رومية ١٥: ١٨–٢٤
١٨لأَنِّي لاَ أَجْسُرُ أَنْ أَتَكَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَسِيحُ بِوَاسِطَتِي لأَجْلِ إِطَاعَةِ الأُمَمِ، بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، ١٩بِقُوَّةِ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، بِقُوَّةِ رُوحِ اللهِ. حَتَّى إِنِّي مِنْ أُورُشَلِيمَ وَمَا حَوْلَهَا إِلَى إِللِّيرِيكُونَ، قَدْ أَكْمَلْتُ التَّبْشِيرَ بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ. ٢٠وَلكِنْ كُنْتُ مُحْتَرِصًا أَنْ أُبَشِّرَ هكَذَا: لَيْسَ حَيْثُ سُمِّيَ الْمَسِيحُ، لِئَلاَّ أَبْنِيَ عَلَى أَسَاسٍ لآخَرَ. ٢١بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «الَّذِينَ لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ سَيُبْصِرُونَ، وَالَّذِينَ لَمْ يَسْمَعُوا سَيَفْهَمُونَ». ٢٢لِذلِكَ كُنْتُ أُعَاقُ الْمِرَارَ الْكَثِيرَةَ عَنِ الْمَجِيءِ إِلَيْكُمْ. ٢٣وَأَمَّا الآنَ فَإِذْ لَيْسَ لِي مَكَانٌ بَعْدُ فِي هذِهِ الأَقَالِيمِ، وَلِي اشْتِيَاقٌ إِلَى الْمَجِيءِ إِلَيْكُمْ مُنْذُ سِنِينَ كَثِيرَةٍ، 24فَعِنْدَمَا أَذْهَبُ إِلَى اسْبَانِيَا آتِي إِلَيْكُمْ. لأَنِّي أَرْجُو أَنْ أَرَاكُمْ فِي مُرُورِي وَتُشَيِّعُونِي إِلَى هُنَاكَ، إِنْ تَمَلاَّءْتُ أَوَّلاً مِنْكُمْ جُزْئِيًّا.
هناك ثلاثة أشياء في هذا النص أعتقد أننا يجب أن نركز عليهم. كل منهم له آثار مباشرة لحياتك (حتى لو لم تكن تدرك ذلك الآن)، وكلهم لهم صلة مباشرة بالله ومقاصده في القرن الحادي والعشرين. أرى، أولا، طموحا مقدسا. ثانيا، احتياج لا حد له. ثالثا، استراتيجية عالمية. لذلك دعونا نتخذ كلا على حدى ونرى كيفية ارتباطهم بعضهم البعض، وبنا وبعالمنا اليوم.
١. طموح مقدس:
الآية ٢٠: “وَلكِنْ كُنْتُ مُحْتَرِصًا أَنْ أُبَشِّرَ هكَذَا: لَيْسَ حَيْثُ سُمِّيَ الْمَسِيحُ، لِئَلاَّ أَبْنِيَ عَلَى أَسَاسٍ لآخَرَ.”
كان يسيطر على بولس طموحا مقدسا. أقول كان يسيطر عليه لأنه يقول في الآية ٢٢ “لِذلِكَ كُنْتُ أُعَاقُ الْمِرَارَ الْكَثِيرَةَ عَنِ الْمَجِيءِ إِلَيْكُمْ.” ويقول في نهاية الآية 23 “وَلِي اشْتِيَاقٌ إِلَى الْمَجِيءِ إِلَيْكُمْ مُنْذُ سِنِينَ كَثِيرَةٍ.” وعندما تشتاق لفعل شيئا لسنوات وسنوات، ولكنك لا تفعله، فثمة شيئا يسيطر عليك. وما كان يسيطر على بولب ويمنعه من الذهاب إلى روما هو أنه لم يكن قد انتهى من طموحه في الأقاليم من أورشليم إلى إِللِّيرِيكُونَ. ولكن في النهاية، يقول في الآية 23 “وَأَمَّا الآنَ فَإِذْ لَيْسَ لِي مَكَانٌ بَعْدُ فِي هذِهِ الأَقَالِيمِ.” وبعد ذلك في الآية 24 “فَعِنْدَمَا أَذْهَبُ إِلَى اسْبَانِيَا آتِي إِلَيْكُمْ. لأَنِّي أَرْجُو أَنْ أَرَاكُمْ فِي مُرُورِي وَتُشَيِّعُونِي إِلَى هُنَاكَ.”
