الرغبة والعنف والوصايا العشر – تحليل فلسفة رينيه جيرار

في الوقت الذي كان فيه الفلاسفة مشغولين بطرح أسئلة الحداثة، والبحث في معنى الوجود باعتباره صراعًا بين الماضي والمستقبل، والسعي لإقرار الاختلاف وتفسير إرادة القوة والهيمنة، كان الفيلسوف الفرنسي رينيه جيرار[1] منشغلًا بموضوع آخر، هو الرغبة.[2] فقد تناولها بالفلسفة بعد أن درسها فرويد من منظور نفسي، باحثًا في طبيعتها حين تتحول إلى رغبة فيما يرغبه الآخر، وهو ما يجعل البشر متنافسين، ويؤدي إلى نشوء العنف، ثم إلى الإرهاب الذي يهدد المجتمعات الإنسانية بالدمار والخراب.

ومن بين أهم القضايا التي تناولها جيرار أيضًا دراسته للأساطير القديمة وعلاقتها بالكتاب المقدس. ففي بعض مؤلفاته الأخرى مثل كتاب “العنف والمُقَدَّس” ناقش سؤالًا جوهريًا: هل الرغبة داخلية المنشأ أم خارجية التأثير؟ هل هي شخصية أم موضوعية؟ وما هو “مثلث الرغبة”؟[3]

 وقد بنى فلسفته على أجزاء عديدة من الكتاب المقدس، متأملًا في النصف الثاني من الوصايا العشر. ومن خلالها رأى أن وصايا الله قادرة على كبح العنف الكامن في الإنسان – العنف الناتج عن سقوطه لا عن خلقته الأولى – إذ تكشف دراسة الوصايا عن تدرج في منع العنف من وصية لأخرى. كما لاحظ أن الوصية العاشرة (لا تشته…) تختلف عن سابقاتها، وأن عصيانها يقود إلى الصراع والمشكلات والعنف.

وفي هذا المقال، سنناقش هذه الأفكار، ونرى كيف يمكن للتشبّه بالمسيح أن يكون علاجًا للمنافسة والصراع، سواء على المستوى الشخصي أو في عنف الشعوب والأمم.

أولًا: النصف الثاني من الوصايا العشر

يقول الرب في الوصايا العشر في سفر الخروج 20: 13–17: “لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ. لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ.”

يتناول هذا الجزء من الوصايا العشر ما يطلبه الله من الإنسان تجاه أخيه الإنسان، بخلاف النصف الأول الذي يركّز على واجب الإنسان تجاه الله من عبادة واحترام لاسمه وتقديس يوم السبت، وإكرام الوالدين باعتبارهما سلطة معيّنة من الله.

ويظهر في هذه الوصايا تدرج في مستويات العنف:

  • القتل: أشد أشكال العنف، إذ يقضي على حياة إنسان.
  • الزنا: ينتهك عهد الزواج، مسببًا جروحًا عميقة وصراعات في العلاقات الحميمة.
  • السرقة أو الشهادة الزور: اعتداء غير مباشر على الآخر، يهدف غالبًا لمصلحة شخصية، سواء مالية أو سياسية أو اجتماعية.
  • الشهوة: تبدو في ظاهرها أقلّ أشكال العنف، لأنها فعل قلبي داخلي، لكن الوصية تكشف خطورتها لأنها أصلٌ لكثير من الشرور.

فالوصية الأخيرة تمسّ جذور المشكلة، إذ أن اشتهاء ما عند القريب يعني عدم القناعة بما وهبه الله، واحتقار عطاياه، وتغذية الحسد والغيرة، ما قد يقود إلى الزنا أو السرقة أو القتل.

ولهذا يشرح إقرار إيمان وستمنستر المختصر (سؤال 80–81) أن الوصية العاشرة تُطالِب بالقناعة الكاملة بحالنا، وبالإخلاص القلبي نحو القريب، وتحظر الحسد أو الطمع أو أي رغبة جامحة تجاه ما للآخرين.

ويؤكد ذلك ما ورد في رسالة يعقوب 4: 1–3:

مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا.

يكشف يعقوب هنا أن النزاعات بين المؤمنين كثيرًا ما تنبع من شهوات أنانية ورغبات غير مقدسة، تؤدي إلى الحسد والبغضة، حتى وإن تزيّنت بثوب الدفاع عن الحق. هذه الشهوات، كما يوضح، هي التي تحرك الحروب والخصومات، ولا يوقفها إلا الخضوع المتواضع لله (يعقوب 4: 7–10).

