غلاطية ٦: ١٤
وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ.
ليس لزاما عليك أن تعرف الكثير من الأمور لكي تحدث حياتك تغييرا دائما في العالم. لكن يجب عليك أن تعرف الأشياء القليلة العظيمة والمهمة، ومن ثم تكون على استعداد للحياة والموت لأجلها. الناس التي صنعت تغييرا دائما في العالم ليسوا من اتقنوا العديد من الأشياء، ولكن من سيطر عليهم أشياء عظيمة قليلة. إن كنت ترغب أن تصنع حياتك تغييرا، إن كنت تريد لتأثير الموجة الصغيرة للحصى التي تسقطها أن تصبح موجات تصل إلى أقاصي الأرض، وتدور على مدى قرون وإلى الأبد، فأنت لست ملزما أن يكون لديك معدل مرتفع من الذكاء أو القدرات، لست ملزما أن أن يكون لديك حسن المنظر أو ثروات، لست ملزما أن تكون من عائلة عظيمة أو مدرسة عظيمة. بل عليك أن تعرف عدد قليل، ومهيب، وعظيم، وغير متغير، وواضح، وبسيط، ومجيد من الأشياء، ثم تشتعل بها في داخلك.
ولكني أعلم أن ليس كل شخص في هذا تجمعنا اليوم يريد أن تصنع حياته فرقا. فهناك المئات مثلك – وأنت لا تهتم ما إن كنت تصنع تغييرا دائما لشيء عظيم، بل فقط ترغب أن تحبك الناس. إن كان الناس فقط يحبونك ستكون راضيا. أو إن كان لديك مجرد وظيفة جيدة مع زوجة صالحة وطلفين صالحين وسيارة جميلة وعطلات طويلة لنهاية الأسبوع وعدد قليل من الأصدقاء الصالحين، وتقاعد ممتع، وموت سريع وسهل بدون الم وجحيم – إن كان من الممكن أن تحصل على هذا (بدون الله) – ستكون راضيا، وهذه مأساة في النتيجة.
قبل ثلاثة أسابيع وصلنا خبر في كنيستنا أن كلا من روبي الياسون ولورا ادواردز قد قُتلوا في الكاميرون. كان عمر روبي أكثر من ٨٠ عاما. لم تتزوج طوال حياتها، بل سكبت حياتها لشيء واحد عظيم: أن تجعل يسوع المسيح معروفا بين من يتعذر الوصول إليهم، والفقراء، والمرضى. وكانت لورا أرملة، وطبيبة، تناهز ٨٠ عاما من العمر، كانت تخدم في جانب روبي في الكاميرون. تعطلت الفرامل، وجنحت السيارة إلى الجرف، وقُتلوا الإثنين على الفور. وسألت الشيوخ في كنيستنا: هل تعتقدون ان ذلك كان مأساة؟ حياة شخصين، مدفوعة برؤية واحدة عظيمة، قُضيت في خدمة غير معلنة للفقراء الهالكين لمجد يسوع المسيح، لمدة عقدين من الزمان، فبينما نظيراتهن في اميركا تقاعدن، القوا هم بحياتهم بعيدا عن التفاهات في ولاية فلوريدا ونيو مكسيكو. لا. لم تكن تلك مأساة. بل مجد. سأقول لكم ما هي المأساة. سأقرأ لكم مقطعا من مقال قراته في مجلة ريدرز دايجست عن المأساة: “بوب وبيني … حصلوا على تقاعد مبكر من وظائفهم في شمال شرق البلاد قبل خمس سنوات عندما كان عمره ٥٩ وكان عمرها ٥١. والآن هم يعيشون في بونتا غوردا، بفلوريدا، حيث يسافرون على سفينة صيد يملكونها ويلعبون البيسبول والعابا اخرى”. انه الحلم الأميركي: الوصول إلى نهاية حياتك – وحياتك الواحدة والوحيدة – واسمح للعمل الأخير العظيم قبل أن تعطي حسابا لخالقك، أن يكون “أنا جمعت القذائف، انظر إلى قذائفي”. هذه مأساة. والناس اليوم ينفقون المليارات من الدولارات لاقناعك أن تقبل هذا الحلم المأساوي. عملي في هذه السطور ان اناشدك بالقول: لا تقبل ذلك.
