مدعو إلى الألم والفرح: لثقل مجدٍ أبدي

٢ كورنثوس ٤: ٧١٨

٧وَلكِنْ لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ ِللهِ لاَ مِنَّا. ٨مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ. ٩مُضْطَهَدِينَ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ. ١٠حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لِكَيْ تُظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي جَسَدِنَا. ١١لأَنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ نُسَلَّمُ دَائِمًا لِلْمَوْتِ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ، لِكَيْ تَظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي جَسَدِنَا الْمَائِتِ. ١٢إِذًا الْمَوْتُ يَعْمَلُ فِينَا، وَلكِنِ الْحَيَاةُ فِيكُمْ. ١٣فَإِذْ لَنَا رُوحُ الإِيمَانِ عَيْنُهُ، حَسَبَ الْمَكْتُوب:«آمَنْتُ لِذلِكَ تَكَلَّمْتُ»، نَحْنُ أَيْضًا نُؤْمِنُ وَلِذلِكَ نَتَكَلَّمُ أَيْضًا. ١٤عَالِمِينَ أَنَّ الَّذِي أَقَامَ الرَّبَّ يَسُوعَ سَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ، وَيُحْضِرُنَا مَعَكُمْ. ١٥لأَنَّ جَمِيعَ الأَشْيَاءِ هِيَ مِنْ أَجْلِكُمْ، لِكَيْ تَكُونَ النِّعْمَةُ وَهِيَ قَدْ كَثُرَتْ بِالأَكْثَرِينَ، تَزِيدُ الشُّكْرَ لِمَجْدِ اللهِ. ١٦لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا. ١٧لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا. ١٨وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ.

توضح الآية ١٦ شيئا يريد كل واحد منا هنا في هذا الصباح أن يختبره. يقول بولس: “لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا.” يوجد شيء هنا لا أحد يريده وشيء الكل يريده.

مالا يريده أحدا وما يريده الجميع:

لا أحد هنا هذا الصباح يريد أن يفشل. لم يأتي أحد هنا قائلا: “أنا أأمل بثقة أن نرنم بعض الترانيم ونستمع إلى عظة تساعدني أن أفشل. أريد حقا أن أحبط هذا الصباح بما يقوله جون”. لا أحد منكم. لا أحد يريد أن يُنتزع منه قلب الحياة. ولا بولس أيضا.

على العكس من ذلك، الجميع يريد الداخل أن يتجدد يوما فيوما. نحن نعلم جميعا أن مشاعر القوة والتجديد والأمل والحيويّة والشجاعة وحب الحياة تستمر لبعض الوقت، ومن ثم فإنها تتجه إلى التلاشي. إذا أردنا أن نكون أقوياء في الداخل ويكون لنا الرجاء والفرح ومصادر للحب، يجب أن نتجدد يوميا فيوما. إننا نعرف ذلك. الحياة ليست ثابتة أو بدون تموجات. فهي في صعود ونزول ثم صعود. إنها ملء ثم استنزاف ثم ملء مرة أخرى. إنها تجديد وإنفاق، وتجديد، وإنفاق وتجديد. وكل واحد منا يريد قوة التجديد. لا أحد هنا يريد أن يُترك في وادي الاستنزاف والفراغ والإحباط. إذا كان هناك سرا لكي نصبح أقوياء وممتلئين بالرجاء والفرح والمحبة مرارا وتكرارا يوما بعد يوم، فيجب أن نهتم بالأمر.

كلمتين حاسمتين: “لِذلِكَ“، و”لأَنَّ“:

مما يعني أن هناك كلمتين في هذا النص يجب أن تحظى باهتمامنا. كلمة “لِذلِكَ” في بداية الآية ١٦ وكلمة “لأَنَّ” في بداية الآية ١٧. لماذا هم هكذا حاسمين؟

الآية ١٦ كرأس المثلث:

تخيّل الآية ١٦ في رأس مثلث مع جانبين داعمين له. وهنا يوجد شوقنا مدعم بعبارتين: “لاَ نَفْشَلُ… فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا.” هذا ما نريده جميعا في هذا الصباح، أن نكون قادرين على قول ذلك ونعنيه حقا.

