أمضى نادر ساعات في جلسة تحرير مع قسِّيسه. كان يعتقد أنَّ والده قد لعنه، لأنَّه بعد وفاة والده، سارت الأمور في حياته من سيِّئ إلى أسوأ. فأراد من القسِّ أن يعكس تلك اللعنة. وليس نادر وحده من يعتقد أن حياته يمكنها أن تتأثر بسبب “لعنة” من شخص أكثر قوَّة منه. كما يعتقد البعض أنَّ الأغنياء “مباركون” بينما الفقراء “ملعونون”. يأتي سوء الفهم هذا جزئيًّا من الالتباس بشأن معنى البركات واللعنات.
مخافة الله لا الإنسان
الله وحده هو من يستطيع أن يلعن الناس أو يباركهم. على سبيل المثال، وعد الله إبراهيم أن يبارك من يباركونه و”لاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ” (تكوين 12: 3). لا يمكن لشخص آخر أن يرسل إليك المتاعب أو الموت بوسائل غير مرئيَّة، ولهذا تقول الرسالة إلى العبرانيِّين 13: 6: “حَتَّى إِنَّنَا نَقُولُ وَاثِقِينَ: «الرَّبُّ مُعِينٌ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي إِنْسَانٌ؟»” (انظر أيضًا مزمور 118: 6؛ أمثال 26: 2).
كثيرًا ما تأتي بركات الله ولعناته كنتيجة لطاعتنا له. إنَّ (تثنية 11: 26-28) واضح جدًّا بخصوص الاختيار الذي يعطيه الله لنا: “الْبَرَكَةُ إِذَا سَمِعْتُمْ لِوَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ… وَاللَّعْنَةُ إِذَا لَمْ تَسْمَعُوا لِوَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمْ” وعبدتم آلهة أخرى. كما يمكنك أن تقرأ أيضًا تثنية 27: 14 – 28: 68، والتي تتحدث عن البركات واللعنات التي تأتي من جرّاء طاعة أوامر الله أو مقاومتها ورفضها المستمر. علاوةً على ذلك، أحيانًا يختار الله أن يباركنا، ويختار أحيانًا أن يسمح ببعض الضيقات لكي نرجع إليه (رومية 5: 3-4). حتَّى لو لم تكن مثل هذه المشكلات منطقيَّة بالنسبة لنا في ذلك الوقت، فهي جزء من خطَّة الله لحياتنا.
هل معاناتي لعنة من الله؟
من المهمِّ أن نلاحظ أن ليس كلُّ الرخاء نعمة من الله، وليست كلُّ المشكلات عقابًا من الله. فقد يبدو كما لو أنَّ الأشرار يستمرُّون في الازدهار والرخاء، بينما يختبر الأبرار الألم والمعاناة (أيُّوب 1: 8-12). إنَّ التجارب التي يتحدَّث عنها بولس في (كورنثوس الثانية 11: 25) لم تكن بسبب أنَّه كان ملعونًا. فبالنسبة للمؤمنين، أحيانًا يكون الألم نعمة مُقنَّعة! بمعنى آخر، تهدف التجربة إلى مساعدتنا على النموِّ.
بركات ولعنات الأجيال
يتحدَّث بعض الناس عن لعنة أو بركة متوارثة لأجيال، لكنَّ المؤمنين المسيحيِّين غير ملزمين بأيٍّ منهما. إذا أعطى الأب لابنه مزرعة أو ميراثًا، فإنَّ الأب قد بارك الابن بفرصة. ولكن يتوقف نجاح هذا الإبن على اجتهاده واستثماره لتلك البركة التي نالها من أبيه. وإذا كان جدُّ رجل ووالده يرتكبان الزنى كثيرًا، فإنَّ ذلك سوف يكون مثالاً سيِّئًا للرجل. لكنَّه مسؤول عن أفعاله وليس عن أفعال جدِّه وأبيه.
“اَلابْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ، وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الابْنِ.” (حزقيال 18: 20). فإن اختار الابن أن يطيع الله، فلن يكون لهذا المثال تأثير يذكر. لا يتعيَّن علينا أن نكون عبيدًا لما يسمِّيه البعض لعنات أو بركات الأجيال. باختصار، يجب على المؤمنين تجنُّب إنفاق الطاقة على الأفكار السابقة، لأنَّ المسيح تعامل مع هذه المسألة.
التحرُّر من الخوف
حقيقة أنَّ الله وحده هو الذي يستطيع أن يلعن أو يبارك شخصًا ما، لا يمنع عرَّافًا من محاولة النطق باللعنة على شخصٍ ما. وهذا يمكن أن يجعل ذلك الشخص يعيش في خوف. يتحدَّث الرسول بولس عن “لعنة الناموس [العهد القديم]” ولكن “اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ»” (غلاطيَّة 3: 13). الله أقوى من أيِّ عِرافة. إنَّه يمنحنا أن نعيش أحرارًا من الخوف من الشرِّ أو أيِّ لعنة يحاول أحد أن يلحقها بنا (مزمور 118: 6-7).