لا تضيع حياتك. إنها قصيرة وثمينة جدا. لقد نشأت في منزل حيث أمضى والدي حياته ككارز بإنجيل يسوع المسيح للضالين. كان لديه رؤية واحدة مشتعلة في داخله: أن يبشر بالإنجيل. كانت هناك لوحة في مطبخنا في سنوات نموي. وهي الآن معلقة في غرفة الصالون لدينا. لقد نظرت إليها بشكل يومي تقريبا لنحو ٤٨ عاما. تقول: “حياة واحدة فقط، قريبا ستصبح ماضيا. فقط ما يُصنع من أجل المسيح سيبقى.”
وأنا هنا في يوم واحد بمثابة أب. وأنا عندي ٥٤ سنة. لدي أربعة أبناء وابنة واحدة: كارستن – ٢٧ عاما، بنيامين – ٢٤ عاما، إبراهيم – ٢٠ عاما، برنابا – ١٧ عاما، وتاليثا – أربعة أعوام. أشياء قليلة، إن وجدت، تملئني بأكثر توق هذه الأشهر والسنوات من التوق ألا يُّضّيّع أبنائي حياتهم في نجاح فادح.
لذلك أنا أنظر إليكم كأبنائي وبناتي واناشدكم بمثابة أب – ربما الأب الذي لم يقل لك ذلك أبدا، أو لم يكن له رؤية لك مثلما ما اريده لك، ومايريده لله لك. ولكنها كلها تدور حول المال والمركز. إنني اتطلع إليكم اليوم كأبناء وبنات واناشدكم: اجعلوا حياتكم أن تحتسب لشيء عظيم وإلى الأبد. اتمنى هذا لكم. لا تعبر من خلال الحياة من دون حماس.
واحدة من الأسباب التي جعلتني أحب رؤية الحماس في حياتك وحياتي، يستند لإعلان النبي إشعياء ٢٦: ٨ – “فَفِي طَرِيقِ أَحْكَامِكَ يَا رَبُّ انْتَظَرْنَاكَ. إِلَى اسْمِكَ وَإِلَى ذِكْرِكَ شَهْوَةُ النَّفْسِ.” هذا ليس مجرد حماس انتظار جسدي، ولكن نفس، ولكن حماس وشهوة نفس. هي ليست مجرد شهوة في أن تُحب أو للعبة الكرة والقذائف، بل شهوة لتحقيق شيء عظيم ومرْضي وجميل ذات قيمة وبلا حدود. انه – اسم ومجد الله – “إِلَى اسْمِكَ وَإِلَى ذِكْرِكَ شَهْوَةُ النَّفْسِ.”
هذا هو ما أعيش لكي أعرفه وأتطلع لكي أختبره. إن إرسالية حياتي وخدمتي في الكنيسة هو: “نحن موجودون – أنا موجود – لنشر حماس سيادة الله في كل شيء من أجل فرح جميع الشعوب”.
ليس من الضروري أن تقولها كما قلتها أنا. ليس من الضروري أن تقولها كما قالها لوي جيجلو أو فودي باكام).
ولكن مهما فعلت، أوجد حماسك، وأجعل هناك طريقة لتعبر عنه وتحياه وتموت من أجله. وسوف تصنع اختلافا يدوم. ستكون مثل الرسول بولس. لم يكن لأي فرد رؤية أحادية التركيز لحياته أكثر مما كان لبولس. يمكنه أن يقول ذلك بطرق مختلفة.
أعمال ٢٠: ٢٤ “وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ.”
شيء واحد يهم: أتمم سعيي، أركض في السباق.
فيلبي ٣: ٧-٨: “لكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحًا، فَهذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً. بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ.”