ويؤكد الكتاب المقدس بأمثلة كثيرة هذه الحقيقة، مثل قصة آخاب الذي اشتهى كرم نابوت، وقتله ليستولي عليه (ملوك الأول 21)، أو إخوة يوسف الذين حسدوه ثم أرادوا قتله (تكوين 37)، والأهم أن المسيح نفسه أسلموه حسدًا (مرقس 15: 10).

ثانيًا: مثلث الرغبة

يطرح جيرار مفهوم “الرغبة المحاكاتية”، وهي رغبة لا تنبع من داخل الإنسان وحده، بل تثيرها رغبة شخص آخر، يُسمّى “الوسيط”. فالعلاقة بين الشخص الراغب وموضوع الرغبة ليست مباشرة، بل تمر عبر هذا الوسيط، لتأخذ شكل مثلث: الشخص – الشيء – الوسيط.

ويفرّق جيرار بين نوعين من الرغبات:

  1. رغبات تقبل المشاركة وتؤدي إلى التعاطف.
  2. رغبات لا تقبل المشاركة، فتؤدي إلى التنافس، فالغيرة، فالحسد، ثم العنف والإرهاب.

وتتحول الرغبة (حين تقلّد رغبة الآخر) إلى منافسة، ومن ثم إلى دائرة عنف قد تنتهي بما يسميه آلية كبش الفداء، حيث تختار الجماعة ضحية تلقي عليها اللوم، فتتحد ضدها وتقصيها، كما كان يحدث في الشعوب القديمة.

ولتوضيح ذلك علينا ان ندرك إن الرغبة البشرية ليست جميعها على درجة واحدة من التأثير في العلاقات؛ فهناك رغبات سلبية تولّد الصراع، وأخرى إيجابية تفتح باب التعاطف والشراكة. فالرغبة السلبية تنشأ حين ينجذب الإنسان إلى الشيء لا لذاته، بل لأن الآخر يريده، فيشعر أن امتلاك الآخر له يقلّل من قيمته أو يحرمه من نصيبه، فينشأ الحسد والمنافسة، ويكون الطريق ممهّدًا للصراع والقطيعة. أما الرغبة الإيجابية، فهي تلك التي تقبل المشاركة بطبيعتها، إذ لا يهدد حصول الآخر عليها رغبة الإنسان أو نصيبه، بل على العكس، يبعث في نفسه الفرح والتشجيع. ففي المحبة لله، على سبيل المثال، يزداد حماس المؤمن حين يرى غيره يزداد قربًا من الله، وفي طلب الحكمة كما في قصة سليمان، يستطيع الجميع أن يسعوا إليها معًا دون خوف من نقصان نصيب أحدهم، وكذلك في خدمة الآخرين كما فعل الرسل، إذ لم يتنافسوا على من يخدم أكثر، بل عضّدوا بعضهم بعضًا في البذل والعطاء.

هذا النمط من الرغبات يجعل الآخر شريكًا لا خصمًا، ويحوّل نظر الإنسان من مراقبة نجاحات الآخرين بغيرة إلى مشاركتهم الفرح والحزن على حد سواء، كما أوصى الرسول بولس: “فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ” (رومية 12: 15). وقد تجسّد هذا المبدأ بأبهى صورة في شخص المسيح، الذي دعا تلاميذه إلى السعي جميعًا نحو محبة الآب وخدمة القريب، وهي أهداف لا تنقص بمشاركتها، بل تتضاعف ثمرتها، حتى قال: “بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ” (يوحنا 13: 35). وهكذا تتحول الرغبة من وقود للعنف إلى جسر للمحبة والوحدة، متى صارت محاكاةً للمسيح لا تقليدًا أعمى للآخرين.

أمثلة كتابية على هذه الرغبة السلبية المحاكاتية:

  • حواء رغبت أن تكون مثل الله كما أوهمها الشيطان.
  • قايين رغب في رضا الله الذي ناله هابيل.
  • سارة رغبت في نسل هاجر.
  • يعقوب رغب في بكورية عيسو.
  • إخوة يوسف رغبوا في محبة أبيهم له.

خطورة الشهوة والرغبة المحاكاتية على المجتمعات

إن الرغبة، حين تُترك بلا ضابط، تتحول إلى قوة هدامة تهدد العلاقات بين الأفراد، وتمتد آثارها إلى المجتمعات والأمم. فالمنافسة المحاكاتية لا تقتصر على ممتلكات أو مكانة، بل قد تمتد إلى السلطة والهيمنة، لتتحول إلى صراعات دامية بين الشعوب. ويحذر الكتاب المقدس من هذا المسار في مواضع كثيرة، إذ يقول الرسول بولس: “وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ، فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ. لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ” (1 تيموثاوس 6: 9–10).