وبعبارة أخرى، كان يسيطر عليه طموحا للتبشير بالإنجيل لأولئك الذين لم يسمعوا اسم المسيح من أورشليم إلى إِللِّيرِيكُونَ (ألبانيا اليوم)، وهو لن يرجع عن هذا الطموح حتى يحققه. ولكن الآن تم الإنتهاء من العمل في تلك الأقاليم، وطموحه يأخذه الى اسبانيا. وهذا حرره أخيرا ليفعل ما كان يريد القيام به لسنوات، وهو زيارة الكنيسة في روما والتمتع بشركتهم لبعض الوقت.
وإنه لأمر جيد أن يسيطر على الإنسان طموحا مقدسا. هل أنت يسيطر عليك طموحا مقدسا؟ وأنا ادعوه “مقدسا” لان الهدف منه هو مقدس، أي أن ترى شعبا من جميع الأمم الذين لم يسمعوا عن المسيح آمنوا به واصبحوا في طاعة له، وخلصوا به من خطاياهم ومن غضب الله. وانني ادعو هذا الطموح “مقدسا” لأنه يأتي من الله وكلمته المقدسة، كما سنرى بعد لحظات قليلة. إنه من الصواب وجيد أن يسيطر عليك طموحا مقدسا.
هل لديك طموحا مقدسا؟ لا ينبغي أن يكون لكل شخص طموح بولس. فواحد يرزع والآخر يسقي (١ كورنثوس ٣: ٦-٨). لكل موهبته الخاصة (١ كورنثوس ٧: ٧). كل يثبت أو يسقط أمام سيده (رومية ١٤: ٤). ولكني أعتقد أن الله سيكون مسرورا لو كان لكل واحد من أبنائه طموحا مقدسا.
طموحا مقدسا للبنات والبنين:
أيها الأطفال الصغار، استمعوا لي بعناية، للحظة واحدة. فأنا أعلم أن الكلمات “طموحا مقدسا”، هي غير عادية، ولا تستخدمونها كل يوم. “الطموح المقدس” يعني شيئا تريد حقا القيام به والله يريد منك أن تفعله. شيء تريد القيام به لدرجة أن فعله يمنعك من فعل أشياء أخرى أيضا تريد حقا أن تفعلها. اريد بولس حقا أن يذهب إلى روما لعدة سنوات. لكنه لم يذهب لأنه كان يريد أكثر شيئا آخر. أراد أن يبشر بالإنجيل في آسيا واليونان حيث لا يعلم الناس عن المسيح. كان يريد حقا، حقا، حقا أن يفعل هذا. ونحن ندعو هذا النوع من الرغبة بالـ “طموح”، ونحن ندعوه “طموحا مقدسا” عندما يكون أمرا يريد الله منك أن تفعله.
هل لديك واحد؟ ربما ليس بعد. فأنت مجرد طفل. وهذا ما هو من المفترض أن تكون عليه. ولكن في يوم ما لن يكون طفل بعد ذلك. وأحد الاختلافات بين كونك طفلا وكبيرا هو أنه عندما تكبر كمسيحي يعني أنك تحصل على طموحا مقدسا. أغلب الفتيات الصغار، بما فيهم أبنتي طاليثا، يريدن حقا أن يكون لديهن ويلعبن بالدمى. وهذا شيء جيد. ولكن سيأتي اليوم، أيها الفتيات الصغار، عندما تضعون جانبا متعة اللعب مع الدمى وتكبرون إلى فرح أعظم وأفضل لرعاية الأطفال حقيقيين رضع في الحضانة. وربما ستقودين في يوم من الأيام خدمة رعاية الأطفال الجياع، أو الرضع المهجورين بلا أم أو أب. وبالنسبة لبعض منكم سوف يصبح هذا طموحا مقدسا. ولآخرين سوف يكون طموحك المقدس شيء آخر.
