الضمان الأبدي هو مشروع جماعي

عبرانيين ٣: ١٢١٩

١٢اُنْظُرُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ لاَ يَكُونَ فِي أَحَدِكُمْ قَلْبٌ شِرِّيرٌ بِعَدَمِ إِيمَانٍ فِي الارْتِدَادِ عَنِ اللهِ الْحَيِّ. ١٣بَلْ عِظُوا أَنْفُسَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ، مَا دَامَ الْوَقْتُ يُدْعَى الْيَوْمَ، لِكَيْ لاَ يُقَسَّى أَحَدٌ مِنْكُمْ بِغُرُورِ الْخَطِيَّةِ. ١٤لأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا شُرَكَاءَ الْمَسِيحِ، إِنْ تَمَسَّكْنَا بِبَدَاءَةِ الثِّقَةِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ، ١٥إِذْ قِيلَ:«الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي الإِسْخَاطِ». ١٦فَمَنْ هُمُ الَّذِينَ إِذْ سَمِعُوا أَسْخَطُوا؟ أَلَيْسَ جَمِيعُ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ مِصْرَ بِوَاسِطَةِ مُوسَى؟ ١٧وَمَنْ مَقَتَ أَرْبَعِينَ سَنَةً؟ أَلَيْسَ الَّذِينَ أَخْطَأُوا، الَّذِينَ جُثَثُهُمْ سَقَطَتْ فِي الْقَفْرِ؟ ١٨وَلِمَنْ أَقْسَمَ: «لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتَهُ»، إِلاَّ لِلَّذِينَ لَمْ يُطِيعُوا؟ ١٩فَنَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا لِعَدَمِ الإِيمَانِ.

شرطان كبيران:

ركزنا الأسبوع الماضي على شرطين كبيرين في الآية ٦ والآية ١٤. دعونا نضعهم أمامنا مرة أخرى ومن ثم نركز على كيف يمكن أن تساعدنا حياتنا معا في كنيستنا-كنيسة بيت لحم على تحقيق هذه الشروط.

الآية ٦ب: “[المسيح] بَيْتُهُ [= أسرته، شعبه] نَحْنُ إِنْ تَمَسَّكْنَا بِثِقَةِ الرَّجَاءِ وَافْتِخَارِهِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ”. لاحظ بعناية. لا يقول: سنصبح بيت المسيح إذا نتمسك برجائنا. بل يقول: نحن بيته إن تمسكنا برجائنا. وبعبارة أخرى، التمسك بالرجاء هو نتيجة وإظهار وبرهان أننا الآن بيته.

ثم انظر إلى الشرط في الآية ١٤: “لأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا شُرَكَاءَ الْمَسِيحِ، إِنْ تَمَسَّكْنَا بِبَدَاءَةِ الثِّقَةِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ.” مرة أخرى، لاحظ الصياغة بعناية. فإنه لا يقول: “سنصير شركاء المسيح في المستقبل إن تمسكنا بثقتنا.” بل يقول: “قد صرنا شركاء [في الماضي] إن تمسكنا بثقتنا.” وبعبارة أخرى، فإن تمسكنا بثقتنا يؤكد صحة أن شيئا حقيقيا ودائما قد حدث لنا، أي، أننا قد صرنا شركاء المسيح. قد وُلدنا حقا مرة ثانية. لقد تجددنا حقا. ولقد جُعلنا حقا جزءً من بيت المسيح.

ماذا إذن ستكون النتيجة إن كنا لا نتمسك بثقتنا؟ الإجابة هي ليس أنك ستتوقف عن كونك شريكا للمسيح، ولكن أنك لم تكن مطلقا شريكا للمسيح. اقرأها بعناية: “لأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا شُرَكَاءَ الْمَسِيحِ، إِنْ تَمَسَّكْنَا بِبَدَاءَةِ الثِّقَةِ.” ولذا “إن كنا لا نتمسك بإقرارنا، إذن لم نصر شركاء المسيح”.

