رومية ٥: ١٢–٢١
.١٢مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ ١٣فَإِنَّهُ حَتَّى النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ. ١٤لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي. ١٥وَلكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ! ١٦وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هكَذَا الْعَطِيَّةُ. لأَنَّ الْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ. ١٧لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ! ١٨فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ. ١٩لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا. ٢٠وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ. وَلكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدًّا. ٢١حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ، هكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ، لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا.
أحد أهداف هذه السلسلة هو أن نؤمن بأذهاننا بحقيقة أن يسوع المسيح هو أهم شخص في هذا الكون، ليس أكثر أهمية من الله الآب أو الله الروح القدس. بل مساويّا لهم في القيمة والجمال والحكمة والعدالة والمحبة والقوة. لكنه أكثر أهمية من كل الأشخاص الآخرين، سواء الملائكة أو الشياطين أو الملوك أو القادة أو العلماء أو الفلاسفة أو الفنانين أو الرياضيين أو الموسيقيين أو الممثلين الذين عاشوا في الماضي، او يعيشون الآن، أو سيعيشون في المستقبل. فيسوع المسيح سيبقى الأهم والأفضل في كل شيئ. تهدف هذا السلسلة أيضا إلى إظهار أن كل شيء موجود، بما في ذلك الشر، هو بتعيين من قبل الله الغير محدود والقدوس وكليّ الحكمة، فمكتوب في الكتاب المقدس، “اَلرَّبُّ صَنَعَ الْكُلَّ لِغَرَضِهِ، وَالشِّرِّيرَ أَيْضًا لِيَوْمِ الشَّرِّ”(أمثال ١٦: ٤). لقد فعل الله ذلك بطريقته الخاصة غير المعلنة بحيث أبقى على مسؤولية الاشرار. ان الكل خُلق بالمسيح وللمسيح (كولوسي ١: ١٦)، وذلك يجعل بريق مجد المسيح أكثر تألّقا. يقول بولس انه صنع “عُرُوشًا وسِيَادَاتٍ ورِيَاسَاتٍ وسَلاَطِينَ” الذين هزمهم المسيح على الصليب. فقد خُلقوا “ليوم الضيق.” وفي ذلك اليوم ستستعلن قوة وعدل وغضب ومحبة المسيح. وعاجلا أو آجلا، كل تمرد ضده سيأتي إلى الخراب.
تهدف هذه السلسلة أيضا إلى ترسيخ القناعة بأن المسيحيّة ليست مجرد مجموعة من الأفكار والمشاعر والممارسات المصممة من الله أو إلانسان، لجعل مزاج حالتنا النفسية جيدة. هذه ليست المسيحيّة. فالمسيحيّة تبدأ بقناعة أن الله هو واقع موضوعي خارج عنّا. وكما قال فرانسيس شايفر في كتابه “الله الذي هناك” (نحن لا نصيغ الله ونجعله على ماهو عليه من خلال التفكير به بطريقة معينة، فنحن لم نصنع الله، بل هو صنعنا. ولا نقرر ما سيكون عليه. بل إنه هو الذي يقرر ما سنكون عليه. هو خلق الكون، وأعطى معنىً له). إذا أردنا أن نعطيه معنى مختلفا عن معناه الحقيقي، نكون حمقى. وسوف تكون حياتنا مأساويّة في نهاية المطاف. المسيحيّة ليست لعبة، إنها ليست علاجا نفسيّا. بل إن كل عقائدها تتدفق من شخص الله، وما قام به في التاريخ. وهذه العقائد تتطابق مع حقائق ثابتة. والمسيحية أكثر من مجرد حقائق. هناك الإيمان والرجاء والمحبة. ولكن هذه كلها لا تطفو في الهواء. بل إنها تنمو مثل أشجار الأرز الكبيرة في صخرة الحق الإلهي.
والسبب وراء جعل هذه واحدة من أهدافنا في هذه السلسلة هو لأن لدي قناعة راسخة من الكتاب المقدس أن الفرح الأبدي والقوة والقداسة تعتمد على صلابة هذه النظرة، كوضع ألياف قوية في العمود الفقري لإيمانك. وجهات النظر الضعيفة تنشئ مسيحيين ضعفاء. والمسيحيين الضعفاء لن يستطيعوا النجاة في الأيام المقبلة. وفي الأيام الأخيرة سيتم انتزاع العواطف التي بلا جذور والتي تتعامل مع المسيحيّة وكأنها خيار للعلاج النفسي. أولئك الذين سيظلوا صامدين هم الذين بنوا بيوتهم على صخرة الحق الحقيقي الموضوعي العظيم مع يسوع المسيح بوصفه الأصل، والمركز، والهدف من كل ذلك.
