قبل فترة وجيزة، سألتني إحدى المراسلات عن تعريف كلمة “التكامليَّة”. لم تكن تعرف هذا المصطلح، وهذا أمر غير مفاجئ.
فالكتاب المقدس لم يذكر لفظ “التكامل”، لكنه يشير إلى المفهوم ذاته. والناس يستخدمون هذا المصطلح لتلخيص فكرة كتابيّة، تمامًا كما هو الحال مع كلمة “الثالوث”: فالكتاب لم يستعملها صراحة، لكنه بوضوح يعلن إلهًا واحدًا في ثلاثة أقانيم: الآب والابن والروح القدس.
وعلى الرغم من أنّ مبدأ التكامل بين الرجل والمرأة حاضر من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا، فإنّ مصطلح “التكامليَّة” لم يُستخدم إلا منذ نحو 25 عامًا، حين صاغه بعض العلماء لوصف موقف تاريخي كتابي يؤكّد أن الرجل والمرأة متساويان في الكرامة، مختلفان في الأدوار. جاءت الحاجة إلى هذه التسمية ردًّا على مذهب المساواة (Egalitarianism)، الذي طُرح في السبعينيات والثمانينيات على يد ما سُمِّي بـ “مناصري المرأة الكتابيين”، والذي رأى أنّ المساواة تعني تبادل الأدوار.
وقد قرأتُ مؤخرًا مقالات كثيرة تُسيء فهم التكامليَّة أو تُشوّهها. وبما أنّني حضرت الاجتماع الذي اختير فيه هذا المصطلح، أعتقد أنّ لديّ فهمًا واضحًا لمعناه، وأقدّم هنا ملخّصًا مبسّطًا بعنوان: “التكامليَّة للمبتدئين“.
1. معنى التكاملية
تعني التكاملية أن الله خلق الذكر والأنثى كطرفين متكاملين يعكسان معًا مجده. فكلاهما يحمل صورة الله كاملة، ولكن كلّ واحد بطريقته الفريدة. والعلاقة بين الجنسين تُظهر جوانب من المسيح لا يستطيع أحدهما أن يُظهرها بمفرده.
2. التكامل ليس صورة نمطية تقليدية
حين اخترنا الاسم، رُفضت عبارة “التمسّك بالتقاليد”، لأنّ التكامليَّة ليست مجرد تقليد ثقافي. المبادئ الكتابية صالحة لكل زمان ومكان. فصورة “ربة المنزل” المصريّة في خمسينيات القرن العشرين ليست هي المثال التكاملي. الثقافة تتغيّر، لكن كلمة الله ثابتة.
3. التكامل ليس تسلسلاً هرميًا طبقيًا
يجادل بعض النسويين بأنّ اختلاف الأدوار يضع الرجال في طبقة النخبة والنساء في طبقة أدنى، كما في صراع “الرأسماليين ضد العمال”. لكن التكامليين لا يرون الرجال أعلى من النساء، ولا النساء جنسًا أدنى. نعم، على الرجل مسؤولية القيادة في البيت والكنيسة، لكن هذه القيادة بحسب المسيح هي خدمة وبذل، لا تسلّط وهيمنة.
4. التكامل لا يبرّر القهر أو “النظام الأبوي” القمعي
صحيح أنّ كلمة “الأبوي” قد تعني تاريخيًا أنّ الأب رأس الأسرة، لكن الحركة النسوية حمّلت المصطلح دلالات سلبية: القهر والظلم. أما التكامليَّة فترفض أي قمع للمرأة. نحن نريد أن تزدهر النساء جنبًا إلى جنب مع الرجال، في نور كلمة الله.
5. جوهر التكامليَّة: الرجولة والأنوثة تعكسان المسيح والكنيسة
بعد تصحيح المفاهيم المغلوطة، يمكننا تلخيص التكامليَّة كالآتي: الإيمان بأن الله خلق الرجل والمرأة ليعكسا حقائق تكامليَّة عن المسيح. الرجل مدعو أن يعكس علاقة المسيح بالكنيسة، والمرأة مدعوة أن تعكس علاقة الكنيسة بالمسيح. الغاية ليست فينا نحن، بل في أن نشهد ليسوع.
فإذا قالت لكِ إحداهن إنّ التكامليَّة تعني أن تتزوجي بالضرورة، أو تنجبي عددًا كبيرًا من الأولاد، أو تتركي عملك، أو تُهملي عقلك، أو تتحمّلي الإساءة، أو تذوبي في شخصية باهتة لا رأي لها، فاعلمي أنّ هذا تحريف وكذب. هذه ليست التكامليَّة الحقيقية.
فالتكامليَّة ليست قيدًا، بل دعوة كتابية. إنها تعني أنّ الذكر والأنثى متساويان في القيمة، مختلفان في الوظيفة، متحدان في الهدف: تمجيد المسيح من خلال شهادة حياتهما.