تعلّم العبرانيين الضمان الأبدي:

على أساس هذا النص قلت في الأسبوع الماضي أن هذا السفر يعلّم عن الضمان الأبدي. وهذا يعني أنه يعلّم أنه إن كنت قد صرت حقا شريكا المسيح، ستكون دائما هكذا. سيعمل هو فيك للحفاظ على إيمانك ورجائك. طريقة أخرى لقول ذلك هو أنه إن كنت ابنا لله، فإنك لا يمكن أن تتوقف عن أن تكون ابنا لله. لكننا نعلم جميعا أن هناك الكثير من الناس الذين يبدأون في الحياة المسيحية ثم يرتدون ويتركون الرب. هذا النوع من الإنسان هو إلى حد بعيد في ذهن هذا الكاتب. فهو يعرف أن ذلك يحدث ويتعامل مع الأمر في هذا النص وكيفية منعه من الحدوث. ولكن عندما يحدث ذلك، تفسيره ليس أن الشخص كان حقا شريكا للمسيح، لكنه لم يكن مطلقا شريكا حقيقيا للمسيح. إن تمسكنا بالثقة، فقد صرنا شركاء المسيح، وإن لم نفعل ذلك، إذن نحن لم نكن قد صرنا شركاء المسيح.

وبعبارة أخرى، المثابرة في الإيمان والرجاء، والتمسك بثقتكم في الله، ليس وسيلة للحماية من فقدان مكانتك في المسيح، بل هو وسيلة لإظهار أن لك مكانة في المسيح. وهذه المكانة لا يمكن أبدا أن تُفقد، وذلك لأنها لك بنعمة الله المجانية، ولأن المسيح قد وعد بعهد وقسم (عبرانيين ٦: ١٧-١٩) أن يحفظ أولئك الذين هم له (عبرانيين ١٣: ٥، ٢٠-٢١). وبعبارة أخرى، ضماني وثقتي ليس قرارا أو صلاة أذكر أنني قدمت بها في الماضي، بل ضماني وثقتي هو أمانة وقوة الله أن يحفظني بالرجاء فيه في المستقبل. ثقتي هي: “أَنَّ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيكُمْ [فيَّ] عَمَلاً صَالِحًا يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (فيلبي ١: ٦).

كيف يمكن أن “ترتد عن الله” إن لم تكن مؤمنا قط؟

هذا يثير تساؤلات عدة. احدها: حسنا، إن كان فشلنا في التمسك برجائنا وثقتنا يعني أننا لم نكن أبدا حقا شركاء المسيح، فعما نرتد في الآية ١٢؟

اُنْظُرُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ لاَ يَكُونَ فِي أَحَدِكُمْ قَلْبٌ شِرِّيرٌ بِعَدَمِ إِيمَانٍ فِي الارْتِدَادِ [أو الابتعاد] عَنِ اللهِ الْحَيِّ.

بأي معنى يمكن أن يكون هناك ارتدادا أو ابتعاد عن الله إن لم نكن حقا ننتمي إلى الله؟

جواب واحد بسيط هو أنه يمكن أن يكون هناك ابتعادا حقيقيا ومؤلما عن الخطيبة ولكنه ليس ارتدادا عن زوجة. أعتقد أن الطريقة التي يريد منا الكاتب أن نفكر في هذا مقدمة في مثال شعب إسرائيل في الآيات ٧-١١ (= مزمور ٩٥). فهو يشير في الآية ٩ أن الشعب “أَبْصَرُوا أَعْمَالِي أَرْبَعِينَ سَنَةً”، ومع ذلك قسوا قلوبهم ضد الله (الآية ٨)، وضلوا في قلوبهم (الآية ١٠). وبعبارة أخرى، قد رأوا الله يشق البحر الأحمر ويظهر لهم رحمة عظيمة لخلاصهم من مصر. كانوا قد رأوه يعطي الماء من الصخرة، والمن والسلوى من السماء، والتوجيه بعمودي سحاب والنار، والنجاة من الأعداء، وشرائع جيدة للعيش بها، والرفق بهم في تمردهم. ولكن على الرغم من كل هذا قسوا قلوبهم وتوقفوا عن الرجاء في الله. أرادوا أن يرجعوا إلى مصر، وصنعوا أصناما وتذمروا. هذا هو ما يقصده الكاتب بـ “الارْتِدَادِ عَنِ اللهِ الْحَيِّ”.