مجد المسيح مخطط له في خطية آدم:
تركيزنا في هذه السطور هو على الخطية المذهلة للإنسان الأول، آدم، وكيف أنها مهدت الطريق لمزيد من اتجاه عظيم ضد يسوع المسيح. دعونا نذهب ونقرأ جزءاً من الاصحاح الخامس من رسالة بولس الرسول الى كنيسة رومية، سيكون تركيزنا تحديدا على (رومية ٥: ١٢- ٢١).
سنركز اليوم على مجد المسيح حيث إنه الغرض الرئيسي الذي كان يدور في خلد الله عندما كان يخطط وسمح بخطية آدم، والتي سقطت البشرية جمعاء فيه. ان ما يسمح به الله، يأذن به لسبب ما. واسبابه دائما حكيمة بشكل غير محدود وهادفة. لم يكن مجبرا على السماح بالسقوط. كان يمكنه أن يمنعه، مثلما كان يمكنه أن يمنع سقوط إبليس (كما رأينا في الأسبوع الماضي). حقيقة أنه لم يمنعه تعني أن لديه سبب، وغرض لذلك. وهو لا يشكل خططه عندما تتطور الأمور جنبا إلى جنب. بل يعرف تماما ودائما ماسيحصل بمعرفته وحكمه المطلقان، . لذا، فخطية آدم وسقوط الجنس البشري معه في الإثم والبؤس لم يكن صدفة تفجأ الله بها، بل كان جزءً من خطته الشاملة لاستعلان ملء مجد يسوع المسيح.
واحد من أوضح السبل لاظهار هذا من الكتاب المقدس، بدون دخولنا في التفاصيل، هو أن ننظر إلى تلك الأماكن التي تظهر فيها ذبيحة المسيح التي هزمت الخطية كونها في فكر الله قبل خلق العالم. (لمزيد من التفاصيل، انظر عظة “آلام المسيح وسيادة الله”.) على سبيل المثال، في سفر الرؤيا ١٣: ٨، يكتب يوحنا عن “جَمِيعُ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ الَّذِي ذُبِحَ.” لذا فهناك سفر قبل تأسيس العالم يدعى “سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ الَّذِي ذُبِحَ.” فقبل خلق العالم، الله قد خطط بالفعل أن ابنه سيُذبح مثل الخروف لخلاص كل من اسمائهم مكتوبة في السفر. يمكن أن نذهب إلى نصوص أخرى عديدة من هذا القبيل (أفسس ١: ٤-٥؛ ٢ تيموثاوس ١: ٩؛ تيطس ١: ١-٢؛ ١ بطرس ١: ٢٠) لمعرفة وجهة النظر الكتابيّة أن آلام وموت المسيح من اجل الخطية لم يتم التخطيط له بعد خطية آدم ولكن قبلها. ولذلك، عندما حدثت خطية آدم، لم يُفاجأ الله بها، ولكنه جعلها بالفعل جزءً من خطته، أي خطة استعلان صبره المذهل ونعمته وعدله وغضبه في تاريخ الفداء، ومن ثم، وصولا إلى الذروة، لإعلان عظمة ابنه كآدم الثاني متساميا في كل شيء عن آدم الأول.
لذلك نحن ننظر إلى رومية ٥: ١٢-٢١، وهذه المرة مع الأخذ في الاعتبار أن خطية آدم المذهلة لم تُحبط مقاصد الله لتمجيد المسيح، بل على النقيض من ذلك قد خدمتها. هذه هي الطريقة التي سننظر بها إلى هذه الآيات. هناك خمس إشارات صريحة إلى المسيح. واحدة منها تشرح الطريقة التي يفكر فيها بولس عن المسيح وآدم. والبقية تظهر كيف أن المسيح هو أعظم من آدم. اثنان من تلك الاشارات متشابهة لذا فإننا سوف ندمجهم معا. وهو ما يعني أننا سوف ننظر إلى ثلاثة جوانب من سمو المسيح.
يسوع “الآتي”:
لذا دعونا أولا نلقي نظرة على الطريقة التي يُشار بها إلى المسيح في الآية ١٤ واقرأ القرينة في الآيات ١٢-١٣ “مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ. ١٣فَإِنَّهُ حَتَّى النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ. ١٤لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي.” هناك إشارة إلى المسيح: “الآتِي”.
تضع الآية ١٤ أمامنا طريقة تفكير بولس فيما تبّقى من النص. دُعي آدم “مِثَالُ” للآتي، أي، مثال للمسيح. لاحظ الشيء الأكثر وضوحا أولا: المسيح هو “الآتي.” فمنذ البداية، والمسيح هو الآتي. يُظهر بولس أن المسيح ليس مرحلة لاحقة. فبولس لا يقول المسيح حُبل به كنسخة من آدم. بل يقول إن آدم كان مثالا للمسيح. تعامل الله مع آدم بطريقة من شأنها أن تجعل منه مثالا للطريقة التي خططها لتمجيد ابنه. والمثال هو ظل لشيء سيأتي في وقت لاحق، وسوف يكون كالمثال – فقط بشكل أعظم. هكذا تعامل الله مع آدم بطريقة من شأنها أن تجعل منه مثالا للمسيح.
