4 طرق لمقاومة المرارة في علاقتك بشريك حياتك

في قصة حصان طروادة الشهيرة، حاصر مقاتلو اليونان القديمة مدينة طروادة لمدة عشر سنوات. ولكن المقاتلين الأقوياء حالوا دون تقدمهم. في النهاية، تخلّت اليونان عن المواجهة المباشرة ولجأت إلى الخداع. فصنع اليونانيون حصانًا خشبيًا عظيمًا، وأدخلوا في جوفه مجموعة من المحاربين الأشداء، وانسحب باقي الجيش.

وبسبب اعتقاد رجال طروادة بأن محاصريهم قد استسلموا، ولكونهم فضوليين بشأن الحصان، أدخلوا ذلك التمثال العظيم إلى قلب مدينتهم وذهبوا للنوم. في تلك الليلة، خرج اليونانيون من جوف الحصان، وهزموا طروادة من داخلها.

لقد أدخل الشيطان حصان طروادة في زيجاتنا. فما لا يستطع تحقيقه عبر الاعتداءات المباشرة مثل الزنى أو الغضب الجامح، فإنه يحققه بهذا السلاح الخفي الغادر. ومثل مواطني طروادة، فإن معظمنا لا يكتشف الأمر حتى يكون قد أنهى عمله المميت. يطلق كاتب الرسالة إلى العبرانيين على هذا السلاح الخفي: “أصل المرارة.”

مُلاحِظينَ لئَلّا يَخيبَ أحَدٌ مِنْ نِعمَةِ اللهِ. لئَلّا يَطلُعَ أصلُ مَرارَةٍ ويَصنَعَ انزِعاجًا، فيَتَنَجَّسَ بهِ كثيرونَ (العبرانيين 12: 15).

مظالم صغيرة، وتأثير كبير

إن أصل المرارة قوي وخبيث بشكلٍ خاص لأنه غالبًا ما يأتي عبر وسائل شديدة التنكر–أي تراكم المظالم الصغيرة ببطيء. لكن هذه المرارة تهدد بتنجيس زواجك وعلاقتك مع الله.

أنا لا أشير هنا إلى الخطايا الأكثر تدميرًا مثل الأذى البدني أو الزنى، ولكن إلى المظالم والأذى الروتيني اليومي التي تصبح جزءًا من العيش في علاقة حميمة مع شخصٍ خاطئ وغير كامل. فالأمر الأول يتطلب مناقشة أكثر عمقًا وهو خارج نطاق هذه المقالة.

على سبيل المثال، زوجٌ، برغم التماسات زوجته الكثيرة، لا يزال يتخلص من ملابسه المتسخة على الأرض وهو يعلم أنها ستلتقطها من بعده؛ فتشعر بعدم التقدير. وهذه زوجة لا يمكنها البتة أن تنسى أي مناسبة تخص أطفالها، لكنها غير مهتمة بالخروج لتناول العشاء مع زوجها. فيشعر بالاستغلال، وبعدم التقدير أو الأهمية.

إنه لأمر واضح أن الزنى والإيزاء الجسدي يفسد الزيجات، ولكن من غير الواضح لنا كيف أن الإساءات الصغيرة هذه، لو حُفظت في قلوبنا، يمكن أن تؤدي ببطء إلى المرارة وتآكل الصحة الزوجية.

يخشى كل زوجين حكيمين من قوة المرارة في ذبول الحب بينهما، وخنق الحميمية، وإطفاء الفرح. عندما تسمع: “أنا لم أعد أحب زوجتي،” غالبًا ما يكون الجاني هو المرارة التي لم يتم التعامل معها. ومع ذلك، يقول كاتب سفر الأمثال: “تعَقُّلُ الإنسانِ يُبطِئُ غَضَبَهُ، وفَخرُهُ الصَّفحُ عن مَعصيَةٍ. ” (أمثال 19: 11)

