اليَأْس والنُّور من تحت أنقاض بيروت

إِلَى مَتَى يَا رَبُّ تَنْسَانِي كُلَّ النِّسْيَانِ؟
إِلَى مَتَى تَحْجُبُ وَجْهَكَ عَنِّي؟
إِلَى مَتَى أَجْعَلُ هُمومًا فِي نَفْسِي وَحُزْنًا فِي قَلْبي كُلَّ يَوْمٍ؟
إِلَى مَتَى يَرْتَفِعُ
عَدُوِّي عَلَيَّ؟

يوم الأحد الماضي، قدتُ كنيستَنا بينما كنَّا نصلِّي عبر المزمور ١٣. ولا تزال هذه الكلمات تتردَّد داخل قلبي منذ لحظة الانفجار في بيروت. الليلة، كانت هذه صرخة مدينتي. إِلَى مَتَى يَا رَبُّ تَنْسَانِي كُلَّ النِّسْيَانِ؟

لبنان يشعر باليأس والنِسيان

يشعر الناس هنا بأنَّهم منسيُّون. إنَّهم يشعرون بأنَّ لعنةً ما قد حلَّت بهم لأنَّ لبنان في الأشهر الأخيرة قد عانى خرابًا وتدميرًا. ولا يمكن تصوُّر أنَّ شيئًا كهذا يمكن أن يحدث الآن.

لم يكن الانفجار المروِّع حادثًا

منفردًا في بلدٍ مستقرٍّ. بل إنَّ لبنان في قلب أزمةٍ اقتصاديَّة. فقد فقدَت العملة المحليَّة ٨٠ بالمئة من قيمتها. ولعدَّة أشهر، قيَّدت البنوك وصول الناس إلى أموالهم. والبلاد أيضًا في خضمِّ ثورةٍ ضدَّ الفساد. هناك مجاعة في معظم المناطق، وحرائق كبيرة في الغابات، وكذلك بالطبع جائحة كورونا. والآن، أدَّى هذا الانفجار إلى تدمير الميناء الرئيسيّ لبلدٍ يعتمد بشدَّةٍ على الواردات الملاحيَّة من أجل البقاء.

لا توجد كلماتٌ للتعبير عن الشعور بضياع الأمل واليأس والغضب الذي يشعر به الناس الآن. لقد فَقَد الكثيرون حياتهم. وأُصيب الآلاف. وفجأةً، أصبح الآلاف بلا مأوى. إنَّ قلبي محطَّمٌ على مدينتي لأنَّهم يواجهون كلَّ هذا الدمار دون رجاءٍ حيٍّ في إلهٍ حيٍّ.

لُطفُ الله تجاهنا     

تقع كنيستنا على بعد نصف كيلومتر فقط عن المرفأ، وهي الكنيسة الأقرب إلى مركز الانفجار. كنتُ هناك اليوم مع بعض أعضاء الكنيسة، في محاولةٍ لإنقاذ ما تبقَّى منها. لقد تضرَّرتكنيستنا بشكلٍ شبه كامل. لقد أطاح الانفجار بالعديد والعديد من الأبنية. تبدو المنطقة وكأنَّها منطقة حرب.

يصعب عليَّ التعبير عمَّا يجتاح قلبي وعقلي. لكن لديَّ يقينٌ بحضور الله في هذا الوقت، على الرغم من وجود أسئلة عديدة وأجوبة قليلة. ما زلت أفكِّر في الدمار الذي لحق بمبنى الكنيسة وكيف، بِلُطف الله، لم يحدث الانفجار أثناء خدمة العبادة يوم الأحد. لم يتعرَّض أيٌّ من أعضاء كنيستنا لإصاباتٍ خطيرة؛ يعتريهم فقط بعض الارتباك جرَّاء إطاحتهم عبر الغرفة بينما دمَّر الانفجار أبوابهم ونوافذهم وأثاث بيوتهم. على الرغم من أنَّ منزلنا يقع على بعد كيلومتر ونصف فقط من الانفجار، وعلى الرغم من تعرُّض المبنى لأضرار، إلَّا أنَّ شقَّتنا لم تتعرَّض للدَّمار. لقد كان الرَّبُّ رؤوفًا تجاهنا.

لم نَكُن أنا وعائلتي في بيروت وقت الانفجار. كنَّا قد غادرنا إلى الجبل للاحتفال بالذكرى العاشرة لزواجنا قبل ساعاتٍ قليلة من الانفجار؛ وقد سمعنا دويَّه على بعد نحو ١٠٠ كيلومترًا. إنَّه لطفٌ لا نستحقُّه من ربِّنا.

أتذكَّر أنَّني شعرت بِثِقل الاحتياجات الكثيرة في مدينة بيروت عندما قرَّرنا الانتقال إلى هنا لأوَّل مرة. فبقدر ما أنَّ بيروت جميلة، لكنَّها لطالما ابتُليَت بالألم والمعاناة، وأذكر أنَّني كنت أفكِّر وأصلِّي حينها، من أين نبدأ يا ربُّ؟ هناك الكثير للقيام به. إنَّني أطرح نفس الأسئلة مرَّةً أُخرى الآن.

صلُّوا معنا (ومن أجلنا)

هناك حاجة إلى الكثير من أعمال الإغاثة. هناك الكثير ممَّا يحتاج إلى إعادة البناء. ستحتاج العديد من العائلات إلى رعاية طويلة الأمد. لكنَّني أؤمن، كما فعلْتُ في البداية عندما زرعْتُ كنيستَنا، أنَّ أعظم أملٍ لبيروت ليس اقتصادًا مستقرًّا أو سياسيِّين أمناء، بل مؤمنين اشتراهم المسيح بدمه يحملون معهم الرَّجاء وقوَّة الإنجيل. لذلك، نحن نصلِّي ونثق بأن تكون كنيسة يسوع المسيح في لبنان نورًا ساطعًا وسط كل الظلام والدمار.

نرجو الصلاة معنا لتحقيق هذه الغاية. صلُّوا لأنَّ الحصاد وفيرٌ والفعلة قليلون. صلُّوا أن تُعطى لنا حكمة بينما تتحرَّك الكنائس لرعاية من تعرَّضوا للأذى. صلُّوا من أجل أن تتعظَّم قوَّة المسيح في ضعفنا. صلُّوا أيضًا من أجل التمسُّك بالإنجيل في هذا الوقت المضطرب. صلُّوا من أجل أن يتطلَّع الضالُّون إلى يسوع حتَّى يُسدَّد أكبر احتياج لهم. وشاركونا الإيمان أنَّه لا يوجد شيء – لا ركودًا اقتصاديًّا ولا انفجارًا ولا دمارًا – يمكنه أن يحبط قوَّة الملك يسوع في بناء كنيسته.

 

ملاحظة المحرِّر:

يمكنكم دعم أعمال الإغاثة التي تقوم بها كنيسة City Bible Church وإعادة بناء مرفق الكنيسة عبر الضغط هنا

مروان أبو الزلف هو راعي كنيسة City Bible Church في بيروت – لبنان. وقد خدم لمدَّة عامَين في كنيسة  Redeemer Church of Dubai قبل أن ينتقل إلى بيروت. مروان وزوجته مارسي متزوِّجان منذ عام ٢٠١٠ ولديهما ولدان. يمكنك متابعته على Twitter.

 

شارك مع أصدقائك