لاحظ الآن عن كثبٍ أكثر، كيف أختار بولس في تدفق أفكاره – أن يقول أن آدم هو مثال للمسيح. الآية ١٤ “لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي.” أختار أن يقول لنا أن آدم هو مثال للمسيح فقط بعد أن قال أن الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ قد تحمّلوا العقوبة التي تحمّلها آدم. لماذا، فقط عند هذه النقطة، يقول بولس إن آدم كان مثالا للمسيح؟
يسوع، رأسنا النيابيّ:
لأن ما قاله للتو يمس جوهر كيفيّة أن المسيح وآدم متشابهين ولكن مختلفين. هذا هو التوازي بينهم: البشر الذين لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ ماتوا مثل آدم. لماذا؟ لأنهم كانوا متصلين بآدم. فهو كان رأسا نيابيا عن جنسهم البشريّ، وتم احتساب خطيته كخطيهم بسبب اتصالهم به. هذا هو أساس لماذا سُمى آدم مثال المسيح – لأن طاعتنا ليست مثل طاعة المسيح ومع ذلك نحن لنا الحياة الأبدية مع المسيح. لماذا؟ لأننا مرتبطين بالمسيح بالإيمان. فهو رأس نيابيّ عن البشريّة الجديدة، وبذلك يُحتسب بِرّهُ لنا بسبب ارتباطنا به (راجع رومية ٦: ٥). هذا هو التوازي الضمني في تلقيب آدم مثال للمسيح:
آدم> خطية آدم> البشريّة مُدانة فيه>نتيجته الموت الأبدي
المسيح> بر المسيح> بشريّة جديدة مبررة فيه>نتيجته الحياة الأبدية
يشرح بقية النص كم أن المسيح وعمله الفدائي أعظم بكثير من آدم وعمله التدميريّ. ضع في اعتبارك ما قلته في البداية. ما نراه هنا هو إعلان من الله عن حقائق تحدد وتوضح العالم الذي يعيش فيه كل شخص على هذا الكوكب. فكل شخص على هذا الكوكب هو متضمن في هذا النص لأن آدم كان أبا للجميع. لذا، فكل شخص تقابله سواء في أميركا أو في الشرق الاوسط او في أي دولة أخرى من أي عرق يواجه ما يقوله هذا النص. الموت في آدم أو الحياة في المسيح. هذا نص يشمل العالم كله. لاتدع ذلك يفوتك. إنها الحقيقة التي تحدد لكل فرد تتقابل معه الاطلاق. وجهات النظر الضعيفة تنتج مسيحيين ضعفاء. ولكن هذه ليست وجهة نظر ضعيفة. إنها تمتد على مدى التاريخ كله و في كل مكان على الأرض. إنها تؤثر تأثيرا عميقا في كل شخص في العالم وفي كل عنوان على شبكة الانترنت.
الاحتفال بسمو المسيح:
دعونا الآن ننظر إلى الطرق الثلاث التي يحتفل بولس بها بسمو وتفوق المسيح وعمله عن آدم وعمله. ويمكن تلخيصهم في ثلاث عبارات: ١) وفرة النعمة، ٢) كمال الطاعة، و٣) مُلْك الحياة.
١) وفرة النعمة:
أولا، الآية ١٥ ووفرة النعمة. “وَلكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ [وهي عطية البر المجانيّة، عدد ١٧]. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ!” الفكرة هنا هي أن نعمة الله هي أقوى من تعدي آدم. هذا ما تُعبر عنه عبارة “فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا”: “فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، … ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ.” إن كان تعدي الإنسان جلب الموت، فكم ستجلب نعمة الله الحياة.
لكن بولس أكثر تحديدا من ذلك. فنعمة الله على وجه التحديد هي “النِّعْمَة الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” “فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ!” هذه ليست نعمتين مختلفتين. “النِّعْمَة الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ” هي تجسيد لنعمة الله. هذه هي الطريقة التي يتحدث بها بولس عن ذلك، على سبيل المثال، في تيطس ٢: ١١ “لأَنَّه قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ [أي في المسيح] الْمُخَلِّصَةُ، …” وفي ٢ تيموثاوس ١: ٩ “النِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” ولذا فإن النعمة التي هي في المسيح هي نعمة الله.