كيف لي أن أساعدك؟ كيف يمكن أن يستخدمني الله في هذه اللحظة في اليوم الواحد من أجل ايقاظ حماس واحد في داخلك لحقيقة واحدة عظيمة من شأنها أن تطلق العنان لك وتحررك من الأحلام الصغيرة وترسلك إلى أقاصي الأرض؟
الإجابة التي أعتقد أن الرب أعطاها كانت: ان اخذكم معي إلى آية واحدة في الكتاب المقدس أقرب إلى مركز الموضوع، واظهر لكم لماذا يقول بولس هناك ما قاله.
الآية هي غلاطية ٦: ١٤ “وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ.”
أو لوضعها بشكل إيجابي: افتخر فقط في صليب يسوع المسيح. إنها لفكرة واحدة. هدف واحد. وشهوة واحدة. افتخر فقط في الصليب. ويمكن ترجمة الكلمة “تهلل في” أو “افرح في”. تهلل فقط في صليب المسيح. افرح فقط في صليب المسيح. يقول بولس دع هذا يكون شهوتك الوحيدة، تفاخرك وفرحك وابتهاجك الوحيد. في هذه اللحظة العظيمة المدعوة اليوم الواحد دع الشيء الوحيد الذي تحبه، الشيء الوحيد الذي تعتز به، الشيء الوحيد الذي تفرح وتتهلل به أن يكون صليب يسوع المسيح.
هذا أمر مثير للصدمة وذلك لسببين.
١) أولا لأنه مثل القول: افتخر فقط في الكرسي الكهربائي. تهلل فقط في غرفة الغاز. افرح فقط في الحقنة القاتلة. اسمح لافتخارك الوحيد وفرحك الوحيد وابتهاجك الوحيد أن يكون في حبل الإعدام خارج نطاق القانون. “فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” لم تكن طريقة تنفيذ الاعدام قد اخترعت أكثر قساوة جدا ومؤلمة من أن تكون مسمرا على الصليب. لقد كان أمرا مروعا. لن تكون قادرا على مشاهدته – ليس بدون صراخ وشد شعرك وتمزيق ملابسك. دع هذا يكون شهوة حياتك.
٢) وهذا أول شيء يبعث على الصدمة في كلام بولس. والآخر هو أنه يقول أن هذا هو الفخر الوحيد لحياتك. الفرح الوحيد. والابتهاج الوحيد. “فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.”
ماذا يعني بهذا؟ حقا؟ لا افتخار أخر؟ لا ابتهاج أخر؟ لا فرح أخر إلا بصليب المسيح – موت المسيح؟
ماذا عن الأماكن التي يستخدم بولس نفسه فيها نفس الكلمة عن “التفاخر” أو “الابتهاج” لأمور أخرى؟ على سبيل المثال:
رومية ٥: ٢ “نَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ.”
رومية ٥: ٣ “وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً”
٢ كورنثوس ١٢: ٩ “فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي.”
١ تسالونيكي ٢: ١٩ “لأَنْ مَنْ هُوَ رَجَاؤُنَا وَفَرَحُنَا وَإِكْلِيلُ افْتِخَارِنَا؟ أَمْ لَسْتُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا أَمَامَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ؟”
لذلك، إن كان لبولس أن يفتخر ويتهلل في كل هذه الأمور، فماذا يقصد بولس – بقوله لن “أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ”؟
ولكن ماذا يعني ذلك؟ هل هذا مجرد حديث مزدوج؟ تفتخر في أمر واحد، ثم تقول فقط أنك تتهلل في أمر آخر؟ لا. هناك سبب عميق جدا لقوله هذا – أن كل الابتهاج، وكل الفرح، وكل الافتخار في أي شيء يجب أن يكون ابتهاجا في صليب يسوع المسيح.
فهو يقصد، بالنسبة للمسيحيين، كل الافتخار الآخر، ينبغي أيضا أن يكون افتخارا في الصليب. كل ابتهاج في أي شيء آخر ينبغي أن يكون ابتهاجا في الصليب. إن افتخرت في رجاء المجد يجب أن تفتخر في صليب المسيح. إن افتخرت في الضيقات لأن الضيق ينشئ رجاءً، يجب أن تفتخر في صليب المسيح. إن كنت تفتخر في ضعفك، أو في شعب الله، يجب أن تفتخر في صليب المسيح.
