الله الكائن الكامِل

التعريف

ينبع لاهوت “الكائن الكامِل” من التأملات اللاهوتية لـ “أنسِلم” من كانتربري (1033-1109)، الذي سعى إلى التفكير من خلال التصريحات الكتابية عن الله فيما يجب أن يكون عليه بصفته الإله الكامِل. للأسف، غالبًا في الوقت الحالي لا يبدأ لاهوت الكائن الكامل من أسُس كتابية، مما يقود إلى الكثير من الارتباك والصنمية في إطار محاولات حالية.

المُوجز

لاهوت “الكائن الكامِل” هو محاولة تقديم تصوُّر عقلاني عن الله ويجب أن يكون عليه. ينبع هذا النوع من التفكير اللاهوتي التأملي من كتابين لـ “أنسِلم” من كانتربري (1033-1109)، المونولوجيون (الحوار الداخلي) والبروسلوجيون (الحوار مع الله) (1077-78)، حيث طوَّر فكرة الله الكائن الأكمل من تصريحات كتابية عن الله. هذا هو أساس الحجة الأنطولوجية، أنه نظرًا لأن (1) الله هو الكائن الأكمل، ولأن (2) الوجود أفضل من عدم الوجود، إذًا، (3) الكائن الأكثر كمالًا ينبغي أنْ يكون موجودًا، وبالتالي (4) يجب أن يكون الله موجودًا. في وقت لاحق، لم يعتمد اللاهوتيون الكاثوليك والمُصلحون بشكل كبير على حجج أنسلِم، مفضلين الحجج الكونية من لاهوتيين مثل توما الأكويني. يُظهر لاهوت “الكائن الكامِل” الذي يُعمَل به اليوم ضعف طريقة أنسِلم: إذا كان المبدأ الأول للحجة لا يُعبِّر عن حقيقة كتابية، فإن “الإله” الذي نفكر فيه هو انعكاس لانطباعات علماء اللاهوت أكثر من الإعلان الذاتي الكتابي لله.


لاهوت “الكائن الكامِل” هو محاولة تقديم تصوُّر عقلاني عن الله ويجب أن يكون عليه. ينبع هذا النوع من التفكير اللاهوتي التأملي من كتابين لـ “أنسِلم” من كانتربري (1033-1109)، المونولوجيون (الحوار الداخلي) والبروسلوجيون (الحوار مع الله) (1077-78)، حيث طوَّر فكرة الله الكائن الأكمل من تصريحات كتابية عن الله. هذا هو أساس الحجة الأنطولوجية، أنه نظرًا لأن (1) الله هو الكائن الأكمل، ولأن (2) الوجود أفضل من عدم الوجود، إذًا، (3) الكائن الأكثر كمالًا ينبغي أنْ يكون موجودًا، وبالتالي (4) يجب أن يكون الله موجودًا. في وقت لاحق، لم يعتمد اللاهوتيون الكاثوليك والمُصلحون بشكل كبير على حجج أنسلِم، مفضلين الحجج الكونية من لاهوتيين مثل توما الأكويني. يُظهر لاهوت “الكائن الكامِل” الذي يُعمَل به اليوم ضعف طريقة أنسِلم: إذا كان المبدأ الأول للحجة لا يُعبِّر عن حقيقة كتابية، فإن “الإله” الذي نفكر فيه هو انعكاس لانطباعات علماء اللاهوت أكثر من الإعلان الذاتي الكتابي لله.

الله هو الأعظم

وضع أنسِلم من كانتربري (1033-1109)، في عملَيْن، المونولوجيون والبروسلوجيون [أي الحوار الداخلي والحوار مع الله (1077-78)]، فكرة الله باعتباره الكائن الأكثر كمالًا، كوسيلة لتطوير فهم منهجي للألوهية. فهو، بصفته الإله “الذي لا أعظم منه”، موضوع خدمتنا وعبادتنا. من هذا، نحصل على “لاهوت الكائن الكامل”. وضعه أنسِلم من حيث اللاهوتية الكلاسيكية. علاوة على ذلك، اعتقد أن فكرة الله باعتباره الكائن الأكمل يمكن تطويرها إلى دليل قائم على الله كونه الكائن الأكثر كمالًا، وكائن كامل غير قادر على الفشل في الوجود. هذا هو أساس الحجة الأنطولوجية، حجة وجود الله من النظر في فكرة الله وحده.

“فكرة الله” هنا لا تعني صورة الله في عين العقل. فلابد بالضرورة أن تكون هذه الصورة محدودة وغير كافية. صور الله، سواء كانت جسدية أو عقلية، ممنوعة× وإنما هو مفهوم الله. فالنهج البشري هو ابتكار صور عقلية أو أدبية لله، لكن الكتاب المقدس لا يشجِّع على اتِّباع هذا النهج. فالمونولوجيون (أو الحوار الداخليّ) هو تأمل مستمر ومطلوب حول كيان الله.