هذه النعمة هي نعمة سياديّة. تنتصر على كل شيء يواجهها في الطريق. سوف نرى بعد مجرد لحظة أن لديها قوة ملك الكون. ولذا فإنها نعمة حاكمة. هذا هو أول احتفال لسمو وتفوق المسيح على آدم. عندما يتقابل تعدي الإنسان الواحد آدم مع نعمة الإنسان الواحد يسوع المسيح يخسر آدم وتعديه. المسيح والنعمة يفوزان. هذه أخبار سارة جدا بالنسبة لأولئك الذين ينتمون إلى المسيح.
٢) كمال الطاعة:
ثانيا، يحتفل بولس بالطريقة التي تنتصر بها نعمة المسيح على تعدي آدم والموت، أي كمال طاعة المسيح. الآية ١٩ “لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ [أي آدم] جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ [أي المسيح] سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا.” لذا فإن نعمة الإنسان الواحد، يسوع المسيح، تحفظه من الخطية، وتبقيه مطيعا حتى الموت، موت الصليب (فيلبي ٢: ٨)، حتى إنه يقدم طاعة كاملة ولا تشوبها شائبة للآب نيابة عن أولئك الذين ارتبطوا به بالإيمان. فَشَل آدم في طاعته. بينما نجح المسيح فيها تماما. كان آدم مصدر الخطية والموت. والمسيح كان مصدر الطاعة والحياة.
المسيح يتشابه مع آدم، الذي كان مثالا للمسيح، فهم على حدٍ سواء رؤوس نيابية عن بشريّة قديمة وبشريّة جديدة. ينسب الله فشل آدم لجنسه البشري وينسب الله نجاح المسيح لجنس شعبه، ذلك بسبب كيفية اتحاد جنسي البشريّة الاثنين هذه بالرؤوس النيابيّة لكل منهما. التفوق والسمو العظيم للمسيح هو أنه لم ينجح فقط في الطاعة الكاملة، ولكنه يفعل ذلك بطريقة تحستب ملايين من الناس أبرارا بسبب طاعته. فهل أنت متصل فقط بآدم؟ هل أنت جزءً فقط من البشريّة الأولى المقيّدة بالموت؟ أم أنك أيضا متصلاً بالمسيح، وجزءً من البشريّة الجديدة المرتبطة بالحياة الأبديّة؟
٣) مُلْك الحياة:
ثالثا، يحتفل بولس ليس فقط بفيض نعمة المسيح وطاعة المسيح الكاملة، ولكن في النهاية، بمُلْك الحياة. فالنعمة من خلال طاعة المسيح تقود إلى انتصار الحياة الأبدية. الآية ٢١ “… حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ، هكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ، لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا.” تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ (أي عن طريق البر الكامل للمسيح-طاعة المسيح الكاملة والمطلقة) إلى ذروتها العظيمة للحياة الأبدية، وكل ذلك هو “بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا.”
أو، مرة أخرى في الآية ١٧ نفس الرسالة “لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!” نفس المعنى: النِّعْمَةُ بعطية الْبِرّ المجانيّة تقود إلى نصرة الحياة، وذلك كله من خلال يسوع المسيح.
ذكرت أعلاه أن نعمة الله في المسيح التي يذكرها بولس في هذه الآيات هي نعمة سياديّة. نرى ذلك هنا، أي في كلمة مُلْك. الموت لديه نوع من السيادة على الإنسان ويملك على الكل. حيث يموت الجميع. لكن النعمة تنتصر على الخطية والموت. إنها تملك في الحياة حتى على أولئك الذين كانوا ذات مرة موتى. هذه هي النعمة السياديّة.
طاعة المسيح المذهلة:
هذا هو المجد العظيم للمسيح، اذ أنه يتفوق بشكل كبير على الإنسان الأول آدم. خطية آدم المذهلة ليست أعظم من النعمة والطاعة المذهلة للمسيح وعطية الحياة الأبدية. في الواقع، خطة الله منذ البداية، في كمال بره،. فكم ان آدم كان رئيسا نيابيّا عن البشريّة، هكذا يكون المسيح بوصفه رئيسا نيابيّا عن البشريّة الجديدة. وخطته هي أنه من خلال هذه المقارنة والتباين، يتألّق مجد المسيح بأكثر ضياءً.
تضع الآية ١٧ المسألة لي ولك بشكل شخصيّ وعاجل جدا. كيف؟ “لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!” لاحظ كيف صيغت الكلمات بعناية فائقة وبشكلٍ شخصيّ: “الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ.”
كلمات ثمينة للخطاة:
هذه كلمات ثمينة للخطاة: النعمة مجانيّة، العطيّة-الهبة مجانيّة، بر المسيح مجانيّ. فهل تقبلها بأنها كرجاء وكنز لحياتك؟ إذا قمت بذلك، سوف تَمْلِك “فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” احصل عليها الآن. وأشهد عنها بالمعمودية. واصبح جزءً حيّا من شعب المسيح.