عهد الله مع داود

٢ صموئيل ٧: ٤١٧

سبب أن عهود الله مع نوح وإبراهيم وموسى وداود يجب أن تزيد من بهجة إيماننا هو أن الفكرة الأساسيّة في كل منهم هي أن الله يبذل كل قدرته المطلقة وكل معرفته الكاملة لفعل الخير لشعبه، ونحن نكون شعبه إذا اتّبعنا المسيح في طاعة الإيمان. أكثر الحقائق العمليّة يمكن لأي مسيحي أن يعرفها هي أن الله هو كليّ القوة وكليّ الحكمة، وكله لك. للن يكون هناك شيئ له أثرا أكثر أهمية وعمليّا على طريقة استخدام أموالك، وقضاء وقت فراغك، ومتابعة دعوتك، وتربية الأطفال، والتعامل مع الصراع، أو التعامل مع القلق. إن الثقة القلبيّة بأن الله ذات السيادة يعمل كل شيء معا لخيرك انطلاقا من نعمته الخالصة، المؤثرة على كل مجال من مجالات حياتك.

التأكيد العميق العاطفي، بالرغم من كونك خاطئا، أن اهتمام الله مركز عليك برحمة قديرة هو القوة اليوميّة التي تعطيك السلام العميق حتى وإن كنت لا تستطيع العودة إلى المنزل في عيد الميلاد، والفرح الحقيقي حتى وإن لم تستطع أن تتحمل كلفة شراء تلك الهدية الخاصة لها، ودفء المحبة حتى وإن كنت لا تسمع من صديق لك تعتمد عليه. عندما تستند على حقيقة أن التوصيف الوظيفيّ لله يتضمن مسؤولية التأكد أن كل شيء في حياتك يعمل لخيرك، عندها لن يرنح قلبك للشهوة أو السرقة أو مجاوبة السخرية بسخرية، ولن تبخل عن إبلاغ زملائك هذ الأسبوع ما يعينه عيد الميلاد حقا لك.

عهود الله: توصيفه الوظيفيّ المكتوب ذاتيّا:

سبب دراستنا للعهود هو أنه فيها نرى دليلا كتابيّا أن توصيف عمل الله يشمل حقا مسؤولية عدم حجب أي شيء صالح عن الذين يسلكون بالاستقامة، والعمل لأجل أولئك الذين ينتظرونه، وتحويل كل الشرور لخيرنا الأبدي. هذا ما أود أن أقدمه كتعريف لعهود الله: عندما يصنع الله عهدا هو يعلن عن توصيفه الوظيفيّ الخاص، ويوقّع عليه. في كل الحالات تقريبا كان يأتي إلى شريك العهد، ويضع توصيفه الوظيفيّ، ويقول: “هذه هي الطريقة التي سأعمل بها لأجلك بكل قلبي وبكل نفسي وبكل قوتي إن كنت ستحبني كما أنا، وتلتصق بي، وتثق أني أحفظ كلمتي.”

سبب أني أقول أن هذا هو الوضع في كل حالة تقريبا هو أن هناك على الأقل عهدا واحدا لا يوجد فيه شرطا على الإطلاق، العهد مع نوح. فالتوصيف الوظيفيّ الذي كتبه الله لنفسه هو أنه لن يقضي على العالم مرة أخرى بطوفان بل سيحفظ مجرى الطبيعة حتى النهاية. سبب معرفتنا أن هذا العهد لا يوجد فيه شرط يتعلق به هو أن الله صنعه مع الحيوانات كما الإنسان: “هذِهِ عَلاَمَةُ الْمِيثَاقِ الَّذِي أَنَا وَاضِعُهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ كُلِّ ذَوَاتِ الأَنْفُسِ الْحَيَّةِ الَّتِي مَعَكُمْ.” (تكوين ٩: ١٢). لا يمكنك أن تطلب الإيمان من ضفدع. كل ما يمكنك القيام به هو أن تقول “أيها الضفدع، هذا ما أنتوي القيام به بالنسبة لك.” ولكن في كل عهد أخر صنعه الله كان يعرض توصيفه الوظيفيّ ويقول لشريك العهد أنه يعمل فقط لأجل العملاء الذين يثقون به ويقومون بأشياءٍ تعملها حين تثق في شخص ما لرعايتك.

اليوم ننظر إلى عهد الله مع داود.

