مرحبًا مرة أخرى في تأملات أسبوع الآلام. اليوم هو الاثنين. وكما تعلمون، لا يوجد مُسمّى جذاب لهذا اليوم كما هو الحال مع أحد الشعانين، أو خميس العهد، أو الجمعة العظيمة. ولكن الطريقة التي أُفكر بها عن يوم الاثنين هو أنه اثنين الاضطراب. نظرنا إلى الدخول الانتصاري إلى أورشليم، ورأينا الجموع الفَرِحة التي بالأكثر كانت تنتظر مُخَلِص قوميي، يُطيح بالاحتلال الروماني ويُعيد إسرائيل لمكانتها الصحيحة في هذا العالم.
ورأينا بعد ذلك القادة الدينيين الذين لم يكونوا سعداء بادعاءات يسوع عن نفسه، وتصديق الجموع لهذه الادعاءات. وقلنا أن الجميع كان مشوشًا أو مُرتبكًا قليلًا. لم يفهم أحد حقًا ماذا كان يريد يسوع فعله بدخوله لأورشليم. وبالتأكيد لم يكن لديهم أي فكرة عن كل الأشياء التي ستحدث في الأيام القليلة المقبلة. ومن المؤكد أنهم لم يعرفوا طبيعة هذا الملك الذي يحقق الانتصار عبر تحمله الغضب، بدلًا من أن يشن نوعًا من الغضب.
تغيّر الإيقاع
فما نراه في يوم الاثنين هو تركيز يسوع على القادة الدينيين، على الفريسيين والصدوقيين، ويبدأ في تحطيم أفكارهم المغلوطة عن إيمانهم. وما نُلاحظه في يوم الاثنين هو تغيّر الإيقاع بشكل سريع. فكان لديك بالأمس أحدًا مُبهجًا، وبالتأكيد سيكون هناك أحدًا مُبهجًا آخر في نهاية الأسبوع. ولكن الأمور بدأت تتسم بالكآبة في هذا اليوم، وستصبح أكثر فأكثر كآبة على طول الطريق حتى يوم السبت.
لعن شجرة التين
وأول شيء نراه يحدث في اثنين الاضطراب هذا، هو إقامة يسوع وتلاميذه في بيت عنيا، والتي تبعد ساعة ونصف عن أورشليم. فكانوا يسيروا كل يوم من بيت عنيا إلى أورشليم. وها هم في الصباح يسيرون على تضاريس صعبة. فمن السهل أن نفترض أنهم شعروا بالجوع أثناء قيامهم بذلك. وإذ بهم أمام شجرة تين. فتوجهوا نحو شجرة التين. وبدت شجرة التين طبيعية تمامًا من على بُعد، ولكن عندما اقتربوا منها؛ اكتشفوا أنها بلا ثمر. فنظر يسوع لشجرة التين ولعنها. ولم يشرح حتى اليوم التالي سبب لعنه شجرة التين. لذا، لن اتطرق لذلك حتى الغد.
ولكن اعتقد أن التلاميذ عرفوا أن هذا ليس أمرًا جيدًا بالنسبة لإسرائيل. لأنه في العهد القديم مرارًا وتكرارًا، تم تشبيه إسرائيل بشجرة التين. ولا اعتقد أن الأمر يتطلب معرفة كِتابية كبيرة أو الخيال لنرى أن ما قام به يسوع على الأرجح يُعتبر نوعًا من الدينونة ضد إسرائيل. ولكننا سنتحدث عن ذلك بالتفصيل غدًا.
تطهير الهيكل
دخل يسوع والتلاميذ لأورشليم، واتصور أن التلاميذ كانت أعصابهم مشدودة قليلًا، كانوا أكثر حذرًا، يتلفتون لما يجري حولهم. لأنهم كانوا يعلمون بأنهم أزعجوا السُلطات في أورشليم في اليوم السابق. فدخلوا إلى المدينة، وفي وقت لاحق من اليوم دخلوا إلى الهيكل، حيث نرى مشهد آخر شهير؛ إذ وصل يسوع إلى الهيكل، وما مان مُفترض أن يكون بيت صلاة، وجده يسوع بشكل أساسي سوقًا– وجده كما دعاه مغارة لصوص.
لنرى بعد ذلك أن يسوع الوديع الداعي إلى أن نُدير الخد الآخر، يفعل شيئًا مختلفًا تمامًا. نراه يقلب الطاولات، والكراسي. أفزع الزبائن، وحظر دخول الذين أتوا بغرض التجارة في الهيكل. وبالتالي، ما كان يفعله لم يكن ممكن أن ينتهي بطريقة جيدة مه هؤلاء القادة الدينيين. ولكن قبل الحديث عن ذلك، أريد أن نتوقف للحظة ونفكر. كما تعرفون، كثيرون يقولون إن كل الدين مفبركة، أو المسيحية مفبركة كوسيلة لإيجاد أهمية ما لحياتنا التي نفتقر إليها.
ولكني أعارض هذا. لأن هناك بعض المواقف التي لو كانت المسيحية فيها مفبركة، لكنا رأينا يسوع آخر يوافق توقعاتنا عنه. وذلك ليس بسبب أي فشل أو إخفاق من يسوع، وإنما بسبب إخفاقاتنا نحن كنا سنكتب القصة بشكل مختلف. ولكن حين نتقابل مع يسوع عبر الأسفار المقدسة وفي حياتنا الخاصة، سننزعج من يسوع الذي لا يتلاءم مع كل توقعاتنا. والسبب كما يقول تيموثي كِلَر هو أن يسوع لم يوجد بنا أو لنا، ولكننا وجدنا به وله.
تسارع وتيرة المؤامرة
من تلك اللحظة فصاعدًا، ستتسارع المؤامرة. فهذه هي نقطة اللاعودة. لربما كان الفريسيين متسامحون مع يسوع راوي القصص في قرى معزولة، وسط مكان مَقطوع في الريف. ولكن يسوع هنا في العاصمة. يصنع اضطرابات في الهيكل، ويتصرف كما لو أنه لا يخضع لأي سُلطة في هذا العالم. هذه هي نقطة اللاعودة. هذه هي النقطة التي سيموت بسببها يسوع. فالقادة الدينيون في ذلك الوقت لن يقفوا في صف يسوع، وهو يتصرف هكذا في العاصمة، وفي الهيكل. ثم، أتى المساء، وعادوا إلى بيت عنيا. وانتهي ثاني يوم في أهم أسبوع في التاريخ.
وإذ نفكّر في إثنين الاضطراب هذا، اعتقد أنه سيكون من المفيد أن نُقر بأن حياتنا قد امتلأت بالاضطرابات بطرق ملحوظة خلال السنوات القليلة الماضية. بعضها كان بسبب أمور قومية، ثقافية، أو عالمية. ولكن لكل فرد فيكم اضطرابات خاصة حدثت في حياته.
واعتقد أنه سيكون من الجيد في هذا اليوم، أن نقف، ونُفكر لربما يكون الله قد سمح بهذه الاضطرابات في حياتي ليقول لي شيء عنه وعن مملكته لا أعرفه أو أصدقه أو أحياه؟ فما الذي يقوله لك اليوم من خلال تلك الاضطرابات في حياتك؟ كيف يمكن لسيادته على هذا الاضطراب أن تجلب فعليًا السلام إلى الفوضى والهدوء إلى الخوف؟