إرشادات بشأن الطهارة الجنسية

قمتُ بكتابة الموضوع التالي، وتقديمه للكثير من الشباب وآبائهم على مدى عدة سنوات. حين كانت بناتي، المتزوجات اليوم، في سن المراهقة، قمتُ بإتقانه جيدًا كي أتحدث فيه وأناقشه معهن ومع الشباب الذين طلبوا مواعدتهن. لم نكن نسمح أن تبدأ علاقة مواعدة (dating) دون أن نراجع هذه المبادئ معًا (زوجتي وأنا، مع ابنتنا والشاب)، لنتأكد من وجود اتفاق كامل عليه.

كان هذا بمثابة فائدة ضخمة ليس لبناتنا فحسب، بل أيضًا للشباب الذين أرادوا مواعدتهن. فقد أوضحنا جيدًا توقعاتنا، وقدمنا لهم إرشادًا ومبادئ محدَّدة (وليس مجرد قوانين)، وأخبرناهم بأننا سنسألهم إن كانوا يسلكون بمقتضى هذه المقاييس أم لا. عمَّق هذا من علاقتنا معًا، وفتح بابًا للتواصل، وخلق نظام مساءلة صحيًّا.

على الرغم من وجود بعض التوتر العصبي أحيانًا حين كان أفراد العائلة (وخاصة الشباب) ينتظرون هذه الجلسات، لكن في كل مرة، كان الوقت الذي نقضيه معًا استراتيجيًا، ومشجعًا، ومجزيًا. وإذ مارسنا هذا باستمرار حين كن يتواعدنَ، صار مستحيلًا علينا وعلى بناتنا أيضًا أن نتصور أن يواعدنَ شابًا دون أن يراجعنَ معه في صراحة ووضوح جميع المبادئ التالية (بالتأكيد، في كل مرة فعلنا فيها هذا، كان هذا يزيد من تعزيز هذه المبادئ لدى بناتنا ولدينا).

“لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ إِرَادَةُ ٱللهِ قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ ٱلزِّنَا أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ لَا فِي هَوَى شَهْوَةٍ كَٱلْأُمَمِ ٱلَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ ٱللهَ” (١ تسالونيكي ٤: ٣-٥).

الجزء الأول: ما تحتاج أن تعرفه

١. الجنس أمر صالح، خلقه الله، ودعاه “حسنٌ”، وهو كان موجودًا قبل أن تظهَر الخطية في العالم.

لم يكن إبليس، أو مجلة بلاي بوي الإباحية، أو هوليوود، أو شبكة HBO التليفزيونية، أو موسيقيو الروك، أو الإنترنت، أو شخص منحرف في ركن متجر إباحي هم مَن خلقوا الجنس. بل إن الإله القدوس، إله السماء، المكان الذي فيه تسود الطهارة والنقاء، هو خالق الجنس.

جعل الله الجنس شيئًا مرغوبًا فيه جسديًا، بأن خلق فينا دوافع جنسية، دونها لما وُجد الجنس، ولما وُجد البشر. تتحدث كلمة الله بصراحة ووضوح عن لذة الجنس داخل علاقة الزواج (أمثال ٥: ١٨، ١٩؛ نشيد الأنشاد ٤: ٥؛ ٧: ١، ٦-٩).

ينبغي ألا نخجل من التحدث عمَّا لم يخجل الله أن يخلقه. ولكن، يريدنا الله أن نتعامل مع الموضوع بما يتماشى مع مقاصده ومطالبه، وليس مقاصد العالم أو مطالبه. فهو يحذرنا من التحدُّث عن الجنس في أيِّ سياق غير لائق:

وَأَمَّا ٱلزِّنَا وَكُلُّ نَجَاسَةٍ أَوْ طَمَعٍ فَلَا يُسَمَّ بَيْنَكُمْ كَمَا يَلِيقُ بِقِدِّيسِينَ، وَلَا ٱلْقَبَاحَة وَلَا كَلَامُ ٱلسَّفَاهَةِ وَٱلْهَزْلُ ٱلَّتِي لَا تَلِيقُ (أفسس ٥: ٣-٤).

صمم الله الجنس لأجل الاتحاد المقدَّس للزواج، وهو يدَّخره لأجل ذلك الاتحاد. فهو وسيلة ولادة الأطفال (وهذا شيء عزيز جدًا على قلب الله)، كما أنه وسيلة التعبير عن الحميمية الزوجية، وصقلها. وحين يُمارَس داخل الإطار السليم، يكون الله بالتأكيد مؤيِّدًا له.

٢. نظير جميع الهبات الصالحة من الله، يمكن إساءة استخدام الجنس أو إفساده.

فإن الماء هبة من الله، دونه لن نظل على قيد الحياة. لكن الفيضانات والموجات الجزرية هي مياه خارجة عن السيطرة، وآثارها مدمرة. أيضًا النار هبة من الله منتجة للطاقة، تمنح الدفء، وتتيح لنا طهو طعامنا. لكن نيران غابة أو منزل يحترق تمامًا، أو ابتلاع النيران لشخص، هي نار خارجة عن السيطرة. وهي شيء بشع ومخيف. فإن المياه والنيران أشياء صالحة، لكن حين تعبر الحدود التي رسمها الله، تصير رديَّة.

هكذا أيضًا، صمَّم الله الجنس كي يوجد داخل حدود معيَّنة. وحين يمارَس بما يتماشى مع قصد الله المعيَّن له، يكون شيئًا رائعًا بَنَّاءً. لكن حين يخرج عن السيطرة، وينتهك القصد المعيَّن له من الله، يصير شيئًا قبيحًا وهدّامًا. فإن الجنس أمر حسن وصالح، لكن حين يعبر الحدود التي رسمها الله، يصير أمرًا رديًّا.

ليست المشكلة في الجنس نفسه، بل المشكلة هي فينا نحن. فإننا خطاة قادرون على تحريف الأشياء الصالحة التي خلقها الله، وإفسادها، وإساءة استعمالها، وانتزاعها من مكانها السليم. كلما كانت هبة الله أعظم، زاد تأثيرها سواء للخير أو للشر. داخل الزواج، للجنس تأثير كبير للخير. لكن خارج الزواج، له تأثير شديد مساوٍ له لكن للشر.

٣. إن حدود الجنس هي حدود الزواج.

فإن الجنس والزواج أمران متلازمان. فإن الغرض من الاتحاد الجنسي هو التعبير عن التزام يدوم مدى الحياة، وهو رمز للاتحاد الروحي الذي لا يوجد سوى داخل الالتزام غير المشروط للزواج. خارج الزواج، لا يوجد هذا الالتزام الدائم، وبالتالي تصير ممارسة الجنس تعبيرًا زائفًا، أي كذبًا.

كل ممارسة للجنس خارج الزواج تبخس من قدر كلٍّ من الجنس والزواج. فإن الجنس امتياز لا يمكن فصله عن مسؤوليات العهد المقدَّس للزواج. إلا أن ممارسة هذا الامتياز بمعزل عن المسؤولية يفسد قصد الله من الجنس.

إن الجنس مصمَّمٌ كي يكون اتحادًا بين شخصين، وروحين، وليس فقط بين جسدين. ينبغي أن يكون الجنس عطاءً لشخص آخر أنا ملتزم تجاهه بنسبة ١٠٠٪ (كما يقاس من خلال وضع الزواج الشرعي)، وليس أخذًا من شخص لستُ ملتزمًا تجاهه البتة، أو ملتزمًا تجاهه بشكل جزئي.

ليس لعبارة “إننا حقًا نحب أحدنا الآخر” أية صلة بأخلاقيات الحميمة الجنسية — فلا يصير الجنس أمرًا مسموحًا به بسبب مشاعر ذاتية، بل بسبب التزام موضوعي مدى الحياة في علاقة الزواج.

٤. إن طهارتك الجنسية أمر جوهري في مسيرتك مع الله.

بالنسبة للمؤمن الطائع، ليست الطهارة الجنسية خيارًا، بل هي مطلبٌ إلزاميٌّ. تتمحور مشيئة الله حول جوهرنا الأدبي وطهارتنا الأدبية، أكثر كثيرًا من تمحورها حول ظروفنا، كالوظيفة، والمسكن، والتعليم. أتريد أن تعرف مشيئة الله؟ ليس عليك أن تتساءل؛ فهي هكذا: “لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ إِرَادَةُ ٱللهِ قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ ٱلزِّنَا” (١ تسالونيكي ٤: ٣). لا معنى أن تسعى إلى معرفة مشيئة الله في مجالات أخرى بينما تختار أن تسلك في الزنا بذهنك أو بجسدك.

“مَنْ يَصْعَدُ إِلَى جَبَلِ ٱلرَّبِّ؟ وَمَنْ يَقُومُ فِي مَوْضِعِ قُدْسِهِ؟ اَلطَّاهِرُ ٱلْيَدَيْنِ، وَٱلنَّقِيُّ ٱلْقَلْبِ” (مزمور ٢٤: ٣-٤).

“إِنْ رَاعَيْتُ إِثْمًا فِي قَلْبِي لَا يَسْتَمِعُ لِيَ ٱلرَّبُّ” (مزمور ٦٦: ١٨).

