اكتشفْتُ في أثناء تقديمي لخدمة المشورة وتربية الأطفال وفي مَسعاي الشخصي وراء حياة التقوى، أنَّ بُغضةَ الخطيَّة هي أولويَّة يسيرٌ علينا أن نغفلها، وأنَّنا لا نُبالغ البتَّة في التوكيد عليها. للخطيَّة عواقب، وغالبًا ما تكون هذه العواقب وخيمةً. إنَّنا نُجرَّب تجربةً حقيقيَّة أن نُبغِض عواقب الخطيَّة ونتجنَّب بُغضةَ الخطيَّة نفسها. لا تُخطِئُوا في فَهم ما أقول، فيجب أن نُبغِض الأذى الذي تجلبه الخطيَّةُ على أنفسِنا وعلى الآخرين. لكن لا يمكننا أن نكتفي بذلك. ما لم نُبغِض الخطيَّةَ بُغضةً بسبب طبيعتها البغيضة والمثيرة للاشمئزاز، فلن نتقدَّم تقدُّمًا حقيقيًّا في التقوى. قد نحرز تقدُّمًا في الأخلاق ولكن ليس في القداسة؛ إذ إنَّ هذا يتطلَّب بُغضةً مقدَّسة للخطيَّة.
لذا، أقدِّم ثلاثةَ أسبابٍ تُبيِّن لماذا ينبغي أن تُبغِض الخطيَّةَ. وأنت تفكِّر في هذه الأسباب، أصليّ أن تخلق بداخلنا بُغضةً مُقدَّسة ضدَّ كلِّ ما يُعارض مُلك الله في حياتِنا.
1. لأنَّها تقف ضدَّ كلمة الله
كلمة الله صالِحةٌ. إنَّها تُظهِر شخصيَّةَ الله، وتعلِّمنا عن ماهيَّة القداسة وما ليس قداسةً (رومية 7: 12-13). مِن ثَمَّ، فإنَّ الخطيَّةَ هي التعدِّي على ناموس الله (1 يوحنَّا 3: 4). الخطيَّة هي مُعارَضة مُوجَّهة ضدَّ الصلاح. إنَّها خروجنا في الشوارع احتجاجًا على سُلطة الله علينا. فضلًا عن ذلك، هذا الاحتجاج ليس احتجاجًا سلميًّا. إنَّها أيادٍ مرفوعة رافِضةً الخضوعَ لحُكم المَلِك. وحُكم الله حُكمٌ صالِحٌ. إذ إنَّه يحدِّد ما هو الصلاح (مزمور 119: 68)؛ وكلُّ ما يُعارض اللهَ فهو شرٌّ وإثمٌ. اُنظُر، يجب أن نفكِّر هكذا. فليسَت الخطيَّةُ حالتَنا أو ميولنا الشخصيَّة أو نتاج البيئة التي نعيش فيها فحسْب. إنَّها كلُّ هذه الأمور، لكنَّها أكثر من ذلك بكثير! الخطيَّة شرٌّ لأنَّها تقف ضدَّ اللهِ الصالِح. إنَّها تستخفُّ بكلمتِه وبازدراء ترفع يديها في وجهِه وهو جالِسٌ على عرشِه. أيُّها الأصدقاءُ الأعزَّاء، أَبغِضوا الخطيَّةَ لأنَّها غارِقةٌ في كلِّ ما هو مكروه. ليس بها ما هو جديرٌ بالمدح أو ما هو مُضحِك أو لطيف أو جيِّد. فالخطيَّة، في جوهرِها، بغيضةٌ.
2. بسبب قدرتها التدميريَّة
من الكتاب المُقدَّس نفهم أنَّ أجرةَ الخطيَّة هي موتٌ. تفكَّر في هذا، كلُّ شاهدِ قبرٍ عبر التاريخ هو سمة مميِّزة للخطيَّة. في كلِّ دقيقةٍ يموت مئةٌ وخمسة من البشر. وهكذا يكون عددُ الموتى مئةً وواحدًا وخمسين ألفًا وسِتِّمِئة شخصٍ في اليوم وأكثر من خمسٍ وخمسين مليون شخصٍ في السنة. الخطيَّة مُدمِّرة. لكنَّ الخطية لا تُنهي الحياةَ فحسْب، بل تجعلها بائِسةً أيضًا. إذ من الخطيَّة تأتي كلُّ حجَّةٍ وكلُّ لكمةٍ في الوجه، كلُّ طعنةٍ وكلُّ نميمةٍ، وكلُّ رفعٍ للصوت في غضبٍ. ودموع الندم والذنب والخِزي والخوف تأتي من الخطيَّة. الخطيَّة تدمِّر الحياةَ بسرعةٍ قياسيَّة. أَلقِ نظرةً حولك لتلاحظ قدرتَها على التدمير. لا تُبغِضْ عواقب الخطيَّة المقصورة على حياتِك فحسْب، تفكَّر في التدمير الكارثيِّ الذي للفساد على البشريَّة. أبغِضْ كلَّ العواقب، ولكن أكثر من ذلك، أبغِضْ الخطيَّةَ.
3. لأنَّ دم يسوعَ سُفِك من أجل الخطيَّة
إذا لم أُقنِعْك بعد، أُصلِّي أن أنجح في إقناعِك الآن. ما مقدار شرِّ الخطيَّة حتَّى إنَّه كان يجب أن يموت المسيحُ ليدفع ثمنها؟ ما مدى حقارة الخطيَّة التي قضت على الجمال اللا متناهي لعمانوئيل؟ ألا ترى سخامتها ورائحتها الكريهة الآن، إذ ترى المسيح عاريًا، مُعلَّقًا على خشبة الصليب، صارخًا من أجل نَفَسٍ؟ يسوع المُصاب، والمطعون، كان يدفع ثمن الخطيَّة.
عندما تُجرَّب بالخطيَّة، فكِّر في الكيفيَّة التي نزف بها المسيح، وموته من أجل تلك الخطيَّة. تأمَّل كيف كان هو نفسه كارهًا الخطيَّة، وقد أحبَّك لدرجة أنَّه احتمل هذا العبء الفظيع.
عندما تفكِّر في كيفيَّة محاربة الخطيَّة، فكِّر في مُخلِّصك وهو يحارب الخطيَّة. نراه يتجرَّع هذا الوعاء الأبدي من الغضب الإلهي حتى تأتي إلى مائدة الرب وتشرب كأس البركة. يا صديقي، تأمَّل يسوع ودمه الثمين يُنزف من أجل خطيَّتك. وبعد ذلك، بعَيْنَيك الدامعَتَيْن وعزيمتك المتزعزعة، استند على الروح القدس وتذكَّر كراهيَّة الله للخطيَّة. ستُدرِّبك نعمة الجلجثة على رؤية قُبح الخطيَّة.