لقد عملت في خدمة الشباب لمدَّة ثماني سنوات، وكان أكثر سؤال يتردَّد عليَّ هو: كيف أكون أنا والشخص الذي أحبُّه، في علاقة تمجِّد الله؟ كيف يكون اهتمامنا الأوَّل هو التركيز على المسيح؟ كم يسعدني أن أسمع هذا السؤال! شابٌّ وشابَّة في علاقة عاطفيَّة، لكنَّهما يريدان أن تكون علاقتهما نقيَّة وتمجِّد الله، هما يدركان أنَّ الله يحبُّهما ويهتمُّ بكلِّ تفاصيل حياتهما، وحتَّى بمشاعرهما، وعلاقتهما العاطفيَّة؛ لذا يطلبان النصيحة والإرشاد.
لأنَّهما يدركان أهمِّيَّة النصائح العمليَّة، يريدان بعض الخطوات العمليَّة لبناء علاقتهما على أساس الإيمان بالمسيح. فيسألان: هل يجب أن يدعو أحدنا الآخر إلى أن نتشارك في الصلاة والعبادة اليوميَّة؟ أم نتبع خُطَّة روحيَّة ونسير فيها معًا؟ أو نذهب معًا إلى درس الكتاب الأسبوعيِّ؟
توجد بعض الخطوات العمليَّة مثل: الصلاة بعضكما من أجل بعض وقت الخلوة والصلاة الفرديَّة، وتشجيع بعضكما لبعض على قراءة الكلمة، ووضع حدود لعلاقتكما (روحيَّة وعاطفيَّة، وما إلى ذلك)، واتِّباع القدَّاسة بعدم الخوض في علاقة جنسيَّة. بخلاف هذه النصائح البسيطة، لا يوجد في الحقيقة نصائح قاسية أو حلول سريعة بخصوص هذه المسألة.
ما زلت بعد سنين عديدة، أرى بحسب خبرتي، أنَّه لا يوجد سوى مفتاح واحد للعلاقات الناضجة التي تجعل المسيح هو مركزها، وهو أنَّ كلا الطرفين مهتمٌّ هو والطرف الآخر بالاندماج في الكنيسة.
أربعة أسباب تجعلك تحرص على حضور الكنيسة
هل تواظب على حضور الكنيسة؟ حسنًا! هذه أوَّل نصيحة لتكوين علاقة ناجحة.
يتصرَّف البعض عكس هذه النصيحة -على غير المتوقَّع. فكما ذكرت من قبل، أنَّ بعض الأشخاص يظنُّون أنَّ الطرف الآخر يجب أن يذوب في حياة روحيَّة واحدة معه. وهذا قد يتحوَّل بالفعل إلى مشكلة، لأنَّ الطرفين ليس لهما علاقة زوجيَّة بعد. وكثيرًا ما تتحوَّل علاقتهما الروحيَّة إلى علاقة روحيَّة يركِّزان فيها بعضهما على بعض، وتستبدل هذه العلاقة حضورهما الكنيسة والتركيز على شخص المسيح. وهذا ما يبتعد تمامًا عمَّا يعلِّمه لنا الكتاب المقدَّس، وهو عدم ترك الاجتماعات الروحيَّة، والمواظبة على حضور الكنيسة.
إذا كنت تريد شخصًا رائعًا ينمو في معرفة المسيح، فيجب أن تشجِّعه على المواظبة في حضور الكنيسة، وذلك للأسباب التالية:
1. حتى تتلقَّى تعليمًا كتابيًّا سليمًا باستمرار
أعرف أنَّه لا يوجد متَّسع لذكر وتوضيح الفوائد العظيمة لذلك، لكن سأذكر بعضها بإيجاز: أوَّلاً، تساعدنا المواظبة على حضور الكنيسة وسماع الكلمة في اكتشاف خطايانا والتواضع أمام المسيح. القلب الذي لا يخضع لتوبيخ كلمة الله، يتقسَّى بمرور الوقت عن أيِّ دعوة إلى التوبة، وهذا ناقوس خطر يعلن موت أي علاقة تقيَّة. ثانيًا: ما لم يكن هناك ما يذكِّرنا باستمرار بنعمة الربِّ المخلِّصة، يغرق القلب في الخطيَّة، ويبحث عن سلامه وراحته في أمور أخرى غير المسيح، مثل التركيز المرضيِّ على العلاقة العاطفيَّة وغيرها من الأمور. وثالثًا، يأتي بنا الروح القدس إلى محضر الله عند سماعنا لكلمة الربِّ في أثناء العظة. ,أخيرًا، نحن بحاجة إلى أن نصغي لكلمة الله دون أيِّ تجاهل أو تشويه أو تحريف للحقيقة.
2. حتَّى يكون لك شركة مع المؤمنين
أنت أيضًا بحاجة إلى أن يكون الطرف الآخر في علاقة طيِّبة مع مؤمنين آخرين خارج علاقتكما الخاصَّة. إذا انحصرت علاقتكما الروحيَّة بينكما فقط، سيتحوَّل التركيز على المسيح إلى شيءٍ ثانويٍّ. من سيكون هناك ليدعم ويشجِّع في الأوقات الصعبة؟ أو من يراجعكما إذا حدث انحراف عن المسار الصحيح للعلاقة؟ ماذا سيحدث إذا انفصلتما؟ حتَّى أفضل الأزواج المؤمنين بحاجة إلى وجود الآخرين الذين ينصحونهم بحكمة، أو يوبِّخونهم، أو يعزُّونهم بكلمة الربِّ عند الحاجة.