“مَنْ يُحَوِّلُ أُذْنَهُ عَنْ سَمَاعِ ٱلشَّرِيعَةِ، فَصَلَاتُهُ أَيْضًا مَكْرَهَةٌ” (أمثال ٢٨: ٩).

“فَكَانَ كَمَا نَادَى هُوَ فَلَمْ يَسْمَعُوا، كَذَلِكَ يُنَادُونَ هُمْ فَلَا أَسْمَعُ، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ” (زكريا ٧: ١٣).

لا يمكن فصل الطهارة الجنسية عن الحياة المسيحيّة المكرَّسة. إن كنتَ لا تسلك في الطهارة الجنسية، لن يستمع الله إلى صلواتك الأخرى، إلى أن تقدم صلاة الاعتراف والتوبة، وتكرِّس نفسك لحياة القداسة (١ يوحنا ١: ٩).

٥. أنتَ عرضة للسقوط في الزنا.

لا تخدع نفسك قائلًا إن هذا لا يمكن أن يحدث لك البتة — بل يمكن. وإن كنتَ لا تظن هذا، فعلى الأغلب ستسقط فيه.

“قَبْلَ ٱلْكَسْرِ ٱلْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ ٱلسُّقُوطِ تَشَامُخُ ٱلرُّوحِ” (أمثال ١٦: ١٨).

“إِذًا مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ، فَلْيَنْظُرْ أَنْ لَا يَسْقُطَ” (١ كورنثوس ١٠: ١٢).

“أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ، إِنِ ٱنْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا … نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلَّا تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا” (غلاطية ٦: ١).

إن اعتقدتَ أنك لن تتعرض للسطو البتة، فإنك لن تتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع حدوث هذا. إن كنتَ تعتقد أنك لن تسقط جنسيًّا البتة، فإنك لن تتخذ الاحتياطات اللازمة كي تمنع حدوث هذا.

٦. أنت مستهدَف بالزنا.

منذ سنوات، انتشرت شائعات حول وجود “قائمة اغتيالات” دولية، أي خطة متقَنة موضوعة لقتلة مأجورين لاغتيال قادة العالم الاستراتيجيين. أيضًا لدى إبليس، العدو، “قائمة اغتيالات” أدبية في كل العصور. وبما أن أبناء الله أعزاءٌ على قلب الله، فإن المؤمنين إذن يتصدَّرون هذه القائمة.

كلما كنتَ نشطًا في خدمة المسيح، زادت مصلحة إبليس في تدميرك، وتدمير عمل الله فيك ومن خلالك. يريد الشرير أن يقضي عليك، وأيضًا أن يجعل حياتك نموذجًا سيئًا للمؤمنين الآخرين، الذين سيتمثلون بمساوماتك الأدبية. يريدنا الله أن نكون قديسين، وأن نكون أدوات نقية يستخدمها (٢ تيموثاوس ٢: ٢٠-٢١). صار قدر أكبر من المؤمنين اليوم — بما في ذلك القادة المسيحيين — بلا نفع، وتركوا خدمة المسيح بسبب الزنا أكثر من أي سبب آخر (انظر النبذة التي كتبتها بعنوان: Sexual Temptation: Establishing Guardrails and Winning the Battle).

إليك الحقيقة — لقد وقَّعت قوى الشر عقدًا للقضاء عليك. تم وضع ثمن لحياتك. فقد أعلن إبليس الحرب ضدك: “فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ ٱلرُّؤَسَاءِ، مَعَ ٱلسَّلَاطِينِ، مَعَ وُلَاةِ ٱلْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا ٱلدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ ٱلشَّرِّ ٱلرُّوحِيَّةِ فِي ٱلسَّمَاوِيَّاتِ” (أفسس ٦: ١٢). لدى هذه الكائنات الشريرة مصلحة شخصية من انهيارك الأخلاقي. فإنهم سيبذلون قصارى جهدهم لإصابة المسيح وكنيسته من خلال إغوائك بارتكاب الزنا.

ليس إبليس كلي الوجود أو كلي القدرة — فقط هناك عدد كبير جدًا من الأرواح الشريرة، ولا أحد منهم يمكن أن يتواجد في مكانين في الوقت ذاته. ولذا، فإن الملائكة الساقطين يهاجمون ويغوون لا بشكل عشوائي، بل بغرض استراتيجي. ليس إبليس مضطرًا أن يهدر وقته على مَن أفسدوا حياتهم بالفعل. لكنه يستهدف بصورة خاصة من سيكون لسقوطهم أشد تأثير سلبي على ملكوت الله. ولهذا تنذر كلمة الله المؤمنين قائلة:

“اُصْحُوا وَٱسْهَرُوا. لِأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ” (١ بطرس ٥: ٨).

يريد الشيطان أن يعطِّلك عن خدمة الله. ويريدك مستعبَدًا للخطية. لكن الله يريدك حرًا. فقط حين نصحو ونضبط أنفسنا ونسهر، يمكن أن نتوقع أن نقاوم خطة العدو لدفعنا إلى الخطية. فإن إبليس “يفحصنا جيدًا”، ويعلم جيدًا الشقوق الموجودة في سلاح كل مؤمن. وإن غرضه مميتٌ، وهو بارع في حياكة التجارب الملائمة، وسيهجم في أشد مواطن ضعفنا.

لا تنسَ أن “ٱلَّذِي فِيكُمْ [أي المسيح] أَعْظَمُ مِنَ ٱلَّذِي فِي ٱلْعَالَمِ” (١ يوحنا ٤: ٤). فبقدر قوة الشرير على إغوائنا، لدى الله قدرة غير محدودة على أن ينجِّينا، وهو قد أعطانا في المسيح جميع الموارد التي تلزمنا كي نعيش بالتقوى:

كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ ٱلْإِلَهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَٱلتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ ٱلَّذِي دَعَانَا بِٱلْمَجْدِ وَٱلْفَضِيلَةِ، ٱللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا ٱلْمَوَاعِيدَ ٱلْعُظْمَى وَٱلثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ ٱلطَّبِيعَةِ ٱلْإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ ٱلْفَسَادِ ٱلَّذِي فِي ٱلْعَالَمِ بِٱلشَّهْوَةِ (٢ بطرس ١: ٣-٤).

٧. إن جسدك ينتمي إلى الله، وليس إليك.

لِأَنَّكُمْ قَدِ ٱشْتُرِيتُمْ. فَمَجِّدُوا ٱللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ (١ كورنثوس ٦: ٢٠).

إن كان هذا بيتي، فلي الحق أن أفعل به ما يحلو لي. لكن إن كان بيت شخص آخر، لن يكون لي هذا الحق. أحيانًا حين أتحدث عن هذا الموضوع، أطلب اقتراض قلم من أحد المستمعين، ثم أكسره إلى نصفين، وألقيه على الأرض وأدوسه بقوة. دائمًا ما ينشأ بعد هذا صمت مصحوب بالذهول، وتعبيرات عن صدمة وانزعاج لدى المستمعين. وحين أسألهم عن سبب انزعاجهم مما فعلته، ولماذا يعتقدون أنني ارتكبت خطأ، دائمًا ما يجيبني أحدهم: “لأن هذا لم يكن قلمك”. لكن حين أوضح أن هذا كان قلمي بالفعل، وأنني أعطيته لهذا الشخص قبل أن نبدأ، وطلبتُ منه أن يعطيه لي حين أطلبه منه، فجأة يتغير الوضع تمامًا. لأنه إن كان ينتمي لي، فحينئذ (فقط) يكون لي الحق في أن أفعل به ما يحلو لي. لكن إن كان لشخص آخر، فليس لي هذا الحق.

حين أتيتَ إلى المسيح، وأعلنتَه ربًا على حياتك، سلَّمتَ ذاتك كلية، بما في ذلك جسدك، لله. فقد انتقل حق التصرف في حياتك منك إلى الله. صار المسيح يمتلكك ويمتلك جسدك. فإنك قد اشتُريت ودُفع فيك ثمنٌ. فإن “جسدك” هو حقًا جسده هو، وهو قد سدّد ثمنه كاملًا. ما هو هذا الثمن؟ الدم المسفوك لله القدير! فإننا له لأنه خلقنا، وأيضًا لأنه افتدانا. لدى الله كلُّ الحق في أن يخبرني بما ينبغي أن أفعله بذهني وجسدي. ليس لي حقٌّ أن أفعل كلَّ ما يحلو لي بما هو لله.

٨. تبدأ الطهارة الجنسية من الذهن وليس من الجسد.

“لِأَنَّهُ كَمَا شَعَرَ فِي نَفْسِهِ هَكَذَا هُوَ” (أمثال ٢٣: ٧).

“لِأَنْ مِنَ ٱلْقَلْبِ تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ …” (متى ١٥: ١٩-٢٠).

“وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى ٱمْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ” (متى ٥: ٢٨).

إنك حتمًا ستتبنَّى المبادئ الأخلاقية للبرامج، والأفلام، والكتب، والمجلات، والموسيقى، ومواقع الإنترنت، والأحاديث التي تشترك فيها. إن أدخلَت نفايات، ستُخرِج نفايات؛ وإن أدخلت تقوى، ستخرِج تقوى. إن الجانب المعرفي أساسي في الجانب السلوكي — فإنك تصير ما تختار أن تغذِّي ذهنك عليه.

