لاهوت العهد

التعريف

يُعَدُّ لاهوت العهد نهجًا للتفسير الكتابي يُقَدِّر أهمية العهود في فَهْم العلاقة بين الله والإنسان وفَهْم تَكَشُّف تاريخ الفداء في الكتاب المُقدَّس. يشرح لاهوت العهد دامِجًا المعارف من علم اللاهوت النظامي وعلم اللاهوت الكتابي عقائد مثل: الثالوث التدبيري،[1] الشَّرِكَة مع الله، شخص المسيح وعمله، الأسرار المُقدَّسة، التبرير بالنعمة وحدها من خلال الإيمان وحده بالمسيح وحده، ودور الطاعة في الحياة المسيحيَّة، ويقين الخلاص لدى المؤمن، ووحدة تاريخ الفداء وتَقَدُّمه، وغيرها من الأمور في ضوء تعليم الكتاب المُقدَّس عن العهود الإلهية.

الموجز

يُعَدُّ لاهوت العهد إطارًا للتفسير الكتابي دامِجًا اللاهوت الكتابيّ والنظاميّ والتفسيري؛ والذي يعترف بأن التاريخ الفدائي المُعلَن في الكتاب المُقدَّس يُعَبَّر عنه صراحةً من خلال سلسلة متعاقبة من العهود (العهد مع آدم، والعهد مع نوح، والعهد مع إبراهيم، والعهد مع موسى، والعهد مع داود، والعهد الجديد الذي قطعه المسيح)؛ مُوَفِّرًا بذلك مبدأً مُنَظِّمًا للاهوت الكتابي. يُسلِّم لاهوت العهد أيضًا بالعهود اللاهوتية (عهد الفداء، وعهد الأعمال، وعهد النعمة)، ويُقَدِّر كيف أن التعليم الكتابي عن العهود يستلزم ويرتبط بعددٍ من الموضوعات والقضايا الكتابيَّة ذات الأهمية الحيوية، والتي تشمل قصد الله في التاريخ، طبيعة شعب الله، آدم والمسيح باعتبارهما رأسَيْنِ ممثلين لجميع المُتَّحِدين بهم، شخص المسيح وعمله، والعلاقة بين العهدَيْنِ القديم والجديد في تَقَدُّم تاريخ الفداء، والعلاقة بين الناموس والإنجيل، ويقين الخلاص، وطبيعة الأسرار المقدسة (أو الفرائض) ودلالتها، ومعنى السير مع الله في هذه الحياة.

إنَّ صياغة لاهوت العهد هي أحد إنجازات الإصلاح الكالڤيني في القرنين السادس عشر والسابع عشر. بحلول منتصف القرن السادس عشر كان زوينجلي وبولينجر وكالڤن وآخرون قد صاغوا جوانب أساسية في لاهوت العهد ردًّا على الأخطاء التفسيرية لكُلٍّ من الكاثوليكية الرومانية في العصور الوسطى، ومُعيدي المعمودية (الأنابابتست) المعاصرين للمُصلَحين، ولا سيَّما الأخطاء التفسيرية المتعلقة بالعلاقة بين العهد القديم والعهد الجديد، مُستَشهِدين بآباء الكنيسة في إعلان آرائهم وتأكيد أهمية العهود في تفسيرهم لتاريخ الفداء. أصبح لاهوت العهد مؤثِّرًا في جميع الفروع المختلفة من البروتستانتية الإنجيلية المُصلَحة (الكنائس المشيخيَّة، والأنجليكانية، والمَجْمَعِيّة[2]، والمعمدانية).


إنَّ الكتاب المُقدَّس هو كتاب عهدي، وحتى يُقرأ جيدًا ينبغي أن يُقرأ عهديًّا. هل سَبَق لك أن لاحظت أن كلمة “عهد” مكتوبة على صفحتي العنوان لجزأي كتابك المُقدَّس؟ أي “العهد القديم” أو “Old Testament”، و”العهد الجديد” أو “New Testament”. وكلمة Testamentum هي كلمة لاتينية تعني “عهد”. فكيف وصل هذا العنوان إلى هناك؟ لقد رأى المسيحيون الأوائل أنَّ جزءًا كبيرًا من تاريخ شعب الله مُقَسَّمٌ بين العهد القديم (الذي قطعه الله مع موسى قبل دخول إسرائيل أرض الموعد) والعهد الجديد (الذي أكمله المسيح). يتحدث كُلٌّ من الرسول بولس ورسالة العبرانيين عن هذا الأمر (غلاطية 3-4؛ العبرانيين 8-9)، بل ويرجع فهمهم هذا إلى أكثر من  600 عام على الأقل، إلى وقت وكتابات إرميا، النبي العبراني، الذي سَبَق فرأى عهدًا جديدًا قادِمًا ليس مثل العهد القديم المكسور (إرميا 31: 31-34).