لماذا الأمر هكذا؟ لهذا السبب: بالنسبة للخطاة المفديين، كل شيء صالح – حقا كل شيء سيء يحوله الله إلى خير – تم شرائه لنا بصليب المسيح. وبدون موت المسيح، لا يحصل الخطاة على شيء سوى القضاء. بدون صليب المسيح، هناك فقط دينونة. لذلك كل شيء تستمتع به في المسيح – كمسيحي، كشخص يثق في المسيح – هو بسبب موت المسيح. وينبغي لكل فرحك في كل الأشياء بالتالي أن يكون فرحا في الصليب حيث تم اقتناء كل بركاتك لأجلك على حساب موت ابن الله، يسوع المسيح.
واحدة من الأسباب أننا لسنا متمركزين حول المسيح ومشبعين بالصليب كما ينبغي هو أننا لم ندرك أن كل شيء – كل شيء جيد وكل شيء سيء يحوله الله لخير أبنائه المفديين، تم شراءه بموت المسيح لأجلنا. نحن نأخذ بكل بساطة الحياة والنفس والصحة والأصدقاء وكل شيء كأمر مسلم به. نعتقد أن ذلك ملكنا كحق لنا. ولكن الحقيقة هي أن ذلك ليس ملكنا كحق لنا.
نحن لشكل مضاعف لا نستحق ذلك.
١) فنحن مخلوقات وخالقنا ليست ملزما أو مجبرا أن يقدم لنا أي شيء – ليس حياة أو صحة وأي شيء. هو يعطي، وهو يأخذ، وهو لا يصنع لنا أي ظلم.
٢) وإلى جانب كوننا مخلوقات بلا أي استحقاق لخالقنا، نحن خطاة. يعوزنا مجده. لقد تجاهلناه وعصينا عليه وفشلنا أن نحبه ونثق فيه. وغضب عدالته مشتعل ضدنا. كل ما نستحق منه هو الدينونة. لذلك كل نفس نأخذه، في كل مرة يدق قلوبنا، كل يوم تشرق فيه الشمس، في كل لحظة نرى بأعيننا أو نسمع بآذاننا أو نتحدث بأفواهنا أو نمشي بأرجلنا هي عطية مجانية وبلا استحقاق للخطاة الذين يستحقون فقط الدينونة.
ومن اقتنى هذه العطايا لنا؟ يسوع المسيح. وكيف اقتناهم؟ بدمه.
كل بركة في الحياة هي مصممة لتعظيم صليب المسيح، أو لقول ذلك بطريقة أخرى، المقصود من كل شيء جيد في الحياة هو تعظيم المسيح وأياه مصلوبا. بدون عطية المسيح، نحن خطاة وبالطبيعة أبناء الغضب. فكيف إذن حصلنا على مثل هذه العطية لخيرنا؟ الإجابة: المسيح مات من أجل خطايانا على الصليب، وأبعد غضب الله عنا، وضمن لنا، على الرغم من أننا لا نستحق ذلك، نعمة الله القديرة التي تعمل كل شيء معا من أجل خيرنا. لذلك عندما أفتخر، أنا أفتخر في صليب المسيح.