ازرع فكرة، ستحصد فعلًا؛

ازرع فعلًا، ستحصد عادة؛

ازرع عادة؛ ستحصد جوهرًا؛

ازرع جوهرًا، ستحصد مصيرًا.

يمكن التنبؤ بمستقبلك بدقة وتحديد من خلال ما تسمح لذهنك بالتفكير فيه. فإن الأفعال الآثمة لا تخرُج من العدم — بل هي الناتج التراكمي لمساومات أخلاقية بسيطة، حدثت على مدار فترة زمنية، ثم تصل إلى ذروتها في النهاية في صورة سلوك آثم.

لا جديد بشأن الغواية الجنسية — لكن الجديد هو الكيفية التي اجتاحت بها بيوتنا. في مدينة كورنثوس في القرن الأول، كانت هناك زانيات في جميع الشوارع، لكن حين كنتَ تدخل منزلكَ، كنت تجد ملاذًا من الغواية. لكننا اليوم نحيا في كورنثوس التكنولوجية، حيث يمكن للزنا أن يدخل حتى إلى مخادعنا من خلال موجات بث (التلفاز)، وأجهزة مودم (الإنترنت). غالبيتنا لا يفصلهم عن زنا الذهن سوى بضعة ضغطات على أزرار. كل خيار نتخذه كي نشاهد هذه الأشياء ونفكر فيها يتسبَّب في تبلُّدنا من جهة شره.

إن الأفعال، والعادات، والجوهر، والمصير جميعها تبدأ بفكرة، والأفكار تنمو من خلال ما نختار أن نُدخِله إلى أذهاننا. وبالتالي، ينبغي أن نحذر بشدة من جهة ما نغذي أذهاننا عليه.

“فَوْقَ كُلِّ تَحَفُّظٍ ٱحْفَظْ قَلْبَكَ، لِأَنَّ مِنْهُ مَخَارِجَ ٱلْحَيَاةِ” (أمثال ٤: ٢٣).

إن أراد أحد تلويث المياه، فسيلوِّثها من منبعها. وإن أراد تنقيتها، سينقيها من منبعها. إن أفكارنا هي منبع حياتنا. تنبع كل حياتنا من ذهننا؛ ومن خلال الخيارات التي نتخذها يوميًّا، نبرمج أذهاننا سواء على التقوى أو على الإثم.

“حَوِّلْ عَيْنَيَّ عَنِ ٱلنَّظَرِ إِلَى ٱلْبَاطِلِ. فِي طَرِيقِكَ أَحْيِنِي” (مزمور ١١٩: ٣٧).

ليست أذهاننا فراغًا — فهي حتمًا ستمتلئ بشيء. يتحتم أن نحوِّل أذهاننا عن الباطل، لكن هذا ليس كافيًا. علينا أيضًا أن نملأ أذهاننا بأفكار صالحة تتكوَّم، فتحارب الأفكار السيئة. لا يكفي أن تقول: “لا تفكِّر في شيء سيء” (إن قلتُ لك: “لا تفكر في العناكب” فما الذي تفكر فيه؟). علينا أيضًا أن نختار أن نفكر في الشيء الجيد (إن قلتُ لك: “فكِّر في الحلوى المفضَّلة لديك”، فإنك سرعان ما ستتوقف عن التفكير في العناكب). فإن قضاء وقت في قراءة الكلمة، والصلاة، والتحدث مع أصدقاء مركزهم المسيح يعزِّز من التزامنا بالطهارة.

“كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ … فَفِي هَذِهِ ٱفْتَكِرُوا” (فيلبي ٤: ٨).

لا يسعنا تجنُّب كل غواية أو تجربة، لكن بوسعنا تجنب الكثير منها، وقطعًا بوسعنا مقاومة محاولاتها لإحكام قبضتها علينا. قال مارتن لوثر: “ليس بوسعك منع الطيور من التحليق فوق رأسك، لكن بوسعك منعها من إقامة عش في شعرك”.

انتبه لما تعرِّض ذهنك له. إن كنت تتبع حمية غذائية، لا تذهب إلى محل بيع المثلجات. فإن ذهبتَ هناك، ستنهار مقاومتك. وإن أردتَ الامتناع عن الشهوة، لا تذهب إلى أماكن، أو تشاهد أفلامًا وبرامج، أو تقرأ أشياءً، تثير الشهوة.

سيذهب جسدك إلى حيث يسمح له ذهنك بذلك. ومن جهة طهارتك الجنسية، تدور المعركة كاملةً في ذهنك. لا تطعم ذهنك أطعمة تافهة غير صحية، بل احرص على أن تحصل على تغذية روحية.

٩. بما أن الله لا يريدك أن تمارس الجنس قبل الزواج، فإنه أيضًا لا يريدك أن تفعل ما يهيئ جسدك لممارسة الجنس قبل الزواج.

“إلى أي حد أستطيع الذهاب؟” هذا سؤال شائع، لكنه ليس السؤال الأفضل، لأنه يعني عادة “إلى أي حد أستطيع الاقتراب من عصيان الله دون أن أعصاه بالفعل؟” إن قال أب لابنه: “لا تعبر الطريق السريع”، فإن الابن المطيع لن يدلِّي رجله فوق الطريق، بل سيظل بالفعل بعيدًا عنه. فإنه إن اقترب من الطريق السريع، فإنه بهذا يسمح لتجربة لا داعي لها أن تؤثر على دوافعه، وأن تجعله يعصي أباه، ويعرِّض نفسه لخطر جسيم.

خلق الله الجسد والذهن بدوافع جنسية؛ وحين تُثار هذه الدوافع، تتحرك صوب ذروة — هذه حقيقة واقعية بسيطة ينبغي ألا يجهلها أحد. فإن ملاطفة أحدنا الآخر بطريقة محفزة جنسيًا هو فعل مداعبة، وقد صمَّم الله المداعبة كي تصل إلى ذروتها في العلاقة الجنسية. وبما أن العلاقة الجنسية محرَّمة خارج الزواج، فهكذا أيضًا المداعبة. وبما أن ممارسة الجنس قبل الزواج أمر خاطئ، فمن الخطأ أيضًا أن تتورط في فعل يدفع الذهن والجسد إلى العلاقة الجنسية.

“أَمَّا ٱلشَّهَوَاتُ ٱلشَّبَابِيَّةُ فَٱهْرُبْ مِنْهَا، وَٱتْبَعِ ٱلْبِرَّ وَٱلْإِيمَانَ وَٱلْمَحَبَّةَ وَٱلسَّلَامَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ ٱلرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ” (٢ تيموثاوس ٢: ٢٢).

هناك تسلسل من التلامس الجسدي يبدأ بأشياء مثل الجلوس قريبين أحدنا من الآخر، وإمساك أيدي بعضنا البعض، ينتهي بممارسة الجنس. فيما بين هذا يمكن أن نجد ذراعًا ملتفة حول الكتف، ثم معانقة قصيرة، ثم قبلة على الخد، ثم قبلة على الفم، ثم عناق لوقت أطول، ثم قبلة مطوَّلة، ثم ملاطفة، الخ. لا يتحدث الكتاب المقدس بشكل محدَّد عن السلوك “المعتدل” المسموح به، لكن الشيء الأكيد هو أنه لا بد من رسم خط قبل أن يثار كلاكما جنسيًا. يعني هذا أن الملاطفة — وأي شيء آخر ينتج “إثارة جنسية” — أمر غير مسموح به.

إن كان أحدكما يثار جنسيًا حتى من خلال تلامس جسدي بريء ظاهريًا، فعلى كليكما أن تتراجعا في الحال. إن لم تتراجعا، فإنما تختاران البقاء على متن زورق يتجه صوب شلال مياه. ليس هذا خاطئَا فحسب، بل هو أيضًا غباء (فإن من يسمحون لأذهانهم بالتمعُّن في التفكير فيما هو غير أخلاقي، ومَن يتورطون في إثارة جنسية معًا ينبغي ألا يندهشوا إن مارسوا الجنس. هذه ببساطة نتيجة طبيعية لخياراتهم. إن أردتَ نتيجة مختلفة، عليك أن تتخذ قرارات مختلفة).

يثار الرجال بشكل أسرع من النساء. عادة ما تعتقد الفتاة أنه لا بأس من قبلات مطوَّلة وعناق، جاهلة بحقيقة أن الرجل يثار جنسيًا، ويُغوَى كي يَطلُب المزيد. مرة أخرى، احرصوا على رسم الحد في مرحلة مبكرة كافية حتى لا يعبره أي منكما.

١٠. بمجرد سماحك لجسدك بعبور الحد، لن يعلم أو يكترث بعد بقناعاتك المسيحية.

يصلِّي بعض المؤمنين أن يحفظ الله طهارتهم، ثم يضعون أنفسهم عمدًا في مرمى التجربة، ويتساءلون لماذا لم يستجب الله صلاتهم. يشبه هذا أن تضع كتابًا على حافة منضدة، ثم تصلي: “يا رب لا تسمح أن يسقط الكتاب”، بينما أنت تقرِّبه شيئًا فشيئًا من الحافة. بغض النظر عن حرارة صلاتك لئلا يسقط الكتاب، فهو سيسقط إن ظللت تقرر أن تدفعه. وهكذا أيضًا، بغض النظر عن حرارة صلاتك لئلا تسقط في الزنى، فإنك ستسقط إن ظللت تقرر أن تغذي غوايتك لارتكاب الزنا. لا تسمح لخياراتك أن تقوض من صلواتك أو تبطلها.

