفعله الله في نشاطه يتمثَّل في تحديد الهدف المثاليِّ من وسط الاحتمالات مواجهًا الكيان. إذ إنَّ الله يحاول إقناع الكيان باختيار احتمال ما سينقله نحو مثاليَّته، لكنَّ الله لن يُعَطِّل أو يُبطِل حرِّيَّة الكيان الكائن في اختيار ما يسرُّه.
وبسبب القطب التابع المادِّيِّ الذي لله، الله المتغيِّر، فيمكنه الشعور والتعبير عن مشاعره، ويفعل أكثر من مجرَّد التعاطف مع مصيبتنا. فهو في الواقع يختبرها كما نختبرها نحن. فهو يتألَّم معنا حين نتألَّم، ويفرح حين نفرح. وعلى الرغم من محدوديَّة قوَّته، فهو لا يستطيع دائمًا إنقاذنا من الأذى والشرِّ، فيدَّعي مفكِّرو الصيرورة أنَّه أسمى من الله التقليديِّ لأنَّه يستجيب في الواقع لصلواتنا ويتعاطف معنا بطرائق ندركها ونشعر بها. في الختام، يؤمن مفكِّرو لاهوت الصيرورة بأنَّ إلههم أكثر من مجرَّد إله ملائم دينيًّا، إنَّه كائن باستطاعة البشر الارتباط به لأنَّه حقًّا يهتمُّ بهم ويجعلهم يدركون ذلك.
[1] ترجمت الكلمة Process في بعض كتب اللاهوت العربيَّة إلى “اللاهوت التقدمي، أو لاهوت العملية”، ولكننا فضلنا أن نترجمها إلى “لاهوت الصيرورة”. كلمة صيرورة مشتقَّة من الفعل الثلاثيِّ “صار” (صار يصير، صيرًا، صيرورة، مصيرًا) وتعني التغيُّر والتحوُّل كردِّ فعل من حال إلى أخرى بقصد التفاعُل مدفوعًا من شيء ما لتحقيق غرض معيَّن، وهذا هو عين المُراد من التعريف الذي يقدِّمه الكاتب لهذا اللاهوت؛ كما أنَّ من معاني كلمة Process فلسفيًّا الصيرورة أي اكتساب كينونة. أمَّا ترجمتها إلى “عمليَّة” فهي ترجمة حرفيَّة جرداء جوفاء خاوية من التفاعل الذي يحويه المعني اللفظيُّ اللغويُّ وكذلك المعنى والقصد التعريفيَّان اللذان يشرحهما الكاتب -المترجم.