في إحدى حلقات المسلسل الأمريكي الشهير “عائلة سيمسون”، ألقى “هومر” إحدى نكاته خفيفة الظل عِند تقدُّمهِ للعمل كحارسٍ في سجن الأحداث، قائلاً: “أنا أؤمن أنّ الأطفال هم مستقبلنا -ما لم نوقفهم الآن!” وبالمِثل تُعد عبارة “الأطفال هم مستقبل الكنيسة” خاطئة إلى حدٍ ما.
الأطفال في كنائسنا، شأنهم شأن أي جيل آخر، هم الحاضر. وبالتالي، إذا رأينا أطفالنا كجزءٍ لا يتجزأ من كنيسةِ اليوم، علينا أن نسأل السؤال الأهم: كيف نُشرِكَهم في حياة شعب الله؟
لقد طرحنا ذات السؤال منذ أن شرعنا في زراعة كنيسة صغيرة في ريف شمال إيطاليا. حينها كانت كنيستنا عبارة عن مجموعة من الشباب العُزَّابٍ وحديثي الزواج، ولعدة سنوات لم يكن في وسطنا سوى عائلة واحدة لديها أطفال.
خطران علينا تجنبهما
أثناء ذلك الوقت، رأينا خطرين كان يجب علينا تجنُّبهما:
1. معاملتهم كأبرياء في حين أنهم ليسوا كذلك
بقدر ما الأطفال لُطفاء وجذَّابون، خاصةً عندما ينامون، إلاّ أنهم أيضًا يقعون في الخطيّة، إذ “أَخْطَأَ الْجَمِيعُ” (رومية 12:5). لقد كتب بولس في إصحاحٍ سابق “أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ” (رومية 10:3)، وفي الأعداد التالية يتحدَّث عن حناجر وألسنة وشفاه وأفواه فاسدة. في الحقيقة، أنا لم ألتقِ مطلقًا بآباءٍ كان عليهم تعليم أطفالهم كيفيّة الكذب، لكن ما هو مقدار الجهد الذي يتطلَّبه الأمر لتوضيح طريق الحقّ لهم! فلدى كل من البالغين والأطفال ذات الاحتياج أن يقبلوا المسيح وأن يعيشوا في ضوء نعمة الإنجيل.
2. عدم مشاركة الإنجيل معهم لأنَّهم “ليسوا قادرين على الفهم بعد”
هذا بالتأكيد ليس التعليم الذي نجده في كلمة الله، حيث نرى كيف أن نمو صموئيل الجسدي كان يسير جنبًا إلى جنب مع فهمه لكلمة الله وخدمته للرب (1 صموئيل 3). كذا امتلأ يوحنا المعمدان بالروح القدس من بطن أمه (لوقا 15:1)، بالإضافة إلى تشجيع يسوع للأطفال للقدوم إليه (متى 13:19-15).
مبدآن علينا تطبيقهما
كما أننا أثناء زراعة تلك الكنيسة طبَّقنا مبدأين، عليكم تطبيهما:
1. كُلَّهُمْ سَيَعْرِفُونَنِي مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِم
عندما تحدث الرب في إرميا 31:31-34 عن أيام العهد الجديد، قال: “أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا. وَلاَ يُعَلِّمُونَ بَعْدُ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ، قَائِلِينَ: اعْرِفُوا الرَّبَّ، لأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ سَيَعْرِفُونَنِي مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ.” ومن هُنا نفهم أن الله يُخلِّص الصغير بنفس الطريقة التي يُخلِّص بها الكبير، عن طريق نعمته السياديّة الفعَّالة، ومن خلال إعلان كلمته وتطبيقها في أعماق القلب.
فبينما كان الرب يضم عائلات جديدة إلى كنيستنا، بدأنا في وضع برنامج تعليمي للأطفال يتناول نفس نص العظة الأسبوعيّة في الاجتماع العام. كان جزء من هذا البرنامج يتطلب أن تقوم العائلة بحل بعض الأسئلة مع أطفالهم خلال الأسبوع.