لقد اُجتيحوا في أعمال الله العظيمة. كانوا قد ذاقوا قوته واستفادوا من روحه وصلاحه. لقد استُنيروا بإعلان الله أكثر من أي شعب على الأرض. وقد ارتدوا. هكذا كان الأمر مع بعض الناس في أوقات العهد الجديد. وهكذا الأمر اليوم. لقد اُجتيحوا هؤلاء الناس بالآيات والعجائب المذكورة في عبرايين ٢: 4. لقد ذاقوا قوة الدهر الآتي. كانوا قد تشكلوا إلى شعب محب واختبروا مقاييس من عمل الروح القدس في وسطهم وفي حياتهم. كانوا قد لمحوا نور الإنجيل. وكانوا قد اعتمدوا واكلوا من العشاء الرباني واستمعوا إلى الوعظ، وربما قد هم أنفسهم قد صنعوا بعض الأعمال الرائعة.

ولكن، كما هو الحال مع إسرائيل، قسوا قلوبهم، وكان للقلب الشرير لعدم الإيمان اليد العليا، وبدأوا يضعوا رجائهم في أشياء أخرى بدلا من المسيح، وعلى مر الزمن ارتدوا عن كل الخير قد اُحيط بهم. وتقول العبرانيين أن التفسير هذا هو أنهم “لم يصيروا شركاء المسيح”. كانوا شركاء لبعض مقاييس الاستنارة والقوة والفرح، ولكن (استخداما لكلمات المسيح) لم يكن هناك أصل لهذا الزرع فجف، في حين تم خنق الآخرين من هموم هذه الحياة وغناها ولذتها (لوقا ٨: ١٣-١٤).

وبعبارة أخرى، يمكنك أن ترتد عن الله لدرجة أنك اقتربت من عمل الله، ومحبة شعبه، ونور كلمته، وامتياز الصلاة، والقوة المعنوية لمثاله، ومواهب ومعجزات روحه، وبركات عنايته والإعلان اليومي للشمس والمطر. فمن الممكن أن تتذوق هذه الأشياء، وتتأثر بعمق بهم، وتُفقد في عدم الإيمان، لأن يسوع المسيح نفسه ليس بهجة قلبك ورجائك وثقتك ومجازاتك.

علّم المسيح هذه الأمور مرارا وتكرارا ليحذر من الثقة الكاذبة. على سبيل المثال، قال في متى ٧: ٢١-٢٣،

لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!

التنبأ، وطرد الشياطين، وصنع المعجزات باسم المسيح لا يبرهن أن المسيح قد عرفنا، أو أننا شركاء المسيح. فمن الممكن أن نفعل هذه الأشياء بقلب قاس لم يتغير. دليل “كونك معروف” من قبل المسيح هو أن المسيح هو رجائنا، وثقتنا، وكنزنا، ومجازاتنا (عبرانيين ١٠: ٢٤، ١١: ٢٥-٢٦). هذه هي الحقيقة الداخلية التي تحول حياتنا.

هذا السؤال الأول: كيف يمكنك الارتداد أو الابتعاد عن الله، إن لم تكن أبدا شريكا المسيح؟ والجواب هو: هناك العديد من الطرق للمشاركة في القرب من الله دون الثقة فيه والرجاء فيه ومحبته. وهكذا هناك طرق عديدة لتحويل عن المسيح من دون أن تكون أبدا شريكا للمسيح نفسه.