الآية ١٦: لاَ نَفْشَلُ… فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا.

الآيات ٧-١٥ كجانب يدعم الرأس:

كلمة “لِذلِكَ” في بداية الآية تعني أن بولس كان يتحدث عن بعض الأشياء التي قادته إلى هذا الاختبار وتدعيمه: “هذا صحيح، وهذا صحيح، وهذا صحيح” في الآيات ٧-١٥، “لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ… لِذلِكَ فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا.” وبالتالي فإن الخط الأول في المثلث هو حقيقة الآيات ٧-١٥ التي يؤدي إلى هذا الاختبار وتؤيده. هذا ينبغي أن يحصل على اهتمامنا ويرسلنا للبحث في تلك الآيات على ما هي عليها. ربما مقصودة لنا أيضا!

الآيات ١٧-١٨ كالجانب الآخر الذي يدعم الرأس:

ثم كلمة “لأَنَّ” في بداية الآية التالية (آية ١٧) تعني أن بولس هو على وشك أن يقول بعض الأشياء التي هي سببا لآية ١٦. “لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ… فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا” لأن (بسبب) هذا صحيح وهذا صحيح وهذا صحيح. وبالتالي فإن الخط الثاني في المثلث النازل على الجانب الآخر هو حقيقة الآيات ١٧-١٨ التي تؤيد الاختبار الذي وصفه للتو.

لذا هل تراه الآن؟ الاختبار الذي نتطلع إليه يكمن في فكرة هذا المثلث مع الجانبين الداعمين له. الآيات ٧-١٥ هي حقيقية “لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ… فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا.” هذا جانب واحد. “لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ… فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا.” لأن الآيات ١٧-١٨ هي حقيقية.

لذلك فإن هدفنا إذا هو أن ننظر إلى جانبيّ هذا المثلث ونجعل الحقيقة التي ساندت بولس حقيقة تقوينا وتسندنا.

تأتي الآية ١٦ في خضم الألم:

لكن أولا، ملاحظة واحدة موجزة: تعلن الآية ١٦ بأن عدم الفشل والتجديد يوما فيوما يتم في خضم الألم. “لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا.” عرف بولس أنه كان يحتضر، وأن الكل سيموت. واجه معاناة هائلة، وفيها رأى فساد وفناء حياته الأرضيّة. كان هناك ضعفات وأمراض وجروح وضغوط ومصاعب وإحباطات وخيبات الأمل. وكل واحدة منها كلّفته جزءً من حياته. إحدى الطرق للتعبير عن ذلك هو بالقول أن “الْمَوْتُ يَعْمَلُ فِينَا” (راجع آية ١٢).

كان ذلك سياق قوله “لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ… فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا.” لذلك سؤالنا الآن هو حقا ليس مجرد “كيف يمكنني ألا أفشل في الحياة؟” و”كيف يمكنني أن أتجدد يوما فيوما؟” ولكن “كيف يمكنني الاستعداد للآلم دون أن أفشل؟” “كيف أقبل فساد جسدي وانحطاط حياتي الأرضية، وفي الوقت نفسه لا أفشل، ولكن أجد قوة تجديد داخليّة للاستمرار بفرح إلى النهاية بأعمال المحبة؟”

نحن الآن على استعداد أن نرى إجابة بولس على هذا السؤال. أولا في الآيات ٧-١٥ ثم في الآيات ١٧-١٨.