١١. إن كنتَ تمارس حميمية جنسية مع شخص ما خارج الزواج، فإنك تسطو على الله وعلى الشخص الآخر.

بما أن هذا الشخص ينتمي إلى الله، وليس إليك، فإن هذا يعني أنك تقترضه في هذه الأمسية. انتبه إلى ما تفعله بما لا ينتمي إليك. فإنك ستحاسَب على هذا أمام مالكه.

١٢. حين يوصيك الله بعدم ممارسة الجنس قبل الزواج، فهو يريد الأفضل لك.

فإن الصواب دائمًا هو الفطنة، وهو دائمًا لصالحك. ليس الجنس مجرد شيء تفعله — بل هو كينونتك وما أنت عليه. وهو متصل بخيرك ككيان كامل.

وتمثل ممارسة الجنس خارج إطار الزواج أمرًا مدمرًا ذاتيًّا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. إن الطهارة الجنسية هي دائمًا للأفضل — ليس فقط لأجل الله والآخرين، بل لأجلك أنت.

١٣. لن يوصيك الله بالامتناع عن النجاسة إن كان من المستحيل أن تطيعه.

ليس الله قاسيًا. فهو لا يوصيك بالامتناع عن ضرورات، كالأكل، أو الشرب، أو التنفس. إن الجنس شيء بمقدور الجميع الامتناع عنه — صحيح أنه رغبة قوية، لكنها لم تكن يومًا حاجة ملحة، أو ضرورة. فقد أعطانا وهبنا المسيح الموارد اللازمة التي بها يمكن أن نقاوم كل تجربة:

“نِعْمَةُ ٱللهِ … مُعَلِّمَةً إِيَّانَا أَنْ نُنْكِرَ ٱلْفُجُورَ وَٱلشَّهَوَاتِ ٱلْعَالَمِيَّةَ، وَنَعِيشَ بِٱلتَّعَقُّلِ وَٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَى فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْحَاضِرِ” (تيطس ٢: ١٢).

“كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ ٱلْإِلَهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَٱلتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ ٱلَّذِي دَعَانَا بِٱلْمَجْدِ وَٱلْفَضِيلَةِ، ٱللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا ٱلْمَوَاعِيدَ ٱلْعُظْمَى وَٱلثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ ٱلطَّبِيعَةِ ٱلْإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ ٱلْفَسَادِ ٱلَّذِي فِي ٱلْعَالَمِ بِٱلشَّهْوَةِ” (٢ بطرس ١: ٣-٤).

لستَ مجبرًا على مشاهدة هذا الفيلم، بل تستطيع أن تغلق التلفاز، وتخرج، وتذهب إلى الغرفة الأخرى. لستَ مجبرًا على الضغط على هذا الرابط لدخول موقع إليكتروني سيء. لست مجبَرًا على ملاطفة مَن تواعده. تستطيع، بل وينبغي، أن تستخدم الموارد التي لك في المسيح، وأن تقول “لا” للغواية التي تدفعك إلى أن تخطئ.

١٤. سيكذب إبليس عليك بشأن الجنس، لكن يسوع يخبرك بالحقيقة.

قال يسوع عن إبليس: “ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ ٱلْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي ٱلْحَقِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِٱلْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لِأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو ٱلْكَذَّابِ” (يوحنا ٨: ٤٣-٤٤).

فإن إبليس خبيرٌ ومتمرِّسٌ في الكذب، وهو يكذب بسهولة وبطريقة مقنعة. فقد أقنع الكثيرين من الشباب بأنه “لا بأس من لمسها، ولا بأس أن تسمحي له بلمسك؛ هذا أمر طبيعي، لن يسبب أيَّ ضرر”. لكن سرعان ما ستنشأ عن هذا الشهوة، والخطية، والدمار، والضلال، وخيبة الأمل، وفقدان الاحترام، والنزاع، وغياب الشعور بالأمان، وأحيانًا حملٌ غير مرغوب فيه، وأمراضٌ تنتقل بالممارسة الجنسية. وهكذا، ينتهي الحال بالكثير من الشباب غاضبين وشاعرين بالمرارة تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين لأنهم صدَّقوا الكذبة، فتحطمت العلاقة، والآن هم يدفعون الثمن.

فإن إبليس كاذب، لكن يسوع هو الحق، وقائل الحق (يوحنا ١٤: ٦). فقد قال: “إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلَامِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلَامِيذِي، وَتَعْرِفُونَ ٱلْحَقَّ، وَٱلْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ” (يوحنا ٨: ٣١-٣٢). فإن مَن يصدِّقون أكاذيب إبليس عن الجنس ينتهي بهم الحال في عبودية. ومن يصدِّقون حق المسيح، ينتهي بهم الأمر أحرارًا.

اعرف الحقائق التي يخبرك بها المسيح، وتأمل فيها. واعرف الأكاذيب التي يخبرك بها إبليس، وارفضها.

١٥. عليك أن تتعلم أن تفكِّر على المدى البعيد، وليس على المدى القريب.

فإنك ستحصد دائمًا ما تزرعه، خيرًا كان أم شرًا — ستحصد دائمًا عواقب خياراتك.

“لَا تَضِلُّوا! ٱللهُ لَا يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ ٱلَّذِي يَزْرَعُهُ ٱلْإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. لِأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ ٱلْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ ٱلرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. فَلَا نَفْشَلْ فِي عَمَلِ ٱلْخَيْرِ لِأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لَا نَكِلُّ” (غلاطية ٦: ٧-٩).

لا يهم كم تظن نفسك ذكيًّا، ولا يهم إن كنتَ حاصلًا على درجة الدكتوراه في الفيزياء، فإنك إن قفزت من الدور العاشر في بناية ما، ستسقط ميتًا. فإن الجاذبية قانون — ولا مجال لتغييره أو التحايل عليه. هكذا أيضًا، وضع الله قوانين روحية تحكُم الكون، منها قوانين تتعلق بسلوكنا الجنسي. فإن كسرنا وصاياه، سننهار في النهاية.

يعلِّم الكتاب المقدس عن وجود بديلين في الحياة، طريق الله وطريق البشر، طريق القداسة وطريق الخطية. يتحدث سفر الأمثال عن سبيل الحكمة، وسبيل الحماقة، ويدعونا إلى اتخاذ قرارات سليمة، وحكيمة، وأن نتجنب القرارات الخاطئة، والحمقاء. فبعد أن عرض الله بركات الطاعة، ولعنات العصيان، قال:

“أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ ٱلسَّمَاءَ وَٱلْأَرْضَ. قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ ٱلْحَيَاةَ وَٱلْمَوْتَ. ٱلْبَرَكَةَ وَٱللَّعْنَةَ. فَٱخْتَرِ ٱلْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ” (تثنية ٣٠: ١٩).

فإن العواقب طويلة الأمد للنجاسة الجنسية أسوأ مما يمكن أن تخيل. والمكافآت طويلة الأمد للطهارة الجنسية أعظم مما يمكن أن نتصور.

الجزء الثاني: ما تحتاج أن تفعله (إرشادات للحفاظ على طهارتك في أثناء المواعدة)

١. كن مدركًا أنك لستَ مجبرًا على المواعدة.

ينشأ قدر كبير من الغواية الجنسية بسبب العادة الاجتماعية المتمثلة في الجمع بين شابين وتركهما بمفردهما، بدلًا من التمثُّل بما فعلته الثقافة العبرية وثقافات أخرى كثيرة — أي المطالبة بأن يمضي غير المتزوجين وقتًا معًا لكن فقط داخل إطار يشرف عليه الآباء، وأشخاص بالغون آخرون.

لطالما كان هذا الهيكل من التداخل المباشر من الأهل، وفترة الارتباط (courtship) الخاضعة لإشراف دقيق هو الهيكل الاجتماعي الطبيعي؛ لكن ما نفعله هو الشيء المنافي للطبيعة. في مجتمعنا، ثبُتَ أن الجمع غير المسبوق بين الشباب في أوقات فراغهم، وأموالهم، ووسائل انتقالهم، والسماح لهم بالتواجد بمفردهم لساعات طويلة ومتأخرة من الليل — فضلًا عن الفجوة الواسعة بين متوسط عمر البلوغ وعمر الزواج — يوقع الكثيرين، ومنهم المؤمنين، في تجارب ساحقة (ينطبق هذا بشكل خاص على مجتمع يحرِّف صورة ممارسة الجنس في سن المراهقة، جاعلًا إياه يبدو شيئًا رومانسيًا وصحيًا، بينما هو في الحقيقة عادة ما يكون غير مشبع، وكثيرًا ما يكون مدمرًا عاطفيًا، ودائمًا ما يكون خاطئًا أخلاقيًا).