لاهوت “الكائن الكامِل” في التقليد المُصلَح

كان الكمال الإلهي في اللاهوت المُصلح اللاحق مفهومًا على أنه النتيجة الطبيعية للحتمية الإلهية والاستقلال، وأنه لم يوجد بواسطة الخلق. الله لا يحتاج إلى شيء؛ لا يستمد وجوده من أي شيء آخر فهو كامل. الكمال ليس من صفات الله، لكن أيًّا من هذه يمكن فهمها على أنها كمالات، لأنها كاملة.

يضرب جون أوين هذه الملاحظة نفسها عن ارتباط الكمال بالاكتفاء الذاتي الإلهي:

الله كامل تمامًا؛ وكل ما هو كامِل يُنسب إليه؛ وإلا فإنه لا يمكن أن يكون لديه اكتفاء ذاتي بالتمام أو فيه كل الكفاية أو مباركًا في ذاته إلى الأبد. إنه مثالي تمامًا، بقدر ما لا يريد الكمال له، وقبل جميع ما يمكن أن نتصوره أو نتخيله نسبيًا عن الكمال (Works، المجلد السادس عشر، 95).

نظرًا لضعف طريقة أنسِلم، وحقيقة عدم وجود أي أثر لمثل هذا الدليل على وجود الله في الكتاب المقدس، فمن العدل أن نقول إن اللاهوتيين الكاثوليك والمُصلحين والبيوريتانيين في القرنين السادس عشر والسابع عشر، يصنفون الحجة الأنطولوجية لـ “أنسِلم” تحت البراهين الكونية التي وضعها الأكويني في كتابه “السُبُل الخمس”. هذه الحجج لا تنطلق من فكرة عن الله، بل تعتمد على حقائق عن عالَمنا، اتِّباعًا لنهج الرسول بولس في رو ١ و٢، وفي كرازته للأمم في أثينا وليسترا) الاعمال ١٤؛ 17). مثل الأكوينيين، في لاهوتهم الطبيعي، وهو لاهوت مستمد من الإعلان العام لله، فإن المُصلحين لديهم اهتمام ضئيل أو معدوم بالحجة الأنطولوجية.

الكمال الإلهي – التطور اللاحق

هناك ضعف في طريقة أنسِلم في كتاب البروسلوجيون (أو الحوار مع الله)، وهو كتاب أطول وأكثر تفصيلاً من المونولوجيون (الحوار الداخلي). سؤاله المفتاحي هو “هل من الأفضل أن تكون… (“x”) … بدلاً من عدمه؟” إذا كانت الإجابة “نعم”، فإن الفجوة مليئة بصفة الخلق المثالي. تكون بعض الإجابات على الأسئلة غير متوقعة نوعًا ما. على سبيل المثال، من الأفضل أن يكون الله أبديًا أكثر من أنْ يحده الزمن، وأن يكون ثالوث أفضل من عدمه، وأن يكون خالقًا أفضل من عدمه، وما إلى ذلك. مع ذلك، يفترض أنسِلم أيضًا في جميع الأوقات، أن الله أعظم مما يمكن التفكير فيه، حيث يسكن في نور لا يُدنى منه.

خطَر الذاتية

لكن هذه ليست طريقة جيدة ما لم تكن لدينا طريقة متطورة ومتفق عليها لتحديد فكرة الله. لقد فكر أنسِلم ذاته في مثل هذا اللاهوت كمجال، لتطوير تفكير المرء في الزعم الكتابي حول كيف نتعرف على الله، كيف يكون. في يديه، هذا ليس تساهلًا مع الذات، وخلقًا “لله الذي أريده”، ولكن التفكير الجاد في رب إله الكتاب المقدس والتأمُّل في كمالاته. لا ينطوي التأمل في هذه الحالة على إفراغ العقل، بل ملئه والتركيز على الحقيقة المُعلنة عن جوهر الله. كلا الكتابَين المذكورَين آنفا كانا موجَّهان إلى الله. وضع بنيتهما أنسِلم كتأملات. إنهما لا يغطيان فقط كيان الله الواحد، البسيط، لكن أيضًا الله كخالق وثالوثه كأب وابن وروح قدس، بما في ذلك عمل الثالوث في تدبير الفداء. لا يغطي الكمال الله، كما هو في ذاته وحسب، بل أيضا في أعماله في الخلق وكيف كشف عن نفسه كأب وابن وروح قدس. مثل هذا النهج، ما تسميه كاثرين روجرز “وجهة نظر العصور الوسطى”، يبقى قريبًا من شهادة الكتاب المقدس، وبالتالي فهو أقل تخمينًا ويرتبط بثقافتنا، كما سنرى.

