رومية ١١: ٥–٧
٥فَكَذلِكَ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ أَيْضًا قَدْ حَصَلَتْ بَقِيَّةٌ حَسَبَ اخْتِيَارِ النِّعْمَةِ. ٦فَإِنْ كَانَ بِالنِّعْمَةِ فَلَيْسَ بَعْدُ بِالأَعْمَالِ، وَإِلاَّ فَلَيْسَتِ النِّعْمَةُ بَعْدُ نِعْمَةً. وَإِنْ كَانَ بِالأَعْمَالِ فَلَيْسَ بَعْدُ نِعْمَةً، وَإِلاَّ فَالْعَمَلُ لاَ يَكُونُ بَعْدُ عَمَلاً. ٧فَمَاذَا؟ مَا يَطْلُبُهُ إِسْرَائِيلُ ذلِكَ لَمْ يَنَلْهُ. وَلكِنِ الْمُخْتَارُونَ نَالُوهُ. وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَتَقَسَّوْا.
وأنا اتأمل الآثار الرعوية من الوعظ خلال نصا مثقّلا عقائديا كرومية ١١، يبدو جيدا لي أنه ربما بعد كل بضعة أسابيع ينبغي لنا أن نتوقف عن تدفق التفسير، ونخطوا إلى الوراء، ونتحدث عن بعض الآثار العملية لما قد رأيناه. ما كنا نراه مرارا في الأسابيع الأخيرة من رومية ١١: ١-١٠ (كما فعلنا في رومية ٨: ٢٩-٣٣، ورومية ٩: ١٠-٢٤) هو العقيدة الكتابية عن الاختيار غير المشروط.
هذا التعليم هو عن أن الله قد اختار، من قبل تأسيس العالم (أفسس ١: ٤)، من سيؤمنوا وهكذا سوف يخلصوا بلا استحقاق على الرغم من خطاياهم، ومن سيستمروا في تمردهم وهكذا سيهلكوا باستحقاق بسبب خطاياهم. وبعبارة أخرى، فإن الحكمة والعدل والنعمة من إرادة الله هي دائما التفسير النهائي لما يحدث في العالم- كله. البشر ليسوا الله. لا يمكننا أن ننشئ أسبابا من لا شيء. نحن، قادة كنيسة بيت لحم، نتمسك بالمفارقة الكتابية (ليس هناك ناقض) فمن جهة، الله هو ذات سيادة كاملة، وعلى الجانب الآخر، نحن جميعا مسؤولون ومذنبون بسبب خطايانا ونستحق الغضب. إن اختارنا الله لكي نأتي إلى الإيمان وإلى الخلاص من حالة الذنب هذه، فهذا ليس بسبب أي شيء صالح فينا. وهذا ما رأيناه في رومية ٨ و٩، والآن مرة أخرى في ١١: ١-١٠. هذا ما أعنيه بالاختيار غير المشروط (دون قيد أو شرط).
لذلك نتوجه اليوم إلى بعض الأفكار الرعوية عن عقيدة الاختيار.
١- ليس كل الأشياء جيد لنا أن نعرفها، وهكذا لم يعلنها الله لنا، وهناك بعض الأشياء التي هي جيد لنا أن نعرفها، حتى عندما لا نستطيع تفسيرها تماما.
إنني أعتمد جزئيا على تثنية ٢٩: ٢٩ حيث قال موسى: “السَّرَائِرُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا، وَالْمُعْلَنَاتُ لَنَا وَلِبَنِينَا إِلَى الأَبَدِ، لِنَعْمَلَ بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هذِهِ الشَّرِيعَةِ.” هناك أمور لم يقصد الله لنا معرفتها. فإنها لن تكون جيدة لنا. على سبيل المثال في أعمال ١: ٧، قال المسيح “لَيْس لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ.” معرفة أكثر مما ينبغي عن المستقبل لن يكون جيدا بالنسبة لنا. في الواقع نحن لا نعرف شيئا تقريبا عما سيحدث غدا. يقول يعقوب ١٤:٤ “أَنْتُمُ الَّذِينَ لاَ تَعْرِفُونَ أَمْرَ الْغَدِ!” ومثال آخر هو مزمور ١٣١ حيث يقول داود: “يَا رَبُّ، لَمْ يَرْتَفِعْ قَلْبِي، وَلَمْ تَسْتَعْلِ عَيْنَايَ، وَلَمْ أَسْلُكْ فِي الْعَظَائِمِ، وَلاَ فِي عَجَائِبَ فَوْقِي.” هناك بعض الأمور التي لا يمكننا الوصول إليها.