لكنَّ الرسول بولس ورسالة العبرانيين يؤكِّدان صراحةً أيضًا أنَّه كان هناك عهدٌ أقدم من العهد القديم المقطوع مع موسى، والذي يُعَدُّ أساسيًّا بدرجةٍ أكبر لفهمنا مقاصد نعمة الله لشعبه: وهو العهد الذي قطعه الله مع إبراهيم (العبرانيين 6: 13-20؛ غلاطية 3، وخاصةً عدد 17؛ تكوين 12؛ 15؛ 17). إلى جانب ذلك تُعَلِّم رسالة العبرانيين أن يسوع هو وسيط العهد (باليونانية: mesites[3]) للعهد الجديد، والذي بموته الكفَّاري قد قَدَّم فعليًّا أساس غُفران الخطايا المُمَثَّل في نظام الذبائح في العهد القديم [العهد المقطوع مع موسى] (العبرانيين 9: 11-10: 10)، ويُعَلِّم بولس أيضًا أن الرب يسوع قد تَمَّم نبوة العهد الجديد (التي تنبأ بها إرميا) في موته (1كورنثوس 11: 25-26)؛ ولذلك رأى بولس نفسه خادمًا لهذا العهد الجديد (2كورنثوس 3: 6).

بالإضافة إلى ذلك، لقد عَلَّم بولس أنَّ طاعة يسوع وموته -اللذَيْن يفهمهما بولس بالمصطلحات العهديَّة المُتَمَثِّلة في حَمَل الفصح وذبيحة الفصح (1كو 5: 7)، الكفَّارة (رو 3: 25)، اللعنة (مثل غل 3: 13-14)- قد عالجا عصيان آدم وموته اللذَيْن كانا قد تسبَّبا في الخطية والموت في كل الجنس البشري (رو 5: 12-21؛ 1كو 15: 21-22). كيف تربط ذلك بإتمام يسوع للعهد الإبراهيمي والعهد الموسوي والعهد الجديد؟ علاوةً على ذلك يُوَضِّح متّى أن معمودية يسوع تُعَرِّفه على أنَّه الشخص الذي قطع له الله وعد العهد الداودي المذكور في 2 صموئيل 7: 11-16، وهو ما يؤكِّده بطرس أيضًا على نحوٍ بارزٍ في أعمال الرسل 2: 22-36 (بينما يربط أيضًا بين يسوع والعهد الإبراهيمي في الأعداد 37-39 من نفس الأصحاح). في الواقع، إنَّ ذات الجُملة الأولى في العهد الجديد (مت 1: 1) تربط يسوع بالعهد الداودي.

تَرِد كلمة “عهد” أكثر من 30 مرة في كُتُب العهد الجديد (وحوالي 300 مرة في كُتُب العهد القديم)، فضلًا عن أنَّ مصطلحات العهد وفئاته وموضوعاته نراها موجودة في كل جزء من أجزاء العهد الجديد. يتنوع وصف كُتَّاب العهد الجديد للرب يسوع بأنَّه هو الإتمام لوعود العهد الإبراهيمي، ولنبوة العهد الجديد التي نَطَق بها إرميا، ولمراسم تدشين العهد الموسوي في خروج 24: 8، ولحَمَل الفصح؛ فبالنسبة للعهد الجديد إذًا، لا يمكنك فهم شخص المسيح وعمله بِمَعزِلٍ عن إتمامه لجميع العهود الواردة في كُتُب العهد القديم، ولا سِيَّما عندما يتعلق الأمر بفهم معنى موت المسيح وأهميته، فالرب يسوع نفسه يشرح موته مُستَخدِمًا مصطلحات عهديَّة ولغة إتمام العهود. لقد دَشَّن دم الرب يسوع العهد الجديد، وبدون هذا السفك للدم لم نَكُنْ لنحصل على عهدٍ جديد، هذا بالإضافة إلى أن موته يُمَثِّل أساس غُفران الخطايا في العهد الجديد، وتضمن وساطته العهدية شَرِكَتنا الأبديَّة مع الله. كيف تجمع إذًا كل هذا (وأكثر من هذا بكثير) في سردٍ متماسِك ومترابِط للعهود الكتابيَّة (وتداعياتها) الواردة في كُتُب العهد القديم والجديد؟ هذا ما يفعله لاهوت العهد.

يقوم لاهوت العهد بـ “وضع الكتاب المُقدَّس كله كوحدة واحدة” من خلال تقدير أهمية العهود الإلهية، بمعنى أن لاهوت العهد هو نهج لفهم معنى الكتاب المُقدَّس (وهو ما يدعوه اللاهوتيون “منهجًا تفسيريًّا”) يعترف بالأهمية المركزية للعهود الكتابيَّة في هيكلة تاريخ الفداء. ولنقول ذلك بطريقةٍ أخرى، يشرح لاهوت العهد العلاقة بين الله والبشرية في ضوء العهود التي بادر الله بقطعها، والتي تُشَكِّل أيضًا هيكل تاريخ الفداء المُعلَن في الكتاب المُقدَّس؛ حيث تُوَفِّر العهود الإلهية الموجودة في الكتاب المُقدَّس إطارًا قائمًا على التفسير النصّي وراسِمًا موضوعات الكتاب الرئيسيَّة ولاهوتيًّا لرؤية الوحدة العامة وكذلك التَّقَدُّم العام في خطة الله الخلاصيَّة. ومن ثَمَّ يسعى لاهوت العهد من خلال استخدام وتوظيف تعليم الكتاب المُقدَّس عن العهود واستخدام الكتاب لها إلى تقديم وصف للوحدة والاستمرارية، وكذلك التَّقَدُّم وعدم الاستمرارية في الوعد والإتمام الخاصَّيْنِ بتاريخ الفداء الآخِذ في التَّكشُّف.