في ظل السنوات المحمومة التي كان خلالها أطفالنا الخمسة صغارًا، حضرت أنا وزوجتي مؤتمرًا للمتزوجين. فقد كنا بحاجة إلى وقتًا نكون فيه بمفردنا. ولكن كانت زوجتي مستنزفة للغاية من ضغوطات تربية أطفالنا لدرجة أنها لم يكن لديها سوى القليل من الطاقة العاطفية لتقدمه لي. عدت إلى المنزل والاستياء مخزونًا في صدري. ولكن بعد عدة أيام، أدركت المشكلة، وتُبت عن المرارة، واخترت أن أنسى ما اعتبرته إهانة، وأن أبحث عن طرق لمساعدتها وخدمتها.

فإذا لم نتب عن هذه المرارة، ستتحول في النهاية إلى كرة ثلج روحية تسحق كل شيء في طريقها.

فعدم الرغبة في الصفح وغفران الإساءات الصغيرة، سيؤثر على علاقتنا مع الله أيضًا. فيسوع يحذرنا بشدة قائلًا:

فإنَّهُ إنْ غَفَرتُمْ للنّاسِ زَلّاتِهِمْ، يَغفِرْ لكُمْ أيضًا أبوكُمُ السماويُّ. وإنْ لَمْ تغفِروا للنّاسِ زَلّاتِهِمْ، لا يَغفِرْ لكُمْ أبوكُمْ أيضًا زَلّاتِكُمْ.  (متى 6: 14-15)

والكتاب المقدس واضحًا في قوله “المَحَبَّةَ تستُرُ كثرَةً مِنَ الخطايا” (بطرس الأولى 4: 8) وأن الشخص الحكيم يتغاضى عن الإساءة (الأمثال 19: 11)، ولكن كيف لطرفي العلاقة الزوجية، وهم خطاة غير كاملين، يختبروا ذلك في حياتهم اليومية؟ في الواقع، هناك على الأقل أربعة طرق يمكننا من خلالها محاربة المرارة في علاقاتنا الزوجية.

1. القدرة على رؤية خطاياك بعيني الله

إن السلاح الأساسي لي في هذه المعركة هو القدرة على رؤية خطيتي، وليس خطية زوجتي. إن استعدادك للغفران سيتناسب طرديًا مع قدرتك على رؤية كم من خطايا غفرها لك المسيح على حساب نفسه.

لسنواتٍ عديدة كنت استخف بخطاياي تجاه الله، لكني كنت أتعامل مع أخطاء زوجتي في حقي بجديّة. لم أكن أرى خطيتي كما يراها الله، لذا فلم أفهم لماذا عليّ أن أغفر. ثم بعد أربعة عشر عامًا من زواجنا، بدأت أقرأ عظات جوناثان إدوارد، والتي ساعدتني كثيرًا على رؤية قداسة الله وفداحة خطاياي الشخصية. فعندما رأيت خطاياي التي غفرها لي الله كجبل إيڤرست، أدركت أنها كذرة تراب بالمقارنة مع خطايا زوجتي تجاهي. كيف يمكنني تعمّد الاستياء من زوجتي واساءاتها ضدي هي بالمقارنة صغيرة جدًا. كان العمى عن رؤية فداحة خطيتي مسؤولًا عن سكنى المرارة تجاهها في داخلي.

الكبرياء هو أصل معظم ألوان المرارة. الكبرياء يدفعني إلى رؤية ضبابية لخطاياي، بينما يجعلني أرى خطايا زوجتي بنظرة ثاقبة. هذا النوع من البر الذاتي مميت للعلاقة الزوجية ولا يشجع على الغفران. المسيحيون الحقيقيون يغفرون لأن الله غفر لهم أولًا. فغفران المسيح، المضمون لنا في الصليب، يُمكننا من الغفران للآخرين.