أشياء أخرى نحن نعلمها علم اليقين، لأن الله قد أعلنها لنا، ولكننا نعلمها فقط بشكل جزئي. لذلك فهي جيدة لنا أن نعرفها. لكن يجب أن نكون قانعين بالمعرفة الجزئية فقط، كما يقول بولس في ١ كورنثوس ١٣: ١٢ “فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ، لكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ.” هذا ينطبق بشكل خاص على عقيدة الاختيار. فنحن عرضة لطرح أسئلة أكثر مما قد اختار الله أن يجيب عليها. هناك خطر كبير أن تتحول أسئلتنا إلى اتهامات.
واحد من الآثار المترتبة على هذه النقطة هي أننا لن نعرف دائما كيف أن بعض العقائد المعينة في الكتاب المقدس هي جيدة بالنسبة لنا. نحن الأميركيين فضوليين وكثيروا المطالب بشكل خاص. إن لم نرى منفعة من عقيدة في الحال، فإننا نميل إلى تجاهلها. وعندما نفعل ذلك نحن نصير مثل الأطفال الحمقى. كل والد يعرف أنه يجب جعل الأطفال يتعلمون أشياء دون أن يعرفوا كيف ستكون يوما ما مفيدة. نحن نعلمهم تفاصيل آداب المائدة وهم صغارا، على سبيل المثال، لكي يستطيعوا في وقت لاحق أن يكونوا قادرين على الاجتياز في كل الاوضاع الاجتماعية بنعمة. وهم ليس لديهم أدنى فكرة لماذا نقول لهم أن يمسكوا بالملعقة بطريقة معينة ويبقوا مرافقهم بعيدة عن المائدة. يجب أن يصدقوا كلمتك أن الشمس لا تزال قائمة، والأرض كروية، والخضار الأخضر يجعلك بصحة جيدة، وأن الحقيبة الصغيرة من سم الفئران سوف تقتلك. إن كان يجب على الأطفال أن يعرفوا هذه الأشياء قبل أن يعلموا لماذا أو كيف، تخيل المسافة بيننا وبين الله وإلى أي مدى قد يتعين علينا أن نعرف دون أن نعلم كيف سيساعدنا هذا.
آثار ما نعرفه في حياتنا دائما يكون أكثر مما نعرف أو نستطيع تفسيره. أحيانا يجب علينا أن نتعلم شيء ببساطة لأن الله يقول أن هذا حق. ثم في وقت لاحق قد نرى كيف أن المعرفة قد حفظتنا، أو شددتنا، أو جعلتنا نتواضع، أو نقتنا، أو أرشدتنا، أو جعلتنا قادرين على رؤية أشياء أخرى على النحو الصحيح. القضية تتلخص في الثقة. هل نحن على ثقة بأن الله قد أعلن ما هو جيد بالنسبة لنا أن نعرفه؟
مع عقيدة الاختيار نحن لا نعرف كل الطرق التي من خلالها هي جيدة لنا، ولكننا نعرف بعض منها. الأمر الذي يقود إلى الفكرة الرعوية الثانية حول تأثير معرفة عقيدة الاختيار.
٢- عقيدة الاختيار لديها ميل قوي لجعل الكنيسة مدققة بشأن الحق وبشأن الكتاب المقدس، ولهذا تحفظها من الانجراف إلى اللامبالاة العقائدية والتشبه بالثقافة.