واود ان اشارك معكم مثلا حيا، كان لنا سيار قديمة، كنت مع العائلة وتعرضنا لحادث مريع، ولكن شكرا لله خرجنا جميعا سالمين من ذلك الحادث، ماعدا تحطم السيارة. دفعت شركة التأمين لنا ٢٨٠٠ دولارا للسيارة، اخذت زوجتي نويل ذلك المبلغ، وتوجهت إلى ولاية ايوا، واشترت شيفروليه لومينا موديل ٩٢ وقادتها إلى المنزل في اجواد شتوية مثلجة. والآن لدينا سيارة مرة أخرى. أنا أفتخر بفضل واحسان الله ونعمته المذهلة. تحطمت السيارة. خرجنا بدون أن نصاب باذى. شركة التأمين دفعت التعويض. فحصلنا على واحدة آخرى. وخطونا في حياتنا كما لو أن شيئا لم يحدث. وكتعبيرا عن الشكر أحني رأسي واتهلل في المراحم التي لا توصف حتى في هذه الأشياء المادية القليلة. من أين أتت كل هذه المراحم؟ إن كنت خاطئ مُخلصا، ومؤمنا بالمسيح، فهي أتت من خلال الصليب. وبدون الصليب، هناك فقط دينونة – صبرا ورحمة بشكل مؤقت. ولذلك فكل عطية هي عطية مشتراه بالدم. وكل افتخار – كل ابتهاج – هو افتخار في الصليب.
ويل لي إن كنت اتهلل في أي نعمة ما لم يكن تهليلي هو افتخار في صليب المسيح.
طريقة أخرى لقول ذلك هو أن خطة الصليب هي مجد المسيح. هدف الله في الصليب هو أنه يتم تكريم المسيح. عندما يقول بولس في غلاطية ٦: ١٤ “وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ”، يقول أن مشيئة الله هي أن يتم تعظيم الصليب دائما – أن يكون المسيح المصلوب دائما افتخارنا وابتهاجنا وفرحنا وتسبيحنا – أن يأخذ المسيح المجد والشكر والكرامة لأجل كل شيء جيد في حياتنا – وكل شيء سيء يحوّله الله ويجعله لخيرنا.
ولكن الآن يأتي السؤال: إن كان هذا هو هدف الله في موت المسيح – أي أن “المسيح المصلوب” يُكرم ويمجد في كل الأشياء، كيف إذن يأخذ المسيح المجد الذي يستحقه؟ الإجابة هي أن الأطفال والشباب والبالغين يجب أن يتعلموا أن هذه الأمور هي كذلك. بكلمات اخرى: مصدر الافتخار في صليب المسيح هو التعليم عن صليب المسيح.
هذا هو عملي: أن أقدم المجد للمسيح عن طريق تعليمكم هذه الأشياء. ثم عملكم هو أن تقدموا مجدا أكثر للمسيح من خلال العمل بها، وتعليمها لمزيد من الناس. التعليم عن المسيح هو للابتهاج في المسيح. فإن كنا نريد ألّا يكون هناك أي افتخار إلا في الصليب، يجب علينا مواصلة التعليم عن الصليب – وتحت الصليب.
أو ربما يجب أن نقول: “على الصليب”. التعليم على الصليب يقود إلى الافتخار في الصليب. ماذا أقصد؟
انظر في بقية الآية ١٤: “وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ.” الافتخار في الصليب يحدث عندما تكون على الصليب. أليس هذا ما تقوله الآية ١٤؟ قد صُلب العالم لي، وأنا قد صُلبت للعالم. فالعالم هو ميت بالنسبة لي، وأنا ميت للعالم. لماذا؟ لأنني قد صُلبت. نحن نتعلم أن نفتخر في الصليب ونتهلل في الصليب عندما نكون على الصليب.
الآن ماذا يعني ذلك؟ متى حدث ذلك؟ متى صُلبتم؟ الجواب هو في غلاطية ٢: ٢٠ “مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي.” عندما مات المسيح، نحن متنا. المعنى المجيد لموت المسيح هو أنه عندما مات، مات كل خاصته فيه. هذا الموت، الذي ماته من أجلنا جميعا، اصبح موتنا عندما نتحد بالمسيح بالإيمان.
ولكنك تقول، “ألست على قيد الحياة؟ أشعر أنني على قيد الحياة”. حسنا، هنا الحاجة إلى التعليم. يجب علينا أن نتعلم ما حدث لنا. يجب أن نتعلم هذه الأشياء. هذا هو السبب أن غلاطية ٢: ٢٠ و٦: ١٤ في الكتاب المقدس. يعلمنا الله ما حدث لنا، حتى نتمكن من معرفة أنفسنا ومعرفة طريقته في العمل معنا لكي نفرح فيه وفي ابنه والصليب، كما يجب علينا.
