هذا سؤال صعب. ففي حين أنَّ الاعتداء الجنسيَّ ربَّما أدَّى إلى صراعات أخرى، إلاَّ أنَّه يجب التعامل مع المسألتين بشكل منفصل مع وضع في الاعتبار أنَّ هذا السؤال له جانبان مختلفان يتعلَّقان به: الاعتداء الجنسيُّ والخطيَّة الجنسيَّة.
هاتان المسألتان هما ما أودُّ تناولهما هنا.
الاعتداء الجنسيُّ
الاعتداء الجنسيُّ هو غزو مدمِّر لإنسانيَّة الشخص. إنَّه شيء يجرِّد المرء من البراءة ويستهلُّ مرحلة من الخوف والندم والعار وحتَّى الشعور بالذنب. ما لم تكوني قد مررتِ به، فأنتِ لا تفهمين حقًّا ماذا يحدث، وأعتقد أنَّ هذا مكان جيِّد لنبدأ منه. بينما نخدم ونحبُّ أولئك الذين تعرَّضوا للاعتداء الجنسيِّ، لا نريد التظاهر بأنَّ لدينا كلَّ الإجابات. لا بأس أن تقولي: “أنا لا أعرف ما هو شعوركِ أو كيف يمكنني المساعدة بأفضل شكل، لكنَّني أحبُّك وأنا هنا من أجلك”. اسعي لتعرفي صديقتكِ بعمق. إذا أتت إليكِ بهذه المعلومات الشخصيَّة، فمن الواضح أنَّها تثق بكِ وتحترمك بشدَّة. أظهري محبَّتكِ بالاستماع والتعلُّم.
إذا لم تكوني مشيرة، فقد يكون نصحُ صديقتك بطلب المشورة من مشير كتابيٍّ مُدرَّب هي الخطوة التالية الحكيمة. لكن حتَّى لو طلبت مساعدة خارجيَّة، فلا تتركيها فحسب للمشير أو لقادة كنيستك. تذكَّري، لقد أتت إليك. ثابري معها. استمعي إليها. صلِّي معها. وليس مرَّة واحدة فحسب. يجب أن تكوني مكانًا تجد فيه النعمة والمحبَّة المستمرَّتين، والخدمة الواضحة لكلمة الله.
هنا يمكننا التقاط الجانب الثاني من هذه المسألة. تنطبق العديد من التحدِّيات (العار والندم والأسئلة المتعلِّقة بالهويَّة) المرتبطة بالقضايا الجنسيَّة المؤلمة التي تواجهها المرأة على كلٍّ من مأساة الاعتداء الجنسيِّ وحقيقة الخطيَّة الجنسيَّة. ولكن، سيكون التطبيق مختلفًا قليلاً.
الخطيَّة الجنسيَّة
تشعر الكثير من النساء المسيحيَّات اللواتي يصارعن مع الخطيَّة الجنسيَّة بخجل وإحراج عظيمين. ويتفاقم هذا بسبب حقيقة أنَّ الخطيَّة الجنسيَّة تُعتبَر في كثير من الأحيان مسألة تخصُّ الرجال. لقد أصبحنا نسمع من المزيد والمزيد من النساء اللواتي يصارعن في هذا المجال. يمكننا المساعدة من خلال الاعتراف صراحةً ومن دون خجل بوجود الخطيَّة الجنسيَّة في حياتنا. ستبدأ المزيد من النساء في الانفتاح وطلب المساعدة كلَّما سمعن غيرهنَّ يشاركن بتجربتهنَّ. بصفتنا خطاة مكسورين نحمل صورة الله صُمِّموا ليكونوا كائنات جنسيَّة، يحتاج كلٌّ منَّا إلى نعمة الله الغافرة للخطيَّة الجنسيَّة. الخبر السارُّ هو أنَّه يُسَرُّ بمنحنا هذه النعمة.
إذا كانت هناك امرأة في كنيستكِ تعترف بالخطيَّة الجنسيَّة، فإليكِ بعض الطرق التي يمكنكِ من خلالها أن تخدميها وترافقيها بمحبَّة:
1. تعرَّفي عليها
إذا كانت هذه هي المرَّة الأولى التي تسمعين فيها عن صراعها، فمن المحتمل أنَّها تصارع مع أشياء أخرى. لا تفترضي أنَّ صراعها منعزل. قد يكون نتيجة ثانويَّة للاعتداء الجنسيِّ، أو قد تكون هناك خلفيَّة دراميَّة ستحتاجين إلى معرفتها لأنَّك تهدفين إلى خدمتها بمحبَّة. لذا ابدئي بالتعرُّف على جهلك النسبيِّ وتعرَّفي عليها. اطرحي الأسئلة وتابعيها.