تميل عقيدة الاختيار إلى إعطاء الحزم والخُلُق للعقول الضعيفة. إنها تميل إلى إنتاج مسيحيين أقوياء وعميقي التفكير الذين لا تجرفهم الأفكار العصرية التي تركز على الإنسان. فهي لديها قوة حافظة مدهشة تعمل للحفاظ على العقائد الأخرى من أن تضعف وتضيع. بشكل عام هي تميل للضغط على عقولنا بوجهة نظر عالمية متمركزة حول الله ومبنية من واقع موضوعي للحق.
هنا أحد الأمثلة التوضيحية عن أهمية هذه الأمور. في العدد الأخير من المسيحية اليوم ناقش تشوك كولسون “ما بعد الحداثة” – “الفلسفة التي تدعي عدم وجود حقيقة متعالية.” وهو أعطى أربع أو خمس علامات من الثقافة أن فلسفة ما بعد الحداثة تفقد قوتها وربما قريبا سيكون قد عفا عليها الزمن. لكن استمع إلى الدعوة التي يقدمها للكنائس.
لا أستطيع التفكير في وقت أكثر أهمية للقساوسة، والعلماء، والعلمانيين أن يكونوا معتمدين على وجهة نظر كتابية للعالم وأن يدافعوا عنها بشكل واضح للجائعين للحق.
ولكن هل نحن مستعدون لمثل هذا التحدي؟ أكمل جورج بارنا مؤخرا جولة في الكنائس الأميركية وعاد ومعه تقريرا مفزعا أن معظم قادة الكنيسة والعلمانيون-90 في المئة، وفقا لاستطلاع واحد، ليس لديهم فهم للنظرة العالمية. كيف لنا أن نتعامل مع فلسفات متنافسة إن كنا غير متجذرين في نظام الحق الخاص بنا؟
ويا للسخرية فكما يبدو أن هناك بوادر مشجعة في الثقافة، هناك أيضا مؤشرات على أن الكنيسة هي تخفف من لهجتها، وتنتقل من رسالة تحركها كلمة الله إلى رسالة تحركها الصورة والعاطفة (لاحظ كم عدد المحطات الإذاعية المسيحية التي تحولت مؤخرا من الحديث والوعظ إلى موسيقى كلها).
سيكون من المفارقة العظمى، والمأساة الرهيبة، إن وجدنا أنفسنا ننزلق إلى ما بعد الحداثة فقط عندما تدرك الثقافة على نطاق أوسع أنه طريق مسدود (“انهيار ما بعد الحداثة”، في المسيحية اليوم، ديسمبر ٢٠٠٣، المجلد ٤٧، العدد ١٢، ص. ٧٢).
لدى عقيدة الاختيار تأثيرا عجيبا لإيقاظ البشر الذين ينجرفون في نهر الافتراضات المتوارثة بدون إعمال العقل. فجأة يصطدمون بالتمركز حول الله بشكل جذري في الكتاب المقدس والتمركز حول الإنسان المخيف في قلوبهم. فهم قد جعلوا أمام السعي لبناء طريقة تفكير كتابية عن الله والعالم لكي يتجنبوا المأساة التي حذر منها كولسون: أي أن العالم قد اكتشف، أخيرا، أن الحق يهم حقا، فقط عندما قررت الكنيسة باسم وثاقة الصلة بالثقافية أن العقيدة لا تهم. إن عقيدة الاختيار هي أمر جيد بالنسبة لنا ولأحفادنا بطرق لا يمكن أن نتصورها بعد.
٣- الفكرة الرعوية الثالثة بشأن عقيدة الاختيار هو أنها واحدة من أفضل الطرق لاختبار ما إذا كنا قد عكسنا الأدوار مع الله.
هذه مشكلة لا تنتهي، ولكن خصوصا في العالم الحديث الذي يفترض استقلالية الإنسان ويتحدى كل سلطان، ويأخذ مقعد الحكم ليقرر حتى ما إذا كان الله موجودا.