أولا، سوف نحاول أن نفهم ٢ صموئيل ٧: ١٢-١٧.

ثم، سنرى كيف يتم تحقيق وعد العهد.

وأخيرا، سوف نطبق هذا كله في حياتنا اليوم.

عهد الله مع داود:

يقوم ٢ صموئيل ٧: ١٢-١٧ بما يقوم به كثير من المقاطع النبويّة: فإنه يأخذ تلسكوبا طويلا من الأحداث ويطويها معا بحيث يتم النظر إلى الأحداث القريبة والبعيدة معا. على سبيل المثال، في هذه الآيات الستة يعد الله من ناحية أن سليمان، ابن داود، سيملك مكان داود وسيبني بيتا الله. لهذا يمكن للآيات  ١٤-١٥ أن تقول “إِنْ تَعَوَّجَ أُؤَدِّبْهُ بِقَضِيبِ النَّاسِ وَبِضَرَبَاتِ بَنِي آدَمَ. وَلكِنَّ رَحْمَتِي لاَ تُنْزَعُ مِنْهُ كَمَا نَزَعْتُهَا مِنْ شَاوُلَ الَّذِي أَزَلْتُهُ مِنْ أَمَامِكَ.”

عرشا ومملكة أبديين:

لكن الوعد يذهب أبعد من سليمان وعدم كماله. تقول الآية ١٣ “هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لاسْمِي، وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إلى الأَبَدِ.” الآية ١٦ تقول “وَيَأْمَنُ بَيْتُكَ وَمَمْلَكَتُكَ إلى الأَبَدِ أَمَامَكَ. كُرْسِيُّكَ يَكُونُ ثَابِتًا إلى الأَبَدِ.” ثلاث مرات تظهر عبارة “إلى الأَبَدِ“. لا عجب أن هذا العهد كان مركزيّا لرجاء إسرائيل: عندما يعد الله أن يفعل شيئا إلى الأَبَدِ، فكل الأبدية يتم صياغتها.

نعرف من الآية ١٢ أن الله يقصد لداود أن يموت. ومع ذلك تقول الآية ١٦ “وَيَأْمَنُ بَيْتُكَ وَمَمْلَكَتُكَ إلى الأَبَدِ أَمَامَكَ. كُرْسِيُّكَ يَكُونُ ثَابِتًا إلى الأَبَدِ.” يجب أن يعني هذا أنه سيتم تثبيت مملكة داود وتأمينها من خلال نسله. ولكن سليمان يُصور على أنه خاطئ يجب أن يُؤدّب. لا يمكن أبدا أن تكون المملكة آمنة في أيدي خاطئ. انظر لما يفعله الله في ١ ملوك ١١: ١١-١٣ بعدما تزوج سليمان بنساء أجنبيات، وعبد آلهتهم: “فَقَالَ الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذلِكَ عِنْدَكَ، وَلَمْ تَحْفَظْ عَهْدِي وَفَرَائِضِيَ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ بِهَا، فَإِنِّي أُمَزِّقُ الْمَمْلَكَةَ عَنْكَ تَمْزِيقًا وَأُعْطِيهَا لِعَبْدِكَ. إِلاَّ إِنِّي لاَ أَفْعَلُ ذلِكَ فِي أَيَّامِكَ، مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ أَبِيكَ، بَلْ مِنْ يَدِ ابْنِكَ أُمَزِّقُهَا. عَلَى أَنِّي لاَ أُمَزِّقُ مِنْكَ الْمَمْلَكَةَ كُلَّهَا، بَلْ أُعْطِي سِبْطًا وَاحِدًا لابْنِكَ، لأَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي، وَلأَجْلِ أُورُشَلِيمَ الَّتِي اخْتَرْتُهَا».” هذا يدل على أن وعد إقامة مملكة داود لا يمكن أن يحدث طالما أن نسل داود متمرد وغير مطيع.