والفتيان، استمعوا. إن كنتم مثلما كنت، ما تريده حقا هو كرة، وشاحنة، وبندقية وشخص ما للعب معه. أنا لم يكن لدي مسدس حقيقي (ما عدا بندقية بيليه). لكني أطلقت النار على الكثير من الأشرار بمسدسي مات ديلون وما يشبه لوكاس ماكين، بندقية ذات يد دائرية. كنت أحب لعب كرة القدم مع أصدقائي وحفر الطرق في الشارع لشاحناتي ورسم مسدسي بشكل سريع بحيث لا يمكنك أن ترى ذلك. كانت متعة. وكان ذلك جيدا.
ولكن في يوم ما لن تكون طفلا صغيرا بعد ذلك. وأحد الاختلافات بين كونك طفلا صغيرا وكبير هو أنه عندما تكبر كمسيحي يعني أنك تحصل على طموحا مقدسا. وهذا يعني أن متعة المدافع والشاحنات والكرات تصغر ويكبر فرح النضال من أجل العدالة والخلاص. أن تكبر يعني أن تحصل على طموح مقدس لتستخدم سيف الروح بقوة وتدفع حمولة شاحنة من الحب للمحتاجين وتوجه ركلة خلفية للشيطان في اسم المسيح.
الأمهات والأباء، الشباب العازب، صغارا وكبارا، ينبغي أن يكون للمسيحيين طموحا مقدسا. شيئا تريد حقا، حقا القيام به من أجل مجد الله. شيئا يسيطر عليك. وهذا يساعدك على أن تقرر عدم الذهاب الى روما بعد. ويعطي تركيزا أبديا وحماسا في حياتك.
مصدر الطموح المقدس:
من أين يأتي؟ جزء أساسيا من الإجابة موجود في الربط بين الآيات ٢٠ و٢١. “وَلكِنْ كُنْتُ مُحْتَرِصًا أَنْ أُبَشِّرَ هكَذَا: لَيْسَ حَيْثُ سُمِّيَ الْمَسِيحُ، لِئَلاَّ أَبْنِيَ عَلَى أَسَاسٍ لآخَرَ. بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ [ثم يقتبس بولس من إشعياء ٥٢: ١٥]: «الَّذِينَ لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ سَيُبْصِرُونَ، وَالَّذِينَ لَمْ يَسْمَعُوا سَيَفْهَمُونَ».”
الآن هنا شيء مدهش وذات صلة عن هذا بالنسبة لنا. فنحن نعلم من أعمال ٩ و٢٢ و٢٦ أن بولس دُعي من قبل المسيح المقام في طريق دمشق. أعطى المسيح بولس إرساليته في أعمال ٢٦: ١٨ “أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ [الأمم، والشعوب] لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ، وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ، حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيبًا مَعَ الْمُقَدَّسِينَ.” وهكذا حصل على دعوة مباشرة من يسوع المسيح المقام والحي وكلي السيادة أن يكون نورا للأمم.
ولكن هذا ليس ما يقوله في رومية ١٥: ٢١. هو لا يقول “لدي هذا الطموح أن أكون نورا للأمم الذين لا يعرفون المسيح لأن المسيح دعاني في طريق دمشق”. بل يقول: “وَلكِنْ كُنْتُ مُحْتَرِصًا – يسيطر علي حماس أن أبشر حيث لا يُسمى المسيح – لأن إشعياء ٥٢: ١٥ يقول «الَّذِينَ لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ سَيُبْصِرُونَ، وَالَّذِينَ لَمْ يَسْمَعُوا سَيَفْهَمُونَ».”
ما رأيك في ذلك؟ هنا ما أفهمه من ذلك. عندما دعى المسيح بولس في طريق دمشق لكي يأخذ الإنجيل إلى الأمم الذين لم يسمعوا قط، ذهب بولس إلى العهد القديم وبحث عن تأكيد وتوضيح لهذه الدعوة ليرى كيف تنسجم مع خطة الله الكلية. ووجد ذلك. ومن أجلنا يتحدث بهذه الطريقة. فهو لا يشير فقط إلى اختباره في الطريق دمشق، والذي لن يكون لنا. بل يشير إلى كلمة الله المكتوبة التي لدينا. ويؤسس طموحه هناك.