وبهذه الطريقة، تم إعداد الوالدين بكل من الكلمة من خلال العظة وكذلك بدعم الكنيسة لهم في تعليم رسالة الإنجيل لأولادهم. إنّ الوعظ التفسيريّ إصحاحًا-إصحاحًا من كلمة الله قد ساعد الكنيسة بأكملها، صغيرًا وكبيرًا، في النمو معًا.
إننا كثيرًا ما نُذكر أنفسنا بأن مسؤوليّة الأطفال تقع على عاتق الكنيسة بأكملها. لذلك قمنا بتجسيد هذا من خلال تشجيع الرجال والنساء على حدٍ سواء على تعليم أولئك الأطفال، وإشراك الجميع عمليًا في الكنيسة في هذه الخدمة: الأجداد، والآباء، والشباب والعُزَّاب. وبينما كُنَّا نفعل ذلك، كانت تظهر في بعض الأحيان مواهب غير متوقّعة.
2. في المسيح سيحيون جميعًا
يُظهر الرسول بولس أن الوعد بالانتماء إلى جماعة العهد يتحقَّق من خلال التوبة والفداء الذي قدمه المسيح لأجلنا (1 كورنثوس 21:15-22).
من خلال خبرتنا: أدى إدراكنا لمركزيّة الكلمة الموعُوظة والمُعاشة، إلى تشجيع الصغار على توقُّع أن يكونوا هم أنفسهم جزءًا من عائلة الكنيسة. لذا وضعنا لأنفسنا هدفًا مبدئيًا، وهو أنه اعتبارًا من بداي المرحلة الإعدادية، سيشارك الأطفال في العبادة الكنسيّة بأكملها مع الكبار. تطلَّب هذا التزام الواعظ بأن يعظ بالمسيح بطريقة مفهومة للصغار وكذا تتحدَّى كبار السن، معَّ أمثلة توضيحيّة وتطبيقات تناسب كافة الأجيال.
تطلَّب الأمر التزامًا من الكنيسة بأكملها لتعيش رسالة الإنجيل بطريقة حقيقيّة وعمليّة لكل الأعمار. ويا له من فرحًا عظيمًا عندما رأيت كيف اجتازت الفتاة الأولى بشكلٍ طبيعي من اجتماع مدارس الأحد إلى “اجتماع الكبار”. فهي لم تكن تعرف فقط قصة “خروج شعب الله من أرض مصر”، التي كُنَّا ندرسها في ذلك الوقت، ولكن منذ يوم الأحد الأول لها كانت قادرة على المشاركة في الأسئلة والتطبيقات التفاعليّة للعظة.
لقد كبرنا جميعًا معًا في العالم، وسط الصعوبات والمضايقات، لكننا ساعدنا الآخرين في التقدُّم إلى الأمام معنا دون ترك أحدهم خلفنا، أو في منزله وحيدًا. البركة التي حصلنا عليها في هذه الأشهر، هي رؤية الأطفال الصغار وهم يستمعون إلى العظات بشكلٍ طبيعي مثل الكبار. حيث طَلَبَ منَّا اثنان من الأطفال المراهقين أن نعطيهم كشكول لتدوين الملاحظات. حتّى الأطفال الأصغر سنًا بدأوا في التفاعل بشكلٍ مناسب مع كلمة الله وفي الاستجابة للأسئلة التفسيريّة والتطبيقيّة التي تُطرَح على الكنيسة.
يحتاج المؤمنون وغير المؤمنين، والكبار والأطفال، على حدٍ سواء إلى استقبال رسالة الإنجيل ذاتها، ليختبروا الخلاص ذاته بالنعمة، وليتغيَّروا بواسطة عمل المسيح ليكونوا على صورته، وليعيشوا لمجده.