يَتَأثَّر لاهوت العهد باللاهوت التفسيري (التفسير النصّي) والكتابي والنظامي معترفًا بأن التاريخ الفدائي المُعلَن في الكتاب المُقدَّس يُعَبَّر عنه صراحةً من خلال سلسلة متعاقبة من العهود (العهد مع آدم، والعهد مع نوح، والعهد مع إبراهيم، والعهد مع موسى، والعهد مع داود، والعهد الجديد الذي قطعه المسيح)؛ مُوَفِّرًا بذلك أساسًا معماريًّا أو مُنَظِّمًا للاهوت الكتابي (وهو دراسة الكتاب المُقدَّس من ناحية تاريخ الفداء). يُسلِّم لاهوت العهد أيضًا بالعهود اللاهوتية (عهد الفداء، وعهد الأعمال، وعهد النعمة)، ويُقَدِّر كيف أن التعليم الكتابي عن العهود يستلزم ويرتبط بعددٍ من الموضوعات والقضايا الكتابيَّة ذات الأهمية الحيوية، والتي تشمل قصد الله في التاريخ، طبيعة شعب الله، آدم والمسيح باعتبارهما رأسَيْنِ فيدرالِيَّيْنِ، شخص المسيح وعمله، المستمر وغير المستمر (المقصود: فيما يتعلق بالعلاقة بين العهدَيْنِ، القديم والجديد [المترجم]) في تَقَدُّم تاريخ الفداء، العلاقة بين العهد القديم والعهد الجديد، بين الناموس والإنجيل، يقين الخلاص، طبيعة الأسرار المقدسة (أو الفرائض) ودلالتها، ومعنى السير مع الله في هذه الحياة.

إنَّ تعليم الكتاب المُقدَّس عن العهود هو أمرٌ مركزيٌّ لا هامشيٌّ في العقيدة والتاريخ الكتابيَّيْنِ؛ فعندما أراد الرب يسوع أن يشرح لتلاميذه أهمية موته، عَرَضَ أمامهم عقيدة العهود (متى 26؛ مرقس 14؛ لوقا 22؛ 1كورنثوس 11)، وعندما أراد الله أن يُؤكِّد لإبراهيم يقينيّة كلمة وعده قَطَع له عهدًا (تكوين 12؛ 15؛ 17)، وعندما أراد الله أن يفرز شعبه عن باقي الشعوب، وأن يغرس عمله في أذهانهم، وأن يُعلِن لهم نفسه بالحب والرحمة على نحوٍ ملموس، وأن يُؤكِّد لهم ميراثهم المستقبلي، أعطاهم علامات العهد (تكوين 17؛ خروج 12؛ 17؛ 31؛ متى 28؛ أعمال 2؛ لوقا 22)، وعندما أراد لوقا أن يُرِي المسيحيين الأوائل أنَّ حياة يسوع وخدمته كانتا إتمام مقاصد الله التي منذ القِدَم لشعبه المختار لجأ إلى عهد النعمة الإبراهيمي الأقدم واقتبس نبوة زكريا (أبي يوحنا المعمدان) التي تُظهِر أن المؤمنين في أول أيام الكنيسة المسيحيَّة الغِرَّة فهموا يسوع وعمله المسياني على أنَّه إتمام (وليس “خطة بديلة”) عهد الله مع إبراهيم (لوقا 1: 72-73)، وعندما أراد كُلٌّ من كاتب المزمور ومؤلِّف رسالة العبرانيين أن يُظهِرا كيفية ترتيب خطة الله الفدائية وأساس تَكَشُّفها في التاريخ، نجدهما يلجآن أيضًا إلى العهود (مزمور 78؛ 89؛ العبرانيين 6-10).

إنَّ صياغة لاهوت العهد هي عمل الإصلاح الكالڤيني المنتمي للقرنين السادس عشر والسابع عشر، وتتجلّى آثار لاهوت العهد في إقرارات الإيمان المنتمية لتلك الحقبة، وخاصةً إقرار إيمان وستمنستر. بحلول منتصف القرن السادس عشر كان زوينجلي وبولينجر وكالڤن وآخرون قد صاغوا بالفعل جوانب أساسية في لاهوت العهد ردًّا على الأخطاء التفسيرية لكُلٍّ من الكاثوليكية الرومانية من العصور الوسطى، ومُعيدي المعمودية المعاصرين للمُصلَحين، ولا سيَّما الأخطاء التفسيرية المتعلقة بالعلاقة بين العهد القديم والعهد الجديد، مُستَشهِدين عمدًا في إعلان وتأكيد أهمية العهود في تفسيرهم لتاريخ الفداء بآباء الكنيسة.