لذا جوابي على السؤال من أين يأتي طموحك المقدس؟ هو هذا: يأتي من لقاء شخصي مع المسيح الحي (وليس بالضرورة دراماتيكيا مثل طريق دمشق) مشكل ومصور وممكن من كلمة الله المكتوبة. عندما تتأمل في ناموس الرب نهارا وليلا (مزمور ١: ٢)، أي عندما تغمر نفسك في كلمة الله، هو يأتي ويأخذ بعض الحقائق لهذه الكلمة ويلهب بها قلبك، حتى تصبح طموحا مقدسا. إن لم يكن ذلك قد حدث حتى الآن، فاشبع نفسك بكلمة الله واطلب منه ذلك.
٢. احتياج لا حد له:
لا يقودنا الله إلى طموحات لا طائل منها، حيث تندم في نهاية حياتك. بل هناك دائما احتياج لابد من تسديده، ليس احتياج في الله، ولكن في العالم، بطموح مقدس. فطموحات المقدس ليست عن تمجيد الذات. لكنها دائما شكل من أشكال المحبة. دائما تسدد احتياج لشخص ما.
الآن ما الاحتياج الذي لا حد له الذي يشير إليه بولس في هذا النص؟ الآية ٢٠ “وَلكِنْ كُنْتُ مُحْتَرِصًا أَنْ أُبَشِّرَ هكَذَا: لَيْسَ حَيْثُ سُمِّيَ الْمَسِيحُ، لِئَلاَّ أَبْنِيَ عَلَى أَسَاسٍ لآخَرَ.” وهذا يعني أن بولس قد ثبت وجهه مثل الصوان للتبشير بالإنجيل إلى ناس لم يسمعوا عن المسيح. فهم لا يعرفون حتى اسمه.
الأمم بلا عذر:
الآن يكمن السؤال: إن كان هؤلاء الناس لا يعرفون حتى اسم المسيح، إذن هل هم مسؤولون أن يؤمنوا به للخلاص؟ وإن لم يكن كذلك، ألن يكون أكثر أمانا بالنسبة لهم مجرد تركهم في جهلهم، والإعتقاد أن الله سيرحمهم، وسوف يخلصوا لأنهم لم يسمعوا عن المسيح؟ لماذا، يا بولس، تتألم كثيرا للتبشير بالإنجيل إلى ناس لم يسمعوا اسم المسيح؟
قدم بولس الجواب في رومية ١: ١٨-٢٣. اقرأ معي ببطء وبهدوء واشعر بثقل ذلك بالطريقة التي كانت لبولس. تم كتابة هذه الكلمات عن تلك الأمم وجميع الشعوب التي لم تسمع اسم المسيح أبدا، حيث يقتاد الطموح المقدس لبولس للوصول لهم.
١٨لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. ١٩إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ، ٢٠لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ. [هذه هي الكلمات القاتلة التي تحدد الاحتياج الذي لا حد له الذي يراه بولس، الأمم التي لم تسمع عن المسيح لن يكون لها أي عذر في يوم القيامة.] ٢١لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. ٢٢وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ، ٢٣وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى، وَالطُّيُورِ، وَالدَّوَابِّ، وَالزَّحَّافَاتِ.
يقول بولس في رومية ٢: ١٢ “لأَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ بِدُونِ النَّامُوسِ فَبِدُونِ النَّامُوسِ يَهْلِكُ. وَكُلُّ مَنْ أَخْطَأَ فِي النَّامُوسِ فَبِالنَّامُوسِ يُدَانُ.” سوف يدان الجميع وفق ما لديهم للوصول إليه. وسوف يهلك كل من لا يسمع الإنجيل، لأن الجميع يحجز الحق الذي لديهم ويعيشون في تمرد ضد الله. هناك رجاء واحد فقط: الاستماع إلى والإيمان بإنجيل يسوع المسيح.
احتياج الأمم الذين لا يعرفون اسم المسيح هو احتياج لا حد له. فهو احتياج لا نهائي. فالاحتياج الأعظم والذي يمكن تخيله هو احتياج الأمم لسماع إنجيل يسوع المسيح، والإيمان به. لأن إنجيل المسيح هو “قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ” (رومية ١: ١٦). ولا يخص أي شخص دون ذلك.
ليس كل واحد منكم مدعوا أن يذهب مثل بولس. ولكن لا يمكنك أن تكون شخصا محبا ولا تريد حياتك أن تؤثر في لتلبية هذا الاحتياج.