يعتقد كثيرون أنك لا بد أن تواعد كي تكون طبيعيًا. لا يعني فعل كثيرين آخرين هذا أنك لا بد أن تفعل مثلهم. هذا خيار وليس احتياج. فمع الشيء الإيجابي، يأتي الشيء السلبي من المخاطر والتجارب الأكيدة. يمكنك أن تستمتع بصداقات إيجابية مرحة مع أشخاص من الجنس الآخر، وأن تشترك في كافة أنواع الأنشطة دون أن تواعد شخصًا واحدًا. إن كنتَ مهتمًا بالحجج لصالح الارتباط (courtship) وليس المواعدة (dating)، انظر الكتاب التالي: I Kissed Dating Goodbye, A New Attitude Toward Romance and Relationships (Multnomah, 1997) للكاتب جوشوا هاريس. لكن إن كنت تختار المواعدة، فإن الإرشادات التالية يمكن أن تساعدك كي تحافظ على مسيرتك مع الله، وتحفظ طهارتك.

٢. إن كنتَ مؤمنًا، لا تواعد سوى مؤمنين.

إن المواعدة سبيلٌ نحو الزواج. فإنك لن تتزوج من كلِّ شخص تواعده، لكن من ستتزوجه سيكون شخصًا واعدتَه. وبالتالي، فإن كل شخص تواعده هو شريك حياة محتمَل. لا يوجد ما يسمَّى “مواعدة بلا هدف” — فإنك لستَ تقفز من هليكوبتر “بلا هدف”، أو تحارب في الصفوف الأمامية للمعركة “بلا هدف”، ولست تواعد “بلا هدف”. الأمر أهم من أن تقول إنه “بلا هدف”. فإن الكثير جدًا على المحك هنا.

يقول الله: “لَا تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّهُ … أَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ ٱلظُّلْمَةِ؟” (٢ كورنثوس ٦: ١٤). لا تدخل علاقة يمكن أن تجعلك تساوم في قناعاتك. كلما كانت العلاقة وثيقة، كان الخطر أكبر.

هناك الكثير من المجالات التي يمكنك فيها أن تكرز وتبشِّر — لكن المواعدة ليست واحدة منها. لا يدعو الله أحدًا إلى المواعدة الإرسالية. فإنك تخاطر بالكثير جدًا. ولهذا السبب نفسه، ينبغي ألا تتزوج من غير مؤمن، وينبغي ألا تواعد غير مؤمن. إن كنت لا ترغب في تناول طعام مسمَّم، لا تضعه في طبقك. إن كان هذا يبدو تشبيهًا غير منصف بمواعدة غير مؤمن، فأعد قراءة ٢ كورنثوس ٦: ١٤.

إن كنت لن تتزوج من شخص لأنه لا يعرف المسيح، فهذا سبب وجيه كافٍ كي لا تواعده. يحيد كثيرون من الشباب والشابات عن مسيرهم مع المسيح بسبب مواعدتهم لغير مؤمنين، أكثر من أي سبب آخر. كلما سمحت لمدة علاقة مع غير مؤمن أن تطول، صار حكمك على الأمر مشوشًا وضبابيًا، وزاد احتمال أن ترتكب الزنا، وأن تدير ظهرك للرب في نواحٍ أخرى. فإن القناعات تتزعزع حين نضع أنفسنا في مرمى التجربة. لا توجد سوى وسيلة واحدة كي تضمن ألا تتزوج من غير مؤمن: لا تواعد غير مؤمن.

٣. إن كنتَ تلميذًا مكرَّسًا، فلا تواعد سوى تلاميذ مكرَّسين. (وإن لم تكن كذلك، فما السبب؟)

يلزم ألا تواعد سوى مؤمنين، لكن هذا غير كافٍ. يفتقر كثير من المؤمنين إلى الوازع الأخلاقي، والقناعات، والنضوج، والانضباط. لا يعني كون أحدهم مؤمنًا أنه آمنٌ أخلاقيًا، أو أنه شريك حياة مناسب. لنواجه الأمر — لا يزال بعض المؤمنين حمقى، والأحمق المؤمن لا يزال أحمقًا.

لا تتوقع الكمال في الشخص الذي تواعده، لكن توقع منه جوهرًا حقيقيًا، وتقوى. لا تواعد شخصًا يعاني من مشكلات روحية، أو من نقائص في الشخصية، قد تتسبب في ألا تتزوج منه.

يفترض هذا أن تكون أنت نفسك مؤمنًا ينضج ويتقدم، إلى جوهر أقوى وقناعات أمتن. إن لم تكن تلميذًا مكرَّسًا، ينضج ويتقدم، فينبغي ألا يواعدك تلميذ مكرس ينضج ويتقدَّم. لا تحصر تفكيرك في أنك ستكون خارج مشيئة الله إن واعدتَ الشخص غير المناسب — بل فكر أيضًا في إمكانية أن يخرج شخص آخر عن مشيئة الله إن واعدك. المفتاح الأول أن تكون أنت نفسك الشخص المناسب، والمفتاح الثاني هو أن تواعد الشخص المناسب.

٤. اختر من تواعده بحسب الجوهر، وليس مجرد المظهر.

“لِأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَنْظُرُ ٱلْإِنْسَانُ. لِأَنَّ ٱلْإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا ٱلرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْقَلْبِ” (١ صموئيل ١٦: ٧).

تتغير المظاهر بمرور الزمن. ستكتشف هذا عندما تجتمع مع زملاء الدراسة بعد عشر سنوات أو عشرين سنة! لكن حتى على المدى القصير، مَن يبدو رائع وجميل للوهلة الأولى، لكنه يفتقر إلى الجوهر والعمق، سرعان ما سيصير أقل جاذبية. بينما من يملك جوهرًا متينًا سرعان ما سيصير أكثر جاذبية. حين نحكم على الناس بمظاهرهم، يتبيَّن لنا عادة أننا مخطئون تمامًا — وفي غضون ذلك ربما نكون قد اتخذنا قرارات حمقاء.

٥. كن مدركًا أن المسيح يراقبك وأنه برفقتك طوال الليل — أينما ذهبتَ ومهما فعلتَ.

فهو يراقبك لأنه كليُّ العلم. وهو برفقتك لأنه كليُّ الوجود. لكن كمؤمن، هو برفقتك بطريقة خاصة للغاية — فهو ساكنٌ فيك، وأنت هيكله المقدس. أنتَ قدس الأقداس، موضع سكنى القدير: “أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ ٱلْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ ٱلْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ (أو أعضاء أي شخص آخر نرتكب معه فعل زنا)؟ حَاشَا!” (١ كورنثوس ٦: ١٥). بما أن روح الله القدوس ساكنٌ فينا، فحين نعمل الشر بأجسادنا، نقتاد بهذا الله نفسه معنا إلى الشر. هذا حتمًا تجديف لا يمكن تصوره بالنسبة لأي مؤمن.

٦. كن مدركًا أن المكان الذي تذهب إليه والشخص الذي ترافقه سيؤثر في رغباتك الجنسية.

إن من طبيعتنا أن نتأثر بما يحيط بنا. فحين نضع أنفسنا في مناخ روحي مع أناس أتقياء، فإننا نتأثر بهم للتقوى. وحين نضع أنفسنا في مناخ سيء مع أناس أثمة، فإننا نتأثر بهم للإثم.

“لا تَضِلُّوا: «فَإِنَّ ٱلْمُعَاشَرَاتِ ٱلرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ ٱلْأَخْلَاقَ ٱلْجَيِّدَةَ»” (١ كورنثوس ١٥: ٣٣).

“اَلْمُسَايِرُ ٱلْحُكَمَاءَ يَصِيرُ حَكِيمًا، وَرَفِيقُ ٱلْجُهَّالِ يُضَرُّ” (أمثال ١٣: ٢٠).

“اِذْهَبْ مِنْ قُدَّامِ رَجُلٍ جَاهِلٍ إِذْ لَا تَشْعُرُ بِشَفَتَيْ مَعْرِفَةٍ” (أمثال ١٤: ٧).

“… مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ لِلهِ … فَأَعْرِضْ عَنْ هَؤُلَاءِ” (٢ تيموثاوس ٣: ٤-٥).

٧. كن مدركًا أن من تواعده هو أخوك أو أختك في المسيح — وليس “معشوقك”.

“[عامل] ٱلْعَجَائِزَ كَأُمَّهَاتٍ، وَٱلْحَدَثَاتِ كَأَخَوَاتٍ، بِكُلِّ طَهَارَةٍ” (١ تيموثاوس ٥: ٢). لا تبدأ المواعدة بهدف الرومانسية، بل بهدف قضاء وقت مع أخيك أو أختك. حين تبدأ علاقة، فإن القاعدة الأساسية هي: لا تفعل شيئًا على الصعيد الجسدي لن ترغب في فعله مع أخيك أو أختك.

وإن نشأت بينكما علاقة إيجابية، مركزها المسيح، فربما يمكنكما الانتقال إلى تعبيرات حذرة عن العاطفة، مثل الإمساك بأيدي بعضكما البعض. لكن انتبهوا إلى الفارق بين العاطفة والحميمية. عليكما أن تظلا آمنين وراء الخط الذي بعده قد يندفع أي منكما نحو الحميمية الجنسية. تكمن صعوبة كبيرة في العودة إلى الوراء بمجرد عبوركما هذا الخط — ولهذا لا تعبراه من الأساس.