ومن ثَمَّ فإنَّ لاهوت العهد ليس ردًّا على الفكر التدبيري، لكنَّه كان موجودًا قبل صياغة الفكر التدبيري ببضعة قرون. إنَّ لاهوت العهد (والمُسَمَّى أحيانًا “اللاهوت الفيدرالي” بسبب الكلمة اللاتينية foedus التي تعني “عهدًا”) ليس طائفيًّا، ولكنَّه نهجٌ مسكوني مُصلَح لفهم الكتاب المُقدَّس تَطَوَّر في إثْر حركة الإصلاح العظيمة، لكن تمتد جذوره إلى الأيام الأولى للمسيحيَّة الجامِعة، ويحظى بتقدير تاريخي في جميع فروع البروتستانتية المختلفة المتأثرة باللاهوت المُصلَح (الكنيسة المعمدانية، الكنيسة المَجْمَعِيّة، الكنيسة المستقلة، الكنيسة المشيخية، الكنيسة [بَرّ أوروبا] المُصلَحة، الكنيسة الأنجليكانية). لقد قال الواعظ المعمداني الإنجليزي العظيم، سي. إتش. سپِرچِن: “تُشَكِّل عقيدة العهد جِذر كل اللاهوت الصحيح”؛ مِمَّا يُدَلِّل على تأثير لاهوت العهد في التقليد الإنجيلي الأوسع.

ما هو العهد؟

إنَّ العهد الإلهي (بالعبرية: berith، باليونانية: diatheke) (نقول “الإلهي” لتمييزه عن العهود الموجودة في الكتاب المُقدَّس المقطوعة بين أطراف بشرية) هو علاقة يُبادِر بها الله، مُلزِمة، سارية الآن، ذات بركات والتزامات. تُعَدُّ أفضل ترجمة لهاتين الكلمتين في اللغة الإنجليزية هي كلمة “عهد” covenant (لا وَصِيَّة testament)؛ حيث إنَّ العهد هو علاقة بين طرفين على قيد الحياة لا تشريع قانوني يُفَعَّل بموت أحد الأطراف، وبموجبه يَتَسَلَّم طرفٌ حيٌّ تَرِكَةً أوصى بها له الطرف الراحِل، وهذا فرقٌ هام.

إنَّ الفرق الجوهري بين المعنَيَيْنِ [العهد والوَصِيّة] هو أنَّه في الوَصِيّة يُعبِّر المُوصي عن مشيئته بشأن ما يجب عمله بعد موته، وخاصةً فيما يتعلق بممتلكاته؛ أما العهد فهو اتفاق بين أشخاص على قيد الحياة بشأن ما يجب عمله من جانبهم أثناء حياتهم (E. D. Burton, Commentary on Galatians, 497).

على سبيل التكرار: إنَّ الوَصِيّة هي طريقة أو وسيلة نقل ميراث إلى أحد الأشخاص (عادةً بسبب علاقة موجودة مُسبَقًا مع الموصي) بعد موت المُوصي (مثال: فَتْح وَصِيّة شخص ما في عملية توزيع قانونية لميراث هذا الشخص حسب وَصِيّته)، بينما العهد هو طريقة أو وسيلة لتأمين علاقة متبادلة من البركات والالتزامات (والتي تتضمن بالضرورة ميراثًا) يُدَشِّنه المبادِر (أو المبادِرون) بالعهد، ويتمتعون به خلال حياتهم (مثال: الزواج).

وعلى سبيل الاستفاضة، يُؤمِّن العهد أو يؤكِّد التزامات متبادلة تُشَكِّل نوعًا خاصًّا من العلاقة الإلهية البشرية وتُمَيِّزه (مثال: رخصة[4]/عقد الزواج القانونية، ومراسم الزواج القانونية[5])، والعهد أيضًا هو المصطلح أو الاسم الذي يُطلَق على هذه العلاقة (مثال: علاقة الزواج نفسها). ففي العهود مع نوح وإبراهيم وموسى وداود، تأتي طقوس العهد (والتوسع في أحكام العهد أو تكرارها) بعد الاختيار الإلهي والوعود الإلهية اللذَيْن يُدَشِّنا العلاقة؛ لذا يمكننا أن نقول إنَّ العهود الإلهية المُنعِمة في الكتاب المقدس ليست عقودًا تقود إلى علاقات متبادلة، بل إنَّها عقود تُضفي الطابع الرسمي على علاقات موجودة مُسبَقًا وتُؤمِّنها، وهي علاقات يبادر بها الله، تحمل داخلها وعودًا، وتنطوي بطبيعتها على كلٍّ من بركات والتزامات؛ وبذلك تصبح وسيلة تأمين تلك العلاقات (أي العهد) مركزية لضمان وعود العلاقة وللحصول على بركاتها ومُعَبِّرة عنهما، وكذلك جوهرية لتحديد العلاقة (التعهُّدات والالتزامات المتبادلة) بحيث تُدعى العلاقة ذاتها عهدًا.

جوانب مهمة في العهود الإلهية الموجودة في الكتاب المُقدَّس

يُبادِر الله بالعهود الإلهية:

تتم جميع العهود الإلهية بمبادرة من الله. يخلق الله آدم ويُدخِله في علاقة عهد. يُعلِن الله نفسه لآدم (لا للحيوانات)، ويتحدث إليه، ويدعوه لتبعيته وأن يكون تلميذه، ويأخذ تعهُّدات على نفسه من جهته، والأمر ذاته مع نوح (لا مُعاصريه)، مع إبراهيم (لا أبيه أو عائلته أو مواطنيه)، مع موسى/إسرائيل (لا فرعون أو مصر)، مع داود (لا شاول).