الرجاء في الابن البار لداود:

يتم تكرار شرطيّة هذا العهد مرة تلو الأخرى في سفر الملوك وأخبار الأيام. على سبيل المثال، في ١ ملوك ٢: ٤يقول داود لسليمان أن الله قال: “إِذَا حَفِظَ بَنُوكَ طَرِيقَهُمْ وَسَلَكُوا أَمَامِي بِالأَمَانَةِ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ وَكُلِّ أَنْفُسِهِمْ، قَالَ لاَ يُعْدَمُ لَكَ رَجُلٌ عَنْ كُرْسِيِّ  إسرائيل.” وهذا يعني أنه طالما أن أبناء داود هم عصاة لا يمكن أن تكون المملكة آمنة إلى الأبد. ثم انظر إلى ١ ملوك ٨: ٢٥ حيث يصلي سليمان “وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إسرائيل احْفَظْ لِعَبْدِكَ دَاوُدَ أَبِي مَا كَلَّمْتَهُ بِهِ قَائِلاً: لاَ يُعْدَمُ لَكَ أَمَامِي رَجُلٌ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ  إسرائيل، إِنْ كَانَ بَنُوكَ إِنَّماَ يَحْفَظُونَ طُرُقَهُمْ حَتَّى يَسِيرُوا أَمَامِي كَمَا سِرْتَ أَنْتَ أَمَامِي.” (أنظر أيضا ١ ملوك ٦: ١١، ١٢؛ ٩: ٤-٩؛ ١ أخبار الأيام ٢٢: ٨-١٣؛ ٢٨: ١ – ١٠).

تعلّمت إسرائيل على مر القرون تبعا لداود وسليمان أن العصيان في ملكها يجلب دائما الأمة إلى الخراب. ولكن الأتقياء بينهم عرفوا شيئا واحدا مؤكدا: إن الله قد وعد أنه سيثبّت كرسيّ داود إلى الأبد (٢ صموئيل ٧: ١٣). ذلك أدركوا أن ابنا لداود يجب أن يأتي الذي سيتمم شروط العهد، ويجلس على كرسيّ داود، ويملك إلى الأبد. فتعاقب الملوك الغير كمالين لا يمكن أبدا أن يحقق الوعد. إن كان الله أمينا لكلمته، وإن التزم بتوصيفه الوظيفيّ في ٢ صموئيل ٧، يصبح لزاما عليه أن يقيم ابنا بارا ومطيعا لداود كي يجلس على العرش (راجع مزمور ٨٩: ٢٩-٣٧).

تدخّل الله الخاص:

هذا بالضبط ما وعد به إشعياء، وإرميا، وحزقيال أنه سيفعله. يتطلع حزقيال إلى الخلاص المستقبليّ لشعب الله ويتكلم بكلمة الله (في ٣٧: ٢٣ وما يليه): “أُخَلِّصُهُمْ مِنْ كُلِّ مَسَاكِنِهِمِ الَّتِي فِيهَا أَخْطَأُوا، وَأُطَهِّرُهُمْ فَيَكُونُونَ لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا. وَدَاوُد عَبْدِي يَكُونُ مَلِكًا عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُ لِجَمِيعِهِمْ رَاعٍ وَاحِدٌ.” (انظر ٣٤: ٢٣). يؤكد إرميا على أن الملك القادم سيتمم شرط البر (في إرميا ٢٣: ٥-٦): “هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حَقًّا وَعَدْلاً فِي الأَرْضِ. فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ يَهُوذَا، وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِنًا، وَهذَا هُوَ اسْمُهُ الَّذِي يَدْعُونَهُ بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا.” (راجع ٣٣: ٢١، ٢٥-٢٦).

ولكنه كان إشعياء من رأى مجد ابن داود أكثر وضوحا من أي شخص، وفعليّا عرفه كالله (في ٩: ٦-٧): “لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ. لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ، لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ، مِنَ الآنَ إلى الأَبَدِ.” لذلك فضمان العهد مع داود يكمن في نهاية المطاف في حقيقة أن الله نفسه سيأتي كملك ويجلس على العرش. عندما يكون العهد مشروطا ومع ذلك أيضا مؤكدا، يمكنك أن تثق أن الله نفسه سيتدخل لاستيفاء الشروط.

تحقيق الوعود لداود:

عندما ظهر الملاك جبرائيل لمريم في لوقا ١: ٣١-٣٣ قال “وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ.  هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إلى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ.” لذلك، بما لا يدع أي مجال للشك يعلمنا الكتاب المقدس أن الوعد لداود أن نسله سيملك إلى الأبد قد تحقق في يسوع المسيح. كإبن داود (رومية ١: ٣) ورب داود (متى ٢٢: ٤٥؛ مزمور ١١٠: ١) يملك الآن المسيح في السماء (١ كورنثوس ١٥: ٢٥) فوق بيت إسرائيل الحقيقيّ.