الآيات ٧-١٥: أربعة أسباب لعدم الفشل:

في الآيات 7-15 هناك على الأقل أربعة أسباب التي جعلت بولس يقول “لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ.” وكل واحد منهم يأخذ بعين الاعتبار فناء حياته الأرضيّة. لم يغب عن عينيه أنه رجل يحتضر، وأن حياته قد أُفنيت. لذلك ما يفعله في هذه الآيات هو إظهار ما هو حقيقي على الرغم من وبسبب أن طبيعته الخارجيّة تفنى.

١. تمجيد قدرة الله وابن الله:

أولا، على الرغم من أن طبيعته الخارجية تفنى، إلا أنه في آلامه ومن خلالها تستعلن وتُمجّد قوة الله وحياة ابن الله.

الآية 7: “لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ [أي، الإنسان الخارج والضعيف والفاني]، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ ِللهِ لاَ مِنَّا.” لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ… لأن قوة الله تتمجد هي في ضعفنا.

الآية 10: “حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ [وهذا جانب آخر من فناء الإنسان الخارج]، لِكَيْ تُظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي جَسَدِنَا.” لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ… لأن حياة ابن الله تتمجد في إماتتنا اليوميّة.

الآية 11: “لأَنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ نُسَلَّمُ دَائِمًا لِلْمَوْتِ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ، لِكَيْ تَظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي جَسَدِنَا الْمَائِتِ.” لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ… لأن حياة ابن الله تظهر وتتمجد في أجسادنا الفانية.

لذلك فإن أول سبب يجعل بولس لا يفشل، برغم أن طبيعته الخارجيّة تفنى، هو أنه في ضعفه وموته اليومي من أجل الآخرين، تتمجد قوة الله وحياة ابن الله وهذا ما يحبه بولس أكثر من أي شيء.

٢. بنيان الكنيسة:

ثانيا، على الرغم من أن طبيعته الخارجيّة تفنى، ولكن في آلامه ومن خلالها تتدفق الحياة منه إلى الكنيسة. يتشدد المسيحيون بضعف بولس.

الآية 12: “إِذًا الْمَوْتُ يَعْمَلُ فِينَا، وَلكِنِ الْحَيَاةُ فِيكُمْ.” لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ… لأنه ليس فقط يتمجد الله، ولكن أنتم، أحبائي، تستقبلون حياةً وقوةً ورجاءً.

الآية 15: “لأَنَّ جَمِيعَ الأَشْيَاءِ هِيَ مِنْ أَجْلِكُمْ، لِكَيْ تَكُونَ النِّعْمَةُ وَهِيَ قَدْ كَثُرَتْ بِالأَكْثَرِينَ [من خلال آلام بولس من أجلهم]، تَزِيدُ الشُّكْرَ لِمَجْدِ اللهِ.” لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ… لأن (ولاحظ كيف تضع الآية ١٥ أول سببين معا) في خدمتي التي للآم تكثر النعمة لكم والمجد يكون لله. هذا أمرين محبوبين جدا لحياة بولس: تقديم النعمة للآخرين وتقديم المجد لله، وهذه الآية تقول أنهم يتمّون في نفس الاختبار. لذلك بولس لا يفشل.

٣. الحضور المساند لله:

ثالثا، على الرغم من أن طبيعته الخارجية تفنى، مع ذلك في آلامه ومن خلالها يسانده الله ولا يجعله يُقهر.

الآيات 8-9 (لاحظ في كل هذه الازدواجات ما يقوله حقا هو: نعم، طبيعتنا الخارجيّة تفنى، ولكن، لا، نحن لا نفشل): “مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ. مُضْطَهَدِينَ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ.” لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ… لأن الله يسندنا ولا يجعلنا نُقهر.

٤. قيامتنا من بين الأموات:

رابعا، على الرغم من أن طبيعته الخارجية تفنى، مع ذلك سيُقام من بين الأموات مع الكنيسة، ويكون مع المسيح.
الآية 14: “عَالِمِينَ أَنَّ الَّذِي أَقَامَ الرَّبَّ يَسُوعَ سَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ، وَيُحْضِرُنَا مَعَكُمْ.” لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ… لأن الأمر سيكون على ما يرام. فلا يمكن حتى الموت أن يجعل للقصة نهاية سيئة. أنا سأحيا من جديد، وسأحيا معكم، الشعب الذي أحبه، وسأحيا مع المسيح وأكون في مجده إلى أبد الآبدين.