عهود الله هي علاقات مُلزِمة:

إنَّها بعيدة عن أن تكون غير رسمية أو غير مُقَيِّدة أو غير مُكَلِّفة، بل يقصد بها الله أن تُذَكِّرنا بأننا ننتمي إلى الله. إنَّها تتطلَّب التزامًا كاملًا، وتتعلَّق بمسائل الحياة والموت؛ فبمجرد الدخول فيها، فقط سفك الدم يمكنه أن يُخَفِّف من حِدّة انتهاك التزامات العهد؛ ولذلك فبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ يمكن أن تكون هناك مَغْفِرَةٌ للخطية (العبرانيين 9: 22).

عهود الله هي علاقات سارية الآن:

إنَّها تَحكُم جُملَة الحياة هنا والآن (في الوقت الحاضر)، فهي اتفاقيات سارية الآن تُرَسِّخ حياة الشخص مع الله والآخرين وتَحكُمها في هذا العالم؛ فالحياة مع الله لا تتعلق فقط بما يأتي بعد الموت، ولكنَّها تتعلق أيضًا بالعَيْش مع الله ومن أجله الآن.

عهود الله هي علاقات فريدة من نوعها:

إليك الأمر المُذهِل: يربط الله نفسه بنا ويربطنا بنفسه على نحوٍ حصريٍّ؛ إنَّه يتَّخِذنا كأثمن ممتلكاته، ويهبنا نفسه كأثمن ممتلكاتنا؛ ولهذا نقول إنَّ “أكون لكم إلهًا وتكونون لي شعبًا” تُشَكِّل جوهر العهود. إنَّ كل الأمجاد التي نراها في أفضل زيجات المؤمنين ليست سوى ظل باهت لهذه العلاقة.

تأتي عهود الله ببركات والتزامات:

تتضمن عهود الله منافع ومسؤوليات، امتيازات وواجبات، ويقصد الله في تصميمه السيادي والصالح والحكيم أن تتداخل هذه الأشياء فيما بينها بلا انفصال بحيث نتلذذ بالواجب، ويكون الواجب لذّة. لقد قال الرب يسوع: “طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي”، وكذلك يفعل تلاميذه أيضًا؛ فجميع وصايا الله مُصَمَّمة لتُبارِكنا، جميعها لمجده وخيرنا، وهو غالبًا ما يَسرُد بركات في شكل وصايا. إنَّنا في استمتاعنا به نُمَجِّده، وفي تمجيدنا إياه نستمتع به. إنَّ طاعتنا لله في عهود مَوعِده المُنعِمة ليست هي أساس دخولنا إلى وضعنا العهدي أو أساس حفاظنا عليه، وإنَّما تُمَثِّل طاعتنا أو التزامنا أو مسئوليتنا أو أعمالنا نتاج عمل الروح القدس فينا. يُعَدُّ عمل الروح القدس داخلنا نتيجة نعمة الله العهديَّة وهدفها، الوسيلة أو الدائرة التي نستمتع بها أو فيها ببركات العهد، البرهان على حقيقة علاقتنا العهديَّة بالله والمُظهِر لها، والصورة الأرضية لما ستبدو عليه الشَّرِكَة السماوية مع الله: مُخَلَّصون خلاصًا نهائيًّا حتى لا نُخطئ بعد.

يؤدي انتهاك العهود الإلهية إلى الموت:

وذلك دائمًا. قد يتضمن هذا الموت إمَّا موت كاسِر العهد أو موت بديل له، وهذا يُشير إلى الفرق الجوهري الأهم بين عهد الأعمال وعهد النعمة، ففي عهد الأعمال لم يكن هناك أي بند يسمح بالبركة على الرغم من عدم الطاعة، بينما يوجد في عهد النعمة بند يسمح بذلك، ألا وهو دم يسوع المسيح المسفوك: يُطيع المسيح بالتمام التزامات العهد التي وضعها الله، ويتحمل بالكامل عقوبة انتهاك العهد، ويفعل ذلك بالنيابة عنَّا بصفته مُمَثِّلنا العهدي (“الرأس الفيدرالي”)، ووسيطنا العهدي، وفادينا الوحيد.

خَمْسُ طُرُقٍ يستخدم بها الكتاب المُقدَّس كلمة “عهد”