ويضيف جيرار أن المجتمعات، إذا لم تجد مخرجًا من دائرة الرغبة المحاكاتية، ستبحث عن كبش فداء تُلقي عليه اللوم لتعيد الوحدة بين أفرادها، لكن هذا الحل مؤقت، ويؤسس لدورة جديدة من العنف.

ثالثًا: لكن، فلنتشبه بالمسيح

بلغت استراتيجية الشيطان ذروتها في شخص الرب يسوع المسيح، إذ أثار ضده الحسد والغيرة والكراهية في قلوب رؤساء الكهنة والفريسيين، حتى قال قيافا رئيس الكهنة:

أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ شَيْئًا، وَلاَ تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا! (يوحنا 11: 49–50).

كان هذا التصريح تجسيدًا لآلية كبش الفداء التي تحدّث عنها جيرار، حيث يتفق المجتمع على إلقاء اللوم على شخص واحد وتحميله مسؤولية الانقسام أو الفوضى، ثم التضحية به لاستعادة “الوحدة” المؤقتة. لكن ما اعتبره الشيطان انتصارًا، كان في الحقيقة أعظم هزيمة له، إذ حوّل الله الصليب – أداة الظلم والعنف – إلى وسيلة للفداء والخلاص للعالم.

المسيح لم يدخل دائرة العنف بالمنافسة أو الرد بالمثل، بل كسرها تمامًا بمحبة وبذل كاملين. فبدل أن ينافس خصومه على السلطة أو النفوذ، اختار طريق إنكار الذات، مانحًا أتباعه نموذجًا عمليًا لكيفية الخروج من صراع الرغبات المحاكاتية. ولهذا قال: “إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي” (متى 16: 24–26).

1. المسيح وكسر منطق المحاكاة السلبية

يرى جيرار أن الصراع بين البشر يتغذى على المحاكاة: أنا أرغب لأن الآخر يرغب. أما المسيح فجاء ليحوّل هذه المحاكاة من أداة صراع إلى أداة قداسة، إذ يدعو المؤمنين أن يتشبّهوا به لا بالآخرين في رغباتهم، كما يقول الرسول بولس: “كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ” (1 كورنثوس 11: 1).

فالتشبّه بالمسيح يعني تبنّي رغباته هو، أي السعي لتمجيد الآب وخدمة القريب، لا السعي للتفوق على الآخرين أو امتلاك ما يملكونه.

2. تعليم المسيح في مواجهة العنف

في موعظة الجبل (متى 5–7)، وضع المسيح أساسًا ثوريًا للتعامل مع الخصومات:

  • محبة الأعداء: “أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ” (متى 5: 44).
  • عدم مقاومة الشر بالشر: “لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا” (متى 5: 39).
  • العطاء السخي: “مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ” (متى 5: 42).

هذه المبادئ ليست مثالية نظرية، بل هي طريقة عملية لكسر سلسلة العنف. فهي توقف حلقة الانتقام وتفتح باب المصالحة.

3. الصليب كمثال أعلى

الصليب هو أعمق تجلٍّ لكيفية كسر دائرة العنف. فعلى الرغم من الظلم الفادح، لم يرد المسيح بالمثل، بل صلّى قائلاً: “يا أبتاه، اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون” (لوقا 23: 34).

بهذا الموقف، كشف المسيح أن المحبة أقوى من الكراهية، وأن الغفران هو الطريق الوحيد الذي يوقف العدوى الروحية للعنف.

4. نتائج التشبّه بالمسيح

حين يتبنى الإنسان رغبات المسيح بدلاً من رغبات الآخرين، تتبدّل نظرته للعالم:

  • يصبح النجاح الحقيقي في العطاء لا الأخذ.
  • يُقاس الغنى بعمق المحبة لا بحجم الممتلكات.
  • يُقهر الحسد بالامتنان، والمنافسة بالخدمة.

وهكذا تتحول الرغبة المحاكاتية السلبية إلى محاكاة إيجابية، حيث يقلّد المؤمن صفات المسيح، فيصير أداة سلام في العالم بدلاً من أداة صراع.