كيف يمكننا أن نتأكد من ضماننا الأبدي؟

وبالتالي فإن السؤال الثاني هو: ماذا سنفعل؟ وكيف يمكننا معرفة والتمتع والتأكد من ضماننا الأبدي؟ الآيات ١٢ و١٣ تقدم إجابتين: واحدة أكثر عمومية وأخرى أكثر تحديدا.

أولا الإجابة العامة في الآية ١٢: “اُنْظُرُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ لاَ يَكُونَ فِي أَحَدِكُمْ قَلْبٌ شِرِّيرٌ بِعَدَمِ إِيمَانٍ فِي الارْتِدَادِ عَنِ اللهِ الْحَيِّ.” الإجابة العامة هي “احذروا!” أو “انتبهوا!” أو “انظروا!” وبعبارة أخرى، لا يمكن التساهل أو اللامبالاة أو التغافل عن حالة قلبك. انظر إليه. كما يقول بولس في ٢ كورنثوس ١٣: ٥، امتحنوا أنفسكم لمعرفة هل أنتم في الإيمان. أو مثل بطرس الذي قال في ٢ بطرس ١: ١٠ “اجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ.” فلا تنحدر أوتنجرف وتعامل مثابرتكم في الإيمان على أنها أمرا مسلما به.

جميع أنواع العواطف البديلة تشن حربا على نفسك كل يوم لسرقة إيمانك واستبدال المسيح بكنوز أخرى. احترس! انتبه! كن جادا! كن رقيبا على قلبك. كما تقول أمثال ٤: ٢٣ “فَوْقَ كُلِّ تَحَفُّظٍ احْفَظْ قَلْبَكَ، لأَنَّ مِنْهُ مَخَارِجَ الْحَيَاةِ.” هذه هي إجابة الآية ١٢. انظروا!

قد يقول قائل: “حسنا، إن أنا شريكا حقيقيا للمسيح، وأعتقد أنني كذلك، لماذا يجب أن أخذ حذري وأكون يقظا جدا، في حين أنك قلت أنني مضمونا إلى الأبد ولا يمكن أن أخسر مكانتي في المسيح؟” أعتقد أن السؤال يفترض شيئا يقول عنه العهد الجديد أنه ليس صحيحا. فإنه يفترض أن طريق الله لوصول مختاريه إلى السماء هو بدون يقظة وسهر وتقييم ذاتي واستخدام متقن للوسائط. ولكن في الواقع يقول المسيح في إنجيل لوقا ١٣: ٢٤ “اجْتَهِدُوا أَنْ تَدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ، فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَطْلُبُونَ أَنْ يَدْخُلُوا وَلاَ يَقْدِرُونَ.” ويقول بطرس “اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ.” (١ بطرس ٥: ٨). الحقيقة هي ليست أن المسيحيين الحقيقيين لا يجب أن يكونوا يقظين وساهرين على قلوبهم، ولكن يمكنك أن تعرف أنك مسيحيا حقيقيا إذا ما كنت متيقظا وساهرا على قلبك.

إنه المسيحيين المتعجرفين الذين بحاجة أن يقلقوا على وضعهم. إنهم هؤلاء الذين تعمدوا وسار في جناح الكنيسة أو صلوا صلاة واشتركوا على مائدة الرب وجاء إلى الكنيسة، ولكن لا يحبون المسيح أو يحسبوه كنزهم الغالي أو يضعون رجائهم فيه، ويتطلعون إلى رؤيته، ويمكنهم القول “لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ.” هؤلاء واثقون بأنفسهم ويحتاجون إلى الشعور بعدم الأمان (انظر تثنية ٢٩: ١٩). هؤلاء الناس، وغالبا في الكنيسة، يتعاملون مع خلاصهم مثل التطعيم. فقد حصلوا على التطعيم منذ سنوات ويفترضون أن كل شيء على ما يرام دون أن يلاحظوا أخطار عدم الإيمان حولهم. يقولون: “حصلت على تلقيح ضد الجحيم عندما كان عمري ثمانية أيام عمره أو ست سنوات”. وهكذا فالوصول إلى السماء ليس مسألة يقظة على منع قلوبهم من أن يصبح قاسي وغير مؤمن. وإنما مجرد مسألة التأكد من أن التلقيح قد حدث. هؤلاء هم أولئك الذين في خطر كبير.