تناول بولس هذه المشكلة بقوة شديدة في رومية ٩: ٦-٢٣. بينما هو يفعل ذلك، سمع الاعتراض القديم والحديث، “لِمَاذَا [الله] يَلُومُ بَعْدُ؟ لأَنْ مَنْ يُقَاوِمُ مَشِيئَتَهُ؟” كان جوابه على ذلك هو “بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: «لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟” (رومية ٩: ١٩-٢٠). وبعبارة أخرى، ليس من المناسب لك أن تعكس الأدوار مع الله. إنه الفخاري. عقائد قليلة تختبر بأكثر وضوحا ما إذا كنا نحكم على الله أو أن الله هو الذي يحكم علينا.
عند انتهاء سفر أيوب حيث قدم أيوب كل دفاعه، وتلاشت كافة المشورات المضللة لأليفاز، وبلدد، ووصوفر، كانت خلاصة المسألة هي: “فَأَجَابَ أَيُّوبُ الرَّبَّ فَقَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلاَ يَعْسُرُ عَلَيْكَ أَمْرٌ. … وَلكِنِّي قَدْ نَطَقْتُ بِمَا لَمْ أَفْهَمْ. بِعَجَائِبَ فَوْقِي لَمْ أَعْرِفْهَا.” ثم أجاب الله “اِسْمَعِ الآنَ وَأَنَا أَتَكَلَّمُ. أَسْأَلُكَ فَتُعَلِّمُنِي.” وبعبارة أخرى، خذ مكانك المناسب، يا أيوب، واستمع لي. تعلم مني، لا تُعلمني. ثق في، ولا تتهمني. لذلك قال أيوب أخيرا: “بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي.” (أيوب ٤٢: ١-٦). تضعنا عقيدة الاختيار على المحك مع الآخرين لمعرفة ما إذا كنا في موقف أيوب المشتكي، أم أيوب المنكسر والمنسحق، الواثق.
فمن الصعب على الأسماك أن تعرف ما هو الرطب. فالرطب هو كل ما هناك للسمكة. والسمكة حتى لا تفكر في ذلك. لذلك فمن الصعب على شخص عصري، شخص يعيش في 200 سنة الأخيرة، أن يعرف أنه متعجرف نحو الله. الغطرسة تجاه الله هي كل شيء هناك في العالم الحديث. إنها المحيط الذي نسبح فيه، الهواء الذي نتنفسه. إنها متشابكة في نسيج عقولنا. لدرجة أننا لا ندرك حتى أنها موجود. فلا يمكننا أن نرأها، لأننا ننظر من خلالها لرؤية كل شيء آخر.
هكذا شرح سي إس لويس الأمر:
اقترب الإنسان القديم من الله.. مثلما يقترب الشخص المتهم من قاضيه. أما بالنسبة للإنسان العصري فقد تم عكس الأدوار. فهو القاضي: الله هو في قفص الاتهام. وهو قاضي لا بأس به: فإن كان لله دفاع معقول لكونه الإله الذي يسمح بالحرب والفقر والمرض، فهو على استعداد للاستماع إليه. ربما حتى قد تنتهي المحاكمة بتبرئة الله. ولكن الشيء المهم هو أن الإنسان هو على مقعد القاضي والله في قفص الاتهام. (“الله في قفص الاتهام”، في ليزلي والمسلي، الطبعة، سي إي لويس: مقالات مجمعة وقطع أخرى قصيرة [لندن: هاربر كولينز للنشر، 2000]، ص. 36)
وهذا ما يعني عمليا أن تكون معاصرا: شعور غير محسوس – الافتراض الذي لا ندرك حتى أنه لدينا، أنه من المناسب لنا أن نجاوب وحتى نحكم على الله. إن عقيدة الاختيار هي اختبار واحد فعال جدا عما إذا كنت قد تخلصت من المحيط المحلي للغطرسة في العالم المعاصر، أم لا تزال تغمرك حتى النخاع. إنه لامر جيد بالنسبة لنا أن نُفحص في بوتقة سيادة الله، حتى يتسنى لنا ان نقول مع أيوب: “بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي. لِذلِكَ أَرْفُضُ وَأَنْدَمُ فِي التُّرَابِ وَالرَّمَادِ.” (أيوب ٤٢: ٥-٦).