قد يبدو هذا الوصف لطريقة إثبات وجود الله وكأنه طريقة لاختراع إله، وابتكار إله شخصيته هي أكثر ما أعتبره مثيرًا للإعجاب. إذا استخدمت الحجة الأنطولوجية بهذه الطريقة، فإن الربوبي أو الأحادي أو الكوني سيطور كل منهم مفهومًا مختلفًا عن الله الذي تصوره أنسِلم. لكل منهم فكرة مختلفة عن الكمال الإلهي. أسلوبه في التطور اللاهوتي فريسة للذاتية أو لنسبية الثقافة الإنسانية.

شهادة الكتاب المقدس

في الكتاب المقدس، يُقال إن الله وأعماله كاملة (أيوب 7:11؛ مز 18: 30؛ 7:19؛ متى 48:5). عندما يقال في الكتاب المقدس أنَّ الرجال والنساء كاملون، فهذا انعكاس لكمال الله، كما في وصية المسيح: كونوا كاملين لأن الله كامل”، مُشيرًا إلى الكمال المستمد من الله الخالق. في بعض الحالات، تُستخدم كلمة “مثالي” بمعنى مختلف، بمعنى “كامل”. الشخص القادر على لجام جسده كله هو “كامل” (يعقوب 2:3). يشير كاتب العبرانيين، في شرح عهد الله الذي صنعه مع إبراهيم، إلى الله، الذي ختَم العهد بقَسَم، ولأنه لم يكن لديه مَن يقسم، فقد أقسم بذاته (13:6). إنَّ الفكرة وراء هذه العظمة هي فكرة كائن مثالي، الذي لا يمكن تصوُّر أعظم منه، فكرة كتابية. العظمة ليست عظمة الحجم أو الشكل أو الوزن، بل جوهر الله. لذا فهو ذاته الأعظم في القوة والمعرفة، والعدالة والحب والحكمة، وما إلى ذلك. على نفس المنوال، يقول العبرانيون أيضًا عن المسيح أنه “رئيس كهنة عظيم” (عب 14:4). “الكمال” موضوع متكرر في العبرانيين (عب 10:2؛ 9:5؛ 28:7؛ 1:10؛ 40:11؛ 23:12). المسيح مخلصنا كُمِّل إلى الأبد من خلال الألم، وكونه كاملاً أصبح مصدر الخلاص الكامل الأبدي لكل مَن يطيعه، الأبرار الذين كُمِّلوا. الكمال له تركيز كرِستولوجي مميز في العهد الجديد.

الحَداثة

في ثقافتنا الحديثة، من المعتاد التفكير في كمال الله على أنه قدرته وصلاحه المُمارَس في تحقيق حالات بشرية ممتعة ومرضية للحياة. في الحداثة، الله فوق كل شيء “كلي الصلاح” فيما يتعلق بخلقه، خاصة في حالة المخلوقين على صورته. كما رأينا، ربَط الله نفسه بعهد لإبراهيم. الى جانب الوفاء بهذه الالتزامات، هل على الله واجبات أخرى؟ وهل لديه حقوق؟ وهل إرادته هي أن يجعلنا جميعًا سعداء طوال الوقت؟ لذا فإن الكمال الإلهي مشروط بالثقافة وليس بالكتاب المقدس.

بعد هذا الفهم المتغير للكمال، يستخدم لاهوت “الكائن الكامِل” (كما يُطلق عليه) حاليًا في فلسفة الدين كمعيار مشترك يمكن للأشخاص من المواقف اللاهوتية المختلفة أن يجدوا معيارًا فلسفيًا موحدًا، لتكوين الحجج، واختبار حدس المرء، وما إلى ذلك. إحدى الطرق هي التفكير كأعظم كائن، كشخص وحده يستحق العبادة. طريقة أخرى هي اتِّباع استجواب أنسِلم المستمر في البروسلوجيون: هل من الأفضل أن تكون “x” من ألا تكون؟

لذلك، إذا كان الشخص يعتقد بالفعل أن الله في داخل الزمن، فقد يتعارض حدسه مع حدس أنسلِم. أي أنه قد يجلب إلى لاهوت “الكائن الكامِل” استنتاجًا توصَّل إليه من مكان آخر. في الوقت الحاضر، أصبح علم لاهوت الكائن الكامل أداة أكثر مرونة، حيث يأخذ أو يعكس الله كما هو، والذي قد يكون من مصادر مختلفة. هذا اللاهوت مبتكر بهذا المعنى السيئ، كونه حول فكرة إله يرغب الناس في الحصول عليه، والتفكير التحليلي بشأن هذا الإله.

شارك مع أصدقائك

أستاذ اللاهوت في كلية هايلاند في اسكتلندا وأستاذ شريك في كلية ريجنت في فانكوفر، كندا.