٣. إستراتيجية عالمية:
لكن بعض منكم يدعوه الله للانضمام إلى بولس شخصيا ومهنيا في هذه الإستراتيجية العالمية الخاصة. ها هي الإستراتيجية. وهي مدهشة. إن كنت جديدا في كنيسة بيت لحم، فاستمع بعناية لكيفية فهمنا للإرساليات. هنا تصريحات بولس المذهلة.
أولا، الآية ١٩ب: “حَتَّى إِنِّي مِنْ أُورُشَلِيمَ وَمَا حَوْلَهَا إِلَى إِللِّيرِيكُونَ، قَدْ أَكْمَلْتُ التَّبْشِيرَ بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ.” هذا من أورشليم صعودا من خلال سوريا، عبر آسيا الصغرى (تركيا)، نزولا إلى اليونان على الجانب الشرقي، ثم شمالا غربا إلى شمال إيطاليا حيث ألبانيا اليوم. يقول بولس أنه قد أكمل التبشير بالإنجيل هناك. وهو يؤكد على هذا التصريح المثير للدهشة في الآية ٢٣ بقوله: “وَأَمَّا الآنَ فَإِذْ لَيْسَ لِي مَكَانٌ بَعْدُ فِي هذِهِ الأَقَالِيمِ.” وبعد ذلك في الآية ٢٤ يقول: “أَذْهَبُ إِلَى اسْبَانِيَا.”
ماذا يقصد عندما قال أنه ليس له مكان من أورشليم إلى إِللِّيرِيكُونَ؟ ليس خطرا القول بأن هناك عشرات الآلاف من الناس بعد لكي يكرز لهم في تلك الأقاليم. نحن نعرف هذا لأن بولس يكتب إلى تيموثاوس في أفسس (في هذا الإقليم عينه) ويوصيه “اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ” (٢ تيموثاوس ٤: ٥). وبعبارة أخرى، هناك أناسا في حاجة إلى الكرازة. وبولس يقول أنه ليس له مكان بعد في هذا الإقليم.
نحن نأخذ ذلك على أنه يعني: أن بولس ليس مبشرا محليا؛ هو مبشر متجول، وهو مبشر رائد. أي أن دعوته وطموحه هو عدم القيام بالتبشير حيث قد زرعت الكنيسة. فينبغي على الكنيسة أن تفعل ذلك. بل دعوة بولس وطموحه هو أن يبشر حيث لا توجد كنيسة مبشرة. لا يوجد مسيحيون. لا يعرفون حتى الاسم.
الإرساليات، والكرازة، والطموح المقدس:
المصطلحات ليست ما هو هام. ما هو مهم هو التمييز بينهم. فهناك مرسلين متجولين ورواد، وهناك كارزين. المرسلين يعبرون الثقافات ويتعلمون لغات. والمرسلين المتجولين يسكبون حياتهم “بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، بِقُوَّةِ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، بِقُوَّةِ رُوحِ اللهِ.” ليخترقوا آلاف السنين من الظلام وملك الشيطان على بشر لا يعرفون ملك الملوك ومخلص العالم.
كان هذا طموح بولس. وحيث أن الإرسالية العظمى لتلمذة جميع الأمم، لا تزال صحيحة، وهناك شعوبا اليوم لا يعرفون الإنجيل، لذلك ينبغي أن تصلي كل كنيسة من أجل أن يقيم الله العديد من المرسلين المتجولين، ويجعلنا جميعا كارزين.
يمكنني أن أتخيل، في الواقع أنا أصلي، أن بعد عشر سنوات من الآن شخص ما، ربما عشرة منكم، سوف يكتبون خطابا لموطنهم من مكان حيث أناس لم تصل لهم بشارة الإنجيل ويقولون: “أنا هنا للكرازة بالإنجيل لأولئك الذين لم يسمعوا قط، لأنها كما هو مكتوب في رومية ١٥: ٢٠ “وَلكِنْ كُنْتُ مُحْتَرِصًا أَنْ أُبَشِّرَ هكَذَا: لَيْسَ حَيْثُ سُمِّيَ الْمَسِيحُ، لِئَلاَّ أَبْنِيَ عَلَى أَسَاسٍ لآخَرَ.” ألهب الله هذه الكلمة على قلبي وحولها إلى طموح مقدس في كنيسة بيت لحم المعمدانية، في أغسطس، ٢٠٠٦.”
يا رب، من فضلك، افعل ذلك. آمين.