رابعًا: خطوات عملية للتحرر من الرغبة المحاكاتية

انطلاقًا من تعليم الكتاب المقدس وفلسفة جيرار، يمكن تحديد خطوات عملية تساعد المؤمن على التحرر من الرغبة المحاكاتية:

  1. الاعتراف بجذور الرغبة: فالتشخيص الصادق أمام الله هو البداية، كما قال داود: “قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ” (مزمور 51: 10).
  2. القناعة بما أعطى الله: القناعة ليست خمولًا، بل شكرًا لله على عطاياه، كما أوصى كاتب العبرانيين: “كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ” (عبرانيين 13: 5).
  3. تغيير نموذج القدوة: بدلًا من النظر إلى الآخرين كمقياس، ننظر إلى المسيح باعتباره المثال الأسمى: ” كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ.” (1 كورنثوس 11: 1).
  4. المحبة العملية للقريب: فالوصية العاشرة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالوصية “تحب قريبك كنفسك”، إذ أن المحبة الصادقة تمنع الحسد والطمع.
  5. المصالحة بدل الانتقام: السعي لاستعادة العلاقات المكسورة، لا لكسب المعركة، يوقف سلسلة العنف.

يقدّم رينيه جيرار رؤية عميقة لجذور العنف في العالم، رابطًا بينها وبين الرغبة المحاكاتية التي تنشأ حين يقلّد الإنسان رغبة الآخر. والكتاب المقدس، من خلال النصف الثاني من الوصايا العشر، يكشف هذه الجذور، ولا سيما الوصية العاشرة التي تحذّر من اشتهاء ما للغير. ومن خلال شخص المسيح وتعليمه، نجد العلاج الحقيقي لهذا المرض الروحي والاجتماعي، إذ يدعونا إلى الخروج من دائرة التقليد السلبي والدخول في محاكاة إيجابية لشخصه، حيث تتحول الرغبة من وسيلة صراع إلى دافع محبة وبذل. إن الطريق الذي يقدمه المسيح ليس فقط خلاصًا فرديًا، بل أيضًا حلًّا عميقًا لمشاكل العنف والصراع بين الشعوب، إذ يبدّل قلب الإنسان، فينقل مركز رغبته من التنافس مع الآخرين إلى السعي لتمجيد الله وخدمة القريب.


[1] رينيه جيرار (René Girard) ‏(1923–2015)  فيلسوف ومفكر فرنسي أمريكي، وأحد أبرز الأسماء في الفكر المعاصر، عُرف بإسهاماته العميقة في مجالات النقد الأدبي، والأنثروبولوجيا، والفلسفة الدينية. اشتهر بنظريته عن الرغبة المقلِّدة (Mimetic Desire)، التي يرى فيها أن رغبات البشر ليست ذاتية أو تلقائية، بل تُستثار عبر محاكاة رغبات الآخرين، مما يقود إلى المنافسة والصراع. وقد طوّر هذه الفكرة لتفسير جذور العنف البشري، مقدمًا ما يُعرف بـ  نظرية كبش الفداء (Scapegoat Mechanism)، التي تشرح كيف تتجه المجتمعات إلى توجيه العنف نحو ضحية أو “كبش فداء” من أجل استعادة النظام والسلام. جيرار بدأ مسيرته في النقد الأدبي من خلال تحليل روائع الرواية الغربية، مثل أعمال ثرفانتس، ودوستويفسكي، وبروست، لكنه سرعان ما وسّع نطاق أبحاثه ليشمل دراسة الأساطير، والطقوس الدينية، والنصوص المقدسة، وعلى رأسها الكتاب المقدس. انتُخب جيرار عام 2005 عضوًا في الأكاديمية الفرنسية، وهو أعلى تكريم فكري في فرنسا، ليُعرف كأحد القلائل الذين جمعوا بين التحليل الأدبي الصارم والنظرية الأنثروبولوجية العميقة. أفكاره ما زالت تُدرَّس وتناقَش في مجالات متعددة، من الدراسات الأدبية إلى علم الاجتماع والفلسفة الدينية.

[2] René Girard, Deceit, Desire, and the Novel: Self and Other in Literary Structure, trans. Yvonne Freccero (Baltimore: Johns Hopkins University Press, 1965).

[3] René Girard, Violence and the Sacred, trans. Patrick Gregory (Baltimore: Johns Hopkins University Press, 1977).

شارك مع أصدقائك

مينا وجيه

أستاذ الدراسات الكتابيّة واللغة اليونانية في كليّة نيوجينيفا للاهوت. وحاصل على درجة الماجستير الرعويّ (MDiv) من كلية نيوجينيفا، ويدرس حاليًا درجة الماجستير (ThM) في كلية يونيون للاهوت.