هل تنتفع الأمم من العهد الداوديّ؟

ولكن السؤال الذي يجب أن نطرحه هو: ما علاقة كل هذا بنا نحن الأمم؟ أليس العهد مع داود ذات صلة فقط بشعب إسرائيل؟ أليس تحقيق الوعد هو ببساطة ملك المسيح الألفي على شعب إسرائيل المفدي؟ إجابة العهد القديم والعهد الجديد المدوية هي لا! مُلك المسيح كملك داوديّ له صلة مباشرة بنا نحن الأمم اليوم.

قرار مجمع أورشليم:

انظر إلى أعمال ١٥: ١٤-١٨. تذكرون أنه في مجمع أورشليم في أعمال ١٥ كانت المسألة ما إذا كان على الأمم أن يُختتنوا من أجل أن يخلصوا. ورأى الرسل أنفسهم كورثة لوعد العهد القديم لإسرائيل: المسيا، ابن داود، قد جاء، وقد مات من أجل خطية إسرائيل، وقد قام من بين الأموات، ويملك في السماء وسيأتي مرة أخرى ليدين ويملك على الأرض. إن السؤال الكبير هو: هل يمكن للأمم أن يستفيدوا من كل هذا دون أن يصبحوا يهود من خلال الختان؟

في مجمع أورشليم أخبر بطرس كيف أن الأمم قبلوا الروح كما اليهود (١٥: ٨). وأخبرا بولس وبرنابا عن نجاحهما بين الأمم. ثم وجّه يعقوب ضربة قاضيّة للحصريّة اليهوديّة في ١٥: ١٤-١٨ بإشارة إلى العهد الداوديّ وعلاقته بالأمم: “سِمْعَانُ [بطرس] قَدْ أَخْبَرَ كَيْفَ افْتَقَدَ اللهُ أَوَّلاً الأُمَمَ لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ شَعْبًا عَلَى اسْمِهِ.  وَهذَا تُوافِقُهُ أَقْوَالُ الأَنْبِيَاءِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ [نقلا عن عاموس ٩: ١١]:  سَأَرْجعُ بَعْدَ هذَا وَأَبْنِي أَيْضًا خَيْمَةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ، وَأَبْنِي أَيْضًا رَدْمَهَا وَأُقِيمُهَا ثَانِيَةً. لِكَيْ يَطْلُبَ الْبَاقُونَ مِنَ النَّاسِ الرَّبَّ، وَجَمِيعُ الأُمَمِ الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ.”

الامتداد العالميّ لمملكة داود:

هذا يعني أنه عندما قال الله لداود في ٢ صموئيل ٧: ١٦ “يَأْمَنُ بَيْتُكَ وَمَمْلَكَتُكَ إِلَى الأَبَدِ أَمَامَكَ ” كان في مخيلته بيتا ومملكةً أكبر بكثير من إسرائيل. سبب أن العهد الداوديّ ذات صلة بالأمم الأمريكيين في القرن العشرين هو لأن توصيف الله الوظيفيّ الذي أعلنه لداود شمل ليس فقط مسؤولية إقامة ملكا بارا في إسرائيل إلى الأبد، ولكن أيضا جعل هذا الملك على الكنيسة ومن ثم على كل العالم. قال إشعياء “لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ.” سوف يكون ملكه في كل أنحاء العالم. وقال الملاك في رؤيا ١١: ١٥ “قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ، فَسَيَمْلِكُ إِلَى أَبَدِ لآبِدِينَ.” عند يتمم الله جميع المسؤوليات في توصيفه الوظيفيّ، سيكون بيت داود هو كوكب الأرض. وستكون رعايا الملك ليس فقط اليهود، وإنما شعبا من كل لسان وقبيلة وأمة (رؤيا ٧: ٩).

إرساليّة الكنيسة اليوم:

إن إرسالية الكنيسة اليوم هي نخضع أنفسنا لابن داود الذي يملك الآن بشكل غير مرئي من السماء إلى أن يضع كل أعدائه تحت قدميه. وإرساليتنا هي أن نعلن الأخبار السارة للناس في كل حي وكل أمة لكي يكونوا رعايا سعيدة لملكوت المسيح إلى الأبد، إذا ما حوّلوا ولائهم من ملكوت هذا العالم إلى ملكوت المسيح.