2. قدِّمي يسوع
تأتي مجموعة من المشكلات الأخرى مع الخطيَّة الجنسيَّة، بما في ذلك الخزي والشعور بالذنب والارتباك في الهويَّة. يجب أن تعرف النساء المسيحيَّات اللائي يصارعن مع الخطيَّة الجنسيَّة أنَّ هويَّتهنَّ هي في المسيح. فقد مات من أجل الواقعين في الخطيَّة الجنسيَّة. وقد قام ويتشفَّع في هذه اللحظة من أجلها. وكبنات مغفورٌ لهنَّ، يمكننا أن نركض إلى عرش نعمة الله لننال الرحمة في وقت احتياجنا (عبرانيِّين 4: 15). ببساطة لا توجد دينونة على من هم في المسيح (رومية 8: 1). بالتأكيد ستتحدَّثين عن التوبة، لكن ذكِّريها أوَّلاً أنَّها ابنة الله الحبيبة. تنبع التوبة من قلب تمتَّع بالغفران.
تذكَّري، قد تكون هذه هي المرَّة الأولى التي تسمع فيها عن وجود نعمة وغفران لهذه الخطيَّة. كما كتبت إلين ديكاس في كتاب “خدمة المرأة المليئة بالكلمة” (Word-Filled Women’s Ministry):
تحتاج النساء المنكسرات جنسيًّا في كنائسنا ومجتمعاتنا أوَّلاً وقبل كلِّ شيء إلى أن تتمَّ دعوتهنَّ إلى يسوع، الذي هو الله معنا. كثير من الذين يفترضون أنَّهم مؤمنون قد يحتاجون في الواقع إلى وضع إيمانهم لأوَّل مرَّة في هذا الفادي الذي جاء إلينا في خطيَّتنا، ومات من أجل تلك الخطيَّة، ودعانا كما دعا المرأة المنحنية في لوقا ١٣: ١٢: “يَا امْرَأَةُ، إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ مِنْ ضَعْفِكِ!” (191)
3. كوني متاحة
كوني موجودة دون إبداء الشعور بالصدمة ودون أن تشعريها بالخزي ومن دون إدانة. كوني موجودة بالصلاة، المنطوقة وغير المنطوقة. خذي وقتًا لتحزني معها على خطيَّتها وانكسارها. إذا اعترفت امرأة بخطيَّتها الجنسيَّة وصارعت معكِ، فكوني شخصًا، مثل مخلِّصنا، يمنح النعمة العطوفة بينما تشجِّعين أختكِ على “ألاَّ تخطئ مرَّة أخرى”. كما تلاحظ ديكاس:
إذ نسعى لتلمذة النساء اللواتي يسعين إلى التحرُّر من عبوديَّة الخطيَّة الجنسيَّة، فإنَّ شفقة المسيح نفسه تصبح ضرورة؛ المسيح الذي انتظر بصبر تلك المرأة التي وقعت في الزنا بينما غادر الجميع، قبل أن يقدِّم لها ليس الإدانة بل الدعوة لألَّا الخطيَّة بعد الآن. (183-184)
نريد أن يقطر حقُّ الإنجيل من شفاهنا ونصلِّي من أجل أن تحبَّ قلوبنا أَخَواتنا مثل المسيح. نريد أن نصغي جيِّدًا، دون محاولة الحصول على جميع الإجابات.
4. تكلَّمي بالحقِّ في المحبَّة
كما تشارك ديكاس في كتاب “خدمة المرأة المليئة بالكلمة”، تحتاج النساء إلى التلمذة، وليس فقط العقيدة. لكنَّ التلمذة كما علَّمها يسوع تعني النمو في العقيدة السليمة. علِّميها كلمة الله، لكن لا تحاولي أن تفعلي ذلك وحدكِ فقط. دعي جسد المسيح يقوم بعمله. شجِّعيها، أو اذهبي معها، للانضمام إلى دراسة الكتاب المقدَّس للنساء حيث يتمُّ تعليم الكلمة ومناقشتها والصلاة. كما يحثُّنا الرسول بولس: “لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً، وَأَنْتُمْ بِكُلِّ حِكْمَةٍ مُعَلِّمُونَ وَمُنْذِرُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، بِنِعْمَةٍ، مُتَرَنِّمِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ” (كولوسي 3: 16).
وذكِّري أختك بحريَّة التوبة. يقودنا لطف الله إلى التوبة، وهو أمين وعادل حتَّى يغفر لنا خطايانا ويطهِّرنا عندما نعترف (رومية 2: 4؛ 1 يوحنَّا 1: 9). شاركيها عن تصميم الله للرجال والنساء وعن حياتنا الجنسيَّة. علِّميها عن الخلق، والسقوط، والفداء، والاسترداد. وذكِّريها باستمرار أنَّ خالقها في صفِّها، وليس ضدَّها، لأنَّها ابنته الحبيبة التي مات ابنه من أجلها.