ربما يصير هذا الشخص في النهاية صديقًا دائمًا لك، أو ربما يتزوج أعز أصدقائك. لا تفعل معه شيئًا سيسبب لك الإحراج أو الخجل حين تصير وصيفًا في عرسه.

٨. ركِّز على التحدث، وليس على اللمس؛ على إجراء حوار، وليس على التلامس.

تُعَد المواعدة فترة لاستكشاف العقول والنفوس، وليس الأجساد. عامل مَن تواعده وكأنه موضوع تستمع إليه وتفهمه وتقدِّره، وليس شيئًا تجري عليه تجارب، أو تقتحمه، أو تشبع به رغباتك.

٩. تجنب العلاقات السريعة والحميمية اللحظية.

ضع إيقاعًا منتظمًا لعلاقتك. سر خطوة خطوة، وتفادَ السقوط السريع الحر. فإن السيارة التي تتحرك بسرعة مبالغ فيها على الأرجح ستنحرف وتخرج عن السيطرة حين تصطدم ببقعة زلقة. لتبقِ قدمك قريبة من المكابح. لا تسمح لهذه العلاقة بالخروج عن السيطرة.

١٠. خطِّط مسبقًا للأمسية بأكملها، دون أن تترك فيها فجوات واسعة.

إن الفجوات دائمًا ما تمتلئ بشيء، عادة بغواية إلى ارتكاب النجاسة الجنسية. كن عالمًا بما تفعله، وإما أن تلتزما بالخطة أو أن تذهبا إلى مكان آمن، حيث تكون على مرأى من آخرين (وبالأخص آخرين ممن يقدرون الحاجة إلى الطهارة). يمكنكما إجراء حديث خاص أيضًا في غرفة مليئة بالناس. لكن وجودهم حولكما سيشجعكما على التركيز على الحديث وليس على الغواية إلى ارتكاب النجاسة.

١١. تجنب الفخاخ كما تتجنب الأوبئة والأمراض.

تشمل الفخاخ أشياءً من قبيل الجلوس بمفردكما على أريكة، أو في سيارة، في وقت متأخر من الليل أو في غرفة نوم (ابتعدا عن غرفتي نوم بعضكما البعض!). تعلَّما ألا تثقا في أنفسكما بشكل زائد عن الحد. طرح الابن المراهق لعالم النفس هنري براندت (Henry Brandt) هذا السؤال عليه: “أبي، ألا تثق بي؟” أجابه براندت: “بمفردك، في وقت متأخر من الليل، في سيارة، ومع فتاة؟ لستُ أثق في نفسي — فلماذا عليَّ أن أثق بك؟”

اتخذ قرارًا أن تبقى بعيدًا عن الفخاخ، لا أن توقع نفسك في الفخ، ثم تضطر بعد هذا أن تستدعي قناعاتك، حين تكون مقاومتك في أدنى درجاتها، وحين يكون احتمال الاستسلام أكبر. في لحظة القوة، اتخذ قرارات تحميك من الغواية في لحظة الضعف. حين تتبع حمية غذائية، لا تخطُ بقدمك داخل متجر للكعك المحلَّى. بل أيضًا، لا تدخل الشارع الذي يوجد فيه متجر الكعك المحلَّى.

١٢. أخضع نفسك لمساءلة شخص ما بشأن علاقتك الجسدية.

ينبغي لهذا الشخص أن يكون أخًا أو أختًا مكرَّسًا في المسيح، عادة من نفس جنسك. لا بد أن يكون شخصًا يأخذ موضوع الطهارة الجنسية على محمل الجد، ويقدِّم مشورة حكيمة، وسيصلي من أجلك، ويساعدك في أن يبقيك تحت المساءلة من جهة مقاييس سامية.

على الآباء أن يتحدثوا بصراحة مع أبنائهم الذين يواعدون. عليهم أن يراجعوا معهم هذه الإرشادات عن الطهارة، ويقولوا لهم: “لأننا نحبكم، ووظيفتنا أن نحميكم، فإننا من آن لآخر سنسألكم بشأن بلائكم في الحفاظ على طهارتكم في العلاقة”. إن طرح هذا السؤال ليس فقط من حق الوالد، بل هي مسؤوليته أيضًا.

نحتاج جميعًا إلى شخص يكون صادقًا معنا. وإنها لفائدة جمة أن يكون لديك مَن يسألك: “كيف سارت الأحوال في الليلة الماضية؟ هل أكرمتَ الرب؟ هل حافظتَ على طهارتك؟” إن كنت تعلم أن شخصًا ما سيسألك، فهذا محفز كبير على أن تتخذ قرارات حكيمة.

١٣. صلوا معًا في بداية وفي نهاية كل موعد.

أودعوا الأمسية أو النهار مسبقًا للرب. اطلبوا منه أن يكون راضيًا عن كل ما تفعلونه. خططوا للصلاة في نهاية كل موعد كي تشكروا الرب على الأمسية. إن كنتَ تعلم بأن هذه الصلاة ستأتي في النهاية، سيساعك هذا على أن تحرص على ضبط نفسك، وإرضاء الله.

١٤. تخيل أن والديك وقادة كنيستك يشاهدونك عبر النافذة.

هل سيغير هذا من سلوكك؟ كن مدركًا إذن أن حياتك ليست سرية، بل هي كتاب مفتوح يشاهده عالم مراقب:

“لِذَلِكَ كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي ٱلظُّلْمَةِ يُسْمَعُ فِي ٱلنُّورِ، وَمَا كَلَّمْتُمْ بِهِ ٱلْأُذْنَ فِي ٱلْمَخَادِعِ يُنَادَى بِهِ عَلَى ٱلسُّطُوحِ” (لوقا ١٢: ٣).

تأمَّل في حقيقة أن شخصًا أكثر قداسة من والديك ومن قادة كنيستك، وأنت مسؤول أمامه بدرجة أكبر، يراقبك ويشاهدك، حتى حين تقول لنفسك إنك بمفردك. هذا الشخص هو الله كلي العلم وكلي الوجود. فإنه هو الجمهور الذي يشاهدنا:

“أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ؟ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟ إِنْ صَعِدْتُ إِلَى ٱلسَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ، وَإِنْ فَرَشْتُ فِي ٱلْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ” (مزمور ١٣٩: ٧-٩).

“إِذَا ٱخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا، يَقُولُ ٱلرَّبُّ؟ أَمَا أَمْلَأُ أَنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلْأَرْضَ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ؟” (إرميا ٢٣: ٢٣-٢٤).

“فِي كُلِّ مَكَانٍ عَيْنَا ٱلرَّبِّ مُرَاقِبَتَانِ ٱلطَّالِحِينَ وَٱلصَّالِحِينَ” (أمثال ١٥: ٣).

“لِأَنَّ عَيْنَيَّ عَلَى كُلِّ طُرُقِهِمْ. لَمْ تَسْتَتِرْ عَنْ وَجْهِي، وَلَمْ يَخْتَفِ إِثْمُهُمْ مِنْ أَمَامِ عَيْنَيَّ” (إرميا ١٦: ١٧).

لا يرى الله أفعالنا فحسب، بل يعلم أفكارنا أيضًا:

“فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ … لِأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي، إِلَّا وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا” (مزمور ١٣٩: ٢، ٤.

“لِأَنَّهُ [أي الله] هُوَ يَعْرِفُ خَفِيَّاتِ ٱلْقَلْبِ” (مزمور ٤٤: ٢١).

“أَنَا ٱلرَّبُّ فَاحِصُ ٱلْقَلْبِ مُخْتَبِرُ ٱلْكُلَى” (إرميا ١٧: ١٠).

في وقت التجربة، يصاب لاهوتنا بالتشويش الشديد. الحقيقة هي أنه لا يوجد ما يسمَّى بلحظة خاصة سرية. لا يجهل الله شيئًا البتة. فهو يرانا دائمًا. ربما نستطيع أن نخدع أنفسنا وآخرين، لكننا لن نخدع الله البتة. فهو يعلَم ما نفكر فيه، وما نفعله. وإن تقييمه لحياتنا هو الأهم.

١٥. حين تشعر بالتجربة قادمة، وقبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، اهرب.

“اُهْرُبُوا مِنَ ٱلزِّنَا” (١ كورنثوس ٦: ١٨). حين يتعلق الأمر بالغواية الجنسية، من المفيد دائمًا أن تكون جبانًا. في هذه المعركة، يُعَد الانسحاب دائمًا هو خط الدفاع الأول. ومن يتردد (ويحاول أن يفكر منطقيًّا) يضل ويتيه.

قدم لنا يوسف مثالًا لهذا مع زوجة فوطيفار:

“وَكَانَ إِذْ كَلَّمَتْ يُوسُفَ يَوْمًا فَيَوْمًا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لَهَا أَنْ يَضْطَجِعَ بِجَانِبِهَا لِيَكُونَ مَعَهَا … فَأَمْسَكَتْهُ بِثَوْبِهِ قَائِلَةً: «ٱضْطَجِعْ مَعِي!». فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ” (تكوين ٣٩: ١٠، ١٢).

لم يكتفِ يوسف برفض ممارسة الجنس معها، بل رفض أن “يكون معها“. فقد رأى إشارات الخطر، فتجنَّبها. وحين فرضت نفسها عليه في النهاية، لم يثق في نفسه إن بقي في مكانه، لكنه هرب وخرج إلى خارج. لا تبقَ في مكانك، وتحاول “مقاومة” التجربة، بينما لديك خيار الهروب منها. ولا تختر أن تكون قريبًا من شخص هو مصدر غواية لك، أو أنت مصدر غواية له.