لوضع الأمر بطريقة أخرى، تعني القداسة الشخصية تعلّم اتجاهات وعادات الملكوت الجديد، ملكوت المسيح. والكرازة الشخصيّة تعني إخبار الناس بأن الملك الشرعيّ للعالم والذي قد تمردوا ضده هو على استعداد أن يمنح العفو لكل من يرجع ويعيش في ظل مُلكه. يسوع المسيح، ابن داود، والملك الأبديّ للعالم سيأتي من السماء، ويقيم ملكا من الفرح والبر والسلام إلى أبد الآبدين على جميع رعاياه المخلصين. وإلى أن يأتي، فإن إرساليّة الكنيسة في جميع أنحاء العالم هي تقديم عفوا كاملا ومجانا وكونيّا إلى الناس من كل أمة.

أختم بدعوة أن تجعل عهد الله مع داود عهدا معك. إنها ليست مجرد دعوتي. إنها دعوة الله. أنتقل إلى إشعياء ٥٥: ١-٣. إن فكرة هذه الدعوة هي أن ذات سيادة وحكمة ومحبة الله، التي أكّدت لداود المملكة الأبديّة يمكنها أيضا أن تؤكّد لك الصلاح الأبديّ لله كجزء من تلك المملكة. انصت: “أَيُّهَا الْعِطَاشُ جَمِيعًا هَلُمُّوا إِلَى الْمِيَاهِ، وَالَّذِي لَيْسَ لَهُ فِضَّةٌ تَعَالَوْا اشْتَرُوا وَكُلُوا. هَلُمُّوا اشْتَرُوا بِلاَ فِضَّةٍ وَبِلاَ ثَمَنٍ خَمْرًا وَلَبَنًا. لِمَاذَا تَزِنُونَ فِضَّةً لِغَيْرِ خُبْزٍ، وَتَعَبَكُمْ لِغَيْرِ شَبَعٍ؟ اسْتَمِعُوا لِي اسْتِمَاعًا وَكُلُوا الطَّيِّبَ، وَلْتَتَلَذَّذْ بِالدَّسَمِ أَنْفُسُكُمْ. أَمِيلُوا آذَانَكُمْ وَهَلُمُّوا إِلَيَّ. اسْمَعُوا فَتَحْيَا أَنْفُسُكُمْ. وَأَقْطَعَ لَكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا، مَرَاحِمَ دَاوُدَ الصَّادِقَةَ.”

إن ذات الرحمة والأمانة التي ضمنت لداود مملكة أبديّة يمكنها أن تضمن لك كل السعادة والبر والسلام لتلك المملكة. يقول الله لك هذا الصباح: إن كنت ستأتي إليّ خالي اليدين وجائع، وعلى استعداد لاستقبال ما أعطيه، فأنا سأكتب لنفسي في حضورك توصيفا وظيفيّا وألزم نفسي بقسم أن أعاملك للأبد بنفس الرحمة والأمانة التي أظهرتهما في عهدي مع داود.

وانصت إلى التماس الرب يسوع نفسه في الإصحاح الأخير من الكتاب المقدس (رؤيا ٢٢: ١٦ وما يليه): “أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ. كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ… مَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّانًا.” تعالى لابن داود، تعالى إلى ملك الملوك، وهو سيوقّع بدمه الخاص نسختك الشخصيّة من التوصيف الوظيفيّ الذي قد كتب لنفسه، أي أن يكون إلهك. وسيعطيها لك كعهدا أبديّا، ألا يتحوّل أبداعن صنع الخير لك.

شارك مع أصدقائك

جون بايبر

جون بايبر (دكتوراه في اللاهوت DTheol، جامعة ميونيخ) هو مؤسس ومعلم في هيئة desiringGod.org وعميد جامعة وكلية لاهوت بيت لحم. وقد خدم لمدة ٣٣ عامًا كالراعي الرئيسي لكنيسة بيت لحم المعمدانية في مدينة مينيابوليس، بولاية مينيسوتا، وهو مؤلف لأكثر من ٥٠ كتابًا، بما في ذلك "الاشتياق إلى الله"، "لا تضيع حياتك"، "هذا الزواج السريع"، و"هل يرغب الله أن يخلص الجميع؟"