هذه هي الإجابة الأولى لكيفية البقاء متأكيدن من ضماننا الأبدي: انظر إلى قلبك. احترس من عدم الإيمان. وهذا يعني، أن تكون متيقظا للحفاظ على ثقتك ورجائك في المسيح ضد كل كنوز متنافسة.

الإجابة الثانية أكثر تحديدا في الآية ١٣: “بَلْ عِظُوا [أو شجعوا] أَنْفُسَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ، مَا دَامَ الْوَقْتُ يُدْعَى الْيَوْمَ، لِكَيْ لاَ يُقَسَّى أَحَدٌ مِنْكُمْ بِغُرُورِ الْخَطِيَّةِ.” الإجابة الثانية هي أن الضمان الأبدي هو مشروع الجماعة. ماذا نفعل في كنيسة بيت لحم لتجنب الـ “قَلْبٌ شِرِّيرٌ بِعَدَمِ إِيمَانٍ” وألا نتقسى بغرور الخطايا التي تغرينا كل يوم لكي نكنزهم أكثر مما يكون المسيح كنزنا؟

كيف تساعدنا للكنيسة على تجنب الـ “قَلْبٌ شِرِّيرٌ بِعَدَمِ إِيمَانٍ؟”

الإجابة هي أننا يجب أن نكون الكنيسة لبعضنا البعض. وما هو الشيء الرئيسي الذي تصنعه الكنيسة لبعضنا البعض؟ نتحدث مع بعضها البعض بطرق  تساعدنا لا ننخدع بإغراءات الخطية. أو لوضعها بشكل إيجابي، نتحدث لبعضنا البعض بطرق تجعل لنا قلوب إيمان بالقيمة العليا للمسيح فوق كل شيء أخر. نجاهد من أجل الحفاظ على إيمان بعضنا البعض، بالنطق بكلمات توجه الناس إلى حقيقة وقيمة المسيح. هذه هي طريقة الاحتراس من القلب الشرير بعدم إيمان. عدم الإيمان يعني الفشل في الاتكال على المسيح باعتباره كنزك الأعظم. لذا مساعدة بعضنا البعض للإيمان يعني إظهار للناس الأسباب لماذا يجب أن يكون الاشتياق للمسيح والثقة فيه ومحبته أكثر من أي شيء آخر.

تماما هنا نجد تفسيرا لماذا قد عين الله أن تكون الحياة المسيحية حياة يقظة على المستوي الفردي والجماعي، ولماذا خطط للضمان الأبدي أن يكون مشروع الجماعة. التفسير هو أن هذه الطريقة في العيش في الحياة المسيحية تجعل مجد المسيح مركز كل تفاعلنا. إن كان الضمان الأبدي مثل التلقيح، إذن يكون المسيح قد أُكرم في يوم من التطعيم، ولكن بعد يمكن أن يُنسى، مثلما ننسى تطعيماتنا. ولكن ليس الأمر كذلك إن اشتمل الضمان الأبدي على معركة يومية ضد عدم الإيمان حيث فيها أسلحة النصرة هي عظات تبني الإيمان عن كون المسيح جدير بالثقة وعظمة المسيح وقيمة المسيح فوق كل شيء أخر. إن كان لا بد لنا أن نتكلم بهذه الطريقة لبعضهم البعض كل يوم للنتأكد من أننا جميعا نظل نثق فيه، إذن فهو يُرصد له الكثير يوما بعد يوم. فهو دائما يتم الحديث عنه ودائما مركز الاهتمام. هكذا عين الله أن يكون الضمان الأبدي مشروع الجماعة لأنه لا يريد أن يكون ابنه منسيا مثل التطعيم، ولكن يُحتفل به يوميا باعتباره أعظم كنز في الكون.