١٦. ضع مقاييسك الشخصية وفعِّلها بنفسك — ولا تعتمد على مَن تواعده.

أنت كفردٍ مسؤولٌ وستُحاسَب أمام الله لأجل ما تفعله (رومية ١٤: ١٠-١٢؛ ٢ كورنثوس ٥: ١٠). لا تكمُن المشكلة في قناعات شخص آخر أو غياب قناعاته، ولا في ضبطه لنفسه من عدمه (على الرغم من أنك ينبغي ألا تواعد شخصًا يفتقر إلى قناعات وإلى ضبط النفس). أنت مسؤول تمامًا عن سلوكك الشخصي. إن سقطتَ في الزنا، فلا تلُم إلا نفسك. لكن توجيه أصبع الاتهام إلى شخص آخر لن يحل المشكلة.

١٧. اتخذ قراراتك الأخلاقية مسبَقًا — وليس في وقت التجربة.

إن ضبطت المنبِّه في المساء، وقلتَ لنفسك إنك ستقرر في الصباح إن كنت في حاجة إلى أن تستيقظ حين يرن أم لا، فحري بك ألا تضبطه من الأساس. فإنك إما ملتزم بالاستيقاظ أو لا. إن تُرك الأمر لمشاعرك في لحظة الامتحان، فإنك ستتخذ القرار الخاطئ. مرة أخرى: في لحظة القوة اتخذ قرارات تنفعك في لحظة الضعف.

١٨. احفظ نصوصًا كتابية عن الطهارة عن ظهر قلب، واستشهد بها حين تُغوى.

“خَبَأْتُ كَلَامَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلَا أُخْطِئَ إِلَيْكَ” (مزمور ١١٩: ١١). حين جرَّب إبليس يسوع، استشهد بالنص الكتابي كي يقاوم التجربة. وحين تأتي الهجمات، وستأتي، كن مستعدًّا أن تستل سيف الروح، الذي هو كلمة الله (أفسس ٦: ١٧). هناك الكثير من النصوص الكتابية في هذا المقال. اختر البعض منها، ودوِّن كل نص على بطاقة صغيرة، واجتهد كي تحفظه عن ظهر قلب.

١٩. لا تفعل شيئًا مع مَن تواعده لن ترغب أن يفعله شخص مع شريك حياتك المستقبلي.

في مكان ما يوجد الشخص الذي ستتزوجه. ماذا ترغب أن تراه يفعل الآن مع شخص آخر؟ اسلك إذن أنتَ نفسك بهذا المقياس: “وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ ٱلنَّاسُ بِكُمُ ٱفْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ هَكَذَا” (لوقا ٦: ٣١).

٢٠. احذر من “الانحدار الأخلاقي” الذي يحدث في علاقات المواعدة طويلة الأمد وفترات الخطبة الطويلة.

من السهل أن تصل إلى ذروة المشاعر، أو أن تضعف في معركة الطهارة الجنسية، وتبدأ في التفكير بعقلك بأنكما الآن زوجان بالحقيقة، وأنكما تتواعدان منذ سنوات؛ وربما تعتقد أنكما ستتزوجان على أية حال، وبالتالي فإنكما “تقريبًا” أو “نوعًا ما” متزوجان، هل هذا صحيح؟ لا بل هذا خطأ. من جهة الحرية في ممارسة الجنس، لا يوجد سوى نوعان من البشر — غير المتزوجين، الذي ليست لديهم هذه الحرية، والمتزوجون، الذين لديهم هذه الحرية.

لا تدخلا في علاقة خطبة ما لم تضعا الزواج في الأفق. وحين تكونان مخطوبين، سيبدأ الناس في التعامل معكما على أنكما لم تعودا غير متزوجين، بينما أنتما في الحقيقة كذلك. وبالتالي، من الممكن أن تنخدعا بالانزلاق إلى التمتع ببعض الامتيازات الزوجية قبل الزواج، ولا سيما الحميمية الجنسية.

٢١. إن كنتَ قد انتهكت بعضًا من هذه الإرشادات، اعترف، وتب، واسلُك في خطة لمنع انتهاكات مستقبلية.

حين تعترف بخطاياك وتتوب عنها، سيطهرك الله:

“كَبُعْدِ ٱلْمَشْرِقِ مِنَ ٱلْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا” (مزمور ١٠٣: ١٢).

“إِنِ ٱعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ” (١ يوحنا ١: ٩).

ذات مرة اعترف رجل للقس قائلًا: “يا أبي، اغفر لي لأني سرقت نصف حمولة تبن الليلة الماضية … لا، لتكن حمولة كاملة”. فأجابه الكاهن: “ماذا سرقت حقًا، نصف حمولة أم حمولة كاملة؟” أجابه الرجل: “لتكن حمولة كاملة، لأنني سأعود الليلة لسرقة النصف الآخر”.

لا يكون الاعتراف حقيقيًا حين تخطط لتكرار الخطية نفسها. لا بد من توبة حقيقية.

حتى إن كنت قد فقدتَ بتوليتك، يمكنك بل وينبغي أن تلتزم ببتولية ثانية — أي أن تظل طاهرًا جنسيًا من ذلك اليوم فصاعدًا، لتدَّخر نفسك فقط لشريك حياتك، إن سُرَّ الله أن يدبر لك شريك حياة. تحتاج إلى أكثر من مجرد نوايا حسنة للحفاظ على طهارتك — تحتاج إلى خطة. يمكن للخطة التي تضعها أن تشمل بعض العناصر التي ذكرناها، لكن ينبغي أن تتضمن الهرب والمساءلة. إن كنتَ ملتزمًا بعلاقة مع مؤمن يتقدَّم وينضج، ناقش الأمر معه بصدق، وضع معه خطة كي تمنع سقوطك مرة أخرى في الحميمية قبل الزواج.

٢٢. كن حاسمًا وجذريًّا — قُم بكل ما يلزم كي تحافظ على طهارتك الجنسية.

من جهة أسباب الخطية، لا تنتظر أن تتلاشى هذه الأسباب من تلقاء نفسها (لن يحدث هذا أبدًا)، بل اتخذ خطوات حاسمة لاستئصالها. تأمل في كلمات المسيح الرائعة في الواردة في الأصحاح الخامس من إنجيل متى (والتي تكررت في متى ١٨: ٨-٩):

“قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لَا تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى ٱمْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ ٱلْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَٱقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لِأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلَا يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ ٱلْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَٱقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لِأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلَا يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ” (متى ٥: ٢٧-٣٠).

أعتقد أن يسوع قد استخدم هذه الصورة الصادمة كي يقنع مستمعيه أن يقوموا بكل ما يلزم لمواجهة التجربة. (ليست اليد أو العينان هي أسباب الخطية، بل العين هي وسيلة دخول أشياء جيدة وغواية أيضًا، واليد أداة عمل، سواء كان آثمًا أو مستقيمًا. إذن، ما ينبغي أن نتحكم فيه بعناية كي نحافظ على طهارتنا هو ما تنظُر إليه العينان وما تلمسه اليد). فإن التخلص من جهاز التلفاز أو الحاسب الآلي، أو تغيير طريق سيرك حتى لا تمر بجوار رف لعرض مجلات ربما تبدو إجراءات عنيفة ومتطرفة، لكنها لا تساوي شيئًا مقارنة بقلع عين أو قطع يد! يعلِّمنا يسوع أننا في حاجة إلى التفكير بطريقة أكثر تطرفًا وضد التيار في جهودنا كي نكون طاهرين جنسيًّا.

لا تكن متقطعًا أو متدرجًا، بل كن قاطعًا وحاسمًا. إن كان هذا يعني ألا تفتح الإنترنت البتة، وألا تدخل أي متجر أفلام مصورة، وألا تقابل البتة شخصًا ما، وألا تستمع إلى أنواع معينة من الموسيقى، اتخذ إذن هذا القرار، مهما كان يبدو جذريًّا أو متطرفًا. (لا يوصيني الكتاب المقدس بشيء من جهة مشاهدة التلفاز أو المقاطع المصورة أو إرسال بريد إليكتروني — لكنه يوصيني حقًا أنني لا بد أن أحفظ ذهني من النجاسة). ربما تفكر هكذا: “ينبغي أن أتحلى بالقوة الكافية لمقاومة هذه التجربة”، لكن إن لم تكن تتحلى بهذه القوة، فافعل كل ما يلزم لتجنبها. إن كانت هذه الأشياء تبدو ركائز يمكنك أن تستند عليها، فحسنًا — استخدم كل الركائز التي تحتاج إليها كي تساعدك على السير.

أخبرني رجل أعمال مسيحي يسافر بشكل أسبوعي تقريبًا أن حياته الروحية قد تهاوت تمامًا نتيجة لسبب واحد — كان هذا الرجل يقيم في فنادق، ولديه تاريخ طويل من الإخفاق في مقاومة التجربة المتمثلة في “الصندوق الأسود” الموجود فوق جهاز التلفاز، والذي كان يغويه طوال الوقت بمشاهدة أفلام إباحية.

