هل يوجد رجاء أمام كل الشر والألم الموجود في هذا العالم؟

سيمر كل واحد منّا بالألم؛ وكثيرون يختبرونه الآن بالفعل. فالشرَّ حقيقةٌ في عالمنا، حاضرٌ وقريبٌ من كلِّ واحدٍ منا.

الخبر السار هو أن الله جعل وسيلة لإنقاذنا، بعد موتنا، من كل شرٍّ وألمٍ. نستطيع أن نتيقَّن من كوننا سنذهب إلى السماء حين نموت: “كَتَبْتُ هَذَا إِلَيْكُمْ، أَنْتُمُ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِٱسْمِ ٱبْنِ ٱللهِ، لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّة” (١ يوحنا ٥: ١٣). فيما يلي ملخَّصٌ لما يُطلق عليه الله “البشارة”:

إن ارتكاب الخطية يعني الإخفاق في استيفاء مقاييس الله المقدَّسة: “إِذِ ٱلْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ ٱللهِ” (رومية ٣: ٢٣). والخطية تفصلنا عن العلاقة مع الله (انظر إشعياء ٥٩: ٢). كما أن للخطية عواقب وخيمة، لكن الله قد أوجد الحل: “لِأَنَّ أُجْرَةَ ٱلْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ ٱللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا” (رومية ٦: ٢٣).

هكذا أحبَّنا يسوع المسيح، ابن الله، حتى أنه صار إنسانًا كي يخلِّصنا (انظر يوحنا ٣: ١٦). عاش يسوع حياة بلا خطية (انظر عبرانيين ٢: ١٧-١٨؛ ٤: ١٥-١٦). ومات كي يسدِّد ثمن العقوبة عن خطايانا (انظر ٢ كورنثوس ٥: ٢١). فعلى الصليب، أخذ يسوع على عاتقه الجحيم الذي نستحقه، كي يشتري لنا السماء التي لا نستحقها. وحين مات، قال: “قَدْ أُكْمِلَ” (يوحنا ١٩: ٣٠)، مستخدمًا الكلمة اليونانية نفسها التي تعبِّر عن إلغاء سند الدين؛ أي بمعنى “قد دُفع الثمن كاملًا”. ثم قام يسوع من القبر، غالبًا الخطية، وقاهرًا الموت (انظر ١ كورنثوس ١٥: ٣-٤، ٥٤-٥٧).

كم عدد الطرق التي يمكن أن نسلكها للوصول إلى الآب الذي في السماء؟ كرز بطرس قائلًا: “لَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ [أي يسوع] ٱلْخَلَاصُ. لِأَنْ لَيْسَ ٱسْمٌ آخَرُ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ” (أعمال الرسل ٤: ١٢).

“قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلْآبِ إِلَّا بِي‎»” (يوحنا ١٤: ٦). هذا تصريح قاطع وحصري، لكنَّ قد أدلى به يسوع. فهل تصدِّقه؟

يقدِّم لنا الله مجانًا الغفران في المسيح: “لَمْ يَصْنَعْ مَعَنَا حَسَبَ خَطَايَانَا، وَلَمْ يُجَازِنَا حَسَبَ آثَامِنَا … كَبُعْدِ ٱلْمَشْرِقِ مِنَ ٱلْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا” (مزمور ١٠٣: ١٠، ١٢). وكي ننال الغفران، لا بد أن نتوب: “إِنِ ٱعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ” (١ يوحنا ١: ٩).

“لِأَنَّكَ إِنِ ٱعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ ٱللهَ أَقَامَهُ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ” (رومية ١٠: ٩)

لن تربح لنا أعمال البر مكانًا في السماء (تيطس ٣: ٥). ولا يمكن أن يُنسَب لنا أيُّ فضلٍ في الخلاص: “لِأَنَّكُمْ بِٱلنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِٱلْإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ ٱللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلَا يَفْتَخِرَ أَحَدٌ” (أفسس ٢: ٨-٩).

يقدِّم المسيح لكل إنسانٍ هبة الغفران والحياة الأبدية: “مَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّانًا” (رؤيا ٢٢: ١٧).

إن لم تكن قد قبلتَ هذه العطية المقدَّمة لك من المسيح، والتي كلَّفته هذا الثمن الباهظ، فما الذي يمنعك؟ أما إن كنتَ قد قبلتَ بالفعل دعوة الله للخلاص، فهو سيخلصك من الألم الأبدي، بل واليوم أيضًا سيعطيك عربونًا مُبهجًا من الحياة في محضره.

في أسوأ وأحلك لحظاتك، ليتك تتذكر مكانتك وحالتك الحقيقية والأبدية في المسيح: فقد جاء مخلِّصك كي ينقذك، وهو يصلِّي لأجلك بأنَّات، وقد ضمن لك قيامتك وحياتك الأبدية، وهو معك وليس عليك، ويجعل كل الأشياء تعمل معًا لخيرك، ولا يسمح البتة تحت أي ظرف أن يفصلك شيء عن محبته. هذا هو مصدر الرجاء الحقيقي والدائم، حتى في عالم من الألم والشر.

يوجّه هذا الرجِّاء أعيننا نحو الضوء الموجود في نهاية نفق الحياة. وهو لا يجعل النفق مُحتمَلًا فحسب، لكنه أيضًا يملأ القلب بتوقع وانتظار لما يوجد على الجانب الآخر: عالمٌ نابض بالحياة، جديد، ورائع، بلا ألم، أو معاناة، أو حرب. عالمٌ بلا مرض، وبلا حوادث، وبلا مآسٍ. عالمٌ بلا طغاة أو مخبولين. عالمٌ يحكمه الشخص الوحيد الجدير بأن يملُك (انظر رؤيا ٥: ١٢). ومع أننا لا نعلم بالتحديد متى يكون هذا، لكننا على يقين من أن معاناتنا سوف تنتهي، سواء بموتنا أو بمجيء المسيح ثانية. فمن قبل البدء، رسم الله خط نهاية الألم على مشارف الأبدية كي يقول بهذا لأبنائه: “يكفي هذا القدر، ثم أمامكم فرح لا ينتهي”.

لْيَمْلَأْكُمْ إِلَهُ ٱلرَّجَاءِ كُلَّ سُرُورٍ وَسَلَامٍ فِي ٱلْإِيمَانِ، لِتَزْدَادُوا فِي ٱلرَّجَاءِ بِقُوَّةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ (رومية ١٥: ١٣).

 

تمت ترجمة ونشر هذا المقال بالاتفاق مع هيئة “Eternal Perspective Ministries“.

شارك مع أصدقائك