  1. يُشير العهد إلى: الطريقة أو الوسيلة التي تُؤَمَّن بها علاقة فريدة. يُشير العهد إلى اتفاقية (غالبًا ما تُؤسَّس في إطار مراسِم) تُؤَمِّن علاقة تحمل داخلها وعودًا وتنطوي على بركات والتزامات.
  • مقاطع كتابيَّة: تكوين 15: 8-18؛ خروج 24: 3-8؛ عبرانيين 9: 15-20؛ يشوع 9: 6، 11، 14-15؛ إرميا 34: 8-22، وخاصةً الأعداد 8-10 و18-20.
  • مثال توضيحي: مراسِم الزواج (تُسَمَّى “زواجًا”) التي يحدث فيها تبادُل النذور أو العهود بين الزوجين.
  • أمثلة كتابيَّة: مراسم قطع العهد الإبراهيمي (تك 15)، مراسم قطع العهد الموسوي (خروج 24، العبرانيين 9)، مراسم قطع العهد مع سكان جبعون (يشوع 9)، مراسم قطع العهد المكسورة في سفر إرميا (إرميا 34)، والتأمين الحقيقي والفعلي الحادث في الصليب (متى 26: 28 [مرقس 14: 24]؛ لوقا 22: 20؛ 1كورنثوس 11: 25).
  1. يُشير العهد إلى: العلاقة نفسها التي تُؤمَّن بواسطة قَطْع العهد. يُشير العهد إلى العلاقة الفريدة المُؤمَّنة بواسطة اتفاقية مربوطة بحَلْفٍ (وبالتحديد: علاقة يُبادِر بها الله، مُلزِمة، سارية الآن، ذات بركات والتزامات).
  • مقاطع الكتابيَّة: تكوين 1-2؛ 6-9؛ 12؛ 15؛ 17؛ خروج 19؛ 24؛ 2 صموئيل 7؛ لوقا 22؛ أعمال الرسل 2؛ غلاطية 3؛ عبرانيين 6-13.
  • مثال التوضيحي: العلاقة الزوجية (تُسَمَّى “زواجًا”).
  • أمثلة كتابيَّة: آدم (تكوين 1-2)، نوح (تكوين 6-9)، إبراهيم (تكوين 12؛ 15؛ 17)، موسى/إسرائيل (خروج 19؛ 24)، داود/المملكة (2صموئيل 7)، يسوع/العهد الجديد (لوقا 22؛ أعمال الرسل 2؛ غلاطية 3؛ العبرانيين 6-10).
  1. يُشير العهد إلى: علامات وخُتُوم الاتفاقية/العلاقة (شعارات أو رموز تمثيلية وتأكيدية) التي تُشير إلى أنَّ عملية تأمين العلاقة قد تمت بالفعل، والتي تعمل أيضًا كعلامة هذه العلاقة المُؤَمَّنة وخَتْمها، مُسَلِّطة الضوء بشكل خاص على الوعد الإلهي. يُشير العهد إلى علامة التأكيد (“السر المُقدَّس” أو “الفريضة”) المُلحَقة باتفاقية مُعيَّنة.
  • مقاطع كتابيَّة: تكوين 9: 12-13، 17؛ 17: 11 (راجِعْ أعمال الرسل 7: 8)؛ خروج 12: 11-13؛ 31: 12-17؛ متى 28: 19 (راجِعْ لوقا 24: 49؛ أعمال الرسل 1: 4-5، 8؛ 2: 1-4، 16-17، 33، 38-39؛ 3: 25؛ كولوسي 2: 11-12؛ غلاطية 3: 13-14)؛ رومية 4: 11؛ متى 26: 28؛ مرقس 14: 24؛ لوقا 22: 20؛ 1 كورنثوس 11: 25.
  • مثال توضيحي: خَاتَما الزواج (اللذان يُمَثِّلان/يرمزان إلى الالتزامات المتبادلة بين الزوج/الزوجة).
  • أمثلة كتابيَّة: قَوْس قُزَح بالنسبة لنوح (تكوين 9)، الختان بالنسبة لإبراهيم (تكوين 17)، الفصح (خروج 12) والسبت (خروج 31) بالنسبة لموسى، المعمودية (متى 28؛ أعمال الرسل 2) والعشاء الرباني (متى 26؛ لوقا 22؛ 1كورنثوس 11) بالنسبة للرب يسوع والعهد الجديد الذي قطعه.
  1. يُشير العهد إلى: الإعلان المكتوب الخاص بعهد مُعيَّن. تُعَرَّف الكلمات المنطوقة والمكتوبة على أنَّها كلمات العهد، والتي تشمل الوصايا العشر، وقسمًا من سفر الخروج (21-23)، والتوراة (أسفار موسى الخمسة). يُشير العهد إلى الكلمات التي تأتي من الله (الإعلان الشفهي)، والتي يكتبها الله أو شخصٌ مُعَيَّنٌ مِن قِبَله (الإعلان المكتوب)، والمتعلقة بمحتوى علاقة هذا العهد المُعيَّن.
  • مقاطع كتابية: خروج 24: 7؛ 34: 28؛ تثنية 29: 1، 9، 19، 21؛ 2 ملوك 23: 2-3، 21؛ 2 أخبار الأيام 34: 30-31؛ إشعياء 59: 21؛ إرميا 11: 2-3، 6، 8؛ 2 كورنثوس 3: 14.
  • مثال توضيحي: عقد الزواج، وهو وثيقة قانونية يُوَقِّع عليها خادم الكنيسة/العروس/العريس (عهد الزواج).
  • أمثلة كتابيَّة: كتاب العهد (خروج 24)، لعنات العهد المكتوبة في كتاب الشريعة (تثنية 29)، كتاب العهد [سفر الشريعة] الذي وُجِدَ في بيت الرب (2ملوك 23)، كلمات العهد/الوصايا العشر (خروج 34)، عهد/روح الله/كلام في فمك/نسل (إشعياء 59)، قراءة العهد العتيق (2كورنثوس 3).
  1. يُشير العهد إلى: إدارات خاصّة ومُحَدَّدَة أدار بها الله علاقته مع شعبه يُمَيِّزها مُحتَوَى (وزَمَن/حِقبَة) عهد معين؛ وبذلك يُصبِح العهد مُعَبِّرًا عن مواطن التركيز وعن الحِقَب أو الفترات (وعن حتى التقدم) في خطة الله العامة. لا يُشير العهد إلى مجرد فكرة عامة عن علاقة الله بشعبه، بل يُشير إلى علاقات مُحَدَّدة مع أشخاص مُحَدَّدين على مدار تاريخ الفداء، مع الكشف التدريجي عن جوانب من خطة الله في هذه العلاقات المُحَدَّدة وبواسطتها، ومع حتى تنبؤات علاقات سابِقة بعلاقات لاحِقة (مثل إرميا: جديد)، وتقييم عهود لاحِقة عهودًا سابِقة (إرميا “قديم”؛ عبرانيين: قديم).
  • مقاطع كتابيَّة: هوشع 6: 7 (راجِعْ تك 1-3؛ 6: 18؛ 9: 9؛ 11)؛ تكوين 15: 18؛ 17: 2، 4، 7، 9؛ خروج 2: 24؛ لاويين 26: 42؛ مزمور 105: 9-10؛ 2 أخبار الأيام 13: 5؛ 21: 7؛ إشعياء 55: 3؛ إرميا 31: 31-34؛ 33: 21؛ 2 كورنثوس 3: 6؛ عبرانيين 8؛ 9؛ 12.
  • مثال توضيحي: علاقات زواج مُحَدَّدة (ألفريد & ليندا، ديڤيد & كريستين)؛ مراحل علاقة زوجية مُعيَّنة من خطوبة أولًا، ثم علاقة زواج حقيقية مُكتَمِلة الأركان.
  • أمثلة كتابيَّة: آدم (هوشع 6؛ تك 2-3)؛ نوح (تكوين 6؛ 9)، إبراهيم (تكوين 15؛ 17؛ أع 3)، إسحاق ويعقوب (خروج 2؛ لا 26)، إسرائيل (1أخبار 16؛ مزمور 105)، داود (2صموئيل 7؛ مزمور 89؛ 2أخبار 13؛ إشعياء 55؛ إرميا 33)، العهد الجديد الذي قطعه المسيح (إرميا 31؛ لوقا 22؛ 1كورنثوس 11؛ 2كورنثوس 3؛ عبرانيين 8؛ 9؛ 12).