الآن يتضح من الآيات ١٢ و١٣ أن هناك شيئا أكثر من الوعظ في المشهد هنا. أنا أحاول القيام بذلك في وعظي – أشجعكم أسبوعيا ألا يكون لديكم قلب شرير بعدم إيمان. لكن هذا النص يقول شيئين أكثر من ذلك. الأول (في الآية ١٣) وهو أن هذا الوعظ لابد وأن يحدث “كُلَّ يَوْمٍ”، وليس مرة واحدة فقط في الأسبوع. والآخر هو أنه ينبغي القيام به من قبل “أَنْفُسَكُمْ” (الآية ١٣)، أي، أن تصنعوا ذلك بعضكم البعض، وليس مجرد الحصول عليه من الواعظ.

هذه القناعة، أن خدمة بعضكم البعض تعد أمرا هامة جدا لمثابرتكم في الإيمان، وخلاصكم، هذه القناعة هي السبب في أن الشيوخ قد قرروا البدأ في خدمة المجموعات الصغيرة في خريف هذا العام في كنيسة بيت لحم. إننا نؤمن أنه ليس هناك طريقة أفضل في كنيسة بهذا الحجم أن تشجع هذا النوع من جهاد الإيمان المشترك من إعطاء مكانة أكبر لمجموعات صغيرة والعمل من أجل مشاركة واسعة. لهذا السبب في بداية سبتمبر سيخصص كل ليلة يوم الأحد لمجموعات صغيرة وستكرس كل ليلة يوم الأربعاء للتواصل مع بعضنا البعض في منتصف الأسبوع حول مائدة طعام، متعبدين معا ككنيسة، ومخبرين بقصص تبني الإيمان عما يصنعه الله في المجموعات، ومعلمين كلمة الله لأطفالنا، والشباب، والكبار لئلا يكون هناك في أي واحد منا قلب بعدم إيمان يقودنا إلى الارتداد عن الله الحي.

أشعر بسعادة غامرة إزاء إمكانية الخدمة لكل من هذه التحركات – ١) البدء في مجموعات صغيرة من خلال جعل كل ليلة يوم الأحد متاحة على أمل أن يصبح كثير من الجماعات أكثر وأكثر مثل فرق الخدمة التي تعظ بعضها البعض كل يوم، وأيضا ٢) نموذج مساء يوم الأربعاء للشركة، وعبادة، وتعليم، وقصص عن قوة الله الحاضرة.

وأحثكم من كل قلبي أن تأخذوا هذا النص من الكتاب المقدس على محمل الجد وأنتم تفكرون ما إذا كانت حياتكم تمثّل هذا النمط من الحياة المسيحية. ألا تأتي بكم الاجتماعات المنتظمة في مجموعة صغيرة من المؤمنين، الذين عقدوا العزم على الجهاد من أجل إيمان بعضهم البعض، إلى بيئة من اليقين والأمان أكثر من أي شيء قد عرفته، وتطلقك لشهادة شجاعة وخدمة في العالم؟ أعتقد أن هذا هو ما يدعونا الله إليه.

شارك مع أصدقائك

جون بايبر

جون بايبر (دكتوراه في اللاهوت DTheol، جامعة ميونيخ) هو مؤسس ومعلم في هيئة desiringGod.org وعميد جامعة وكلية لاهوت بيت لحم. وقد خدم لمدة ٣٣ عامًا كالراعي الرئيسي لكنيسة بيت لحم المعمدانية في مدينة مينيابوليس، بولاية مينيسوتا، وهو مؤلف لأكثر من ٥٠ كتابًا، بما في ذلك "الاشتياق إلى الله"، "لا تضيع حياتك"، "هذا الزواج السريع"، و"هل يرغب الله أن يخلص الجميع؟"