في الحقيقة، لا أعرف أيَّ زوجين مؤمنين لا يرون أهمِّيَّة ذلك.
3. حتى تتقدَّم إلى مائدة الرب
سواء كنت معمدانيًّا، أو أسقفيًّا، أو مشيخيًّا، أو أيَّ طائفة أخرى، أنت بحاجة إلى أن تشترك في مائدة الربِّ بشكل مستمرٍّ، لتتذكَّر أنَّ موت يسوع هو المصدر الوحيد للحياة الروحيَّة. لقد مات وقام لأجلنا، واتِّحادنا معه من خلال شركة العشاء الربَّانيِّ، هو الغذاء الروحيُّ الوحيد لنفوسنا. أنت بحاجة إلى أن تداوم على الاحتفال بموت الربِّ وقيامته، وإلاَّ، ستُجرَّب بالبحث عن مصادر أخرى أقلَّ لتستمدَّ منها قوَّتك، مثل تلك العلاقة التي أنت فيها.
4. حتى تعبد الربَّ وحده
نحن بحاجة إلى التعبُّد دائمًا. نعم، كلُّ شيء نفعله تحت السماء نعبد الله من خلاله. في العمل نعبد الله، وفي اللعب، والنوم… لكن رغم كلِّ هذه، فإنَّ اجتماعنا مع شعب الربِّ، والتعبُّد ورفع أصواتنا معًا بالتسبيح، يشكِّل دوافعنا واهتماماتنا، ليكون تركيزنا على الربِّ وحده على مدار الأسبوع. إذا كنت تخشى أن يحوِّل الطرف الآخر تركيزك عن يسوع، إذًا، فيجب أن تتأكَّد من أنَّه يسكب قلبه أمام الربِّ فاديه ومخلِّصه، ويهتف بحمد له في أثناء حضوره الكنيسة.
هل لاحظت ترتيب الأربع نقاط أعلاه؟ كلُّ نقطة تُعتبَر مهمَّة في حدِّ ذاتها، وتُعتبَر سببًا كافيًا للاهتمام بالانضمام إلى كنيسة وأن تكون عضوًا بها. كلُّ نقطة من هذه النقاط تمثِّل دور مهم في احترام وتقدير كلٍّ منكما للعلاقة. أوَّلاً وقبل كلِّ شيء، تلعب دورًا مهمًّا ليس في منع الوقوع في ممارسة الجنس دون زواج فحسب، بل تمنع التحوُّل نحو عبادة الطرف الآخر، التي تبرِّر ممارسة الجنس والكثير من الأمور الأخرى. ثانيًا، تثبِّت أنظارك على المسيح وعمله الكامل في حياتك. في الواقع، أنت تتجنَّب تحوُّل العلاقة إلى صنم تستعبد له بتركيزك على المسيح من خلال انخراطك في أعمال وعلاقات مع شعب الربِّ في الكنيسة.
تحذير وتشجيع
أودُّ أن أختم نصيحتي لكلِّ من يريد الدخول في علاقة بتقديم تشجيع وتحذير.
أوَّلاً، التحذير: إذا دخلت في علاقة، وأصبحت مواظبتك على حضور الكنيسة أقلَّ، ووقت الخلوة والصلاة أقلَّ، وقراءتك للكلمة أقلَّ، إذًا هذه العلاقة لا تسير في طريق الإيمان. إذا كانت علاقتك تجذبك بشكل خطير بعيدًا عن طاعتك لتعليم المسيح، إذًا، هذه العلاقة ستقتل علاقتك بالمسيح، ويمكننا القول ببساطة إنَّها ليست علاقة سليمة.
لكن هل يعني ذلك ضرورة إنهاء العلاقة؟ ربَّما! وربَّما لا! لكن بالأخير هذا يعني، أنَّه يوجد أمور خطيرة يجب أن تفكِّر بها بجديَّة. ومع ذلك، يجب أن تفسح المجال للتوبة.
ثانيًا، التشجيع: إخوتي الرجال، اجعلوا هذا اهتمامكم الأوَّل، أن تشجِّع الإنسانة التي تحبُّها على شركة المؤمنين الآخرين. وأن تحارب أيَّ رغبة أو أمر يعوق الاهتمام بالعبادة وسط شعب الربِّ في الكنيسة. كن حريصًا على الاهتمام بقضاء وقت في العبادة الجماعيَّة، كما تهتمُّ تمامًا بقضاء وقت في العبادة الفرديَّة.
أخواتي الفضليات، كلٌّ منكن بحاجة إلى رجل له علاقة سليمة وصحيَّة مع الرجال الآخرين في الكنيسة. لتكن لكِ غيرة في تشجيعه على قضاء وقت معهم كما تطالبينه بقضاء الوقت معكِ.
أخيرًا، لكلِّ أخ وأخت، تذكَّر أنَّك لست محور العلاقة بل يسوع. يسوع هو المركز، وهو القادر أن يجمع بينكما بحسب مشيئته الصالحة.