لذلك… هذا هو الخط الأول في المثلث (الآيات ٧-١٥) الذي يدعم الاختبار العظيم لعدم الفشل بل التجديد كل يوم.

١. أتجدد لأن قوة الله وحياة ابن الله تستعلن وتتمجد في ضعفي الفاني.

٢. أتجدد لأن الحياة تتدفق من آلامي إلى الكنيسة التي أحبها كثيرا.

٣. أتجدد لأن الله يساندني في آلامي ولا يجعلني أُقهر من خلالها.

٤. أتجدد لأنني أعرف أنني سأقوم من بين الأموات معكم ومع المسيح لنحيا معا إلى الأبد.

لذلك لا أفشل!

الآيات ١٧-١٨: أربعة أسباب لعدم الفشل:

انظر الآن إلى الخط الآخر من المثلث الذي يدعم الاختبار الرائع لبولس في الآية ١٦، وهي الآيات ١٧-١٨. فهو لا يفشل، ويتجدد يوما فيوما لأن الآيات ١٧-١٨ هي حقيقة. مرة أخرى هناك أربعة أسباب لعدم فشل بولس على الرغم من أن إنسانه الخارج يفنى، أي ضعفاته وأمراضه وجروحاته وشدائده.

١. ضيقة وقتيّة:

هو لا يفشل لأن ضيقته وقتيّة.

الآية 17: “لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ… ” هذا لا يعني أنها تستمر 60 ثانية. لكنه يعني أنها لا تدوم إلا في العمر (وهذا وقتّي مقارنة بملايين الدهور من آلاف السنين)، وهذا كل شيء. الكلمة تعني “الحاضر” — “الضيقة الحاضرة”، أي الضيقة التي لن تعمّر في هذه الحياة الحاضرة. أنا لا أفشل…  لأن ضيقاتي ستنتهي. لن يكون الكلمة الأخيرة في حياتي.

٢. ضيقة خفيفة:

هو لا يفشل لأن ضيقته خفيفة.

الآية ١٧: “لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ…” هذا ليس تقييم شخص أمريكي مستريح. إنه تقييم بولس نفسه. ولم ينسى بولس ما قاله في ٢ كورنثوس ١١: ٢٣-٢٧.

فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ، فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ، فِي السُّجُونِ أَكْثَرُ، فِي الْمِيتَاتِ مِرَارًا كَثِيرَةً. مِنَ الْيَهُودِ خَمْسَ مَرَّاتٍ قَبِلْتُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً إِلاَّ وَاحِدَةً. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ضُرِبْتُ بِالْعِصِيِّ، مَرَّةً رُجِمْتُ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ انْكَسَرَتْ بِيَ السَّفِينَةُ، لَيْلاً وَنَهَارًا قَضَيْتُ فِي الْعُمْقِ. بِأَسْفَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، بِأَخْطَارِ سُيُول، بِأَخْطَارِ لُصُوصٍ، بِأَخْطَارٍ مِنْ جِنْسِي، بِأَخْطَارٍ مِنَ الأُمَمِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْمَدِينَةِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْبَرِّيَّةِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْبَحْرِ، بِأَخْطَارٍ مِنْ إِخْوَةٍ كَذَبَةٍ. فِي تَعَبٍ وَكَدٍّ، فِي أَسْهَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ، فِي أَصْوَامٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي بَرْدٍ وَعُرْيٍ. عَدَا مَا هُوَ دُونَ ذلِكَ: التَّرَاكُمُ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ، الاهْتِمَامُ بِجَمِيعِ الْكَنَائِسِ.