٤- الفكرة الرعوية الرابعة بشأن عقيدة الاختيار هي: إن القبول المتواضع، وليس المناقشة، ولا حتى الاعتقاد العقلي، وإنما القبول المتواضع للحق الثمين المختص بالاختيار والنعمة ذات السيادة، ينتج خدمة وإرساليات، راديكالية، ومحبة، ومقبلة على المخاطر.
واحدة على سبيل المثال (ويمكن أن يكون هناك أكثر من هذا من وليام كاري، وادونيرام جودسون، وديفيد ليفنغستون، وجون باتون، وجورج مولر، وتشارلز سبرجن، وچوناثان إدواردز، وهلم جرا): كانت كريستين كارلسون في زامبيا لمدة سنة تقريبا تعمل مع أطفال الشوارع مع هيئة العمل الدولية (تعرف عليهم، كان من الممكن أن أضع اسم المدير، دوج نيكولز، بين هؤلاء المسيحيين الحقيقيين الذين ذهبوا إلى رواندا وهو مريض بسرطان القولون لأنه قبل حقيقة الاختيار بكل تواضع). هذا ما كتبته كريستين عبر البريد الالكتروني لنا صباح عيد الشكر:
بادئ ذي بدء، أنا أشكر نعمة الله التي لا يسبر غورها في اختياري. لم أفعل شيئا لأستحق هذا، وأنا أتعجب دائما في صلاح أبي لي. سبب شكري لاختياري هو لأنني أعرف ماذا تم اختياري لأجله. تم اختاري لأعلن تميزات الله؛ تم اختياري لأكون راضيا أبديا في الله من خلال المسيح، تم اختاري لكي أعيش في النور وليس في الظلمة؛ ثم اختياري لأذوق وأنظر ما أطيب الرب.
لا يغيب عنك هذه. بعض منكم ليس لديه أي فكرة عما تتحدث عنه كريستين لأنه تم تعليمك بأن عقيدة الاختيار هي إما غير صحيحة أو غير مفيدة. كنت دائما تقف في الخارج تنظر إلى الداخل بشك وانتقاد. لكنكم الآن تسمعون في رسالة البريد الإلكتروني هذه قصة من الداخل، من شخص يعرف ماذا يعني أن تقبل وتُقبل في عقيدة الاختيار غير المشروط. التأثير ليس فيما ربما قد تعلمته. استمع إلى آثاره. هي تتابع:
أنا أشكر الله لأنه اختار فاسكو، طفل من الشارع، جاهل، وصعب، وثائر، من الظلمة إلى نوره العجيب. والثمر أنا أراه بالفعل في حياة فاسكو هو شهادة على ثباته في المسيح، الكرمة.
أنا أشكر الله لأجل صلاحه الفياض في العام الماضي. … يا له من عمل مدهش تكون جزءً منه، أن تصبح صديقا لأطفال الشوارع وتشاركهم الرجاء الوحيد الدائم معهم. وأضيف هنا، أنا أشكر الله لأجل القلب الذي أعطاني لهؤلاء الأطفال. من الناحية الموضوعية، أنا أعلم أنه ليس “طبيعيا” أن أحب التمشي في أكوام القمامة، والجلوس على أريكة فخمة (جسم معدني صغير بقطعة من الورق المقوى أعلاه لصنع مقعد) مع أطفال قذرين ذات رائحة كريهة، ولكن، ليكن كذلك، فأنا أحبه.