العهود اللاهوتية

يشعر الكثيرون بالكثير من الراحة عند حديثهم عن العهود الكتابية (كالعهد مع إبراهيم أو العهد مع داود)، ولكنَّهم يشعرون بالقلق حيال الاعتراف بشرعية العهود اللاهوتية، كعهد الفداء وعهد الأعمال وعهد النعمة، فكيف يُبَرِّر اللاهوتيون العهدِيّون هذه المصطلحات والأفكار حيث إنَّ هذه المصطلحات لا تَرِد في الكتاب المقدس؟ لماذا لا نلتزم فقط بالفئات المذكورة صراحةً في الكتاب؟ يَتَمَثَّل جزء من الإجابة بالطبع في أنَّ اللاهوتيين حتى يكونوا مُنصِفين للكتاب المقدس لطالما اختاروا مصطلحات من خارج الكتاب كاختصار لأفكار كتابية مهمة، مثل: الثالوث، أو كَوْن الآب والابن homoousias (وهي كلمة يونانية تعني: من نفس الجوهر)، أو حتى “التقديس” الذي يستعمله علماء اللاهوت النظامي على نطاقٍ أوسع مما تُستَخدَم فيه مفردات التقديس في كُتُب العهد الجديد. ما هي إذًا المُبرِّرات الكتابية لهذه العهود اللاهوتية؟ فيما يلي بعض المصادر الجيدة والسريعة والموجزة بعض الشيء من لاهوتيين عهديين يجيبون عن هذه الأسئلة باستخدام التفسير النصّي ومعارف علم اللاهوت الكتابي والنظامي:

  1. من أين يحصل اللاهوتيون العهدِيّون على الأفكار التي تخص عهد فداء (حَدَثَ داخل الثالوث قبل بدء الأزمنة) أو pactum salutis [باللاتينية]؟ لقد قَدَّم كيڤِن دِيانج وچيه. آي. پاكر (اُنظُرْ خاصةً القسم الرابع من مُقَدِّمة پاكر) شروحات تفسيرية موجزة ممتازة لعهد الفداء وحُجَجًا مختصرة رائعة للدفاع عنه. إنَّ فكرة عهد الفداء بسيطة: لقد مَنَحَ الآبُ الابن، بترتيبٍ أزليّ، شعبًا يُخَلِّصه الابن ويفديه، مع قيام الروح القدس بتطبيق جميع فوائد العمل العهدي الذي يقوم به الابن على هذا الشعب. يُظهِر عهد النعمة هذا القصد والخطة في التاريخ البشري؛ ومن هنا يرى اللاهوتيون العهدِيّون الخطة نفسها على أنَّها عهد فداء، مثلما يقول كيڤِن دِيانج: “يُصبِح عهد النعمة الذي تدور أحداثه في الزمن ممكنًا بفضل عهد الفداء الذي دارت أحداثه منذ الأزل”.
  2. تُبنَى فكرة عهد الأعمال على عددٍ من الأمور التفسيرية واللاهوتية الهامة. منذ وقت قريب جدًّا، قَدَّم كلٌ من چاستِن تيلِر (مقال مُختَصَر جدًّا) ولوك چينر (مناقشة أطول وأكثر تفصيلًا) حُجَجًا ممتازة تُؤيِّد الشرعية الكتابيَّة لعهد الأعمال. باختصار، يُشير اللاهوتيون العهدِيّون إلى أنَّه على الرغم من أنَّ كلمة “عهد” غير موجودة في تكوين 1-2، فالفكرة موجودة بوضوح، فأنت لديك علاقة يُبادِر بها الله، مُلزِمة، سارية الآن، ذات بركات والتزامات بين الله وآدم ينتهكها آدم مع عواقب وخيمة تلحق ذلك (تك 3)، ويُعَلِّق عليها (هوشع 6: 7) صراحةً: “وَلكِنَّهُمْ كَآدَمَ تَعَدَّوْا الْعَهْدَ. هُنَاكَ غَدَرُوا بِي”. يُساعِد مفهوم “عهد الأعمال” إذا ما فُهِم بشكل صحيح في توضيح نعمة “عهد النعمة” وحمايتها.
  3. يشعر بعض الناس بالقلق من فكرة وجود عهد نعمة وحيد يمتد من تكوين 3 وحتى العهد الجديد. فكيف يُبَرِّر اللاهوتيون العهدِيّون تأييدهم لهذا العهد؟ لقد أَعَدَّ روبِرت ريمِند دفاعًا شاملًا قائمًا على التفسير النصّي عن فكرة عهد النعمة، مُجادِلًا بأنَّ “العهد الإبراهيمي (تك 12؛ 15؛ 17) يتطابق مع عهد النعمة”، وبأنَّ “’العهد الجديد‘ نفسه هو ببساطة ’امتداد العهد الإبراهيمي وتَكَشُّفه‘ من ناحية الإدارة” (Robert Reymond, A New Systematic Theology of the Christian Faith, Thomas Nelson, 512–37).

من أجل هذه الأسباب وأكثر يجد اللاهوتيون العهدِيّون أُسُسًا أكثر من كافية على مستوى التفسير النصّي وعلى مستوى علم اللاهوت الكتابي وعلى مستوى علم اللاهوت النظامي للتأكيد على “العهود اللاهوتية”، عهد الفداء وعهد الأعمال وعهد النعمة.


[1] الثالوث التدبيري هو دراسة الثالوث من ناحية عمل الله (تدبيره) في الخلق والفداء، وأدوار الأقانيم الثلاثة في ذلك.

[2] هي كنائس بروتستانتية تتبع التقليد الكالڤيني، وتمارس الحُكْم الكنسي المستقل الذي فيه تُدير كل كنيسة شئونها الخاصة بشكلٍ ذاتي ومستقل، بحيث يكون لأعضاء كل كنيسة محلية الحق في تقرير شكل العبادة في الكنيسة وإقرار الإيمان الخاص بها، واختيار قادتها، وإدارة شئونها الخاصة دون أي تدخل خارجي من مجمع أو سنودس أو طائفة أو غيره، فالسُّلطة النهائية هي في يد مجلس الكنيسة المحلية، والمسيح وحده هو رأس الكنيسة. وهي تختلف عن الكنيسة المستقلة -والتي تشابه الكنيسة المجمعية في كل شيء تقريبًا- في أنها ملتزمة في شَرِكَةٍ مع كل الكنائس المجمعية المحلية المماثلة، ومُلزَمة بالوفاء بكل واجبات هذه الشَّرِكَة، مثل تقديم كل كنيسة حسابًا عن شئونها للكنائس الأخرى التي تطالبها بهذا الأمر على نحوٍ دوري، بخلاف الكنيسة المستقلة التي تتبع نظامًا استقلاليًّا مُطلقًا حتى عن الكنائس المستقلة المماثلة.

[3] تأتي من الكلمة اليونانية “mesos”، أي “في المنتصف”، وتعني مَنْ يتدخل بين اثنين، إما من أجل صنع أو استعادة السلام والصداقة، أو من أجل تكوين ميثاق أو التصديق على عهد. أو تعني قناة اتصال أو وسيط أو مُحَكِّم.

[4] رخصة الزواج هي وثيقة قانونية صادرة عن الحكومة الأمريكية يحصل عليها الشخصان قبل الزواج، ويتم توقيع الرخصة من قِبَل الزوجين وخادم الكنيسة (أثناء أو بعد مراسم الزواج)، ويجب إعادتها إلى المكتب الحكومي الذي أصدرها لتخضع للتسجيل، وبعدها تَصدُر قسيمة الزواج.

[5] حيث يُعَدُّ عَقْد مراسم زواج أمرًا قانونيًّا مُلزِمًا في الكثير من الولايات الأمريكية حتى يكون الزواج شرعيًّا.

شارك مع أصدقائك

ليجون دنكان

حاصل على درجة الدكتوراة في الفلسفة (PhD) من جامعة إدنبرة، وهو المدير التنفيذي لكلية اللاهوت المُصلح (RTS)، وعضو مجلس إدارة ائتلاف الإنجيل (The Gospel Coalition).