عندما يقول بولس أن ضيقاته خفيفة، لا يعني أنها سهلة أو غير مؤلمة. لكنه يعني أنه بالمقارنة بما هو آت هي كلا شيء. مقارنة بثقل المجد القادم، فهي تشبه الريش في الميزان. “فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا.” (رومية ٨: ١٨). أنا لا أفشل… لأن ضيقاتي خفيفة.

٣. ثقل مجد أبديّا:

هو لا يفشل لأن ضيقته في الواقع تنتج لبولس ثقل مجد أبديّا إلى ما هو أبعد من كل مقارنة.

الآية ١٧: “لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا.” ما هو آتٍ لبولس ليس وقتيّا، ولكنه أبديّا. ليس خفيفا، ولكن ثقيلا. ليس ضيقة، ولكنه مجدا. وهذا كله يفوق كل فهم. مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ (١ كورنثوس ٢: ٩).

والفكرة الأساسيّة ليست أن الضيقات ببساطة تنشئ المجد، بل تساعد في إنشاء المجد. هناك علاقة سببيّة حقيقية بين كيفية تحمّلنا الشدائد الآن وكيفية مقدرتنا للاستمتاع بمجد الله في الدهور الآتية. لا تضيع لحظة واحدة من الآلام بصبر. أنا لا أفشل… لأن جميع مشاكلي تنشئ لي ثقل مجد أبديّا بما لا يُقارن.

٤. المجد الأبدي الآتي الذي لا يُرى:

بولس لا يفشل لأنه يثبت نظره على ما لا يُرى، على المجد الأبدي الآتي.

الآية 18: “وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى.” قد يقدم لك الله كل المجد في الكون كي يحفظك من الفشل ويجدد نفسك يوما فيوما، ولكن إن لم تنظر إليه أبدا، فلا شيء يأتي منه.

دعوة الله السخيّة:

في الواقع هذا ما يفعله الله الآن في هذه العظة. هذا النص هو دعوة سخيّة من الله لك لكي تنظر إلى كل الأسباب التي لأجلها لا يجب أن تفشل، وكل الأسباب التي لأجلها تستطيع أن تتجدد يوما فيوما.

  • انظر! تستعلن قوة الله وحياة ابنه في ضعفك.
  • انظر! تتدفق حياة المسيح من خلال آلامك إلى حياة الناس الآخرين.
  • انظر! يسندك الله في ضعفاتك، ولن يدعك تتدمر.
  • انظر! لن يكون لضعفاتك الكلمة الأخير، ستُقام من بين الأموات مع المسيح ومع كنيسة الله وتحيا في فرح إلى أبد الآبدين.
  • انظر! إن ضيقاتك وقتيّة. هي فقط في الوقت الحاضر، وليس للدهر الآتي.
  • انظر! إن ضيقاتك خفيفة. بالمقارنة بمسرات ما هو آت هي كلا شيء.
  • انظر! هذه الضيقات تنشئ لك ثقل مجد أبديّا أكثر فأكثر.

لذلك انظر! ركّز! تأمّل! فكّر في هذه الأمور! صدّق ما يقوله الله. ولن تفشل، بل سيتجدّد إنسانك الداخلي يوما فيوما.

شارك مع أصدقائك

جون بايبر

جون بايبر (دكتوراه في اللاهوت DTheol، جامعة ميونيخ) هو مؤسس ومعلم في هيئة desiringGod.org وعميد جامعة وكلية لاهوت بيت لحم. وقد خدم لمدة ٣٣ عامًا كالراعي الرئيسي لكنيسة بيت لحم المعمدانية في مدينة مينيابوليس، بولاية مينيسوتا، وهو مؤلف لأكثر من ٥٠ كتابًا، بما في ذلك "الاشتياق إلى الله"، "لا تضيع حياتك"، "هذا الزواج السريع"، و"هل يرغب الله أن يخلص الجميع؟"