2. إدراك أن الغفران غالبًا ما يكون قرارًا أكثر من كونه شعورًا

ربما يكون هذا السلاح الثاني أكثر صعوبة. في كثير من الأحيان، حتى بعد توبة شريك الحياة، فإننا نغفر ونغفر، ولكن الألم لا يزول.  فلا يزال الجرح مفتوحًا، والألم ما زال نضرًا.

فنحن لا يمكننا التحكم في مشاعرنا، ولكن بإمكاننا التحكم في قراراتنا. إن كل ما يطلبه الله هو أن نكون على استعداد لأن نغفر مرارًا وتكرارًا إخفاقات شريك حياتنا، مدركين أننا أيضًا خطاة.

3. المثابرة حتى تحدث المصالحة الكاملة

عندما سأل بطرس يسوع عما إذا كان ينبغي أن يغفر لعدوه سبع مرات، أجابه يسوع، “لا أقولُ لكَ إلَى سبعِ مَرّاتٍ، بل إلَى سبعينَ مَرَّةً سبعَ مَرّاتٍ.” (متى 18: 21) “سبعين × سبعة” هو تعبير كتابي عن إصرار لا ينتهي. بكلماتٍ أخرى، اغفر، واغفر، ولا تتوقف أبدًا. في كل زواجٍ بحسب فكر الله هناك مراتٍ عديدة يتوجب على الزوجين أن يتوب ويغفر كل منهما للآخر، بشكل متكرر، حتى تُذيب رحمة الله الأذى الذي أعاق علاقتهما الحميمة.

شارك ما تشعر به مع شريك حياتك. فمشاعرك مهمة- حتى في الإساءة الأقل وضوحًا. لا تكتمها. قم بإخبار زوجتك كيف تعتقد أنها أخطأت في حقك.  كونا متضعين تجاه بعضكما البعض واعملا على التوبة، والغفران الكامل، والمصالحة عند الحاجة.

4. كن منفتحًا على احتمال أن تكون مشاعر الأذى والمرارة غير مبررة

هل من الممكن أن تُجرح من شيءٍ عاديٍ؟ نحن لا يمكننا رؤية دوافع قلوب الآخرين برؤية ثاقبة وكثيرًا ما تُخدع أنفسنا.

هل تتوقع أشياء من شريك حياتك ليس لك الحق في توقعها؟ في هذه الحالة، تكون المطالبة بالتوبة عن هذه المرارة غير مبررة. من الهام أن نكون دائمًا على استعداد لفحص قلوبنا عندما تنبت فيها المرارة.

في إحدى جلسات المشورة، كان الرجل مستاءً لأنه كان يشعر أن العلاقة الحميمة مع زوجته لم تكن تُمارس كثيرًا بدرجة كافية. واستمر غضبه تجاهها لعدة أشهر، ولكنه أدرك أخيرًا أن توقعاته كانت غير منطقية. فهو من كان في احتياج للتوبة وليس زوجته. ومن ثم، يجب أن نُراقب التوقعات غير المعقولة، فهي قادرة على قيادتنا لرؤية خطايا لا وجود لها في الآخرين. كما تقودنا إلى مطالبتنا الآخر بالتوبة حين يكون لا حاجة لها. هذا أيضًا يمكن أن يؤدي إلى مرارةٍ مُدمِرة.

انظر إلى يسوع

لا تكن مثل مواطني طروادة الشهيرة. فالانتصار الذي عجزت اليونان عن تحقيقه عبر الهجوم المباشر، حققته عبر الخداع. الشيطان سيحاول ذات الشيء معنا. سيحاول اغتيال العلاقة بينكما بسلاح المرارة السري.

وفوق كل شيء، ثبت عينك على الصليب. أغفر كثيرًا من أجل المسيح. تحدثا سويًا وبصراحةٍ عن كافة هذه الأشياء. سامح باستمرار، وأصل المرارة لن يُفسد فرح علاقتك الزوجية.


تم نشر هذا المقال بتاريخ 30 اكتوبر 2019 على موقع The Gospel Coalition, U.S. Edition

شارك مع أصدقائك