بعد سنوات من الشعور بالذنب والندم، تلاها الاستسلام مرارًا وتكرارًا للتجربة نفسها، قام هذا الرجل أخيرًا بتغيير استراتيجيته. وفي أحد الأيام، حين دخل إلى الفندق الذي كان سيقيم فيه، قال للموظف: “أرغب في أن تزيلوا جهاز التلفاز من غرفتي”.

حينئذ قال له موظف الفندق: “يا سيدي، إن لم ترغب في مشاهدة التلفاز، فقط لا تفتحه”. أجابه الرجل: “أنا عميل هنا، وأدفع المال، وأريد إزالة التلفاز من غرفتي”. وبالفعل أرسل الفندق عامل صيانة ليأخذ التلفاز، وأمضى هذا الرجل أمسياته الأخيرة في قراءة الكتاب المقدس والكتب المسيحية، دون أن يجرَّب بمشاهدة مواد إباحية.

فقد اتخذ في لحظة قوته قرارًا حفظه من التجربة في لحظة الضعف. وقد أخبرني بأنه ظل يفعل هذا في كل فندق أقام فيه خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، وقال لي: “أدَّى هذا التصرف إلى ثورة في حياتي الروحية”.

إن كان هذا يعني ألا تبقى بمفردك قط مع مَن تواعده خلف أبواب مغلقة، ليكن. افعل كل ما يلزم. كن مبدعًا، وجذريًّا، وافعل كل ما بوسعك كي تتجنب التجربة.

٢٣. احسب حساب نفقة النجاسة.

تخيَّل مسبقًا العواقب المدمرة للخطية الجنسية، وحينئذ ستقل رغبتك في ارتكابها.

فإن العواقب وخيمة، والكثير منها عواقبٌ دائمةٌ — مثل أن تفقد بتوليتك، أو أن تخذل الرب، أو أن تكون نموذجًا سيئًا للعائلة أو الأصدقاء، أو أن تضطر في المستقبل لإخبار الشخص الذي تحبه عن هذا؛ أو ربما الاحتمال الكبير لوقوع حمل غير مرغوب فيه أو الإصابة بأمراض تتناقل بممارسة الجنس؛ أو أن تعود الصور الذهنية لخطيتك الجنسية لتؤرق حياتك؛ أو ربما تنشأ عن هذا معوقات الزواج الناشئة عن ممارسة الجنس قبل الزواج؛ أو الاحتمال الكبير لارتكاب خيانة زوجية بعد الزواج لدى مَن مارسوا الجنس قبل الزواج.

تذكر أنك إن ارتكبتَ بالفعل خطية الزنا، فلا يمكنك البتة معادلة هذا بارتكاب الخطية الأكبر للإجهاض. فإن ممارسة الجنس قبل الزواج خطية؛ لكن الحمل ليس خطية. لا تجعل طفلًا يدفع ثمن اختيارك الخاطئ. بل تحلَّ بالشجاعة كي تتخذ القرار السليم الآن.

لا تقل لنفسك إنه بإمكانك ارتكاب خطية أخرى بما أن الله سيغفر لك في كل الأحوال. يبخس هذا من قدر نعمة الله. فإن أي مفهوم عن النعمة يجعل الخطية تبدو عديمة الأهمية ليس مفهومًا كتابيًّا. يغفر الله حين نتوب توبة صادقة. لكن إن تبنا توبة صادقة فإننا لا بد أن نُظهر هذا من خلال اتخاذ الخطوات اللازمة لتجنُّب التجربة. فإن الشخص الذي نال الغفران أيضًا سيكون عليه أن يتعامل مع الكثير من عواقب خطيته. فإن شربتُ الخمر بإفراط، وقدتُ السيارة بتهور، فصدمتُ فتاة في السادسة من عمرها وقتلتُها، ثم تبتُ عن هذا، سيغفر الله لي. لكن غفرانه لي لن يعيد الفتاة إلى الحياة، كما أنه لن يعفيني من العواقب القانونية والعلاقاتية لخطيتي. للخطية الجنسية عواقب دائمة — لا تتوقع أن يمحو غفران الله جميع هذه العواقب. فهو يمحو الذنب، لكنه لا يمحو دائمًا العواقب. هذا هو الواقع.

“لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ إِرَادَةُ ٱللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ ٱلزِّنَا، أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ، لَا فِي هَوَى شَهْوَةٍ كَٱلْأُمَمِ ٱلَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ ٱللهَ” (١ تسالونيكي ٤: ٣-٥)

أفكار أخيرة:

هل أنتَ على استعداد أن تكرِّس نفسك أو أن تعيد تكريس نفسك لحياة من الطهارة الجنسية؟ حان الوقت الآن. لا شيء يزول ويتلاشى أسرع من لحظة التبكيت. تجاوب الآن، وإلا ربما لن تتجاوب البتة.

لا تنكر الواقع. فقد خلق الله كونًا فيه يُكافأ البر دائمًا في النهاية، وفيه يُعاقَب الإثم دائمًا في النهاية. فإن الصواب دائمًا فطنة:

“أَنَا ٱلرَّبُّ فَاحِصُ ٱلْقَلْبِ مُخْتَبِرُ ٱلْكُلَى لِأُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ، حَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ” (إرميا ١٧: ١٠).

“أَفَلَا يَفْهَمُ وَازِنُ ٱلْقُلُوبِ؟ وَحَافِظُ نَفْسِكَ أَلَا يَعْلَمُ؟ فَيَرُدُّ عَلَى ٱلْإِنْسَانِ مِثْلَ عَمَلِهِ” (أمثال ٢٤: ١٢).

“فَإِنَّ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلَائِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ” (متى ١٦: ٢٧).

“فَقَالَ لَهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا ٱلْعَبْدُ ٱلصَّالِحُ! لِأَنَّكَ كُنْتَ أَمِينًا فِي ٱلْقَلِيلِ، فَلْيَكُنْ لَكَ سُلْطَانٌ عَلَى عَشْرِ مُدْنٍ” (لوقا ١٩: ١٧).

“ٱلَّذِي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ” (رومية ٢: ٦).

“عَالِمِينَ أَنْ مَهْمَا عَمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ ٱلْخَيْرِ فَذَلِكَ يَنَالُهُ مِنَ ٱلرَّبِّ” (أفسس ٦: ٨).

اسلك بطريقة تؤدي إلى أن تسمع الرب يقول لك يومًا ما: “نعمًا”. انضم إلى الجانب الصحيح من النظام الأخلاقي للكون. أكرم الله بالسلوك في الطهارة الجنسية. إن فعلتَ هذا، ستختبر بركته ومكافآته ليس اليوم، أو الغد، أو بعد عشر سنوات، بل طوال الأبدية.

“عَهْدًا قَطَعْتُ لِعَيْنَيَّ، فَكَيْفَ أَتَطَلَّعُ فِي عَذْرَاءَ؟ وَمَا هِيَ قِسْمَةُ ٱللهِ مِنْ فَوْقُ، وَنَصِيبُ ٱلْقَدِيرِ مِنَ ٱلْأَعَالِي؟ أَلَيْسَ ٱلْبَوَارُ [الإنجليزي: الخراب] لِعَامِلِ ٱلشَّرِّ، وَٱلنُّكْرُ [الإنجليزي: الكارثة] لِفَاعِلِي ٱلْإِثْمِ؟ أَلَيْسَ هُوَ يَنْظُرُ طُرُقِي، وَيُحْصِي جَمِيعَ خَطَوَاتِي؟ إِنْ كُنْتُ قَدْ سَلَكْتُ مَعَ ٱلْكَذِبِ، أَوْ أَسْرَعَتْ رِجْلِي إِلَى ٱلْغِشِّ، لِيَزِنِّي فِي مِيزَانِ ٱلْحَقِّ، فَيَعْرِفَ ٱللهُ كَمَالِي. إِنْ حَادَتْ خَطَوَاتِي عَنِ ٱلطَّرِيقِ، وَذَهَبَ قَلْبِي وَرَاءَ عَيْنَيَّ، أَوْ لَصِقَ عَيْبٌ بِكَفِّي [المترجم: أي “تنجست يدي”]، أَزْرَعْ وَغَيْرِي يَأْكُلْ، وَفُرُوعِي تُسْتَأْصَلْ. إِنْ غَوِيَ قَلْبِي عَلَى ٱمْرَأَةٍ، أَوْ كَمَنْتُ عَلَى بَابِ قَرِيبِي، فَلْتَطْحَنِ ٱمْرَأَتِي لِآخَرَ، وَلْيَنْحَنِ عَلَيْهَا آخَرُونَ [الإنجليزي: أي “ليمارس معها آخرون الجنس”]. لِأَنَّ هَذِهِ رَذِيلَةٌ، وَهِيَ إِثْمٌ يُعْرَضُ لِلْقُضَاةِ. لِأَنَّهَا نَارٌ تَأْكُلُ حَتَّى إِلَى ٱلْهَلَاكِ، وَتَسْتَأْصِلُ كُلَّ مَحْصُولِي” (أيوب ٣١: ١-١٢).

 

تمت ترجمة ونشر هذا المقال بالاتفاق مع هيئة “Eternal Perspective Ministries“.

شارك مع أصدقائك