لنقرأ غلاطية ٢: ٢٠ مرة أخرى لمعرفة ذلك، نعم، نحن أموات ونعم نحن على قيد الحياة. “مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ [لذا فأنا ميت، ثم يستكمل]، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ [لماذا؟ لأنني ميت، أي أن، ذاتي القديمة والمتمردة، في عدم الإيمان، قد ماتت، ثم يُكمل]. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ [لذلك، نعم، أنا على قيد الحياة، لكنه ليس نفس الـ”أنا”، كما الـ”أنا” العتيقة التي ماتت]، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي.” وبعبارة أخرى الـ”أنا” الذي يحيا هو الـ”أنا” الجديد من الإيمان. الخليقة الجديدة تحيا. المؤمن يحيا. الإنسان العتيق قد صُلب على الصليب مع المسيح.
وإذا كنت تسأل، “ما هو مفتاح للربط مع هذا الواقع؟ كيف يمكن أن يكون هذا لي؟ الإجابة موجودة ضمنا في الكلمات عن الإيمان في غلاطية ٢: ٢٠. “فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ.” هذا هو الرابط. يربطك الله بابنه عن طريق الإيمان. وعندما يفعل ذلك يكون هناك اتحادا مع ابن الله لكي يصبح موته موتك وحياته تصبح حياتك.
لناخذ الآن كل هذا إلى غلاطية ٦: ١٤ “وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ.” لا تفتخر في أي شيء إلا في الصليب.
ولكن كيف يمكنني أن أصبح متمركزا بشكل جذري حول الصليب هكذا – بحيث يعود كل افتخاري إلى الصليب؟ الإجابة: ادرك أنه عندما مات المسيح على الصليب، أنت مت، وعندما وثقت فيه، كان لهذا الموت تأثيره في حياتك. يقول بولس، إنه موتك للعالم وموت العالم لك.
بمعنى: أنه عندما وضعت ثقتك في المسيح، انكسرت عبوديتك للعالم، وانكسر الإغراء المستبد للعالم. فأنت بالنسبة للعالم جثة، والعالم هو جثة بالنسبة لك. أو لوضعها بشكل إيجابي، وفقا للآية ١٥، أنت “خليقة جديدة”. أنت القديم قد مات. وأنت الجديد يحيا. وأنت الجديد هو أنت من الإيمان. وما يبتهج به الإيمان ليست هو العالم، ولكن المسيح، وخصوصا، المسيح المصلوب.
هكذا تصبح متمركزا حول الصليب لكي تقول مع بولس، “فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” العالم لم يعد لي كنز. إنه ليس مصدر حياتي وشبعي وسعادتي. بل المسيح هو المصدر.
ولكن ماذا عن السلامة في حادث السيارة؟ ماذا عن دفع شركة التأمين؟ ألم تقل أنك كنت سعيدا بذلك؟ أليس هذا هو العالم؟ فهل أنت ميت للعالم؟
أنا كذلك. آمل ذلك. لأن كوني ميتا عن العالم لا يعني الخروج من العالم. وهذا لا يعني عدم الشعور بالأشياء في العالم – بعضها سلبي وبعضها إيجابي (١ يوحنا ٢: ١٥؛ ١ تيموثاوس ٤: ٣). هذا ما يعني أن كل لذة مشروعة في العالم تصبح برهان مشترى بالدم عن محبة المسيح، ومناسبة للافتخار في الصليب. نحن أموات عن مدفوعات شركات التأمين عندما يكون المال ليس هو ما يشبع، ولكن المسيح المصلوب، الواهب، هو ما يشبع. عندما تسرع قلوبنا وراء شعاع البركة وصولا إلى المصدر في الصليب، عندها تكون دنيوية البركة ميتة، ويكون المسيح المصلوب هو كل شيء.
هذا هو هدف التعليم للافتخار – في الصليب. يا الله امنح لنا أن نحلم ونخطط ونعمل ونعطي ونعلم ونحيا لأجل مجد المسيح وإياه مصلوبا!