قبول والاحتضان من قبل عقيدة النعمة ذات السيادة، بداية من الاختيار غير المشروط، ينتج هذا النوع من الحب المضحي، الراديكالي، الذي يقبل على المخاطر،ومن ثم فإنه يجعلنا نتواضع لكي نبتهج في حقيقة أننا لم ننتج هذا الجمال بأنفسنا، بل الله فعل ذلك. ثم نعطي له المجد.
إذا كنت تسأل: هل هذه طريقة كتابية للتفكير؟ هل يعلم الكتاب المقدس حقا أن الله قصد من حقيقية الاختيار هذه الآثار؟ الجواب هو نعم. انظر أولا في صيغة كولوسي ٣: ١٢-١٣، “فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إِنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا.” هناك علاقة. وهي واضحة وصريحة في ذهن بولس. أن تعلم أنك مختار بالنعمة، أنك مكرس لله، أنك محبوب، يجب أن يجعلك من أكثر الودعاء في العالم على استعداد لتحمل سوء المعاملة وعلى استعداد للغفران. محبا لمن هو بغيض، في زامبيا وفي أي مكان آخر.
وهنا دليل آخر كيف يعمل هذا. في رومية ٨: ٣٣ يقول بولس: “مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟ اَللهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ.” الجواب هو: لا أحد يستطيع أن يشتكي عليك إن كنت مختارا من قبل الله. فهو لك إلى الأبد. من الواضح وضوح الشمس أن بولس يقول هذا لأنه يتوقع أن يكون له تأثير عملي علينا. فهو يتوقع منا أن نشعر بالطمأنينة والفرح وبعد ذلك نكون شجعان وغير خائفين. وأنت تقف أمام اتخاذ قرارا اليوم يبدو صحيحا ومحبا، ولكن محفوف بالمخاطر، هل تشعر بتأثير السؤال: “مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟” هل تشعر بقوة الإنجيل المنتجة للضمان في كلمة “مختاري”؟
هذه ليست أساسا عقيدة للجدال حولها، ولكنها عقيدة يجب التمتع بها. ليست مصممة للمنازعات؛ لكنها مصممة للإرساليات. ليس المقصود منها تقسيم الناس (على الرغم من أنه سوف يحدث ذلك)، لكن المقصود منها أن تجعلهم لطفاء، ومتواضعين، وودعاء، ومتسامحين.
٥- أختم معكم بفكرة رعوية أخيرة. لا تفكر في الاختيار بعيدا عن يسوع المسيح.
تقول أفسس ١: ٤ “كَمَا اخْتَارَنَا [الله] فِيهِ [المسيح] قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.” وبعبارة أخرى، عندما خطط الله في الأزل أن يحررنا من عبوديتنا للخطية، كان المسيح في ذهنه باعتباره السبيل لفعل ذلك. خطط الله قبل تأسيس العالم ليخلصنا من خلال موت المسيح وقيامته.
لذلك، ما فعله الله ليخلصنا، ويدعونا لنفسه ليس لكي يقول لنا في وقت مبكر إن كنا مختارين من عدمه. لا يعلن الله عن هذا إلا من خلال العلاقة مع يسوع المسيح، حتى يكون المسيح هو المركز لاختيارنا. بدلا من أن يقول لنا إن كما مختارين، ما فعله الله هو أنه أرسل ابنه وقال: “الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ” (يوحنا ٣: ٣٦). “مَنْ يُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ فَعِنْدَهُ الشَّهَادَةُ فِي نَفْسِهِ” (١ يوحنا ٥: ١٠). لأنه يعلم أنه مختار.
لذلك في اسم المسيح أدعوك: تعال، واتخذه كمخلصك وربك وكنز حياتك. فهو لا يطرح خارجا من يأتي بإيمان. بل يغفر الخطية. ويكسو بالبر. ويعطي الروح القدس. وسيحفظك. “خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي” (يوحنا ١٠: ٢٧). اسمع صوت الراعي الصالح، وتعال.