تطوير الصفات الصالحة في أولادنا

ما هي الصفات التي يريدنا الله أن نطورها في أولادنا؟ لا داعي للتخمين، فالكتاب المقدس يخبرنا تحديدًا “وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ، إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعًا مَعَ إِلهِكَ” (ميخا ٦: ٨). تمثل هذه المتطلبات الثلاثة أساسًا لتقييم تطور شخصية أولادنا:

١- هل يتعلم أولادي التصرف بشكل عادل وحق؟ أي التعامل بأمانة وإنصاف مع الآخرين، والاحترام والرعاية والتدخل لصالح الضعفاء والمستضعفين والمضطهدين؟ (أم هل هم يساومون في مسائل الأخلاق والاستقامة، ويقبلون بسوء معاملة المجتمع لمن يقول عنهم الله أنه ينبغي لنا أن ندافع عنهم؟)

٢- هل يتعلم أولادي أن يكونوا رحماء؟ أي التمييز بحساسية للاحتياجات الشخصية والروحية للآخرين في الأسرة والمدرسة والمجتمع والعالم، والتواصل معهم في محبة ورحمة؟ (أم هل هم جزء من مجموعة تحتقر غير المتميزين، أو أنهم منغمسين في أنشطتهم واهتماماتهم وممتلكاتهم لدرجة أنهم لا يرون أو يهتمون بالمتأمين من حولهم؟)

٣- هل يتعلم أولادي السلوك بكل تواضع مع إلههم؟ أي أنهم يعرفوه شخصيًّا، ولهم وقت يومي دائم مكرس له وحده، ويعيشوا التواضع الذي يُقر بسيادته وخدمتهم له وللآخرين؟ (أم هل هم مشغولون جدًا عن قضاء بعض الوقت مع الله، وأيضًا فخورون بأنفسهم جدًا ومكتفون ذاتيًّا لدرجة عدم إدراكهم أنهم بحاجة ماسة إلى معونة الله للقيام بكل ما هو جدير بالقيام به؟)

إن تعليم أولادنا الحق هو أمر ضروري للغاية، ولكنه ليس كافيًا. فالأساس الصلب للحياة لا يقتصر على سماع كلام الله، بل العمل به (متى ٧: ٢٤-٢٧). من خلال النموذج الذي نقدمه لهم باعتبارنا آبائهم وأمهاتم، يجب علينا تعليم أولادنا الحق الإلهي، وإظهاره بالتطبيق والطاعة. يجب توضيح حقيقة أنه يجب قضاء الوقت مع الله من خلال الوقت الذي نقضيه نحن مع الله. يجب أن نُظهر حقيقة غفران المسيح ونحن نطلب ونمنح الغفران في منزلنا. يجب توضيح حقيقة أهمية الكرازة من خلال جهودنا في الكرازة. كأبوين، يجب علينا أن نكون مثالًا لقناعاتنا المُعلنة بشجاعة وإخلاص. وإلا فإن ما نفعله سينطق بصوت عالٍ ولن يسمعوا أي كلمة نرددها. في بعض الأحيان يفشل أولادنا في الاستماع إلينا. ولكن نادرًا ما يفشلون في تقليدنا.

إذا قام الأبوان بتعليم أولادهم الحق باستخدام أفواههم، دون أن يكونوا قدوة في البر والإخلاص والحكمة والشجاعة، فإن الأولاد سيتعلمون الاحتقار أو الاستهانة أو الإساءة إلى الحق. سينتهي بهم المطاف بأن يصبحوا متمردين (برفض الحق)، أو مسيحيين اسميين (بالاعتراف السطحي بالحق، ولكن السلوك مثل العالم) أو فريسيين متزمتين (بالتعامل مع الحق باعتباره مجموعة عقيمة من القوانين التي من خلالها يصدرون الأحكام على الآخرين).

إن الحكمة هي القدرة على تطبيق الحق بمهارة على ظروف الحياة اليومية. هناك سفرٌ في الكتاب المقدس مكتوب من أب لابنه، ومصممٌ خصيصًا لمساعدته على اتخاذ قرارات حكيمة تبني الشخصية. هذا السفر هو سفر الأمثال. يجب أن تكون دراسة ومناقشة وتطبيق سفر الأمثال جزءًا أساسيًّا في تربيتنا لأولادنا. وهو مليئ بمئات المبادئ التوجيهية الأخلاقية العملية للعيش في الحياة. كما أنه يعلم ليس فقط عمّا هو صواب وما هو خطأ، بل يبين أن ما هو صحيح هو أيضًا أمر حكيم، وما هو خطأ هو أيضًا أمر أحمق. وهذا يقدم دافعًا مزدوجًا لأولادنا – وأولياء أمورهم – ليعيشوا بشكل صحيح.

على مائدة العشاء، اقرأ آيةً أو مقطعًا من سفر الأمثال مع التركيز على حقيقة مركزية. ثم اطلب من أولادك أن يحاولوا صياغتها بكلماتهم الخاصة، وأن يقدموا تطبيقًا أو مثالاً محددًا لها. اكتشف ما المقصود بالعائلة. ثم اطلب من كل شخص أن يطبق هذه الحقيقة في الواقع خلال الأربع وعشرين ساعة القادمة وأن يقدم تقريرًا إلى العائلة عمّا فعله. سوف يتطور فهمهم ومهارتهم في التطبيق بشكل كبير بالممارسة – وكذلك حبهم للحقيقة التي يعيشونها، والرب الذي يخدمونه.

اركض في السباق. لا تُسقط الراية. بل أودعها بحذر وحماس لأولادك وأحفادك. لكي نسمع نحن وهم الله في نهاية المطاف، في بداية الحياة الجديدة الرائعة في محضره، وهو يقول: “‎نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ”.

“فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ. وَلْتَكُنْ هذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ، وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلاَدِكَ، وَتَكَلَّمْ بِهَا حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ، وَحِينَ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ تَقُومُ” (تثنية ٦: ٥-٧).

 

تمت ترجمة ونشر هذا المقال بالاتفاق مع هيئة “Eternal Perspective Ministries“.

شارك مع أصدقائك